محند أمقران عبدلي يكتب: في ذكرى السابع أكتوبر.. من النكبة الثانية إلى الانتفاضة : دروس لابد منها

profile
محند امقران كاتب جزائري وخبير في شؤون التنمية
  • clock 8 أكتوبر 2024, 1:52:25 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إذا كان جمهور المهتمين من مؤرخين و علماء سياسة و انتروبولوجيا و سياسة عسكرية و أدب قد اولوا اهتماما بالنكبة منذ 1948م و تأثيراتها العميقة على المجتمع الفلسطيني خاصة و ظاهرة المنفى و تشكلات المجتمع الدخيل و تراكماتها فلابد من الاهتمام كذلك بما أسميه النكبة الثانية أي دخول القضية الفلسطينية لحلبة الصراعات العربية عربية خاصة و تحويل القضية لمجرد بروتوكول عابر داخل مؤسسات ما يسمى العمل العربي ،خاصة جامعة الدول العربية و مؤسسة القدس وصولا لمسارات التطبيع ،هذه هي محصلة النكبة الثانية التي جعلت من القضية سجينة رتابة العمل المؤسساتي العربي . هذه الوضعية كما قلت في الجزء الأول من مقالي ساهمت في إعادة التفكير في عمل المقاومة ميدانيا ،بغض النظر عن التسميات المختلفة ،عمل جهادي،عمل عسكري ،عمل تحرري ،كلها تنصب في هدف واحد ،ألا و هو صياغة جديدة لفعل المقاومة بغض النظر عن عقلانية الأعمال العسكرية للمقاومة . بمعنى آخر الاشتغال على الواقع بعيدا عن العقلانية المفرطة ،التخوفات، التخاذل و الاريحية المزعومة،لبعض القيادات خاصة منها السلطة الوطنية الفلسطينية و بعض المؤثرين على القضية و مسارات التفاوض كمصر السيسي .

وجب الوقوف هنا عند أهم دروس السابع أكتوبر و التي من أهمها 


كون عملية طوفان الأقصى هي بداية النهاية لما سميته بالنكبة الثانية و تجسيدا حيا لمبدأ ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة .فلا مجال للتخاذل و لا للهروب من القدر ،بل المضي في دفع أبواب القدر للوصول لذروة التحرر المنشود و بناء المشروع الوطني الفلسطيني .

السابع أكتوبر طوفان كذلك على الخذلان العربي و الإسلامي و صرخة في وجه محيط عربي سباتي و توجه نحو العالم بأسره لأن القضية أصبحت إنسانية ،عالمية و صداها سوف يكون لا محالة أقوى و أفيد للقضية الأم .

التوجه لتحالفات جديدة و تبيان التحالفات القديمة بين حركة حماس و حزب الله و إيران هو تحصيل حاصل للعقلانية التي يتميز بها المقاوم الفلسطيني حاليا ،و بالتالي التأثير سوف يكون متبادلا بين الأطراف الداعمة للمقاومة و الأطراف الداعمة للمغتصب الاسرائيلي، أكيد أن ميزان القوة غير متكافيء و لكن عبقرية المقاوم الفلسطيني من خلال أنظمة المقاومة و الهجوم المطورة من طرف الكتائب و الفصائل هي من سيصنع الفارق على المدى المتوسط .

الجيوش النظامية عادة ما تصيبها الرتابة و هبوط حاد في المعنويات ،فشتان بين عمل جهادي، مؤطر دينيا ،اديولوجيا و عسكريا و بين هجومات عسكرية تستهدف إبادة السكان بطريقة بعيدة عن القوانين المعمول بها في الحروب .

البروز القوي للتضامن الغربي من خلال المجتمعات المدنية الغربية ،طلبة الجامعات سوف يكون له شأن كبير إن أحسن الفلسطينيون خاصة استغلاله ،بما يخدم استدامة في التضامن الذكي و الجاد ،فلا يمكن للجهود التضامنية في الغرب أن تضيع ،دون تشبيك و ديمومة في المستقبل القريب .

بعد تعرية أسطورة المغتصب الاسرائيلي الذي لا يقهر ، و تبيان مواطن الخذلان العربي و الإسلامي، يمكن لطوفان الأقصى أن يكون بردا و سلاما على القضية ، لقد حرر الإنسان،  أفشل عملية النسيان الممنهجة لأهداف القضية و جعل من المقاومة صخرة تنكسر أمامها كل عمليات التسييس،التطبيع ،المتاجرة بالقضية الجوهرية .

من أهم دروس السابع أكتوبر كذلك هو التأثيرات المستقبلية على مستوى العلاقات الدولية و مستقبل منطقة الشرق الأوسط خاصة ، هذه الوتيرة يمكن أن تتسارع مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية ،هذا الأمر لا يخفى على المقاومة ، فأطراف الصراع مستعدون لسيناريوهات مستقبلية ،قد تعيد النظر كلية في الأحلام الإسرائيلية،و السياسة الأمريكية في المنطقة . لأن وضعية لا غالب و لا مغلوب هي وضعية صفرية سوف تلزم الإدارة الأمريكية الجديدة و الحكومة الإسرائيلية للتوجه نحو التفاوض ،بعيدا عن مثالية السلام . 
قد تبدو هذه النظرة سوداوية، لكني أعتقد أن فرص بناء سلام دائم و جاد بعيدة جدا ،نظرا لوضعية كل طرف في حلبة الصراع و بروز فاعلين جدد في رقعة الشطرنج الفلسطينية الكبرى .

التعليقات (0)