- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
محور فيلادلفيا في قلب الأزمة.. الخلافات المصرية الإسرائيلية تتفاقم
محور فيلادلفيا في قلب الأزمة.. الخلافات المصرية الإسرائيلية تتفاقم
- 26 يناير 2024, 3:53:46 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تواجه دولة الاحتلال الإسرائيلي خطراً متزايداً يتمثل في الإضرار بسلامها مع مصر، في الوقت الذي يواصل فيه جيشها هجومه ضد المقاومة الفلسطينية جنوباً في قطاع غزة، مشيرا إلى استمرار النزاع بين القاهرة وتل أبيب حول سيطرة قوات إسرائيلية على محور صلاح الدين "فيلادلفيا" بين مصر وغزة.
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس"، في تقرير ، أن القادة الإسرائيليون يقولون إن توسيع نطاق الهجوم البري على غزة، ليشمل مدينة رفح، الواقعة في أقصى جنوب القطاع، والسيطرة على محور صلاح الدين، ضروري لاستكمال "تدمير حركة حماس".
وأضافت أن محور صلاح الدين يمثل منطقة عازلة صغيرة على الحدود مع مصر، وهي منزوعة السلاح بموجب اتفاقية السلام التي وقعتها الدولتان عام 1979.
وفي مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن حماس تواصل تهريب الأسلحة عبر الحدود، وإن الحرب لا يمكن أن تنتهي "حتى غلق هذه الثغرة"، في إشارة إلى محور صلاح الدين.
وأدى ذلك إلى تحذير حاد من مصر من أن نشر القوات الإسرائيلية في المحور من شأنه أن ينتهك اتفاقية السلام، وهو ما عبر عنه رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، يوم الإثنين، مشددا على أن "أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تهديد خطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية".
مخاوف مصر
وتخشى مصر من أن يؤدي الهجوم الإسرائيلي على رفح إلى دفع موجة هائلة من الفلسطينيين الفارين عبر الحدود إلى شبه جزيرة سيناء.
ويتجمع أكثر من مليون فلسطيني (ما يقرب من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة) في رفح والمناطق المحيطة بها على الحدود، وانتقل معظمهم إلى هناك بعد أن حثتهم إسرائيل على إخلاء مساكنهم قبل التقدم العسكري في أماكن أخرى بغزة، وإذا هاجم الجيش الإسرائيلي رفح فلن يكون لديهم مكان يفرون إليه.
وأبلغت مصر المسؤولين الإسرائيليين أن أي هجوم بري على رفح يجب أن يسبقه سماح إسرائيل للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة، حسبما نقلت "أسوشيتد برس" عن مسؤول عسكري مصري كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.
وتزعم إسرائيل أنها طردت حماس من شمال غزة، لكن من المرجح أن تقاوم السماح للفلسطينيين بالعودة في المدى القريب. وأدى القصف الإسرائيلي والهجوم البري إلى تحويل جزء كبير من الشمال إلى أنقاض، ما ترك الكثيرين بلا منازل.
معضلة إسرائيل
ويضع النزاع حول الهجوم الإسرائيلي على رفح والسيطرة على محور صلاح الدين إسرائيل في مأزق، فإذا أوقفت هجومها دون الاستيلاء على رفح، فإنها لن تحقق هدفها الرئيسي في الحرب وهو سحق حماس، وإذا تحرك جيشها إلى الحدود فسيخاطر بتقويض اتفاق السلام مع مصر، وهو أساس الاستقرار في الشرق الأوسط لعقود من الزمن.
وهنا تشير الوكالة الأمريكية إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة منقسمتان حول مستقبل غزة بعد الحرب، إذ يعمل الجيش الإسرائيلي على إنشاء منطقة عازلة غير رسمية بعرض حوالي كيلومتر (نصف ميل) داخل غزة، على طول الحدود مع إسرائيل لمنع المسلحين من مهاجمة المستوطنات الإسرائيلية المجاورة، فيما تقول الولايات المتحدة إنها تعارض أي محاولة من جانب إسرائيل لتقليص أراضي غزة.
وتتعهد إسرائيل بمحو حماس من قطاع غزة بأكمله، وتسعى لذلك من خلال استراتيجية التدمير المنهجي، بتكلفة باهظة في أرواح المدنيين، فبدءًا من شمال غزة، سوت مساحات كبيرة من المشهد الحضري بالأرض، وتفعل الشيء نفسه في وسط غزة ومدينة خان يونس الجنوبية.
كما أعلن نتنياهو أن إسرائيل تعتزم الاحتفاظ بسيطرة أمنية مفتوحة على غزة لضمان عدم قيام حماس بتكرار هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول (عملية طوفان الأقصى)، لكنه كان غامضا بشأن الشكل الذي ستتخذه هذه السيطرة، واكتفى بالقول إن ضمان السيطرة على محور "فيلادلفيا" أمر بالغ الأهمية.
