- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
زيارات وتوسيع شراكات مع القوى العظمى.. هل تتحول أفريقيا لساحة صراع؟
زيارات وتوسيع شراكات مع القوى العظمى.. هل تتحول أفريقيا لساحة صراع؟
- 13 مارس 2023, 5:15:39 ص
- 730
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشهد أفريقيا في الآونة الأخيرة زيارات وشراكات تتوسع وتنافس يزداد بين الغرب بقيادة أمريكا والصين وروسيا؛ بحثا عن دعم وحفاظاً على النفوذ في ظل تزايد الصراع الدولي ضمن ما يوصف بـ"حرب باردة جديدة» عقب حرب أوكرانيا التي أعادت تشكيل النظام الدولي.
خبراء وسياسيون عرب أكدوا لــ"العين الإخبارية" أن أوجه الصراع على القارة السمراء تتعدد بين زيادة النفوذ العسكري وتعزيز العلاقات الاقتصادية، لافتين إلى أن القارة السمراء أصبحت محل أطماع الدول الغربية والقوى العظمي المختلفة؛ نظرا لمكانتها وثرواتها المعدنية والنفطية المختلفة.
قيمة أفريقيا
المدير التنفيذي للمركز الفرنسي الأفريقي للدراسات الاستراتيجية بتونس، عبد الوهاب الغرّي، قال إن صراع القوى المختلفة على أفريقيا يأتي نظرا لمكانتها الجغرافية وثرواتها الاقتصادية المختلفة سواء مواد أو بشر.
وأضاف الغري، في حديثه ، أن تلك الموارد جعلت تلك الدول تتنافس للسيطرة بالنفوذ والاستثمار والقواعد العسكرية في غالبية دول أفريقيا.
وأوضح أن الأجيال الجديدة من الأفريقيين ترفض إعادة المستعمرات القديمة للقوى الغربية، لافتا إلى أن الاتجاه الآن إلى إقامة علاقات مع روسيا والصين وتركيا وأخيرا الخارجية الأمريكية، لافتا إلى أن القارة السمراء فتحت أبوابها لدخول روسيا بقوة منذ 2010 الماضي التي تعرف جيدا قيمة أفريقيا في الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن روسيا أصبحت أول شريك لبيع السلاح للقارة السمراء لتحل محل القوى الغربية، بالاضافة إلى ارتفاع المعاملات التجارية إلى أكثر من 38 مليار دولار حسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.
وأعتقد أن التنافس بين القوى العظمي في القارة قد يؤدي إلى حرمان الجيوش المحلية الأفريقية في التعامل فيما بينهما عسكريا وخاصة في محاولة التصدي للإرهاب وكذلك التعاون الأقتصادي أيضا، لافتا إلى أن الصراع على القارة السمراء سيؤدي إلى إضعاف بلدانها طالما لا تعتمد على مقدراتها الذاتية والتعاون فيما بينها بدلا من الغرب.
خامس أكبر كتلة تجارية
واتفق معه الباحث المصري بالشؤون الأفريقية، أحمد خلف أبو الفضل، حول تعدد أهداف مساعي الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وروسيا والصين في تعزيز النفوذ بالقارة الأفريقية، فمنذ القدم وتعد القارة ساحة للصراعات الدولية ومطمعاً لبسط النفوذ وذلك عبر احتلالها من قبل الدول الأوروبية قديماً حيث كانت ولا تزال سلة غذاء العالم ومصدراً رئيسا للموارد الطبيعية.
وأضاف أبو الفضل، في حديثه لــ" العين الإخبارية"، أنه لا تزال هناك أهداف أخرى متنوعة ترتبط بالمصالح الحيوية للدول الكبرى فى القارة الأفريقية، فأمريكا وفرنسا لم يخفيا قلقهما من الصعود الروسي الصيني بالقارة فنجد أن استراتيجية بايدن الجديدة تعتمد على تعزيز النفوذ في القارة ومن ثم جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للقارة التي سعى خلالها لإعادة بناء مشاركة تعاون بين أمريكا وجميع أنحاء أفريقيا لمواجهة الخصمين الصين وروسيا.
