قصيدة أحمد بخيت : على إمام اليقين

profile
  • clock 2 مايو 2021, 9:34:16 م
  • eye 3359
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

علي إمام اليقين

"النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ،

أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْق"

. علي بن أبي طالب

شهيد رمضان

هذه القصيدة أعتز بها كان حلما أن أكتب عن شهيد المحراب الإمام علي المقتول صائما في صلاة الفجر في محرابه إماما بمسجد الكوفة  وأميرا للمؤمنين  بعد أن قرأت ما كتب عنه شعرا

وتمنيت أن أكتب عنه كما يليق به من شاعر مسلم لا يميل للمذاهب والتصنيفات ولا يدين للسياسة  بتحديد أولوياته و لا يعتنق مذهب التشيع  لكنه محب لآل البيت 

 وشديد الإعجاب بهذا الرمز الإسلامي والإنساني العظيم  ورؤيتي له هي رؤية الإنصاف والحب  

1

ليلٌ كهذا اللَّيلِ أَو هُوَ أَلْيَلُ 

ستُجيبُ عمَّا يَسأَلونَ، وأَسأَلُ


تَفْتَضُّ ذاكرةَ التُّرابِ، وماؤُهُ 

الكَونيُّ في صَلصَالِهِ يَتَشَكَّلُ


ستكونُ أَسئلةُ الخلائقِ مُرَّةً 

لكنَّ أَجوبةَ الحقائقِ سَلْسَلُ

2

سنقولُ للدُّنيا، بكلِّ ذُهولِنَا: 

لا شيءَ يُذْهِلُ كُلُّ شيءٍ يُذْهِلُ


لا عقربٌ في الأرض يلدغُ عقربًا 

مِن أجل جُحْرٍ وابنُ آدمَ يفعلُ


سُدْسُ السُّلالةِ قاتلٌ مُتَسَلْسِلٌ 

منذُ البدايةِ للنِّهايةِ يَقْتُلُ


3

رُزنامةُ الإِنسانِ حُزْنٌ طازجٌ

دومًا، وقلبٌ دائمًا مُسْتَعْمَلُ


أَحرَى بِنا يا حزنُ أَلَّا نلتقيْ 

إِلَّا مواجهةً كِلانا أَعْزلُ


قِفْ مثلَ قافيةٍ أَتَمَّتْ بيتَها 

الشِّعريَّ وانتصرَ المجازُ المُرْسَلُ

4

أَحزانُ أَربعَ عشرَ قرنًا خُشَّعٌ 

والجرحُ يَنْزِفُ واليَتامى تُعْوِلُ


أَرنو إِلى البيتِ الحرامِ، وأَنثني 

للمَسجدِ الكوفيِّ، ثُمَّ أُرَتِّلُ 


يا مَنْ وُلِدتَ هنا، لِتُقْتَلَ ها هنا 

هذي الولادةُ آيةٌ، والمَقْتَلُ


5

أَنا في عراقِكَ يا عليُّ مُوَلَّهٌ 

نِصْفِي يكادُ يُجَنُّ نصفيَ يَعْقِلُ 


أَبكي وتَبتسمُ الدُّموعُ سعادةً 

بكَ، هكذا حزنُ العراقِ مُدَلَّلُ


يَتَضَوَّعُ "النَّجَفُ الشَّريفُ" كأَنَّهُ 

بكساءِ آلِ البيتِ بَعْدُ مُزَمَّلُ

6

إِنِّي بِحُبِّكَ يا عليُّ "مُكَوِّفٌ" 

وبِحُبِّ مولايَ "الحسينُ" "مُكَرْبَلُ"


تلك القبابُ الحانياتُ تقولُ لي: 

عَنْ حُبِّ آلِ البيتِ لا مُتَحَوَّلُ


إِنْ لمْ يكنْ لكَ في النَّبيِّ 

مودَّةٌ فبأَيِّ آلاءِ السَّماءِ تُظَلَّلُ؟


7

يا كافلَ الأيتامِ جئتُكَ ساكبًا 

دمعَ الملايينِ التي لا تُكْفَلُ


صوتي بريءٌ مثلُ قولِ يتيمةٍ: 

