- ℃ 11 تركيا
- 8 نوفمبر 2024
لماذا يُتوقع تحقيق الهند وإندونيسيا أسرع معدل نمو اقتصادي بالعالم في 2023؟
لماذا يُتوقع تحقيق الهند وإندونيسيا أسرع معدل نمو اقتصادي بالعالم في 2023؟
- 3 أبريل 2023, 8:59:39 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون العملاقان الآسيويان الهند وإندونيسيا، اللذان يبلغ عدد سكانهما مجتمعين 1.7 مليار نسمة، أسرع اقتصادين نمواً من بين أكبر 20 اقتصاداً في العالم خلال عام 2023، على مدى السنوات الخمس المقبلة، بعد أن توسع الناتج المحلي الإجمالي للهند بنسبة 71% خلال العقد الماضي، وفي إندونيسيا بنسبة 52%، مع تبنيهما الاقتصاد المفتوح؛ حيث تبلغ التجارة نحو 40% من ناتجهما المحلي الإجمالي، ومع اعتمادهما على الاقتصاد غير الرسمي إلى حد كبير، الذي يعمل فيه 90% من عمال الهند و60% من عمال إندونيسيا. وفي هذا الإطار، نشر موقع “الإيكونوميست” تقريراً بعنوان “أيهما سينمو بشكل أسرع: الهند أم إندونيسيا؟”، في 29 مارس 2023.
قواسم مشتركة
أكد التقرير أنه يمكن فهم توقعات صندوق النقد الدولي بتحقيق الهند وإندونيسيا أسرع معدل نمو اقتصادي في العالم في 2023، في ضوء تمتع البلدين بمزايا وقواسم مشتركة، يمكن استعراضها على النحو التالي:
1- مواصلة البلدين عمليات بناء البنية التحتية الطموحة: إلى جانب تمتع البلدين بوجود قيادة كاريزمية تم انتخابها لأول مرة في عام 2014، تتمتع البلدان بامتلاكهما مساحات أراضٍ شاسعة مع عدد سكان يبلغ في الهند 1.4 مليار نسمة وفي إندونيسيا 280 مليوناً، وهما دولتان شابتان نسبياً بهما أعراق ولغات لا تعد ولا تحصى. والأهم أن كلا البلدين في خضم عمليات بناء البنية التحتية الطموحة؛ إذ قامت إندونيسيا ببناء 18 ميناء و21 مطاراً و1700 كيلومتر من الطرق منذ أن تولي “جوكو ويدودو” المعروف باسم “جوكووي” منصبه، فيما تضيف الهند 10000 كيلومتر من الطرق السريعة كل عام.
2- اعتماد البلدين على قطاع تصدير رائد باعتباره محركاً للنمو: تمثل نجاحات التصدير انعكاساً للميزة النسبية في كلا البلدين؛ حيث يقوم قطاع التصدير الرائد في الهند على خدمات التكنولوجيا. وقد استحوذت نيودلهي في عام 2021 على 15% من الإنفاق العالمي على خدمات تكنولوجيا المعلومات بفضل قدرتها على توفير نصف مليون مهندس جديد سنوياً. وفي المقابل، تكمن الميزة التي تتمتع بها إندونيسيا في تصدير السلع الأساسية، التي يتنامى الطلب العالمي عليها، مثل النيكل، وبسبب تحول الطاقة.
ويُتوقع بحلول عام 2030 أن تكون إندونيسيا رابع أكبر منتج في العالم “للسلع الخضراء” المستخدمة في البطاريات والشبكات الكهربائية. وتولد هذه الصناعات أرباحاً أجنبية ضخمة؛ ففي عام 2021 شكلت الخدمات التقنية نحو 17% من صادرات الهند من حيث القيمة، وشكلت السلع باستثناء الوقود 22% من صادرات إندونيسيا.
3- تبني البلدين سياسة تصنيعية معززة للقطاع الخاص: تتبنى كل من الهند وإندونيسيا سياسة تصنيعية تعزز دور القطاع الخاص. ويُشار في هذا الصدد إلى أنه لدى الهند نقطة انطلاق أكثر إيجابية؛ حيث تبلغ قيمة مؤشر MSCI India، الذي يغطي نحو 85% من السوق، نحو 830 مليار دولار، أي نحو 24% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تبلغ قيمة مؤشر إندونيسيا 123 مليار دولار فقط، أو 10% من الناتج المحلي الإجمالي. وينسجم ذلك مع توجه رئيس الوزراء الهندي “ناريندا مودي” لتخصيص 30 مليار دولار من الحوافز المرتبطة بالإنتاج لتحفيز الاستثمار في 14 صناعة ذات أولوية، بما في ذلك أشباه الموصلات.
