- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
عبدالعزيزعاشوريكتب : معالي السفير معاك يا أفندم
عبدالعزيزعاشوريكتب : معالي السفير معاك يا أفندم
- 20 يونيو 2021, 11:36:19 م
- 1626
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
آلو ..
أيوه يا أفندم
صوت نسائى رقيق يتحدث على الطرف الآخر ..
ممكن أكلم الأستاذ عبدالعزيز ؟
أنا يا أفندم ، مين حضرنك ؟
أنا فلانة سكرتيرة سعادة السفير قنصل مصر العام فى جدة وباتكلم من القنصلية المصرية ..
أهلا وسهلا يا افندم
سعادة السفير عايز يقابل حضرتك !!
أهلا وسهلا ، سعادة السفير يحدد الوقت المناسب وهيلاقينى عنده فى الموعد ..
لا يا افندم ، سعادة السفير هو اللى عايز يقابل حضرتك عندك مش فى القنصلية ..
ده شرف كبير برده يتفضل يحدد الموعد واكون بانتظاره بالمكتب واتفضلى عنوان المكتب ..
لا يا أفندم ، سعادة السفير عايز يقابل حضرنك فى مكان الشغل فى حلقة الخضار عشان يتعرف على مشاكل المصدرين وقطاع التصدير على الطبيعة ..
حاضر ..
الكلام ده كان تقريبا فى اواخر عام ١٩٩٢ فى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية ..
وكنت قبلها بثلاثة أعوام قد استقلت من عملى المصرفى فى السعودية ومصر فى آن واحد واتجهت للعمل بالتصدير وقمت بتأسيس شركة صغيرة لاقت كثيرا من النجاح رغم تعثرها فى الشهور الأولى ..
وبحكم ان حسابات القنصلية المصرية موجودة بفرع الفيحاء الرئيسى بمدينة جدة الذى أعمل به فقد كان كل العاملين بالقنصلية يعرفوننا بالإسم فنحن نراهم مرة كل شهر على الأقل وبحكم كونى مسئولا عن الحوالات فقد كانت كل تحويلاتهم للقاهرة تتم عن طريقى ..
وهم بالقطع سمعوا الكثير عن قصة استقالتى من البنك فقد كانت كما يقال حديث المدينة حينها لندرتها فى ذلك الوقت ..
المهم أنه فى الموعد جاءنى الرجل ..
وجه مصرى بشوش يذكرك بطيبة الجيل الذى ينتمى اليه فقد كان فى خمسينات العمر ..
اثنان من الكراسى الخفيفة تحت احدى مظلات حلقة الخضار المركزية وبراد شاى من الكافتيريا وجلسنا يتعرف كلانا على الآخر ..
السفير أحمد بيومى الغمراوى قنصل عام مصر بجدة ..
القنصل العام تقريبا يجلس على الأرض فى الهواء الطلق مع حرارة ورطوبة مدينة جدة ..
بعد السلام والتحية والتعارف المتبادل بدأ الرجل حديثه ..
أخبرنى أنه القنصل الجديد وأنه أراد ان يتعرف بنفسه على مشاكل التصدير والمصدرين على الواقع بدلا من الاكتفاء بقراءة التقارير ..
وأنه حين طلب ذلك من مساعديه أشاروا عليه أن يلقانى ..
وأنه سعيد بهذا اللقاء وينتظر أن أقص عليه كل شيئ بالتفصيل ..
حكيت للرجل عن المعوقات الحكومية والبيروقراطية والعقبات التى تقف امام نمو قطاع التصدير ..
حكيت له واقعتين احداهما مصرية والأخرى تركية والواقعتان كانتا متزامنتان ..
كلا من الواقعتين يعبر عن طريقة الادارة فى حل المشاكل ..
مع أزمة حرب العراق فى الكويت تأزمت العلاقات السعودية مع بعض البلدان العربية وفى مقدمتها الأردن ..
حركة التصدير البرية لكل من تركيا وسوريا ولبنان ومصر الى السعودية تمر عبر الاراضى الاردنية ..
