- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
عماد توفيق عفانة يكتب: أصوات النخب الصاخبة ... واصوات المخيمات الخافتة
عماد توفيق عفانة يكتب: أصوات النخب الصاخبة ... واصوات المخيمات الخافتة
- 12 فبراير 2023, 11:01:04 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نجحت نخب المصالح الفلسطينية ومنها نخب مدعومة او مقبولة دوليا، في اعادة التمركز بخطاب مختلف عن الخطاب الذي نشأت عليه ومن اجله جميع القوى والفصائل، وفرضت هذه النخب أولوياتها على سطح المشهد الفلسطيني، بخطاب يركز على قضايا هامشية قياساً بمركزية قضية اللاجئين.
خطاب بات لا يتناول الا قضايا مثل مستقبل السلطة والنظام السياسي، أو ما بعد عباس والصراع على خلافته، او المصالحة والانقسام، او إعادة بناء منظمة التحرير، او تقاسم وتقسيم كعكة ما تبقى من الوطن، مع تهميش شبه تام لقضية ودور اللاجئين الذين يمثلون اغلبية الشعب الفلسطيني، وأثر حراكهم المفقود في خارطة العمل السياسي الفلسطيني.
خطاب مصالح وان تلفع بالشعارات الوطنية، خطاب يكبر ويتمدد على حساب الخطاب الذي تركز سابقا حول العمل الفلسطيني المشترك، المتصل بوحدة الهوية وبوصلة الصراع التي طالما كانت تشير الى قضية القدس واللاجئين التي اسقطتها المنظمة في أوسلو من كل الحسابات.
طالما اثبت اللاجئون الفلسطينيون في مخيماتهم وتجمعاتهم المختلفة قدرة فائقة على تنظيم الذات والنشاط السياسي، رغم قلة الامكانات، واصفاد الحصار، وتردي الأوضاع المعيشية، لأنهم ارتبطوا بالأساس بهدف سامي تعلقت به انظار وآمال جميع الفلسطينيين، وهو تحقيق التحرير والعودة.
لكن يبدو ان الأصابع الخفية التي تدعم هذا او ذاك افرادا وجماعات، نجحت في العبث في طبيعة الأجندة السياسية للثورة والثوار، فتطور شكل العمل السياسي الفلسطيني في مسار انحرف عن الهدف الاساسي، واستطاع من يسمون بنخب المصالح في فرض ذاتهم وخلق مزيد من التهميش والتعتيم على كل تلك الأصوات والمبادرات والمحاولات القادمة من مخيماتً اللاجئين التي تحاول جاهدة استعادة خطاب الثورة الاصيل.
هذه المقاربات الجديدة لنخب المصالح ليست نتيجة ولادة قيصرية، بل مر الخطاب الثوري الأصيل بكثير من محاولات الإجهاض والنحت والتنحيف والتقييف وإعادة التشكيل، ضمن مسيرة الضرب والحصار والافقار التي رافقت مسيرة الثورة بدءا من ولادة منظمة التحرير في 28 مايو1964 حنى يومنا هذا.
ان احداث تحول في نمط العمل السياسي الفلسطيني تطلب من العدو واعوانه واذرعه من مختلف الألوان والمستويات سنوات طويلة، الى ان هيمت التيارات التي صارت تميل أكثر لإعطاء وزن لتلك الأصوات التي تجد اذان صاغية في الدول الغربية، أو لصورة مناضل مودرن يناغش الرأي العام الدولي.
ان كل تراجع في قدرة الكوادر الفلسطينية من مجتمعات اللاجئين المتعلمة والمؤهلة والقادرة على مجاراة هذا النمط من العمل السياسي والنشاط العام، يعني مزيد من الخفوت لأصوات المخيمات واللاجئين، ويعني تراجع لمكانتهم التي طالما ارتبطت غالبا بمساهمتهم في الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية ضد الاحتلال.
الأمر الذي يفرض على الكل الوطني، استدراك الامر لناحية على العمل اعلاء أصوات اللاجئين والمخيمات الفلسطينية بخطابهم الثوري الذي يعلي من شان الهدف العام الذي يجمع عليه الكل الفلسطيني، على الخطاب الفئوي المصلحي الضيق الذي لا يخدم الا دعاة الانقسام ورعاته، فمطلوب سياسيا واعلاميا من كل القوى الوطنية افساح المجال واسعا للخطاب الذي يعيد لقضية اللاجئين مركزيتها، ويعيد توحيد الشعب الفلسطيني على الهدف الذي طالما تعلقت به امالهم وهو تحقيق التحرير والعودة، لأن هذا هو السبيل الوحيد لتحجيم أصوات نخب المصالح التي ارتبطت بالسلطة أو ببعض القادة السياسيين في المرحلة الحالية.