-
℃ 11 تركيا
-
17 مارس 2025
معاريف: نتنياهو يفهم بأن القرارات الاستراتيجية تتخذ اليوم في واشنطن وليس في القدس
معاريف: نتنياهو يفهم بأن القرارات الاستراتيجية تتخذ اليوم في واشنطن وليس في القدس
-
17 مارس 2025, 9:45:30 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نتنياهو
معاريف - ليراز مرغليت
في السياسة مثلما في الحياة، ثمة من يعتقد أن القوة في يديه – وثمة من لا يفهم بانه خسر. ما حصل في الأسابيع الأخيرة مع "إسرائيل" وصفقة المخطوفين، المفاوضات على لبنان والمفاوضات الامريكية مع حماس لم يكن مجرد حدث دبلوماسي. هذا درس نفسي في نظرية الألعاب. درس يقرر فيه دونالد ترامب، كما هو الحال دوما، القوانين – وبنيامين نتنياهو يلعب على لوحة ليس هو من بناها.
ترامب لا يعطي هدايا – هو يبيعها وبثمن باهظ. في هذا المقطع تعلمت إسرائيل شيئا ما سبق لاوكرانيا أن فهمته بالطريقة الصعبة: الدعم الأمريكي ليس أيديولوجيا، هو خطوة تجارية باردة. ترامب يرى نفسه قبل كل شيء كـ “تاجر قوة” – وهو لا يدير دبلوماسية بل يدير أملاكا استراتيجية. وما لا يفهمه نتنياهو بعد هو ان المُلك الاستراتيجي هنا – هذا هو نفسه.
ستيف ويتكوف، رجل ترامب، لا يعمل من أجل الدبلوماسية. هو يعمل من اجل إدارة أزمات تجارية. هو جاء لان يفرض الصلاحيات لا ان يقنع. نتنياهو قد يكون اعتقد بانه سيتلقى من ترامب معاملة حميمة لحليف لكنه عمليا تلقى مديرا عاما متصلبا جاء ليفحص العقد وليرى كيف يمكن زيادة الأرباح. وبالتالي اذا كانت إسرائيل تريد شيئا ما فسيتعين عليها أن تدفع عليه – سواء في المقدرات، بالبادرات الطيبة السياسية ام بتغيير السياسة الأمنية.
سؤال: هل ما يجري في الحدود اللبنانية هو لعبة استراتيجية أم احبولة بقاء؟ فقد قال نتنياهو انه لن يوافق ابدا على اتفاق الحدود الذي عقده يئير لبيد، والذي هو “استسلام” للبنان. وها هو، فجأة، حين تقول أمريكا، "إسرائيل" تسير وراءها. لماذا؟ لانه يعرف ما سبق لفولودمير زلنسكي أن فهمه – في هذه اللعبة، القوة توجد لدى من يمكنه أن يأخذ منك شيئا.
في العلم النفسي للمفاوضات، توجد قاعدة حديدية: من يشعر بان لا بديل له – دوما يخسر. ترامب يفهم هذا. وعليه فانه يخلق إحساسا بالطوارىء – “إما ان توقع أو أن تبقى وحدك”. نتنياهو، من جهته، يحاول أن يكسب الوقت، لكن كلما انجر، هكذا يفقد السيطرة على الرواية. من يتحكم بالوقت – يتحكم باللعبة. وفي هذه اللحظة، هذا ليس نتنياهو.
لمن تبقى قوة لحماس
دينامية مشوقة أخرى هي المفاوضات بين الولايات المتحدة وحماس، التي جرت من فوق راس "إسرائيل". وهذا عبث: الدولة التي تقاتل "الإرهاب" لا توجد على الطلاق على طاولة المباحثات، في الوقت الذي المنظمة التي تحاول أن تقوضها تتلقى زمن شاشة حيال القوة العظمى الأكبر في العالم. ترامب يفحص حماس مثلما يفحص كل لاعب – “هل هم يساوون الصفقة؟ هل يمكن جني الربح هنا؟”.
ففي هذه الساحة أيضا تغيرت القواعد. ذات مرة، "إسرائيل" كانت هي الوسط في المنطقة. أما اليوم؟ فترامب يضع "إسرائيل" جانبا ويقول: “انا سأتحدث مع من يحوز الممتلكات”. وما هو مُلك حماس؟ الرهائن. ما هو مُلك نتنياهو؟ ليس واضحا، وهو يبدأ في فهم هذا.
إذن ما الذي يتعين على نتنياهو أن يتعلمه؟ توجد هنا نقطة أخرى من المهم أن نفهمها – هو يفحص الحدود. فقد فعل هذا ما بايدن، إذ لعب على الوقت، عارض، حاول أن يرى كم يمكنه أن يشد الحبل. لكن ترامب؟ هو لا يتجرأ. لماذا؟ لان نتنياهو يشخص صلاحيات ويعرف متى يسير على الخط. نفسيا، يدور الحديث عن نمط سلوك معروف: شخص يجري مفاوضات انطلاقا من إحساس ضعف، يبحث دوما اين يمكنه “ان يخضع” القواعد.
مع بايدن، الذي رأى فيه نتنياهو رئيسا رقيقا و”ضعيفا سياسيا” حاول أن يولي وتيرته. لكن ترامب لا يبقي مجال مناورة – هو لا يطلب، هو يقرر. ونتنياهو، الذي يعرف جيدا منظومات القوة، يفهم بانه لا يمكن اللعب مع احد ما مثل ترامب. وعليه، فهو لا يحاول فحص الحدود – هو ببساطة يطيع.
اذا كان نتنياهو يعتقد انه يمكنه أن يواصل لعب اللعبة القديمة، التي كانت "إسرائيل" فيها هي الوسيطة بين القوى وتتمتع بدعم بلا تحفظ فقد فوت التغيير في اللعبة. في العالم الجديد لترامب لا توجد “تحالفات تاريخية”، يوجد ميزان كلفة – منفعة بارد. زلنسكي تعلم هذا بالطريقة الصعبة حين وصل الى البيت الأبيض كي يتلقى الدعم – وخرج من هناك مهانا. نتنياهو لا يزال يلعب وكأنه توجد له خيارات، لكن اذا لم يفهم قواعد اللعبة الجديدة سيكتشف أن ترامب يتعامل معه بالضبط مثلما مع زلنسكي – لاعب يطلب اكثر مما ينبغي لكن لا يعرض ما يكفي بالمقابل.
في السطر الأخير هل "إسرائيل" حقا مستقلة؟ نتنياهو يعرض نفسه كمن يتحكم بالامور – لكن عمليا، القرارات الاستراتيجية تتخذ في واشنطن، وليس في القدس. هل هذا يعني أن "إسرائيل" فقدت استقلالها السياسي؟ ليس بالضرورة. لكن هذا يعني أن إسرائيل ينبغي أن تبدأ بالعمل انطلاقا من القوة وليس انطلاقا من رد الفعل. لانه اذا واصل نتنياهو المجيء الى المفاوضات وكأنه في مكانة متساوية – فهو سيجد نفسه بالضبط مثل زلنسكي: سيسمع من الرئيس الأمريكي بانه لا يوجد شيء يسمى “وجبات بالمجان.
معاريف