ومصر بالذات لم تكن بضاعتها تذهب الى خارج مصر الا محملة على برادات أردنية او سورية ..
بسبب الخلافات السعودية الاردنية تم منع البضاعة التركية والمصرية من الدخول عبر الميناء البرى حالة عمار على الحدود الأردنية السعودية ..
مع صديق تركى صاحب شركة تصدير تركية نجلس سويا فى حلقة الخضار جاءه خبر احتجاز ستة برادات له ضمن ٨٠ براد تركى محملة بالطماطم ..
وفى نفس التوقيت جاءنى خبر مماثل بحجز ٣٢ براد طماطم مصرية من بينها براد يحمل شحنة طماطم لى ..
وبعدين ؟
قام الصديق التركى الى مكتبه كما فعلت انا فى محاولة لحل المشكلة ..
اتصلت بشقيقى فى مصر وطلبت منه ارسال برقيات عاجلة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الإقتصاد لشرح المشكلة وطلب التدخل السريع فالطماطم بطبيعتها لا تحتمل الانتظار ..
وفعل شقيقى ما طلبته منه ..
بعد شهر او اكثر من ارسال البرقيات جاءتنا رسالة من مكتب وزير الاقتصاد عبارة عن صورة خطاب موجه من الوزارة الى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات تطلب فيها مخاطبة القنصلية المصرية بمدينة جدة بيقول ايه ؟
بناء على البرقية الواردة الينا من شركة مصر للاستيراد والتصدير بخصوص براد طماطم معطل على الحدود السعودية وبالإشارة للإحالة الواردة الينا من رئاسة الجمهورية بخصوص ذات الموضوع نرجو للكتابة الى مكتبنا التجارى بجدة للاستفسار عن ملابسات موضوع الشكوى ومقترحاتهم لحل المشكلة ( وكأن الطماطم لسه مستنية )..
سعادة السفير يستمع مشدوها لما أسرده على سمعه ..
تعال بقى معاليك نشوف حصل فى الجانب التركى ..
صاحبى راح مكتبه واتصل بالقنصل وقال له الخبر ..
القنصل فورا اتصل بالسفير فى الرياض ..
السفير فورا اتصل بوزير الخارجية التركى ..
وزير الخارجية التركى اتصل برئيس الدولة تورجوت أوزال اللى فورا اتصل بالملك فهد وبعد التحيات والسلامات والتبويسات وطال عمرك أمر الملك فهد بالسماح للبرادات التركية بالدخول ..
سعادة السفير لسه مذهول ..
وعندما أفاق مما سمعه طلب منى إعداد مذكرة بالموضوع وبكل المشاكل والعقبات ..
سعادتك هتعمل ايه بالمذكرة ؟
هارفعها لفوق ..
معذرة معالى السفير ..
اخر درجة رفع هتكون فين ؟
الوزارة طبعا ..
يا معالى السفير احنا رفعناها ببرقيات عاجلة مش بمذكرات ليس للوزير المختص وحسب بل الى رئيس الدولة ..
بس اكتبها ..
حاضر يا افندم ..
ثم استطردت مستكملا كلامى :
تعرف معالى السفير ليه المسئولين الأتراك اتصرفوا بهذه السرعة والمسئولية ؟؟
عشان فيه مئات الآلاف من العمال بيشتغلوا فى القطاع ده ولهم أصوات انتخابية لا بد من احترامها ..
نظر الرجل وهز رأسه دون أن يتلفظ بكلمة ..
رأيت قبل هذا الرجل اكثر من قنصل لكننى لم أر مثله حماسا وإخلاصا لوظيفته بشكل حفر اسمه الثلاثى بوجدانى طوال ما يقارب العقود الثلاثة ..
وحين طالعت همته وسعة أفقه وسعيه الدءوب للإضطلاع بمهام دوره حدثتنى نفسى أن مثل هذه الكفاءات لن يسمح لها يوما بدور أكبر ..