- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
محمد دوير يكتب النيل والوعي الوطني
محمد دوير يكتب النيل والوعي الوطني
- 20 أبريل 2021, 12:23:13 ص
- 867
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
.. يتشكل الوعي الوطني عبر معارك كبري تخوضها الشعوب من أجل الحفاظ علي وجودها أو ملامح شخصيتها الحضارية.
.. وفي العصر الحديث خاضت مصر معارك ضد الامبراطورية العثمانية ثم الاحتلال البريطاني. وبعد الاستقلال خضنا سلسلة من المعارك الكبري . ولكن الأمة المصرية ظلت تبحث عن نفسها دائما مرة في الجغرافيا السياسية ومرات أخري في التاريخ الحضاري.
.. فالأوطان في حاجة دائما لإعادة اكتشاف، واعادة انتاج، حتي تتجدد طاقة الهوية وتتدفق المياه في خلجان الروح حتي تتأكد لدي الشعب مشاعر الانتماء..
.. ولأسباب كثيرة بدأت روح الوطنية المصرية تتكلس حتي وصلت الي مستوي من الرغبة الدافعة لملايين الشباب بالهجرة ، والنقمة علي البلد وعلي كل ما فيها..وأصبح الحنين المصري مجرد من المسئوليات ومغلف بقدر من اللامبالاة، والتمرد علي كل شيء والسخرية من الواقع ومن أي عمل ايجابي ممكن..ويبدو أن السلطة كانت منسجمة مع هذا التوجه، مكتفية بشحنة الأغاني الوطنية وصور الزعيم ومباريات المنتخب القومي كتعبير عن الحد الأدني من الروح الوطنية في صورتها الشكلية أو المزيفة.
.. وعندما حلت علينا كارثة السد الأثيوبي، وصرنا في مواجهة الخطر مباشرة..لم يجد المصريون لديهم من الهمة والعزيمة ما يدافعون به عن انفسهم وحياتهم ومستقبلهم..فتحول الحس الوطني الأصيل المفترض تجاه أزمة وجودية الي موقف سياسي من ثورة يناير – كما قال الرئيس – أو الي ضعف النظام المصري وتراجعه في اتخاذ موقف جاد وحاسم – كما يري معظم المعارضين –
.. وفي تقديري أن قضية السد الأثيوبي فرصة مناسبة وتاريخية وعظيمة من أجل اعادة انتاج مفهوم الهوية واعادة تشكيل قيمة الوطنية في صورتها الأصيلة..ولا أقصد هنا أن نتخذ موقفا ما من بناء السد أو غيره( لهذا الأمر حسابات أخري )..بل أن يشعر المصريون أن الوطن في حاجة اليهم، حتي لو لم تستدعيهم السلطة الي ذلك الاحتياج..
.. وأن يشعر المصريون بأنهم في حاجة الي الوطن، ليس بوصفه قطعة أرض يعيشون عليها، بل بوصفه شخصية اعتبارية يتحقق وجودها بمستوي الحضور الوطني للشعب المصري..ذلك الحضور الذي يعني أشياء كثيرة وعلي رأسها حماية النهر، ليس علي صعيد القانون الدولي فحسب، وانما حمايته أيضا من أنفسنا ، فلم يعد ممكنا أن تظل المسافة بين المصريين ونيلهم مجرد علاقة ودية شاعرية أو تاريخية.
.. إن النيل أصبح تحت مرمي النيران..ودفاعنا عنه لا يبدا من الحبشة، وإنما يبدأ من هنا .. من مصر..حينما ندرك العلاقة بين الوطن والنيل والمصريين..حينئذ ستتحول كل قطرة من مياه النيل الي خط أحمر فعلا.. ولكنه خط أحمر يرسم بداخلنا مشاعر الانتماء الايجابي الذي يخلق منا أمة عظمية تستحق الحياة علي ضفاف النهر الذي منحنا الخلود، ولم نمنحه نحن سوي التلوث والهدر والشيخوخة– كما قال استاذنا اسماعيل صبري عبدالله -
.. إن النيل بحاجة الي وطن حقيقي لكي ينقذه