عزات جمال يكتب: "قررت القسام" امتلكت الرصيد، فَحُقَ لها القرار

profile
عزات جمال كاتب فلسطيني
  • clock 22 فبراير 2025, 1:16:26 م
  • eye 62
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
القسام

كضوء الشمس وحد السيف وعبق الأرض الخضراء المزهرة بالحنون المخضب بالدماء الزكية، يخرج المقاتلون من بين جنبات المدينة، يصطفون على طول الأفق بعدما ترجلوا من جيبات العبور ذاتها، يقفون كالأوتاد معتدين ببنادق "التافور" التي أخذوها عنوة من نخبة "اسرائيل" عندما هزموها في قلب الحصون، يشدون عليها بعضلاتهم المفتولة وكأنهم يمعنون في اذلالها!

 

بينما هناك من ينساق مع مشاريع "مرجوة" وينشغل في تحليل سيناريوهات "معلبة" حول شكل اليوم التالي في غزة، عناوينه والتفاصيل، السلم والحرب، الإعمار أم الهجرة، بسلاح أم بدونه، كثيرةٌ هي التساؤلات التي يطرحونها ويُتبعونها بمن وأين وكيف ولماذا؟!لوهلة؛ تحسبهم يجهلون غزة، أو لربما تناسوا تاريخها الموغل في البطولة، والذي به أخذ الغزيون شهرتهم.

 

ففي وسط "اللا يقين" تبرز حقيقة واضحة جلية، كالشمس في رابعة النهار عندما تُذيب الضباب وتبسط أشعتها في الكون الفسيح، وهي أن هذه المقاومة الفلسطينية والتي فاجأت العالم بالطوفان لحظة العبور الكبير في السابع من أكتوبر، ما زالت قوية وقادرة على العمل بفعالية وكفاءة لا تقل عن السابق رغم خوضها لقتالٍ شرس "غير متكافئ" لمدة خمسة عشرَ شهراً متواصلة، استخدمت فيها "اسرائيل" مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، كل الأسلحة والمعدات والتكتيكات التي عرفها العالم، أو المستحدثة وقد وثقت المحاكم الدولية عدد من جرائم الحرب المنصوص عليها على سبيل المثال لا الحصر "الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير والتجويع وتدمير المستشفيات" وقد تربع جيش الاحتلال على رأس قائمة العار للأمم المتحدة المخصصة لقتلة الأطفال بقتله لما يزيد عن 17,000 طفل، وقد شاهد العالم استخدام القنابل والذخيرة المحرمة دولياً التي اشتملت على الفسفور الأبيض ومواد أخرى غير مكتشفة، أدت لتوثيق حالات جرى فيها تبخر الأجساد!

 

كل ما سبق استخدمته "اسرائيل" وجيشها الفاشي بهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه والقضاء على مقاومته المشروعة؛ وعلى عكس ما أرادت يظهر اليوم وفي كل يوم المزيد من الدلائل بأن ما فعلته من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، لم تفلح إلا في إبادة الآمنين من الأطفال والنساء ومسح العائلات من السجل المدني!

 

بينما يظهر للدنيا في مراسم تسليم الأسرى الصهاينة في أكثر من مكان في غزة، بأن المقاومة عزيزة وشعبها شامخ، تفرض إرادتها في القطاع وسط الناس التي احتضنتها، كما فرضتها على طاولة المفاوضات بعدما فشلت محاولات "اسرائيل" الحثيثة لعزلها عن شعبها، وكأنها تقول بأن ما لم يُنتزع بالقتال لن يؤخذ بالاحتيال؛ عوضاً عن التمني والاستغفال!

 

وقد ضج اعلام الصهاينة بدعوات الويل والتبور على قادتهم وجيشهم المهزوم، وقد أوجز أحد مؤرخيهم ذلك وهو "أوري جوزييف" بقوله : "لدينا جيش سيئ، ومسعور، فقد ثقته."

 

بالفعل فيبدو أن من خطط للطوفان أراد أن يضرب الثقة بالمشروع الصهيوني في مقتل، فقد كان سهمه مصوباً نحو الجيش بصفته العمود الفقري للمشروع الصهيوني، ويده التي غرست الخنجر "اسرائيل" في قلب الشرق العربي الإسلامي، بل لم يكتف مخططوا الطوفان بذلك وحسب، فقد نجحوا في تنفيذ أدق الخطط الأمنية وأكثرها نجاحاً حتى يومنا هذا، للاحتفاظ بهذا العدد الكبير من الأسرى والرهائن الصهاينة أحياء!


والتعامل معهم بانسانية وفروسية وفق تعاليم الإسلام وسط حرب الإبادة المجنونة!

 

وقد فشلت كل أجهزة الاستخبارات والمخابرات "الاسرائلية" والأمريكية وأجهزة استخبارات دول الناتو مجتمعة، في الوصول إليهم أو لمعرفة معلومات عنهم!

 

اذاً وكأن غزة ابتلعتهم جميعاً في أعماق أوديتها السحيقة وصحاريها الشاسعة، أو في كهوف جبالها الشاهقة؛ أو كأن وحدة الظل ثقب أسود عملاق لا يمكن مجارات اتساعه وعمقه، أخذتهم وسافرت بهم عبر الزمن!

 

أما الزمان والمكان لعودتهم فقد أعلنه الملثم باكراً بكلماتٍ واضحاتٍ في ساعات الطوفان الأولى وقبيل إدراك الاحتلال لما حدث حتى، وقد جعله مرهونُ بانتزاع شعبنا لحقوقه التي سلبها الاحتلال واستجابته لشروط المقاومة، عندها فقط ستقرر الكتائب الإفراج عنهم؛ فوحدها من تقرر متى وأين سيتم الإفراج عنهم، واليوم عندما تعنون "الكتائب" بيانها المقتضب ب "قررت القسام" فقد انتزعته وفرضته باقتدار!


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)