-
℃ 11 تركيا
-
12 مارس 2025
فؤاد بكر يكتب:تفكك منظومة الأقليات في الشرق الأوسط
فؤاد بكر يكتب:تفكك منظومة الأقليات في الشرق الأوسط
-
11 مارس 2025, 10:33:04 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المقدمة
يشهد الشرق الأوسط تحولات سياسية واجتماعية متسارعة، ويعد موضوع الأقليات من القضايا المركزية التي أثرت على تشكيل النظام الإقليمي منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916. وقد لعبت هذه الاتفاقية دورًا في تقسيم المنطقة بطريقة لم تكن عشوائية، بل هدفت إلى تعزيز مسألة الأقليات كإطار يمهد لقيام دولة إسرائيل. يتناول هذا البحث تآكل منظومة الأقليات في الشرق الأوسط، مع التركيز على التطورات السياسية في سوريا، العراق، ولبنان، إضافة إلى تداعيات ذلك على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
الإطار التاريخي لتشكيل نظام الأقليات في الشرق الأوسط .
منذ تقسيم الشرق الأوسط في أوائل القرن العشرين، شهدت بعض الدول أنظمة حكم تستند إلى الأقليات. على سبيل المثال، حكم العلويين في سوريا منذ عام 1970 حتى سقوط نظام بشار الأسد في 2024، كما حكمت الأقلية السنية في العراق بين عامي 1979 و2003، بينما استمرت هيمنة الموارنة المسيحيين في لبنان منذ إنشاء دولة لبنان الكبير عام 1920. كان هذا التقسيم يهدف إلى خلق توازنات تخدم المصالح الدولية، وأبرزها منح الشرعية لقيام دولة إسرائيل اليهودية في المنطقة.
تآكل منظومة الأقليات وتأثيرها على الأنظمة الحاكمة
بدأت هذه المنظومة بالتآكل مع تصاعد الرفض الشعبي لحكم الأقليات، حيث شهدت سوريا تحولاً كبيرًا بعد سقوط نظام الأسد، ما يعكس تغيراً في الديناميات السياسية للمنطقة. في لبنان، تتجلى أزمة حكم الأقليات في العرقلة المستمرة للاستحقاقات الرئاسية، إذ تظل رئاسة الجمهورية في يد الطائفة المارونية المسيحية. هذه التحديات تعكس تآكل شرعية حكم الأقليات في الشرق الأوسط، وتظهر محاولات بعض الأقليات البحث عن دعم خارجي لتعزيز وجودها.
تحول إسرائيل من دولة دينية إلى قومية وتداعياته على مسألة الأقليات
مع إعلان إسرائيل نفسها كدولة يهودية قومية في عام 2017 عبر قانون الدولة القومية اليهودية، طرأ تحول في مفهوم حكم الأقليات. فقد انتقل التركيز من الأقليات الدينية إلى الأقليات القومية، في محاولة لإعادة تشكيل منظومة الحكم الإقليمي وفق أسس جديدة. يعزز هذا التوجه مخاوف من تفتيت الشرق الأوسط إلى كيانات قومية صغيرة تحت ذريعة حماية الأقليات، ما يفتح المجال أمام مزيد من التدخلات الدولية.
انعكاسات تآكل منظومة الأقليات على القضية الفلسطينية
يظل الفلسطينيون أبرز المتأثرين بهذه التحولات، حيث دفعوا ثمن رفضهم لوعد بلفور عام 1917 ومشاريع تقسيم المنطقة. وقد رفض الفلسطينيون الانخراط في مشروع منظومة حكم الأقليات، متمسكين بالهوية القومية العربية. يطرح هذا الواقع تساؤلات حول مستقبل الفلسطينيين داخل إسرائيل، وإمكانية تحولهم إلى أقلية ذات نفوذ سياسي يمكنها التأثير على طبيعة الدولة الإسرائيلية في المستقبل، وماذا لو ترأس السلطة الفلسطينية رئيسا من الاقليات الدينية المشهود لها في الوطنية، فهل كان سيتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
الخاتمة
يؤكد التحليل التاريخي والسياسي أن إشكالية الشرق الأوسط ترتبط بشكل وثيق بتقسيمه وفق اتفاقية سايكس بيكو، وبهدف ايجاد حجة لتبرير وجود اسرائيل، وأن تآكل منظومة الأقليات يعيد رسم المشهد السياسي في المنطقة. في هذا السياق، يظل الفلسطينيون حالة استثنائية في رفضهم لهذه المنظومة، ما يعزز أهمية بناء رؤية سياسية قائمة على تعزيز المواطنة والانتماء العربي لمواجهة التحديات الراهنة.








