- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب: اللاجئون الفلسطينيون... والأونروا ... واتفاقيات “أبراهام”
عماد توفيق عفانة يكتب: اللاجئون الفلسطينيون... والأونروا ... واتفاقيات “أبراهام”
- 9 أكتوبر 2022, 10:09:41 ص
- 932
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعرضت الأونروا ومازالت إلى عدة أنواع من حملات الاستهداف والتشويه، حملات أنى كانت أداوتها وأساليبها، فإنها بلا شك يمكن ادراجها تحت بند واحد، وهو الاستهداف السياسي بهدف انهاء وجودها، بدءاً بإفلاسها ثم تفكيكها ثم انهاءها، الأمر الذي عبر عنه المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني غير مرة حينما صرح محذراً من أن الأونروا تتعرض لخطر وجودي.
لازاريني السويسري صاحب الماجستير في الإدارة، لم يكن يمزح، وليس لمثل رجل بموقعه ان يمزح في موضوع مصير مؤسسة أممية، سيؤثر المساس بها حتما على حاضر ومستقبل أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني موزعين على مناطق عمليات الأونروا الخمس.
غني عن القول ان استمرار نكبة اللجوء التي يعاني منها أكثر من سبعة ملايين لاجئ فلسطيني حول العالم، ليست لأسباب ذاتية متعلقة بالفلسطيني، فالفلسطينيون لم يولدوا في خيام، وليس قدرهم أن يبقوا مشردين منفيين لاجئين في المخيمات إلى ما لا نهاية، فكل محروم من العودة والعيش بسلام في وطنه وفي بيته هو لاجئ، وهذا اللاجئ لا يريد أن تستمر نكبته بعد أكثر من 74 عاماً.
بل استمرار نكبة الشعب الفلسطيني هي نتيجة لفشل ما يسمى بالمجتمع الدولي في تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، ونتيجة لعجز دول العالم الأعضاء في الأمم المتحدة حتى عن تنفيذ أكثر من 700 قراراتها التي أصدرتها الأمم المتحدة بخصوص حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية والسياسية وغيرها.
فيما تسجل القضية الفلسطينية اليوم كأطول نزاع لم يتم حله حتى الآن، فان خيط الأمل أمام أنظار الفلسطينيين بكاد أن ينقطع، فاذا انقطع الأمل بأي حل يعيد الحقوق للشعب الفلسطيني، فان عواقب يأس الشعب الفلسطيني لابد ان تنعكس على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وهذا ما على الفلسطينيون اداركه، وهو أنهم يملكون ورقة قوة في عالم لا يفهم الى لغة القوة، وهذه الورقة هي ورقة الأمن والاستقرار، فقد بات على الفلسطينيين رفع أصواتهم، وارسال رسائل بكافة اللغات والوسائل والاشكال الى العالم مضمونها، انه لا امن ولا استقرار لأحد في المنطقة، ما لم يمنح العالم الأمل للشعب الفلسطيني بإعادة حقوقه المسلوبة منذ أكثر من 74عاما من النكبة.
لا ترتبط مهاجمة الأونروا بالترويج للتحريض على العنف بالتعليم والمناهج الدراسية، تلك المناهج الملتزمة بشدة بقيم الأمم المتحدة ومعايير يونسكو، بقدر ما ترتبط بمراكمة الاتهامات والمثالب والسلبيات في صحيفة الأونروا، وصولا بعد حين ليس ببعيد للمطالبة بإنهاء وجودها كمؤسسة أممية، لم تعد تؤدي الغرض الذي أقيمت لأجله.
فبعد توقيع اتفاقات "أبراهام" التي تستهدف تطبيع، بل ودمج أعمق لكيان العدو في المنطقة العربية والإسلامية، دمج يطال دين وضمير وعقيدة هذه الأمة بعد تمييعها وتسييلها ومحاولة دمجها في ديانة جديدة من صنع البشر، تدمج بين الشرائع لتنتسب الى أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، لتناغي عقول البسطاء والجهلة، في مراهنة على الزمن لتقبل الديانة الجديدة، في ظل حملات محمومة تستهدف ابعاد الناس عن الالتزام بمناسك وأخلاق الدين وقيمه السامية والعفيفة، فتروج للرذائل باسم المثلية والحرية الشخصية.
بعد اتفاقات ابراهام ليس كما قبلها، والغرور الصهيوني وصل على ما يبدو حد المجازفة بوقف الاستمرار في الاستثمار في الأونروا التي ساهمت بشكل أو بآخر في تخدير وتسكين آلام ملايين اللاجئين، للحد من رغبتهم في العودة الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها.
علما ان مساعي عودة اللاجئين بدأت بعد النكبة بأسابيع قليلة فقط، لاستعادة بعض ما تركوه خلفهم من حصاد أراضيهم وثمار بياراتهم وبعض مواشيهم، بعد أن قرص بطونهم الجوع والعوز، حيث وجد اللاجئون الفلسطينيون أنفسهم في العراء بلا مغيث أو معين.
فتم إطلاق عمل مؤسسة الأونروا على عجل بعد أقل من سبعة أشهر على النكبة 15-5-1948، وتحديدا في 8 كانون الأول 1949، لتوفير إغاثة عاجلة لهؤلاء اللاجئين للحيلولة دون تطور عمليات العودة الى بيوتهم واراضيهم، من استعادة بعض الطعام والممتلكات المنقولة، الى عودة لاستعادة البيت والأرض والديار، بعض أن تبين للفلسطينيين ضعف هيبة وقوة عصابات العدو التي انتصرت وهجرت الملايين بسلاح الاشاعة أكثر منه سلاح الحرب والقتل والدمار.
سيكون من الخطأ الذي يرتكبه الفلسطينيون حال الاستمرار في توفير الإحساس بالأمن والاستقرار في منطقة بات يفتقد فيها الفلسطيني لهذا الامن والاستقرار.
لذى ننصح باستثمار الشعور العميق باليأس لدى الشعب الفلسطيني، وغياب أي أفق لحل سياسي، ما انعكس سلبا بدرجة كبيرة على واقعه الاجتماعي والاقتصادي، لناحية تحويل هذه الجموع المليونية اليائسة والغاضبة الى قنبلة موقوتة، والتهديد بتفجيرها في وجه الجميع، فلا أمن ولا استقرار لأحد ما لم يتوفر للشعب الفلسطيني.
وعلى الشعب الفلسطيني المناضل أن يبرهن للقوى الغربية وذيولها العربية، أن عواقب حل أزمة الأونروا المالية لا تتعدى 400 مليون دولار سنوياً، لا شيء مقابل التبعات التي ستنعكس على امن واستقرار الجميع في المنطقة.