التَّمرُ مِنْ كفَّيْ عليٍّ أَفْضَلُ


لي قطعةُ الخشبِ التي لمْ يَعتذرْ 

عَنْها، ولم يُصلبْ عَليها "دِعْبِلُ

8

نحنُ استواءُ المُشطِ في إِدراكِنا 

أَنَّ السَّنابلَ يَقْتَفِيها المِنْجَلُ


 كافي ونُوني قالتا لي: كُنْ على 

حَذَرٍ، فحرفُ التَّاءِ بَعْدُ مُؤَجَّلُ


ولنا اسْمُنا الضَّوئيُّ مُذْ قالتْ لنا 

أَسماؤُنا الأُولى أَضيئوا وارحلوا


9

أَنا لا أَخافُ اللَّيلَ لكنْ كلَّما 

سَرقوا النَّهارَ مِنَ النَّوافذِ أَجْفُلُ


وأَخافُ مِنْ صمتِ الطَّبيعةِ كلَّما 

جاءَ الصَّباحُ ولا حَمَامٌ يَهْدِلُ


وأَفِرُّ مِنْ ضجرِ البيوتِ إِذا خلتْ 

مِنْ ضِحْكِ طفلٍ أَو عجوزٍ يَسْعُلُ 

10

 منذُ اعترانا النِّفطُ صارَ هويَّةً

 تَطغى وترَكُلُ أَو تهونُ وترُكَلُ


الصَّوتُ أَعمى مثلُ ضحكةِ قاتلٍ 

واللَّونُ أَخرسُ والرَّوائحُ حَنْظَلُ


حطبُ الحريقِ العولميِّ ،رمادُنا  

ماضٍ يَعولُ وحاضرٌ مُتَبَطِّلُ


11

لا صولجانٌ للملوكِ، ولا فمٌ 

للأَنبياءِ، ولا ملاكٌ يَنْزِلُ


رقصَ المجوسِيُّونَ رقصةَ نارِهم 

واسْتَصْرَخَ الرُّومُ الصَّليبَ، وصَلْصَلوا


وتَنَفَّسَ البدوُ القُدامى رمْلَهم 

وتَثَاءبتْ فِيْهم نجومٌ رُحَّلُ

12

عذرًا أميرَ المؤمنينَ فهكذا 

المَنْفِيُّ في أوطانِهِ يَسْتًرْسِلُ


مِنْ طُوْلِ ما أَلِفَ الحزانى حزنَهم 

حتى استراحاتُ السعادةِ تُوْجِلُ


أنا مِن عَوام الناسِ لا أبواقَ لي 

لا شارعٌ باسْمي ولا ليَ مَحفلُ


13

قلبي الفطيمُ على الفجيعةِ مُكْرَها 

قبل المرورِ على الصِّبا يَتَكَهَّلُ


صَمتي الذي يغتالُ نَفْسِيَ مُعْضِلٌ 

صوتي الذي يغتالُ شخصي مُعْضِلُ


زمنُ الدُّمَى تلهو بِصُنَّاعِ الدمى 

ويَغارُ مِن صوتِ الغرابِ البلبلُ

14

لا يُسألُ الحكماءُ ما الأجدَى هُدًى 

أنْ يعلَمَ الفرقاءُ أو أَنْ يَجْهلوا؟


طلقاء عفو محمدٍ يا سيدي 

في سورةِ "الإنسان" لمْ يَتَمَهَّلوا


مُذْ نابَهم مُلْكٌ عَضُوضٌ حَيَّونوا 

الإنسانَ يَأْكُلُ كالضباعِ ويُؤْكَلُ


15

الآملونَ وليس ثمَّةَ مأملٌ 

والخائفونَ وليس ثمَّةَ موئلُ


الباسلونَ وليسَ ثَمَّ كريهةٌ 

عوراتُهم يومَ الكريهةِ أبسلُ


وكأنَّ دينَ الحبِّ ألا يؤمنوا 

بالحبِّ، دينَ العدلِ ألَّا يَعْدِلوا

16

في الرملِ بين حضارتينِ استنسخوا 

مُدُنًا وَهمْ فيها ثراءٌ مُرْمِلُ


 الركعتانِ: ثَريدُهم وسَريرُهم 

والغزوتان :"جريرُهم "و"الأخطلُ"