كما يتضمن تعهد “مودي” بالوصول إلى الانبعاثات الصفرية من غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2070، بناء مزارع شمسية، وإنتاج بطاريات، وهو ما يساعد كذلك في خلق فرص عمل جديدة وخفض تكلفة الطاقة. ومقابل ذلك، تركز السياسة الصناعية الرئيسية للحكومة الإندونيسية على تكرير الموارد الطبيعية، وتأمل جاكرتا من خلال حظر تصدير المواد الخام المهمة، دفع الشركات المتعددة الجنسيات لبناء مصافي تكرير محلياً.
4- نهج حكومتي البلدين لتحقيق الرفاهة وإسعاد المواطنين:تستهدف حكومتا الهند وإندونيسيا تحقيق الرفاهة وإسعاد المواطنين. ويرتبط هذا النهج في إندونيسيا بتوسيع الاعتماد على نموذج الرفاهة القائم على تقديم الخدمات المميكنة رقمياً، مع امتلاكها نظام تحويل نقدي ضخماً.
فيما يتبنى رئيس الوزراء الهندي برنامج “India stack”، وهو عبارة عن مجموعة من المنصات الرقمية ترعاها الدولة، تتيح للمواطنين التمتع بهوية إلكترونية تساعدهم في إدارة أنظمة المدفوعات والضرائب والحسابات المصرفية. وقد سلمت الحكومة الهندية في العام المالي 2022 أكثر من 76.5 مليار دولار، أي أكثر من 2% من الناتج المحلي الإجمالي، من خلال ما تسمى تحويلات المنافع المباشرة، التي وصلت إلى نحو 900 مليون مستفيد.
5- اتباع البلدين سياسات خارجية داعمة للتوجه التنموي: مع تصاعد التوترات الصينية الأمريكية، يتبنى البلدان مواقف حذرة لتجنب التورط في صراعات لا طائل من ورائها؛ فمن ناحيتها، وتماشياً مع سياسة عدم الانحياز التي تنتهجها منذ فترة طويلة، تسعى إندونيسيا إلى تحقيق التوازن بين الصين والغرب، ومن المتوقع أن يتلقى صندوق الثروة السيادية، الذي تم إطلاقه عام 2021، ما يصل إلى 3 مليارات دولار من الاستثمارات من الصين، التي تعد أيضاً من أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي المباشر.
ومقابل ذلك، فإن الحكومة الهندية أكثر حذراً تجاه الصين، وسط اشتباكات حدودية دامية بين البلدين، دفعت نيودلهي للانضمام إلى الحوار الأمني الرباعي الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان. ورغم التأثير السلبي لهذا الأمر على فرص تعاون الهند مع الصين، لكنه أتاح لها من ناحية أخرى جذب الشركات الغربية التي تنوع أعمالها بعيداً عن الصين.
تحديات حاضرة
وختاماً، شدد التقرير على أن ما سبق لا يعني غياب التحديات على نحو تام، وهي التحديات التي لا تقتصر على بعض المشكلات الشائعة، مثل المحسوبية، بل تمتد أيضاً إلى اعتماد نماذج التنمية في كلا البلدين على الثروة المتدفقة من الاقتصاد غير الرسمي، وعلى قدرة النظام السياسي على إدارة الضغوط الاجتماعية الناتجة؛ فرغم أنه قد يكون لذلك أثر إيجابي على المدى القصير، فإنه على المدى الطويل يمثل ذلك مشكلة خطيرة لضمان استمرار التقدم في الأداء الاقتصادي لكلا البلدين، حتى إن كان النموذج الذي تقدمه كل من الهند وإندونيسيا للنمو الاقتصادي يُشكل مثالاً يُحتذى به لعشرات البلدان الأخرى التي تبحث عن طرق جديدة وموثوقة للتطوير، وفق ما ذكر التقرير.