- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
سيناريوهات ما بعد زيارة المبعوث الفرنسي لبيروت.. ما مصير الملف الرئاسي؟
سيناريوهات ما بعد زيارة المبعوث الفرنسي لبيروت.. ما مصير الملف الرئاسي؟
- 24 يونيو 2023, 9:42:14 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بيروت- خطف المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الأنظار في بيروت على مدار 3 أيام، خلال زيارة استطلاعية التقى فيها مرجعيات وقيادات سياسية وجهات دبلوماسية، ومحورها أزمة الملف الرئاسي الذي فشلت جلسة البرلمان اللبناني في 14 يونيو/حزيران في حسمه.
وهذه هي الزيارة الأولى للودريان بعد أن عيّنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 7 يونيو/حزيران الجاري مبعوثا خاصا، وبحث فيها إمكانية بلورة حل "توافقي وفعّال" لأزمة الشغور الرئاسي بعد مغادرة ميشال عون القصر الجمهوري اللبناني في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
والمبعوث لودريان، المعروف بخبرته في قضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها لبنان، يحل زائرا بعد محاولات باريس المستمرة منذ تفجير مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020 لحجز مقعد أمامي لها في المشهد اللبناني، رغم أن مبادراتها السياسية لم تكلل بالنجاح، وآخرها المقايضة التي طرحتها لانتخاب زعيم تيار "المردة" سليمان فرنجية رئيسا مدعوما من الثنائي الشيعي، مقابل تكليف سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام، رئيسا للحكومة كشخصية مدعومة من قوى المعارضة.
كما يأتي لودريان بعدما كرّست جلسة البرلمان اللبناني الأخيرة انقساما بطابع طائفي هو الأول من نوعه منذ توقيع ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر في 2006.
وتجلى الانقسام في دعم ثنائي حزب الله وحركة أمل مع حلفائهما، وصول فرنجية للرئاسة وقد نال 51 صوتا من أصل 128، مقابل دعم القوى المسيحية الكبرى وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب وحلفاؤهم ترشيح الوزير الأسبق جهاد أزعور، والذي نال 59 صوتا.
ومنذ الأربعاء، باشر لودريان جولته على المسؤولين اللبنانيين ورؤساء الكتل البرلماني، غير أن التقديرات تفيد بأن الزيارة الهادفة لإعداد تقرير وحمله لباريس، لن تخلص لنتائج آنية ومباشرة.
وتمحورت لقاءات لودريان حول السؤال عن الحد الأدنى والأقصى لكل طرف بموقفه، وتصورهم لشكل التسوية، وسبل الذهاب لمرشح ثالث، ومدى قابلية الحوار ووفق أي شروط.
لقاء لودريان (يسار) رئيس الحكومة اللبنانية السابق نجيب ميقاتي ضمن جولة للخروج برؤية يقدمها المبعوث الفرنسي للإليزيه (الفرنسية)
أهمية الزيارة
تعد جلسة البرلمان في 14 يونيو/حزيران حدا فاصلا بتكريسها التعادل السلبي بين ترشيح أزعور وفرنجية، وجاء ذلك مشحونا بانقسام ماروني شيعي، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي علي حمادة.
ويتفق معه الكاتب والمحلل حسين أيوب في حديثهما للجزيرة نت، بأن توقيت "14 حزيران" عنوان للانسداد الداخلي وفتح الباب أمام قدرة الخارج وتحديدا فرنسا لكسر الاستعصاء اللبناني.
وأضاف أيوب أسبابا أخرى تضفي أهمية على تدخل فرنسا وزيارة لودريان، وهي:
- فرنسا صاحبة مبادرة "سليمان فرنجية – نواف سلام".
- وهي مفوضة أميركيا لأنها تريد لبنان منصة إقليمية نحو الشرق الأوسط.
- ولفرنسا منظومة مصالح اقتصادية تبدأ بالنفط والغاز وتنتهي بالكهرباء والاتصالات مرورا بالمرفأ وغيره.
وهنا، يقول الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان للجزيرة نت، إن الفرنسيين بنوا جولتهم أيضا على نتائج المباحثات الجانبية بين الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لكن علي حمادة يصف موقف فرنسا بالحرِج من القوى المسيحية التي عبّرت بنبرة قوية عن رفضها لتسوية تدعم مجيء فرنجية. وترافقت هذه النبرة مع دعوات مسيحية لضرورة إعادة النظر بالنظام بالدعوة لطروحات مثل الفدرالية أو اللامركزية الموسّعة.