 يَحْمَرُّ من خجلٍ زجاجُ بيوتِهم 

وَهُمُ وراءَ زُجاجِهم لمْ يَخْجَلوا


 17 

هذا أنا وأنايَ ساعةَ ترتدي 

صوفَ التباهي يرتديني المُخْمَلُ


إِنْ كانَ لبسُ الصُّوفِ يصنعُ عارفًا 

فأَهمُّ شيخٍ للمُريدِ المِغْزَلُ


أَنا في ارتداءِ ثيابِ أَنْبَغِ شاعرٍ 

مِنْ عَصْرِ ما بعدَ الحداثةِ أَفْشَلُ

18

 يا أَيُّها الشِّعرُ النَّقيُّ لَشَدَّ ما

 أَوْغَلْتَ في دمِ قائليكَ وأَوْغَلوا


 كَمْ كانَ صعبًا أَنْ نُنَبِّهَ وردةً 

للعطرِ إِنَّ الوردَ يأسًا يَغْفُلُ


لا تخشَ إِيلافي أُجَافي صوتيَ

الـحافي ومضمارُ القوافي مُوحِلُ 


19

سامحتُ هذا الناسَ في نُكرانِهم 

وفَضَلْتهم فَضلوا وإنْ لم يَفْضُلوا


مِن أينَ يعرفُ ضالعٌ في جَدْبهِ

أنَّ الغماماتِ الصَّدُوْقةَ حُفَّلُ


ما همَّني يومًا عدوٌّ خاتلٌ 

بلْ هالني دومًا صديقٌ أَخْتَلُ

20

الأدعياءُ سيزحفونَ لِيصعدوا

والأغوياءُ سيقْبلونَ ليُقْبَلوا


والأنبياءُ إذا تَنَكَّرَ شَعْبهُم

لا يأنفون بِشِعْبِهم أنْ يُعْزَلوا


هل كانَ ذنبي أنْ سبقتُ، لينكصوا 

أَمْ كانَ ذنبي أنْ عَلوتُ ،ليَسْفُلوا؟


21

وعرٌ طريقُ الأنبياءِ وآلِهِم 

وطريقُ أبناءِ الأفاعي أسهلُ


وحدي وصوتي باللِّقاءِ مُمَوْسَقٌ 

وبكلِّ أَسبابِ الوداعِ مُرَفَّلُ


وأنا أبو تمام صوتي واصلٌ 

رَحِمَ "العراقِ" ولمْ تَلِدْني "المَوْصِلُ"

22

بعضُ الكتابةِ تَصطفي كُتَّابَها 

والحرْفُ مثلُ الحتْفِ لا يُسْتَمْهَلُ


والشِّعْرُ عُصْفُورٌ يحلِّقُ عاليًا 

حُرًّا، وسهمُ الصَّائدينَ مُكَبَّلُ


سامحتُ "رولان بارت" في قَتْلي لكيْ 

يَتَمَكَّنَ النُّقَّادُ أَنْ يَتَأَوَّلُوا


23

سيدعني "نيتشه" بكل فظاظة: 

"يا أنتَ هل مازال ربُّك يَعْمَلُ؟"


فأقول يا نيتشه سلاما بعضنا 

حَمَلوا الأمانةَ ثُمَّ لَمْ يَتَحَمَّلوا


تلكم أناكَ النرجسيةُ ألَّهتْ 

إنسانَها الأعلى الذي تتوسلُ... 

24

فاهنأ بما يختار وهمك إنما لك 

"سامريٌّ "في النصوصِ وهيكَلُ 


جُلُّ الهراءِ الفلسفيِّ فهاهةٌ 

ما قاله الماضي هو المستقبلُ


مَن لا يحبُّ اللهَ لا عُتْبَى له 

اللهُ لا يُجْفَى ولا يُسْتَبْدَلُ


25

وأنا وحفرياتُ معرفتي بلا

جدوى بحفرياتِ قلبي مُوْكَلُ 


رجلٌ يطوِّحُ في الهواء همومَهُ 

ويسير مبتسما كأن لا يحفلُ


وإذا تذكَّرَ مَن يحبُّ أصابه

 قَمَرٌ إذا بزغَ الأحبَّةُ يأفلُ

26

أنا شاعرُ الدنيا وشاغل سمعها

شَدْوًا ودائِنُها الذي لا يُمْطَلُ


في كربلاءاتي وقفتُ فلمْ أَقُلْ:

"يا دارَ عاتكةَ التي أتَغَزَّلُ"


هذا الطَّريقُ الكَربلائيُّ الخُطى 

يمتدُّ ما سارتْ عليهِ الأَرْجُلُ


27

وكنقطةِ الباءِ المباركةِ التي 

حَمَلَتْ رسالتَها وظَلَّتْ تَحْمِلُ


أَتخيَّلُ الإِنسانَ في " كوفانِهِ" 

لكنَّ أَفلاطونَ لا يَتَخَيَّلُ  


هذا عليُّ اللهِ لو قُلنا اسمَهُ 

العالي ببابِ الخلدِ قيلَ لنا ادْخُلوا


28

أَسترجعُ الدَّمَ والملاحِمَ قائلًا: 

