-
℃ 11 تركيا
-
9 مارس 2025
لم ينهار مفهوم واحد فقط في السابع من أكتوبر بل انهارت كل المفاهيم
لم ينهار مفهوم واحد فقط في السابع من أكتوبر بل انهارت كل المفاهيم
-
9 مارس 2025, 2:21:04 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
هجوم 7 أكتوبر
هآرتس - عنات ساراجوستي
تكشف التحقيقات التي أجراها الجيش التابع للكيان الصهيوني وجهاز الأمن العام (الشاباك) في أحداث السابع من أكتوبر عن حقيقة مذهلة. وبعد الاطلاع على الصورة الفردية لكل كيبوتس، ومستوطنة، ومعسكر عسكري، فإن ما يثير الدهشة بشكل خاص هو الصورة الشاملة. يمكننا أن نلمس فيها انهيار سلسلة طويلة من المفاهيم، التي كانت أعمق وأخطر من التصورات السياسية والأمنية المنسوبة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتي تبناها قادة المؤسسة الأمنية، مثل ادعاء أن "حماس مردوعة ولا مصلحة لها في الصراع"، أو أن "التمويل سيُهدئ دوافعها ضد الكيان الصهيوني".
انهيار المفاهيم السياسية:
1. وهم إدارة الصراع:
انهارت فكرة تأجيل القرارات المصيرية وانتظار "لحظة الفرصة السانحة"، التي لن تأتي أبدًا. لقد ثبت أن سياسة "فرق تسد" ــ كالدعم المُفرط لحماس لإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية ــ فشلت. ففي لبنان، دُعم المسيحيون فاندلعت مجزرة صبرا وشاتيلا، ثم نشأ حزب الله، أخطر وأقوى من سابقيه. وفي غزة، لم تُضعف حماس منظمة التحرير، بل سيطرت على القطاع، بينما تزداد الضفة الغربية اضطرابًا.
2. وهم السيطرة الاستخباراتية:
تحطمت الفكرة القائلة بأن جهاز الشاباك ووحدة 8200 قادرون على مراقبة كل تحرك في غزة. صحيح أن المعلومات كانت متوفرة، لكنها لم تُفسَّر بشكل صحيح. المعرفة وحدها لا تكفي دون فهم عميق للتهديدات.
3. وهم القوة العسكرية:
انهارت تصورات عن قدرة الجيش على الرد السريع على أي تهديد، رغم تكنولوجيته المتطورة. كما تبيَّن أن اغتيال قادة حماس (مثل محمد ضيف ويحيى عياش) لا يُنهي التنظيم، بل يُبطئه مؤقتًا. وهذا يفسر الصراع بين الشاباك ونتنياهو حول منع اغتيال يحيى السنوار، الذي لم يكن ليُغيّر الواقع.
التداعيات الاستراتيجية:
- فشل الفصل بين غزة والضفة:
لم تُنجح سياسة فصل غزة عن الضفة الغربية في تحقيق الأمن. فغزة تعيش في فوضى، وحماس لم تُهزم، بينما تزداد الضفة اشتعالًا.
- وهم هزيمة الإرهاب:
انهارت فكرة أن القوة العسكرية وحدها كافية لسحق التهديدات، خاصةً مع تجدد نشاط حماس في الضفة رغم كل الإجراءات.
- وهم الازدهار تحت الاحتلال:
تلاشى الاعتقاد بأن الكيان الصهيوني قادر على الاستمرار في الازدهار دون استراتيجية حقيقية لحل الصراع. فالفلسطينيون طرف أساسي في المعادلة، وليسوا مجرد متفرجين.
الخلاصة:
كل المفاهيم التي بُنيت عليها سياسات الكيان الصهيوني خلال عقود ــ من الردع المزعوم، إلى السيطرة الاستخباراتية، إلى القوة العسكرية، إلى الفصل الجغرافي ــ انهارت في يوم واحد. وإذا كنا جادين في الحفاظ على مستقبل الكيان، فيجب الخروج من "صناديق" التفكير القديمة، والبدء في بلورة استراتيجية جديدة تعترف بالواقع وتتعامل معه بواقعية، بعيدًا عن الأوهام والشعارات الفارغة.
هآرتس