ويقول حمادة إن "ماكرون يحاول دائما لعب دور براغماتي، وأثبت عدم جدواه". وتساءل: هل ستغير فرنسا مبادرتها بالشكل أم المضمون؟
فرنسا والخماسية
وتحل زيارة لودريان وسط تساؤلات عن مدى تنسيقها مع القوى الإقليمية المؤثرة بالملف الرئاسي، وتحديدا أعضاء اللجنة الخماسية التي تضم أميركا وفرنسا وقطر ومصر والسعودية.
ويجزم المحلل حسين أيوب بأن زيارة لودريان منسقة مع أطراف الخماسية وتحديدا السعودية، ويتوقع أن تكون نتائجها على طاولة الإليزيه، وكذلك على طاولة الحوار السعودي الفرنسي، ثم طاولة الدول الخمس، ولا يستبعد أن تكلف الخماسية أحد أطرافها بالحوار مع الإيرانيين.
ويعتقد شومان أن إيران هي الطرف الغائب الحاضر بالتنسيق، باعتبارها المظلة الإقليمية لحزب الله المتمسّك بترشيح فرنجية.
من ناحية أخرى، يعتقد علي حمادة، أن الرياض لا تُبدي حماسة بالانخراط بالعملية اللبنانية، حيث لم تنجح محاولات باريس للحصول على غطاء سعودي للدور الفرنسي بلبنان، بصورة كاملة. مضيفا أن "قطر شريك عربي أساسي للسعودية، وقد تلعب دورا لاحقا بتعبيد الطريق أمام التسوية بعد تجاوز مرحلة تشبث كل طرف بمرشحه".
اللبنانيون ينتظرون نتائج جولة لودريان في بيروت ومدى قدرته على حل أزمة انتخاب الرئيس التي لم ينجح البرلمان في حسمها (رويترز)
الحوار وجولة لودريان
وبرأي أيوب، لا شيء يشي بأن الفرنسيين يملكون تصورا دقيقا، ولا يطرحون اسما محددا، رغم عدم قولهم صراحة "إننا تخلينا عن خيار فرنجية".
لذا، يرجّح أيوب أن تفضي استطلاعاتها في لبنان إلى عقد طاولة حوار ببيروت، و"الحوار يعني أن انتخاب الرئيس يكون ضمن سلة متكاملة تشمل الحكومة والإصلاحات وربما عناوين سياسية جديدة".
بالتوازي، يجد توفيق شومان أن لودريان سيواجه معطيات محورية أهمها:
- الإجماع المسيحي ضد مرشح الثنائي الشيعي كواقع سياسي جديد، وسيبقى استمرار هذا الإجماع مرهونا بقدرتهم على التوافق على اسم آخر غير أزعور.
- كيفية إيجاد مخرج لتطبيق المواصفات الفرنسية للتسوية بصيغة "لا غالب ولا مغلوب"، بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة توافقية.
ويرى علي حمادة أن لودريان سيتأكد من فشل المقاربة الفرنسية، و"لو نجح الثنائي بفرض فرنجية رئيسا، ستكون ولايته صاخبة بالصراعات والأزمة المسيحية مع النظام وتركيبة الدولة". ويرجّح الدفع لحوار لبناني في الخارج، "لأن أي تسوية لن تنضج بلا رعاية إقليمية".
ويقول شومان "إذا عاد لودريان قريبا لبيروت يعني أن الأجواء إيجابية، وإذا تأخّر، فسيفهَم أن مسار الملف الرئاسي طويل".
القوى الداخلية والحراك الفرنسي
يجد المحلل حمادة أنه ليس من مصلحة أي طرف قطع الطريق على الحراك الفرنسي، ويرى أحد حلين:
- كسر إرادة طرف من الطرفين بفرض مرشحه.
- أو الذهاب لتسوية متوازنة بين الطرفين عبر مرشح ثالث للرئاسة.
لكن المحلل شومان يجد أن الأطراف اللبنانية مستعدة للحوار، ما يضع الكرة بملعب لودريان المسؤول عن كيفية وضع أسس لطاولة حوار مع أكثر قواسم مشتركة ممكنة.
وبالمقابل، يستبعد المحلل حسين أيوب نجاح الحراك الفرنسي بتعديل المواقف الداخلية؛ إذ لا حزب الله مستعد للتوجه للخطة "ب" -برأيه- ولا القوى الداعمة لأزعور ستتخلى عنه، بينما قد "يؤدي عامل الوقت لتشتيت الكتلة الداعمة لأزعور، مقابل استمرار النواة الصلبة الداعمة لفرنجيه".
ولا يرى أيوب في الأفق فرصة لكسر ثنائية فرنجية – أزعور، ولكن "ربما ثمة فرصة لخيار ثالث كمرشح خارج اصطفافات الثنائي الشيعي أو الثلاثي الماروني، إذا انضم إليه الحزب التقدمي الاشتراكي وبعض التغييريين ليكونوا بيضة القبان في المرحلة المقبلة".
المصدر : الجزيرة