- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
سناء سيف فراشة الثورة المسجونة
سناء سيف فراشة الثورة المسجونة
- 15 مارس 2021, 8:22:32 م
- 1661
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
هي واحدة من فراشات وزهرات الثورة المصرية اللائي تشكل وعيهن خلال المواجهة مع القمع السياسي، بدأت سناء اهتماهها بالعمل العام دفاعا عن ضحايا انتهاكات الشرطة خلال مظاهرة تضامنية مع الشاب خالد سعيد الذي قتل بمحافظة الأسكندرية اثناء القبض عليه في عام 2010 وأصبح ايقونة للثورة المصرية في 25 يناير 2011، كانت تلك هي مشاركتها الأولى ولم تتجاوز في حينها عامها السابع عشر، شابة في مقتبل العمر حلمت مع أقرانها بالتغيير وانهاء التعذيب والحياة الكريمة لكل المصريين، ولكنها تحولت لواحدة من ضحايا التعذيب والاعتقال المتكرر بتهم فضفاضة وباليه لايصدقها عقل.
سناء سيف مثلت صورة انسانية واقعية لحالة الثورة المصرية خلال صعودها وانكسارها، فكانت تقضي أيامها الأولى معتصمة في ميدان التحرير حتى تنحي مبارك عن منصبه الذي استمر فيه لثلاثة عقود مستخدما ترسانة القوانيين المقيدة للحريات والعمل السياسي، فجاء الانفجار الكبير على أيدي الشباب الذين واجهوا آلة القمع الوحشية بصدورهم العارية واوراحهم البريئة ودمائهم الزكية، وجاءت سناء لميدان التحرير بصحبة عائلتها الصغيرة "والدها أحمد سيف المحامي الحقوقي الذي تعرض للتعذيب والسجن خمس سنوات لمعارضته حكم الديكتاتور مبارك، ووالدتها الدكتورة ليلي سويف الأستاذة بكلية العلوم قسم الرياضيات جامعة القاهرة المدافعة عن استقلال الجامعة ضمن حركة 9 مارس لإستقلال الجامعات، وأختها منى سيف الناشطة الحقوقية والمدونة والباحثة في علوم الوراثة، ولحق بهم أخوهم علاء الذي كان يعمل مطورا للبرمجيات بجنوب أفريقيا بعد أن عاد إلي مصر في أيام الاعتصام الأولى ليشارك في الثورة والإطاحة بنظام مبارك.
في ظل هذه العائلة المناضلة التي عانت من وفاة الوالد أثناء سجن كلا من سناء وعلاء في قضايا ملفقة لمعارضتهما قانون تجريم التظاهر السلمي الذي صدر في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور في أعقاب الإنقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 الذي استغل حالة الوهج الثوري للشعب المصري في 30 يونيو 2013 ضد حكم الأخوان المسلمين بقيادة الرئيس الراحل محمد مرسي. ذلك القانون الذي تسب في قمع أي رأي معارض، وشل أي تحرك جماهيري، بما أدى لتراجع الحياة السياسية وكان بمثابة شهادة وفاة للفعل السياسي لفترة طويلة، قضت سناء سيف ستة أشهر محبوسة بعد القبض عليها في عام 2014 من أمام قصر الاتحادية الرئاسي.
وعادت مرة آخري للقبضة الغاشمة للسجن بعدما ألقى القبض عليها من أمام مكتب النائب فبيل تقدمها بشكوى للتحقيق في وقائع الاعتداء عليها ووالدتها وأختها أثناء طلبهم الحصول علي خطاب من أخيهم الذي أعيد إعتقاله أيضا أثناء فترة المراقبة بعد خروجه من السجن في أحداث مظاهرة 20 مارس 2019 المفأجاة التي هزت أركان الحكم القمعي الإستبدادي في مصر.
عاشت سناء خلال السنوات العشر الأخيرة وهى تسعى لتحقيق أهداف الثورة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وشاركت في فاعليات الدفاع عن المعتقلين، واصدرت مجلة "الجمهور" التي وصل توزيعها 30 ألف نسخة بمساعدة زملاء لها، وشاركت في صناعة فيلم"الميدان" الذي وثق أحداث أيام الاعتصام وحظى بالعديد من الجوائز العالمية، وعرض على قناة نتفليكس، ولكنه لم يعرض في مصر حيث الرقابة المقيدة للحريات المقيدة ومنهج الإقصاء لأي رأي حر أو مستقل يعارض جمهورية الخوف التي لاتعرف سوى الأوامر والصوت الواحد الذي لايعلو عليه صوت سوى التأييد المطلق للممارسات القمعية واللاإنسانية الحاكمة.
كما شاركت سناء سيف في معارضة استمرار حكم المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بمبارك، ورفضت المحاكمات العسكرية للمدنيين خلال حركتي "لالحكم العسكر" و"عسكر كاذبون" التي فرضت على المجلس العسكري الدعوة للانتخابات الرئاسية في عام 2012.
واستمرت سناء سيف في عملها المستقل المناهض للإجراءات والقرارات القمعية خلال فترة حكم الإخوان وسيطرتهم على مجلسي الشعب والشورى والرئاسة، وفما بعد وصول السيسي للحكم استمرت سناء سيف في نهجها المدافع عن حقوق الإنسان والحرية والحق في الحياة الكريمة، ولكنها في الأونة الأخيرة قبيل اعتقالها اعلنت عن قناعتها بصوبة احداث تغيير حقيقي وجذري في ظل استمرار القمع وتجاهل اهداف الثورة المصرية والهجوم على من شارك فيها وآمن بشعاراتها وضحى في سبيلها بحياته وحرياته، مما دفعها لليأس والإحباط وأعلنت أنها أصبحت تطالب فقط بالحرية لأخيها المحبوس ظلماً وتتعرض حياته للخطر في ظل الاوضاع البائسة للسجون المصرية ومخاطر انتشار فيروس كورونا القاتل، ولكن الأجهزة الأمنية الحاكمة فضلت كتم صوتها الخافت وضمتها لآلاف المعتقلين الأبرياء المدافعين عن أهداف الثورة المصرية المغدورة.