- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
حسن حسين يكتب : في مواجهة ألة القمع والإستبداد .. مالعمل ؟
حسن حسين يكتب : في مواجهة ألة القمع والإستبداد .. مالعمل ؟
- 21 يونيو 2021, 12:16:12 ص
- 1426
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
علينا أولا أن نؤكد أن كل محاولات التعامل السياسي تحطمت على صخور القمع والقهر والغطرسة للسلطة الفاشية، التي استحوذت على كل ادوات العمل السياسي والإعلامي، وقامت بتحييد النقابات العمالية والمهنية، وقننت إنتهاك ومنع الحريات العامة، وسجنت قادة الرأى والفكر بلا أى مسوغ قانوني، وأغلقت كل الطرق أمام المحاولات والمبادرات السلمية لإحداث تغيير في سياسات وتوجهات النظام الحاكم.
نشأت السياسة لإدارة شئون المجتمعات، بغض النظر عن الأطوار التاريخية التي تمر بها، بالطبع تغيرت المنطلقات والأهداف والأساليب والأدوات، لكنها كلها كانت ومازالت حتى الآن تعبر عن صراع بين القوى المستغلة بكسر الغين والقوى المستغلة بفتح الغين، بين القوى الاستعمارية وبين الشعوب المضطهدة، بين الرأسمالية بكل أشكالها وبين الجماهير المنهوبة، بين قوى القمع الفاشية وبين الجماهير المقهورة. في كل المراحل التاريخية حاولت السياسة خدمة الأقوياء والأغنياء وقامت بخداع الفقراء، إستخدمتها القلة ضد الأغلبية لتأميم الصراع الطبقي والقومي، والحيلولة دون انفجاره، ومن هنا إبتكرت الليبرالية فكرة الحزب الذي يمثل الطبقات الاجتماعية للتعبير عن مطالبها وخوض صراع محدود ومحدد داخل أطر وشروط تفرغ الصراع من مضمونه، وتضمن حصاره وضربه في لحظة ما.
المشكلة أن مراحل التطور الاقتصادي غير المتماثلة أدت إلى إستخدام دول العالم النامية نفس النسخة الديمقراطية التي تستخدمها دول العالم الصناعي/الاستعماري/الإمبريالي، دون أى تعديل أو تنقيح يتناسب مع خصوصيتها الثقافية والحضارية.
وكانت النتيجة المنطقية أن الديمقراطية الليبرالية بتعددها الحزبي في المجتمعات الأوربية ذات التطور التاريخي للطبقات الاجتماعية، لم تنجح في أغلب المجتمعات الأخرى، بل ظهرت كمسخ مشوه قام بتخريب الوحدة الوطنية للأمم وهى بصدد تحررها الوطني والاقتصادي. ولم يستفد من تلك الظاهرة إلا الدول الاستعمارية التي عملت على إخضاع وإضعاف تلك الدول وتبعيتها لها، مستخدمة في أغلب الأحيان الأحزاب الرجعية العميلة.
وبالتالي أصبحت الديمقراطية الليبرالية الشكلية الرجعية التابعة للاستعمار بتعدديتها الحزبية وانتخاباتها النيابية هى المشكلة لا الحل، ولذلك تتمسك بها أنظمة الحكم المستبدة.
وذلك ماحدث في مصر في المرحلتين الليبراليتين(١٩٢٣/١٩٥٢) و (٢٠٢١/١٩٧٨).
لكن المتغير اللافت أن النظام الحاكم في مصر ضاق ذرعا بالحياة السياسية الحزبية برغم ضعفها وهوانها، وقرر إحتكار السياسة والاقتصاد ودمجهما معا بقيادة المؤسسة العسكرية، وهذا يعيدنا إلى سؤال ما العمل؟ بعد أن تأكدنا من استحالة التغيير عبر العمل السياسي، وخاصة من خلال الأحزاب الرسمية المعارضة.
هناك أسلوبان للتغيير، أحدهما يحتاج للقيام بعمل، وهو إما عمل سياسي أو عمل ثوري، والأسلوب الآخر يعتمد على الامتناع عن عمل، وهو ما يطلق عليه العصيان المدني.
يمكن فهم رفض الجماهير بنخبتها الامتناع عن الأسلوب الأول لما فيه من مواجهة مع النظام الحاكم قد تتسبب في ضرر شديد بدءا من الاعتقال وحتى القتل بدم بارد.
لكن. ما لا يمكن فهمه ولا تبريره ولا قبوله رفض الأسلوب الثاني، لأن أضراره تصيب مرافق ومؤسسات الدولة وتشلها مما يعجل بسقوط النظام، دون أى معارك لا سياسية ولا مواجهات دموية في الشوارع والميادين.
لو هناك أسلوبا آخر للتغيير على الجماهير الرافضة للإسلوبين أن تتكرم وتقدمه إذا كانت تحتاج بالفعل للتغيير السياسي والاقتصادي، أما إذا كانت لا تريد فلتصمت ولتهنأ بذلها.