وأشار إلى أن مخاوف تصاعد النفوذ الروسي والصيني في القارة على حساب الولايات المتحدة وفرنسا لا تتوقف، حيث يشكك القادة الأوروبيون في أهداف الدولتين فى القارة، لافتا إلى أنه خلال اجتماع قادة الناتو حذر الأمين العام للكتلة ينس ستولتنبرغ من أن روسيا والصين تواصلان السعي لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولفت إلى أن استقطاب الدول الأفريقية يعتمد على العديد من العوامل أهمها وضع الدول الاقتصادي وحجم الاستثمارات للدول المنافسة فيها، لذا نجد أن أمريكا بدأت زياراتها للقارة بجنوب أفريقيا نظراً لموقف الدولة من الحرب الروسية-الأوكرانية، والعلاقات الاستراتيجية التي تجمعها مع روسيا، كما أن الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري لجنوب أفريقيا في عام 2021 وعلاقة روسيا بها تعد تهديداً لتلك الشراكة، ثم تلتها زيارة جمهورية الكونغو الديمقراطية فهي أغنى دولة بالموارد المعدنية في أفريقيا وأكبر مورد حالي للكولتان والكوبالت التي تحتاجها الشركات الأمريكية الكبرى، إلا أنها تعاني من اضطرابات فى حدودها الشرقية ولم تتمكن حكومتها وبعثة الأمم المتحدة من الحد منها.
ولفت إلى أن فرنسا فقدت الكثير من شعبيتها فى أفريقيا خلال السنوات الثمانية التي تواجدت قواتها خلالها فى منطقة الساحل والصحراء، هذا فضلاً عن تركيزها على التعاون مع دول أفريقية دون غيرها.
وتابع: "مع إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون لفترة رئاسية جديدة، سعى الرئيس الفرنسى إلى إعادة صياغة سياسات باريس تجاه القارة الأفريقية للتخلص من العداء الشعبي الذي تواجهه بلاده وخاصة فى مستعمراتها السابقة في القارة بما يضمن حماية المصالح الاقتصادية لفرنسا في القارة، حيث تسعى هذه السياسات إلى نقل التركيز العسكري والأمني الفرنسي إلى النيجر والكاميرون وبنين وغينيا في منطقة الساحل والصحراء بدلاً من مالي وتشاد وبوركينا فاسو مع الاستمرار في تقليص عدد القوات مع استغلال الحرب ضد الإرهاب للتمدد بالقارة".
وأشار إلى أن تنافس القوى الخارجية المختلفة وخاصة الولايات المتحدة وروسيا في أفريقيا وصراعاتهما فيها هي محاولة لخلق فرص للاستثمارات وحماية الموارد الطبيعية فى القارة، فمن المتوقع أن تصبح أفريقيا خامس أكبر كتلة تجارية في العالم، وتسعى القوى الدولية لتصبح الشريك المفضلين لدول القارة وتوفير فرص للشركات.
التنظيمات الإرهابية
وأوضح أنه ليست القوى الدولية فقط من تسعى للسيطرة على أفريقيا، فالتنظيمات الإرهابية الكبرى أيضا ترى في القارة مسرحاً لاستعادة النفوذ والسيطرة والتمدد، وحاليًا تحاول التنظيمات الإرهابية المختلفة استغلال الأزمات، ببعض الدول الأفريقية التي تعاني أمراضًا اجتماعية مزمنة: كالفقر، والفساد، والبطالة، والصراعات القبلية، والاغتراب الثقافي، في التوسع وفرض السيطرة على مناطق جديدة بالقارة تنذر بمستقبل محفوف بالمخاطر، في ظل التنافس بين القاعدة وداعش الإرهابيين.
ورأى الباحث في الشؤون الأفريقية أن حالة التراجع وضعف القدرة على الاستجابة للأزمات التي تعاني منها غالبية دول القارة سمحت للقوى الخارجية سواء دول وحكومات أو تنظيمات إرهابية بتعزيز نفوذها لتكون القارة مسرحاً للتنافس والمعارك بين القوى المختلفة.
مكافحة الإرهاب مقابل استغلال الثروات
من جانبها، قالت جميلة أبو شنب، المحللة الجزائرية المقيمة بفرنسا: "أفريقيا محل أطماع القوى العظمى منذ سنوات".
وأشارت أبو شنب، في حديثها لـ"العين الإخبارية"، إلى أن القوى الغربية ازدادت شراهتها نحو القارة السمراء بعدما شهدت تلك القوى أزمات اقتصادية متلاحقة، ومن ثم ترى في ثروات أفريقيا طوق النجاة لها.
ولفتت إلى أن أفريقيا تمتلك 95% من احتياطي الماس و65% من الذهب و90% من البلاتينيوم وهي غير مستغلة بسبب النزاعات ومكافحة الإرهاب، باستثناء دول شمال أفريقيا، مشيرة إلى أن الدول الغربية وحتى الصين تستخدم الدعم العسكري في مجال مكافحة الإرهاب مقابل استغلال تلك الثروات.