- ℃ 11 تركيا
- 13 نوفمبر 2024
طه الشريف يكتب: تغيرات جذرية بموازين القوى الدولية.. وحاجة العالم الإسلامي لقاطرة جديدة!
طه الشريف يكتب: تغيرات جذرية بموازين القوى الدولية.. وحاجة العالم الإسلامي لقاطرة جديدة!
- 21 يوليو 2023, 11:54:23 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
العالم الإسلامي الممتد بدوله من جنوب شرق آسيا حيث ماليزيا وإندونيسيا وسلطنة بروناي، مرورا بالدول التي كانت قابعة تحت الحكم السوفييتي مثل تركمانستان وأوزبكستان، وانتهاء بتركيا وألبانيا ودول البلقان الواقعة في جنوب أوروبا كالبوسنة وكوسوفا، وإلى غرب آسيا وشمال ووسط أفريقيا وفي قلبه دولنا العربية، بالإضافة إلى كل من سورينام وجويانا بأمريكا اللاتينية، يشغل بذلك رقعة جغرافية كبيرة جدا قدرت مساحتها بـ32 مليون كم2، أي ما يساوي ربع مساحة اليابسة البالغة 149 مليون كم2.
وإن بين دولنا الإسلامية من العناصر المشتركة كالجغرافيا والتاريخ والحضارة ثم المصالح الاقتصادية والسياسية، ما يجعلها في أمسّ الحاجة إلى وجود هيئة قوية جامعة، معبرة عن مصالح أعضائها من الدول ذات الأغلبية المسلمة؛ هيئة حاضرة للدفاع عن مصالح أعضائها في المحافل الدولية في مواجهة ما سواها من الهيئات والمنظمات والدول، على غرار الهيئات الدولية كالأمم المتحدة والهيئات المنبثقة عنها، وأهمها مجلس الأمن المعني بالصراعات والنزاعات.
ولقد باتت الحاجة ملحّة إلى إنشاء قوة عسكرية على غرار الناتو (حلف شمال الأطلنطي)، مهمتها حماية أمن كل الدول الأعضاء في التجمع المنشود، ولأجل ردع التهديدات كافة، التي باتت محدقة بكل جوانب العالم خاصة عالمنا الإسلامي!
وحتى يُكتب النجاح لتلك الهيئة، لا بد من توحيد الرؤى وإذابة الفوارق المصطنعة وتقريب المسافات وردم الهُوّة، وتجاوز الخلافات العرْقية والإثنية، والتعهد باحترام الخلافات المذهبية -سنة وشيعة-، وأخذ الضمانات على ذلك! حتى لا تصبح تكؤة ورأس حربة لإشعال الحروب، ومشعلو الحروب جاهزون!
وحينما دعت الحاجة إلى تدشين منظمة جامعة لدول العالم الإسلامي، وقُدمت الدعوة من ملك السعودية آنذاك "عبد العزيز آل سعود" في القمة الإسلامية المنعقدة في الرباط بالمغرب في أيلول/ سبتمبر عام 1969، بسبب ما أقدم عليه أحد اليهود المتطرفين ويدعى "دينس روهان" (أسترالي الجنسية)، الذي قام بإشعال النار في المسجد الأقصى من باب الغوانمة في صبيحة يوم 21 آب/أغسطس عام 1969، واستمرت النيران مشتعلة حتى ظهر ذلك اليوم، أنشئت حينها "منظمة المؤتمر الإسلامي"، التي تغيّر اسمها بعد ذلك إلى "منظمة التعاون الإسلامي".
والحقيقة أن حالة من العجز والضعف الشديد قد صاحبت ولادة المنظمة -بأعضائها الرسميين 57 عضوا-، في التعاطي مع قضايا العالم الإسلامي وقضايا الأقليات، والاعتداءات التي تتم على المقدسات الإسلامية، وفي القلب منها الأقصى المبارك.
ولم يكن للمنظمة أن تؤدي دورا في قضايا المسلمين، وقد وُلدت عاجزة لم يتوفر للدول الأعضاء فيها من الإرادات التي تمكن ترجمتها في ميثاق المنظمة، تماما مثل جامعة الدول العربية! فلا تعاون بينها إلا فيما يعرف بقضايا الإرهاب؛ حيث التنسيق الأمني وملاحقة الناشطين من المعارضين! أما التعاون العسكري أو حتى الاقتصادي، كما هو الحال في "الاتحاد الأوروبي" أو "منظمة شنغهاي" أو"البريكس"، فلا وجود له أساسا، وجميع الدول المنضوية تحت لواء المنظمة لها من التوجهات والتحالفات الخاصة، التي ربما تصطدم بالأساس الذي أنشئت لأجله المنظمة! بل وإنك لتجد بعض الدول المؤسسة لمنظمة التعاون الإسلامي، من يقيم العلاقات الاستراتيجية مع بعض الدول التي تُنكّل بالمسلمين لديها مثل الهند والصين، أو التي تعتدي على قدس أمتنا ومسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، كما يحدث مع إسرائيل.
الحاجة إلى قاطرة جديدة لمواجهة التحديات وفقا للتغيرات الكبيرة في موازين القوى
إن التغير الذي حدث في التركيبة الجيوسياسية لبعض الدول الإسلامية حتى تعملقت بعضها عسكريا واقتصاديا وسياسيا، وأعني بالتفوق العسكري هنا امتلاك التكنولوجيا والقدرة على التصنيع العسكري والتصدير لدول العالم، وليس مجرد الشراء والتخزين، كما هو حال كل الدول العربية الضامنة لإنعاش ميزانيات الدول الغربية المُصنّعة للأسلحة، مع احتكارها لتكنولوجيا التصنيع واحتفاظها بشفرات التحكم لأجلها أو لبعض شركائها، كما تفعل أمريكا مع إسرائيل دون غيرها.
أقول؛ إننا ينبغي أن ننظر بعين الاعتبار للتغير الحادث في موازين القوى لبعض الدول ذات الغالبية المسلمة، لنُعيدَ التموضع لها داخل المنظمة المعنية بالدفاع عن مصالح المسلمين بصور المصالح كافة، ولتتقدم الدول التي أحدثت فرقا في ميزان القوى في محيطها الإقليمي والدولي، فلن ينجح لنا أي تجمع مشترك طالما تصدرت الدول ذات التبعية العسكرية أو السياسية للغرب؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
ولا بد من وضع ميثاق عام بين الدول الأعضاء توضح فيه ماهية العلاقات البينية، مع نسف جميع المعوقات المصنوعة على مدار العقود الماضية، التي باعدت المسافات بين شعوب أمتنا، والبدء الفوري بفتح الحدود أمام حركة السفر وإلغاء التأشيرات بين مواطني الدول ذات الأغلبية المسلمة، كما فعل الاتحاد الأوروبي مع دوله الـ28 ساعتها، والعمل على الاستفادة من الموارد البشرية والاقتصادية والتعدينية كافة التي تمتلكها دول العالم الإسلامي على تنوعها الجغرافي والاستراتيجي، والتخطيط للتقدم بنيل بطاقة العضوية الدائمة في مجلس الأمن عن العالم الإسلامي.
فالعالم أكبر من تلك الدول الخمس دائمة العضوية، وإلا فليكن للمنظمة المنشودة رأي آخر بحسب ما تمتلكه من قوة لا تجتمع لغيرها من المنظمات.