صحيفة إسرائيلية: إزاء “سلاح الآخرة” الروسي.. خطاب بايدن يكشف عن ضعف أمريكي

profile
  • clock 3 مارس 2022, 3:32:48 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بقلم: البروفيسور أبراهام بن تسفي
إسرائيل اليوم 
أحد الدروس التي تنشأ عن ميادين المعركة في أوكرانيا هو واجب الامتناع عن التعميمات التاريخية الجارفة، وفي الوقت نفسه الإنصات لروح العصر والمزاج العام السائد. في الأسابيع الأخيرة، تحكم في الخطاب الجماهيري الاستعارة بين تصالح منبطح لبريطانيا وفرنسا أمام التحدي الوحشي الذي اقترحه هتلر على النظام العالمي في الثلاثينيات، وبين مواقف أوروبا حيال التحدي الذي أطلقه فلاديمير بوتين على استقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها. وبخلاف مؤتمر ميونخ سيئ الصيت والسمعة في أيلول 1938، تبلورت في الأسبوع الماضي جبهة أوروبية واسعة متراصة، تعمل دون كلل لتحديد شارة ثمن ترتفع كل يوم، لعدوان موسكو. على هذه الخلفية، ومن صعود أوروبا إلى مركز الساحة، يبرز الضعف المتواصل للمهيمن الأمريكي.

بخلاف الدور السائد الذي أدته الولايات المتحدة بالقسم الأكبر من الأزمات والنزاعات التي نشبت في الخلفية الدولية مذ أصبحت قوة عظمى، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فإنها في هذه الحرب وجدت نفسها تنجر بخطى مترددة ومتدرجة في أعقاب شركائها الأوروبيين، الذين يظهرون بقيادة بوريس جونسون وأولاف شولتس زعامة حازمة وقاطعة، تغطي على الصقر الأمريكي منتوف الريش.

وبالفعل، فإن إدارة بايدن التي صممت التركيز على الجبهة الداخلية، ردت ببطء على الأزمة الأوكرانية المتصاعدة، لأن الأمر أجبرها على التخلي عن معتقدها المسبق بأنه سيكون ممكناً مواصلة عملية فك الارتباط عن بؤر الاحتكاك والحرب، والانطواء داخل المجال الأمريكي. هكذا حصل حين اجتذب البيت الأبيض، بخلاف إرادته، إلى تبني استراتيجية عقاب اقتصادي متصاعد، في ضوء التهديد الروسي المحتدم ليس فقط على مجرد وجود أوكرانيا، بل وأيضاً على التوجه المؤيد للغرب لمعظم دول وسط أوروبا وشرقها، باستثناء دولة بيلاروسيا التي تسير في فلك روسيا)، والتي حاول الكرملين فرض الرعب فيها بتصفية كيان سياسي وسيادي وشرعي.

في نهاية المطاف، سارت واشنطن في الخط مع لندن وبرلين وباريس، ولكن بشكل حذر ومنضبط. قد نجد تعبيراً بارزاً عن مكانة الولايات المتحدة المهتزة، في الخطاب السنوي للرئيس بايدن عن وضع الأمة أمام مجلس الكونغرس، الذي ألقاه فجر أمس.

إلى جانب إعلانه إغلاق المجال الجوي الأمريكي أمام الطيران الروسي (وهنا أيضاً سار بايدن وراء كندا ودول أوروبا)، صرح بأن حاكم روسيا اصطدم بسور منيع، لكنه اعترف بأن مركز هذا التصميم هو الشعب الأوكراني، وضمناً – ليس إدارته هو. وإلى جانب الشجب الذي أطلقه على جرائم موسكو، والتأييد الذي منحه لرزمة العقوبات الاقتصادية ضد روسيا بمبادرة أوروبا، فإن العصا الحقيقية التي حملها معه نزيل المكتب البيضاوي كانت عليلة، فقد عاد ورفض صراحة استخدام خيار القوة الشديدة” (أو حتى خطوات استراتيجية لا تتضمن تدخلاً عسكرياً مباشراً).

باختصار، كان خطاباً هزيلاً، امتنع عن رد محدد مناسب على التصعيد الروسي على الأرض، وهستيريا موسكو المتزايدة، التي لا تتردد في نفض الغبار عن سلاح يوم الدين كوسيلة يائسة لزرع الخوف والفزع في أوساط الائتلاف الذي يقف مقابلها. وبالفعل، فإن الاستخدام المتكرر لسيناريو الآخرة للمواجهة النووية، لا يدفع الرئيس الـ 46 لمحاولة بث صورة قوة عظمى مهيمنة، مستعدة للعودة كي تقود محور الصد.
بقلم: البروفيسور أبراهام بن تسفي
إسرائيل اليوم 3/3/2022

التعليقات (0)