- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
طه الشريف يكتب: قراءة في رسائل الإتفاق الأمريكي الإيراني بوساطة قطرية ودول أخرى
طه الشريف يكتب: قراءة في رسائل الإتفاق الأمريكي الإيراني بوساطة قطرية ودول أخرى
- 20 أغسطس 2023, 1:56:51 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعث الإتفاق الأمريكي الإيراني الأخير، الذي أُبرم بوساطة قطر مع سلطنة عُمان ودولة سويسرا، بعدة رسائل، فكان لزاما علينا أن نمعن النظر في خلفية ما جرى بين الدولتين لنقدِّم للقارئ الكريم قراءة متأنية فيما حدث، وكيف استطاعت الدولة الإيرانية المُحاصَرة أن تنتزع هذه المكاسب من أمريكا إمبراطور العالم وحاكمه..
فقد تواردت الأنباء عن تحشيدات وتعبئات مضادة بين أمريكا وإيران، لتفاجئنا الخارجية الإيرانية معلنة عن اتفاق متبادل بين طهران وواشنطن ينص على تبادل سجناء من الجانبين، ورفع التجميد عن ستة مليارات دولار محجوزة لدى كوريا الجنوبية لاستخدامها لأغراض إنسانية فقط كالغذاء والدواء..
ولابد أن نشير إلى تواصل نجاحات الدبلوماسية للخارجية القطرية، تلك الدولة صغيرة المساحة قليلة السكان -كما يحلو لبعض المصابين بالنرجسية أن يصفوها!- لكنها أمست وأصبحت كبيرة الشأن في المهام الاستراتيجية واللوجستية التي تتولاها، وآخرها مهمة الوساطة شديدة التعقيد بين أمريكا وإيران.
ولا يخفى على اي متابع ما استقرت عليه ثوابت السياسة الخارجية للإدارات الأمريكية خاصة من الجمهوريين، لأمريكا ولدولة الاحتلال الاسرائيلي بالتبعية؛ من التضييق على إيران والتصدي لأي محاولات للتمدد في منطقة الشرق الأوسط.
وقبل أن يختلف البعض معنا ويذكِّرُنا بما بين الدولتين من علاقات استراتيجية حميمية كان من نتائجها اقتطاع العراق من محيطه العربي والسني، وقبله كانت لبنان وسوريا وانتهاء باليمن.. أتفق مع من يقول بذلك ولا يصح عقلا ومنطقاً أن يتشكك فيه شاك، لكنني ومع اتفاقي على ذلك الطرح أقول إن الدولة الخُمينية الإمامية (دولة الملالي) استطاعت وببراعةٍ، مع فشل منقطع النظير وخيبة أمل في ممثلي دولنا العربية السنية، تدشين شراكة في غفلة منّا وفي تواطؤ فجّ من القائمين على دولنا العربية والإسلامية "السنية"!
ودعوني أسرد على حضراتكم -تفادياً للكربلائية المنتظرة!- كلمات العالم الكبير وشيخ منظٍري العلوم السياسية أ. د. حامد ربيع رحمه الله، وهو يقول: "الفراغ يُملأ بك أو بغيرك!".
نعم فالساحة ليست محجوزة للمترفين المصابين بالسمنة! والراقدين على آبار البترول يحلبون منها دون تعب أو مشقة ليتنعموا حتى ذقونهم بترف العيش!.. الساحة ليست محجوزة لهؤلاء فضلا عن المتآمرين منهم على قضية الأمة التي تؤمن بالله ورسوله، وتدين بالحب والتوقير لكل أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام دون تفرقة (أبوبكر وعمر وعثمان وعلي)!
إيران تُحسن اللعب بما يتوفر لديها من أوراق اللعب ولا عزاء للخاملين!
أهم ما يميز السياسة الخارجية الإيرانية هي بحثها الدؤوب عن أوراق ضغطٍ لتحقيق مصالحها، فقامت من أجل ذلك باحتجاز ناقلة نفط كورية جنوبية بالقرب مضيق هرمز عام 2021، واعتقلت 20 فرداً من طاقم الناقلة في محاولة منها لممارسة الضغوط من أجل إفراج سيؤول عن الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الكورية والتي تقدر بـ7 مليارات دولار.
مصالحها
والمتابع للسياسة الخارجية لطهران يعرف تماماً أنها لا ترفع راية الإذعان المشين، بل تجدها كصائدٍ ماكر يكمن لفريسته حتى يجد لنفسه نفاذا لسهمه فيرميه بقوة من غير تردد؛ ربما يتأخر الرد، فهذا يخضع لكثير من الحسابات أهمها هو حرص الدبلوماسية الإيرانية على تحقيق عنصر المباغتة..
وفرقٌ كبير بين التأني الذي يسبق الضربة الموجعة وبين التراخي الذي يشي إلى الاستسلام بما تمليه عليك القوى الخارجية، ثم يجري التسويق للضعف والخذلان -حتى في القضايا المصيرية التي تمس الأمن القومي للبلاد- على أنها الحكمة العظيمة للقيادة الرشيدة!
تواصل نجاحات الدبلوماسية القطرية وأبرز المحطات التي قادت فيها الوساطة:
نجحت الوساطة القطرية في وضع نهايات سعيدة لكثير من الأزمات والمشاكل، ولم تقتصر تلك الوساطات على الشأن العربي، بل امتدت كذلك لأفريقيا وإلى نزاعات وقضايا في قارة آسيا، ومما ساعدها على النجاح وكسب ثقة الأطراف هي جديتها في مبدأ التزام الحياد بعكس الكثيرين:
١_ الإفراج عن الممرضات البلغاريات اللواتي اتُهمن بالتسبب بإصابة 450 طفلا في ليبيا بفيروس إيدز، وتقديم تعويضات كبيرة للجانب الليبي، عام 2007.
2- نجاح الوساطة القطرية بين الحكومة اليمنية والحوثيين عام2008 من أجل تخفيف حدة التصعيد ووقف التوتر بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي.
٣_ - الوثيقة النهائية للسلام في دارفور وذلك عام 2011، وقد استضافت الدوحة مراسم التوقيع بين ممثلي الحكومة السودانية وحركة "التحرير والعدالة".
٤_ المصالحة بين حركتي فتح وحماس ونجاح قطر في استضافة ورعاية الاتفاق بهدف تسريع وتيرة المصالحة الوطنية، وذلك في عام 2012 بالدوحة.
5- الإفراج عن 13 من الراهبات المحتجزات في شمال سوريا، وذلك مقابل إطلاق سراح أكثر من 153 معتقلة سورية في سجون النظام السوري.
6- الإفراج عن 16 من الجنود اللبنانيين لدى "جبهة النصرة" مقابل إفراج الحكومة اللبنانية عن 25 سجينا، طالبت "النصرة" بإطلاق سراحهم، بينهم 17 امرأة.
٧_ رعاية محادثات أمريكا مع طالبان للخروج من أفغانستان عام 2019 ومناقشة انسحاب القوات الأمريكية وقوات التحالف من أفغانستان، فأثمر ذلك توقيع اتفاق الدوحة أواخر شباط/ فبراير 2020.