هَلْ آنَ للفرسانِ أَنْ يَتَرَجَّلوا ؟


ما بثَّ مُذْ "بَدْرِ" البدايةِ رعبَهُ

إِلَّا وجيشُ "النَّهروانِ" مُجَدَّلُ


سيفٌ كَفُرقانِ السَّماواتِ العُلى 

يعلو، وكِبْرُ الجاهليَّةِ يَسْفُلُ

29

قالَ الدَّمُ النَّبويُّ إِنْ لَمْ يُكملوا 

الآياتِ تبيانًا فها أَنا أُكْمِلُ


"أُحُدٌ" هِيَ الأَيقونةُ الصُّغرى

وما يأتي يُفَصِّلُ كُّلَّ ما هِيَ تُجْمِلُ


للشِّركِ جَحْفَلُه ، ووحدَك أيُّها 

الكرَّارُ حين تَسُلُّ سيفَكَ جَحْفَلُ

30

قِفْ يومَ تَمْتَحِن الشجاعةُ نفسَها

بين النفوسِ فأنتَ أنتَ الأوَّلُ


بَرَزَ "بنُ وُدٍّ" في الحديدِ فَهَالَهُم 

فَابْرُزْ بلا درعٍ، لقاؤكَ أَهْوَلُ


فوقَ الحصانِ فإِنْ تُقاتلْ راجلًا 

فالأَرضُ مُهْرَتُكَ التي لا تَصْهَل


31

لا مَعْقِلٌ للشركِ فاسْمُك وحدَهُ 

يكفي علا، كَبِّرْ لِيَسقطَ مَعْقِلُ


أَسوارُ، "خَيبرُ" بانتظارِكَ رايةً 

ليستْ تُرَدُّ وفاتحًا لا يُخْذَلُ


أَعلى الفتوحاتِ التي لَمْ تقترفْ 

مُلْكًا يقوِّضُهُ خروجٌ مُخْجِلُ

32

أنا يا عليٌّ والنِّصالُ تُحيطُ بي 

مِن تُهْمَتي بالحبِّ لا أَتَنَصَّلُ


ما زارَ كهلٌ أَو صبيٌّ يافعُ 

الأَشواقِ أَو أَفضتْ عجوزٌ مُثْكَلُ


إِلَّا وفيهم مِنْ حنيني خفقةٌ 

بينَ الضُّلوعِ وعَبْرَةٌ تَتَهَلَّلُ


33

يازوجَ "فاطمةٍ" وصِهْرَ "محمدٍ " 

وأبا الزكيينِ الكمالُ مُمَثّلُ


مِن أينَ جاءتْ فتنةٌ منكوسةٌ 

حتى يقارنَ بالبُغَاثِ الأجدلُ 


إنْ لمْ تجدْ فيك الفضائلُ منزلًا

بعد النبي فليسَ ثمَّةَ منزلُ

34


هذا أميرُ المؤمنينَ وحبُّهُ 

بقلوبِ أهل اللهِ فَرْضٌ مُنْزَلُ


قدرًا تأخرتِ الخلافةُ عن فَتًى 

هو و الإمامةُ سَجْدةٌ وتبَتُّلُ


لو كنتَ في يومِ السَّقيفةِ حاضرًا ما 

شَكَّ سيفٌ أَو تَشَكَّكَ مِقْوَلُ


35

أنا يا عليَّ اللهِ مالي مذهبٌ إلا 

الهدى في اللهِ مهما ضَلَّلوا


أنت الأحبُّ إلى أحبِّ الخَلْقِ لي

وبحبِّه الأرحامُ حبًّا تُوْصَلُ

 

لا مذهبٌ لي غيرَ حبٍّ لم يرثْ 

حقدًا على أحدٍ فمالي أُعْذَلُ

36

إنْ لمْ يكنْ نصرُ الحقيقةِ غايةً 

فعلام تُرْتَخَصُ النفوسُ وتُبْذَلُ


الآن_ يا رجلَ اليقينِ_ حياتُنا

شكٌّ وأوهامٌ  ولغوٌ مُوْبِلُ  


أبطالُ عصرِ الخوفِ رهن جحورهم 

ويُعِدُّهم  للذُلِ شَرٌّ مُقْبِلُ


37


أنا يا أميرَ النحلِ أوشكُ أنْ أرى

أنَّ الرجالَ تحيضُ أو تُسْتَحْبَلُ


أقنانُ عالمِنا الظنينِ يَسُوطُهم

ليلُ الوباءِ السامري ويُدْجِلُ


والرعبُ يُقْفِلُ كلَّ يومٍ مسجدًا

والأرضُ مسجدي الذي لا يُقفلُ

38

أسرجتُ قنديلي وقلتُ: لعلَّهُ

يغدو دليلي ريثَّما أترحَّلُ


حسبي مِن الأوصافِ أنِّيَ مسلمٌ

للهِ ،لا وصفٌ أجلُّ وأكملُ


ليسَ احتفالًا بالمماتِ لقاؤنا 

بلْ بالحياةِ ولا لقاءُ أَجْمَلُ

 

أحمد بخيت

التعليقات (0)