- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
سعيد البدري يكتب: تكريم الشهيد رئيسي ومستقبل أمة إيران الشريفة
سعيد البدري يكتب: تكريم الشهيد رئيسي ومستقبل أمة إيران الشريفة
- 24 مايو 2024, 3:25:01 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا شك أن التحليل المنطقي الأقرب للواقع هو كون الرئيس الإيراني الراحل الشهيد ابراهيم رئيسي (رضوان الله عليه) شخصية ذات مواصفات خاصة تمثل حالة نضج النظام الإسلامي، وقدرته على التفاعل والتأثير بقوة في معادلات الحكم والدبلوماسية.
فالرئيس الشهيد بوصفه (ابن الثورة) ومن رعيلها الأول الذي عاصر كافة مراحلها ومر مع رفاق دربه بالكثير من المنعرجات الحاسمة، يعد الشخصية الأهم التي حظيت فترته الرئاسية بالانجازات الهامة، وكما هو معروف فقد كان قائدا ثوريا، رغم ما يبدو عليه الهدوء والاطمئنان، فالسياسة الناعمة التي انتهجها سببها ذلك الفهم العميق لهذه الثورة والثقة بقدرتها على أن تكون فاعلا دوليا واقليميا كبيرا يشار إليه بالبنان.
ولعل رئيسي الذي تدرج في مواقع المسؤولية ووصل لمنصب الرئيس بجدارة واستحقاق نال كل ذلك التقدير بفعل ما أنجزه من ملفات كانت عالقه لفترات طويلة، يستحق بالفعل أن تدرس سيرته ليكون مثالا ذي أهمية في دراسة تاريخ ايران السياسي المعاصر وما حققته ثورتها الإسلامية من نجاحات، بعد عهد الشخصيات المركزية التي انتجت هذا المشهد الاسلامي الرصين.
وجهات النظر الأخرى تبدو متفقة على ولاء الشهيد رئيسي وتمثيله للنظام الاسلامي بكل وضوح ومثالية، وحتى وجهات النظر التي انطلقت من شخوص ومراكز معادية لإيران وشعبها تجد فيه شخصية موثوقة، وقد عقدت عليها الآمال في وضع حدود مقبولة للتسويات التي كانت ستنقل المنطقة لوضع آخر، وربما لم يخف أولئك المعادين في كونه الرجل القوي الذي كان بمثابة المنفذ، قبل أن يكون ممثلا لمرحلة انتقالية في النظام الإسلامي، بوصف مرحلته بالجسر الذي يربط بين جيل الثورة الأول الذي أسس لها والأجيال اللاحقة الصاعدة التي ترعرعت ونمت في ظلها وتتبنى نهجها ، ورغم تباين التقييمات وعدم اتفاق بعضها في التفصيلات إلا أن الجميع نظر لرئيسي باحترام بالغ، عكسته حالة التفاعل غير المسبوق فور انتشار نبأ فقدان طائرته ومرافقيه وبعد ذلك تأكيد شهادته وما اعقبها من أسى واسف لرحيله.
بالعودة لما يمكن الخوض فيه حول ما أنجزه الرئيس الشهيد ومواقفه، فقد اتسمت هذه المواقف بالمبدئية ووصف معظمها بأنها جريئة فلم يخضع ولا لمرة واحدة للضغوطات الأميركية، ولم يبد اي رد فعل يوحي بأنه يحتفظ بوجهة نظر خاصة براغماتية لاجل تدعيم موقفه على حساب النظام الاسلامي، ما يعني انه كان مؤمنا بعمق بهذا النظام ومتفقا معه في كل جزئيات حركته وبرنامجه، وهو ما يقودنا للحديث عن الدرس البليغ الذي قدمه ليس لمن هم قبله من الرؤوساء الايرانيين بل وللاحقين ايضا، فضلا عن كون سلوكه في هذا الموقع وعلاقته بشعبه درس مجاني لكل مسؤول يدعي حرصه وحبه لشعبه وابناء وطنه ،فما مثله الخروج المليوني الجارف خلال مراسيم تشييعه ورفاقه في مختلف المدن الايرانية عكس علاقته بشعبه حيث المشاعر الجياشة الصادقة ،والحضور العفوي كنوع من التكريم والاعتراف بما قدمه هذا الرجل المعطاء لقومه وابناء جلدته ،وهو درس جدير بالثناء والتبجيل فالشهيد رئيسي في النهاية هو خادم الشعب وهذه الصورة ستبقى ماثلة في ذهنية وضمير الاجيال التي عاشت هذه اللحظات حتى قبيل رحيله والتحاقه بالرفيق الاعلى .
الرسائل الاخرى الاكثر عداوة لامة ايران الشريفة بعد رحيل الرئيس تمني النفس بضعف ايران ، وهذا حلم شرير سينتهي قريبا ولن يكون لعملياتهم النفسية المريضة ان تؤثر في امة من هذا النوع ،حيث يكون الرئيس خادما والشعب معاهدا على السير بثبات نحو هدفه الاهم وهو استمرار ايران الاسلام عزيزة بثقافتها وثورتها ،والاكثر منطقية هو أن يلتف الشعب الايراني وقادته حول مؤسساتهم وحمايتها والاستمرار بتطويرها فالبلدان القائمة على المؤسساتية مثل ايران لن تتوقف ولن تضعف وكما قال قائد الثورة الامام السيد الخامنئي حفظه الله ان لا خوف على ايران وقد اتجهت بوصلة هذا البلد داخليا باتجاه ترسيخ تجربة الحكم الاسلامي الرشيد ودفع عجلة تطوره الى الامام على كافة المستويات، أما على المستوى الخارجي فلا مساس بالثوابت مع التزام بمواصلة ذات النهج وهو ما يرعب اعداء الجمهورية الاسلامية ويعزز من قوة حضورها وتأثيرها ونجاحها في بيان صوابية هذه المتبنيات المنحازة لقضايا الامة ،رغم الثمن الباهض الذي تدفعه وهي تواجه كل تلك التحديات التي لازمت وجودها منذ الاطاحة بالنظام الشاهنشاهي ودحر حلفائه وعملائه في ايران والمنطقة .