- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
د. ناصر محمد معروف يكتب: مع قرب ذكرى النكبة: هل تصلح سياسة الإحتلال في زمن جيل العزَّة والغيرة المتمترس عند ثوابته
د. ناصر محمد معروف يكتب: مع قرب ذكرى النكبة: هل تصلح سياسة الإحتلال في زمن جيل العزَّة والغيرة المتمترس عند ثوابته
- 29 أبريل 2023, 12:59:42 ص
- 298
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عكف الاحتلال على تنفيذ سياسات معينة في تنفيذ مخططاته طوال السنوات الماضية، وقد نجح في بداياته في تحقيق نجاحات كثيرة، وذلك في ظل اعتماد شعبنا على الحكومات العربية التي كانت تَعِدُ بأنْ تُرْجع لنا حقوقنا ، وأن تساندنا حتى نأخذ كامل حقنا.
ظل شعبنا ينخدع طوال السنوات الماضية في شعارات تلك الحكومات البرَّاقة ، إلى أن أفاق فوجد أن أراضيه قد التُهِمت، وأموالُه قد نُهِبت، وحقوقه قد ضاعت، فبين حانا ومانا ضاعت لحانا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
هذا الواقع المرير لشعبنا جعل الآباء يُرَكِّزون في تربية الأبناء ، فَيُخَرِّجوا جيلاً لم تنطلي عليه الأخاديع، ولم يقتنع بأنصاف الحلول، بل وضع هدفاً أمام عينيه لتحقيقه، وهو: أنَّ حقوقنا هي ثوابتٌ لا يمكن أنْ نفَرِّط في جزءٍ منها.
عرف هذا الجيل أن الله اختاره واصطفاه وهداه إلى الإيمان وأسكنه أرض فلسطين، التي هي درَّة بلاد الشام، كما قال النبي ﷺ: [عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِى إِلَيْهَا خِيَرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ] أبو داود، وما كان هذا الاجتباء إلا لعلم الله أن هذا الشعب هو الأقدر على الحفاظ على هذه الدُّرة من بلاد الشام – فلسطين- وأنّه لا يمكن أنْ يُمَكِّن أحدا منها مهما كانت قوته، وفهم هذا الجيل كذلك أنّ أعداءنا لم يعتدوا على أرض فلسطين فحسب إنما سلبوا شعبها حرية الفكر والاعتقاد، فشرَّدوا أهلها، واعتقلوا رجالها ، ولم يسلم من ذلك حتى النساء والأطفال، ففهموا أنه من الواجب عليهم أن يُخَلِّصوا شعبنا وأرضنا من براثن هذا الاحتلال، وإنّ من يتقاعس عن ذلك فإنه محاسب معذّب لا محالة، فالأمانة ثقيلة والاحتلال اعتدى علينا وعلى أرضنا، فانبثقت من هذه المفاهيم، ثوابت لا يمكن التفريط فيها، ويجب العمل على حمايتها فرضاً حتى ينعم الإنسان على أرضه آمناً مطمئناً معافىً من الإحتلال، وهذه الثوابت هي:
(أ) الإنسان: فهذا ثابت رئيسي وجب الحفاظ عليه وعلى:
(1) فكره : فهو سبب رقيّ الإنسان ورفعته، وفيه عزُّه.
(2) عقيدته: فهي سرّ الفوز والنجاة من عذاب الله.
(3) الأسرى: فتحريرهم واجب وفرض.
(4) اللاجئون: فعودتهم إلى ديارهم واجب على كل مسلم، وتركهم في الشتات تفريط بحقٍ ورَّثَنا الله إياه وخوَّلنا بالحفاظ عليه، وسيحاسب المفرِّط في هذا الحق، قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام: 94]
(ب) الأرض: وأرضنا هي: فلسطين وقد وجب الحفاظ عليها وعلى:
(1) حدودها: فلسطين عربية من البحر الى النهر ورثناها، وقد اعتدى عليها الاحتلال وسلبها من شعبنا عنوة ومن الفروض أن ندافع عنها ولا نتنازل عن ذرة من ترابها، فالتفريط بذرة من ترابها يعني العذاب والهلاك.
(2) المقدسات: وأقدس المقدسات مدينة القدس والمسجد الأقصى، وهو بوابة السماء، ومن أجله كرِّمت فلسطين وقدِّسَت، وهي أمانة في عنق كل مسلم وعقيدة، ومن فرَّط فيها فرَّط بعقيدته وشوه فكره.
(3) الجهاد والمقاومة لإعادة الأرض والمقدسات، قال تعال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 123]
هذه هي الثوابت التي لا يمكن التفريط في واحدة منها أبدا حتى يحقّق شعبنا مراده وتحرير أرضه ويحافظ على عرضه ويهنأ على أرضه بسلام، ولهذا نجد هذه التضحيات في هذا الجيل الفلسطيني، والتمترس لانتزاع حقوقه، وعدم التعاطي مع الشعارات الخدَّاعة من أي جهة كانت، والإصرار على إعادة كل حقٍّ من حقوق شعبنا ، وهذا سيكون بإذن الله.