- ℃ 11 تركيا
- 8 نوفمبر 2024
محند امقران عبدلي يكتب: شارلي..من تكون أيها المارق ؟
محند امقران عبدلي يكتب: شارلي..من تكون أيها المارق ؟
- 14 فبراير 2023, 4:50:17 ص
- 470
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
منذ سنوات وأنا أتابعك ،ألاحقك، أتتبع مساراتك الإنحرافية بكل حيادية و موضوعية و دون أية أحكام مسبقة و هذا ما تعلمته في مساراتي البحثية الأكاديمية بين الجزائر و الإسكندرية و بربنيون الفرنسية ورغم الضجة و "التخربيق" الذي يعقب ما تنشره من كاريكاتير صادم أو عناوين مثيرة لغرائز المتطرفين وهيجان عاطفي للمغلوبين ،وصمت لأشباه المناضلين وبقية الشامتين والصامتين وحسرة الصالحين.
لم يهدأ لك بال في يوم من الأيام، خاصة في السنوات الأخيرة دون اللجوء و التخفي وراء سجلات المآسي الإنسانية المعقدة و المتعددة : الهجرة،إزدراء الأديان ،مشاكل الضواحي ،العلاقات المعقدة بين الشرق و الغرب ،الشخصيات الدينية و التاريخية ؛ وياليتك تناولتها بموضوعية حتى جزئية لتنوير متتبعيك و أزلامك، استنادا إلى روح الإختلاف و التسامح و الموضوعية و حرية التعبير التي تشيد بها و تقرها مدارس الصحافة على إختلاف مذاهبها. حتى في مآسيك ،واصلت انحدارك نحو العبثية و التعبيرات الخبثية، غير آبه بالشعور الإنساني الجمعي و لا بالنقد البناء من لدن أصحاب العقل و البصيرة و لا زلت ترنو إلى المجد بعنجهية يا شارلي.
وبغض النظر على أنك تخاطب غرائز الكره و العدوانية و الإزدراء لمتتبعيك فلأنك تستند إلى اليمين المتطرف تارة وسذاجة المعتدلين تارة أخرى.لا المجازر ولا الكوارث و لا المآسي بقادرة على كبح جماح انحرافك .استطعت بفضل مسانديك أن تحشد الحشود المنومة لدعمك تحت شعار "أنا شارلي"لتدع كل ساذج على ظهر البسيطة،دون وعي ربما ،يسعى ليدنو إليك. "أحسنت يا شارلي ، أحسنت "، استطعت في رمشة عين أن تحيط نفسك بهالة إعلامية تضامنية ،تخطيت بها الإعلام و الإشهار ،لتفتح رواقا للساسة للتضامن معك تحت غطاء حقوق الإنسان و التعبير الحر .فالكل غيور على الحرية و خاصة حرية التعبير ،رغم أن الكثيرين لا يفقهون ربما شيئا في مفهومي التعبير و الحرية ، و لكن لابأس، فمخاطبة الغرائز و العواطف أسهل بكثير من مخاطبة العقول .
هكذا أصبح شعارك قابلا للإستنساخ في كل المجالات حتى داخل ما يسمى بالعالم الإسلامي و العالم العربي اللذان أصبحا على مر السنين فريستك المفضلة ، فلقد أصبح لشعارك المستنسخ وزنا و أتباعا.
بتحالفك مع ثالوث المال و السياسة و الإعلام الجديد أو كلاب الحراسة الجدد، أصبحت في منأى عن أية عقوبة جدية، فما عدا التنديدات التي تطالك من حين لآخر ، فأنت في حصن حصين إلى حين . و لأنك تعرف وقع العاطفة الدينية في النفوس، مضيت في الولوج إلى غياهب القرون الغابرة ، لتصل بوقاحتك المعهودة إلى تناول شخصيات و سير يشهد لها القاصي و الداني بأفضالها في خدمة البشرية ، و ياليتك تقفيت آثارها بالبحث و التدقيق و النقد البناء . فمالك تتهافت تهافت الأرعن على محمد الأعظم برسومات مثيرة للمشاعر الدينية ، محبطة لايرادات التواصل و حوار الثقافات أو السيد المسيح ، بتعبيرات تمس بتعاليمه السمحة. لم تسلم منك الأديان و لا الثقافات ، لفحت بسمومك و نيرانك كل ساكن و كل متحرك. ماالذي تسعى إليه ؟ زيادة المبيعات؟ إرضاء المتطرفين ؟ التستر على ضعف الساسة و انحسار الديمقراطية الغربية في النوادي الخاصة و المجتمعات السرية و النخبوية العرجاء؟..إلى أين يا شارلي ..إلى أين؟
بعد الشخصيات الملهمة و المقدسات و الأديان ها أنت تتجه لإشفاء غليلك في من يخالفك أو يختلف معك في اللغة و الدين و التوجه ،ورغم بعد المسافات إلا أن لسانك سليط عابر للسخافات ، قبيح قبح مسارك ، رغم أنك تدعي الإنخراط فيما تسميه حرية التعبير و لكنك في نفس الوقت لا تؤمن بالإختلاف الذي هو سنة الحياة ، ففي الإختلاف رحمة و حكمة .
أراك هذه الأيام تشفي غليلك في الأتراك ضحايا الزلزال المدمر ، وهل بقي للإنسانية معنى لديك وأنت تمضي في مروقك عن الأعراف و الآداب و السنن فلا تعترف بشيء من هذا الثالوث ، لتشهر انحرافك هذه المرة على وقع الكوارث الطبيعية و تكشف عن عورتك القبيحة ، قبح توجهك إلى الهاوية ..يا مارق