- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
د. نبراس المعموري يكتب: منبر ديني.. نساء غير شريفات!!
د. نبراس المعموري يكتب: منبر ديني.. نساء غير شريفات!!
- 14 سبتمبر 2024, 3:20:40 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يرتبط مفهوم الشرف في العديد من المجتمعات الشرقية، بما في ذلك العراق، بالمرأة وسلوكها، وهو مفهوم قديم يعزز فكرة أن أخلاق العائلة وسمعتها تعتمد إلى حد كبير على سلوك النساء. وللأسف هذا المفهوم جعلهن ضحية للاتهامات الباطلة التي تستهدف شرفهن، سواء كانت هذه الاتهامات نتيجة لانتقام شخصي، أو مجرد إشاعات لغرض تشويه السمعة.
ما جعلني أخص مقالي بقضية الشرف واستهداف النساء بأخلاقهن، هو ما قام به احد رجال الدين من تجاوز واضح عبر المنبر الديني، وهو يخطب أمام الملأ بوصف النساء اللاتي رفضن تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ من محاميات وناشطات؛ بأنهن غير شريفات وإساءة على المجتمع!.. المدهش بالموضوع ان من نطق هذه الكلمات السيئة شخص يطلق عليه رجل دين!! فكيف الحال بالرجال الذين يمتهنون مهن اخرى بعيدة عن الدين او الموعضة وإصلاح المجتمعات؟
جذور المشكلة
ان الإساءة للنساء من خلال الطعن بأخلاقهن وشرفهن قضية حساسة ومعقدة تعكس تحديات اجتماعية وثقافية مترسخة في المجتمع، وللأسف تلعب العادات والتقاليد دورًا كبيرًا في تحديد وضع المرأة داخل المجتمع العراقي، مما يجعلها أكثر عرضة لأشكال متعددة من العنف النفسي والاجتماعي، و لا يقتصر الطعن بالنساء من الطبقات الدنيا في المجتمع، بل أمتد إلى النساء المتعلمات والمثقفات اللواتي يظهرن في الحياة العامة والسياسية، وقد تتعرض حياتهن المهنية وحتى الشخصية للخطر بسبب تلك الاتهامات، ولنا في الحملات الممنهجة التي تعرضت لها العديد من النساء خير مثال، وأنا شخصيا واحدة منهن!
الأضرار النفسية والاجتماعية
في مجتمعات محافظة، يمكن أن تؤدي تلك الاتهامات إلى عزل المرأة عن أسرتها أو حتى تعرضها للعنف الجسدي وكذلك الضغط النفسي والاكتئاب ، وقد تذهب الأمور إلى ابعد من ذلك، عندما تتحول تلك الاتهامات إلى مبرر لما يعرف بـ"جرائم الشرف"، حيث تُقتل المرأة بسبب شائعات غير مؤكدة حول أخلاقها، او تزج بالسجن من خلال تهم مؤطرة تحت باب قانوني.
المحتوى الهابط!
شهدنا مؤخرًا تحرك واضح لهيئة الإعلام والإتصالات وهي ترصد الإساءات تحت باب المحتوى الهابط، وللأسف قلما وجدنا اهتمام حقيقي بشأن الإساءات التي تتعرض لها النساء عبر المؤسسات الإعلامية ومواقع التواصل من تهم وتزييف للحقائق وترويج للإشاعات وتشويه للسمعة، وهنا نسأل اين العدالة في الرصد والمحاسبة ولماذا يستثنى وبالذات رجال الدين من معيار التقييم والرصد والعقاب ؟ خاصة ان مواقع التواصل تنشر الإساءات و الإشاعات بشكل أسرع وأوسع، مما يزيد من حدة المشكلة ، وعلى الرغم من مطالبنا المتكررة بوضع حد لمن يُسيء للمرأة بتصريحات إعلامية او منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ إلا اننا لغاية الان كنساء فاعلات في المشهد السياسي والمجتمعي والحقوقي والإعلامي لم نصل الى بر الأمان عبر خطوات حقيقية من قبل المعنيين للحد من هذه الظاهرة.
ما الحل؟
لمواجهة هذه الظاهرة، يجب القيام بعدة خطوات على مستويات مختلفة. لابد من العمل على تعديل القوانين والتشريعات العراقية لتوفير حماية أكبر للنساء من التهم الباطلة والتشويه المتعمد. كما أن هناك حاجة ماسة لتغيير العقليات الاجتماعية والثقافية التي تجعل المرأة هدفًا سهلاً للطعن في شرفها ، وذلك من خلال التوعية والتعليم اللذان أساس التغيير. وهذا باعتقادي مسؤولية دولة وحكومة ، خاصة بعد انفراط عقد الاحترام والالتزام بشكل مخيف من خلال الاستثمار الخاطئ لبعض المنابر الدينية ؛ فبدلاً عن الموعضة والإصلاح ، للأسف أصبحت وسيلة للتشهير والطعن بالشرف .. يرافق ذلك تكثيف حملات التوعية والتثقيف حول أهمية احترام حقوق المرأة وكرامتها، وإبراز العواقب النفسية والاجتماعية للإساءة والتي هي مسؤولية الجميع.. مؤسسات حكومية وغير حكومية.
في النهاية، النساء في العراق، كما في أي مكان آخر، لهن الحق في العيش بكرامة واحترام، بعيدًا عن التشكيك المستمر في أخلاقهن وشرفهن.