وقال مسؤول مصري ثان، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن مصر حذرت إسرائيل والولايات المتحدة من أن أي عمليات عسكرية في محور صلاح الدين "يمكن أن تمزق السلام"، مشددا على أن القاهرة "لن تتسامح مع مثل هذه الخطوة".
أهمية المحور
ويبلغ عرض محور صلاح الدين، في بعض أجزائه، حوالي 100 متر، ويمتد بطول 14 كيلومترًا (8.6 ميل) من جانب غزة من الحدود مع مصر، ويشمل معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد لغزة الذي لا تسيطر عليه إسرائيل.
ويسمح اتفاق السلام لكل من مصر وإسرائيل فقط بنشر عدد صغير من القوات أو حرس الحدود في المنطقة، وفي وقت إبرام الاتفاق (1979)، كانت القوات الإسرائيلية تسيطر على غزة، إلى أن سحبت قواتها ومستوطنيها في عام 2005. وتمتعت حماس بحرية السيطرة على الحدود منذ سيطرتها على قطاع غزة عام 2007.
وجرى حفر أنفاق التهريب تحت الحدود بين غزة ومصر للالتفاف على الحصار الإسرائيلي المصري، وكانت بعض الأنفاق ضخمة وكبيرة بما يكفي لاستيعاب المركبات، ما مكن حماس من جلب الأسلحة والإمدادات، كما قام سكان غزة بتهريب البضائع التجارية، من الماشية إلى مواد البناء.
لكن ذلك تغير على مدى العقد الماضي، عندما حاربت مصر المسلحين الإسلاميين في سيناء، وشن جيشها حملة على الأنفاق ودمر المئات منها، بزعم أنها كانت تستخدم لنقل الأسلحة إلى سيناء. كما عززت مصر جدارها الحدودي فوق وتحت الأرض وأخلت السكان من منطقة بعمق 5 كيلومترات متاخمة لغزة حيث يُسمح فقط لقوات الجيش والشرطة بالوجود فيها.
وخلال القتال ضد المسلحين في سيناء، تفاوضت مصر مع إسرائيل والولايات المتحدة للسماح بنشر قواتها العسكرية في المنطقة (ج) في سيناء، وهي المنطقة المعروفة بـ "منزوعة السلاح" على جانبها من الحدود في اتفاق السلام.
تطورات الحرب
وقال المسؤول العسكري المصري إن إسرائيل قدمت طلبا رسميا لمصر، في منتصف ديسمبر، لنشر قواتها في محور صلاح الدين، وهو ما رفضته مصر، مشيرا إلى أن خوف القاهرة الرئيسي يتمثل في تسبب أي عملية برية في المنطقة إلى اقتحام آلاف الفلسطينيين لسيناء.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، ردت مصر بشدة على الدعوات التي تدعو إلى نزوح جماعي للفلسطينيين، وتخشى من عدم سماح إسرائيل لهم بالعودة إلى غزة حال نزوحهم، وتقول إنها لا تريد التحريض على التطهير العرقي.
وحذرت مصر أيضا من أن مسلحين من غزة يمكن أن يدخلوا سيناء مع الفارين، ما يزيد من احتمال حدوث تبادلات عبر الحدود مع إسرائيل، يمكن أن تدمر اتفاق السلام. بينما تزعم إسرائيل أن سيطرتها على محور صلاح الدين ضروري لمنع تهريب الأسلحة إلى حماس.
ويرى كوبي مايكل، كبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن كمية الأسلحة التي عثر عليها الجيش خلال هجومه على غزة تظهر أن "التهريب مستمر ويجب أن يكون لدى إسرائيل القدرة على مراقبة الحدود"، زاعما أن "الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تصل بها هذه الكميات من الأسلحة إلى قطاع غزة هي عبر محور فيلادلفيا".
لكن ألون بن دافيد، مراسل الشؤون العسكرية للقناة 13 التلفزيونية، يؤكد أن 90% من الأسلحة في غزة يتم إنتاجها محليا، وأن الحملة المصرية أوقفت التهريب إلى حد كبير، قائلا: "لقد تم الاعتناء بالأنفاق بشكل شامل من قبل المصريين".
ووصف رئيس هيئة الاستعلامات المصرية المزاعم الإسرائيلية بشأن استمرار تهريب الأسلحة عبر الحدود المصرية بأنها "أكاذيب" تهدف إلى تبرير الاستيلاء على محور صلاح الدين، مضيفا: "بعد تدمير 1500 نفق، أصبحت مصر تسيطر بشكل كامل على الحدود".