- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
عبير أبو ضاحي يكتب: إضراب المعلمين في فلسطين.. أزمة مستمرة لم تجد حلاً
عبير أبو ضاحي يكتب: إضراب المعلمين في فلسطين.. أزمة مستمرة لم تجد حلاً
- 25 أغسطس 2023, 1:35:16 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
من النادر جداً أن تمر سنة دراسية في المدارس الفلسطينية دون أن يعرقلها إضراب يربك الحياة التعليمية التي تعاني أصلاً من معضلات خلَّفتها الأوضاع الاقتصادية المتردية، ناهيك عن جائحة كورونا وسياسات التعليم التي واكبتها، وحتى لا ننسى الاحتلال وآثاره المدمرة على التعليم ومحاولاته المستميتة لضرب هذا القطاع في الصميم، وحتى نكون متفقين، فإن المحرك الأساسي لمجمل الإضرابات هو تحسين مستوى المعيشة للمعلم الفلسطيني وتأسيس نقابة تمثل المعلمين. ويتكرر هذا السيناريو كل عام تقريباً منذ أواخر التسعينيات وحتى الآن.
وبما أن هذه السنة لا تختلف على سابقاتها فقد شهدت هذه الأخيرة إضرابات شلت قطاع التعليم؛ لكنه انتهى اليوم، بتجميد الإضراب الجزئي وكافة الفعاليات الاحتجاجية في مدارس الضفة الغربية المحتلة، والتي كان بدأها مع بداية العام الدراسي الجديد 2023/2024، والذي انطلق رسمياً الأحد الماضي.
قرار تجميد الإضراب جاء إثر وصول برقية من مصدر رفيع وموثوق لم يسمه بيان حراك المعلمين، مفادها أن راتب شهر أغسطس/آب الجاري سيتم صرفه كاملاً، مع بذل جهود لصرف جزء من المستحقات السابقة، وهي المستحقات التي يراها المعلمون غير كافية لتلبية حاجياتهم المعيشية بما يكفل لهم مستوى يليق بهم، فلسنوات كافح المعلمون في جميع أنحاء الضفة الغربية من أجل رفع رواتبهم التي تبلغ نحو 830 دولاراً شهرياً؛ حيث يرى المعلمون الفلسطينيون أن سلَّم رواتبهم متدن، مقارنةً بفئات أُخرى من الموظفين، كما أن العلاوات التي تطرأ على راتب المعلم ضئيلة جداً ومتباعدة زمنياً، ففي كل سنة، يزداد راتب المعلم بنسبة 2.5%، وهي العلاوة السنوية المعروفة، وهذه النسبة، في أحسن الحالات، لا تتجاوز الـ75 شيكلاً (أقل من 25 دولاراً). وفي كل خمس سنوات على الأقل، يرتقي المعلم درجة في السلّم الوظيفي تزيد راتبه ما بين 100 و200 شيكل (27 – 55 دولاراً).
توقف الإضراب لا يعني نهاية الأزمة التي لطالما عصفت بالقطاع التعليمي الفلسطيني، بل ينبغي الوصول إلى حلول جذرية ترضى الطرفين وفق معطيات الواقع المعيش، ووضع اتفاق نهائي وخطة عملية لرفع مكانة ومستوى حياة المعلم، خاصة أنه يعكس شريحة اجتماعية كبيرة، وبغض النظر عن الموقف السياسي والاشتراطات المطلوبة فإن حرمان مليون ونصف المليون طالب فلسطيني من حقهم في التعليم الإلزامي يشكل كارثة بحد ذاتها، من جهة أخرى لا بد من إدراك المعلمين الفلسطينيين لخصوصية الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية، وفي معركة التعليم بحد ذاتها، وعليه فإنهم مطالبون أن يعوا حجم هذه المسؤولية وإدراك واجبهم في هذه المعركة من جهة ومن جهة أخرى عليهم أن يتقبلوا أن واقع الأزمة التي ترافق قطاع التعليم في فلسطين ناتجة في الأساس من رحم الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، إذ تكتفي الحكومة الفلسطينية بدفع نحو 80% من الراتب، للموظَّف العمومي الذي يعاني تبعات هذا الراتب المجزوء، منذ ما يقارب عاماً ونصف العام، حيث بلغ حجم الموازنة العامة الفلسطينية للعام الماضي، 5.851 مليار دولار، بإيرادات بلغت 4.771، وبعجز مالي وصل إلى 558 مليون دولار.
وبعدما وصل الدعم الخارجي منذ عام 2008 إلى ملياري دولار أمريكي في السنة، أصبح اعتباراً من عام 2020 لا يتجاوز 200 مليون دولار، وتنتهج إسرائيل منذ سنوات سياسة الاقتطاع من الأموال الفلسطينية كبدل عن الكهرباء والمياه التي تزود بها الفلسطينيين، وعن الرواتب التي تدفعها السلطة في رام الله لذوي الأسرى والقتلى الفلسطينيين.
قد تكون أزمة المعلمين جزءاً من عدة مشاكل تعاني منها فلسطين وهي تحت رحمة الاحتلال وهي حقيقة لا يمكن الهرب منها، لكن تجاوزها أمر ضروري، حتى لا تستيقظ فلسطين في يوم ما على واقع تجد فيه مدارسها دون طلاب ومعلميها دون مدارس وتخسر معركة التعليم التي تشكل العصب الأساس في النضال الذي تحاول من خلاله الصمود في وجه الاحتلال، واستعادة أراضيها المنهوبة.