- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
دراسة : أ. مصطفى إبراهيم .. الخارطة الانتخابية في إسرائيل 2022
دراسة : أ. مصطفى إبراهيم .. الخارطة الانتخابية في إسرائيل 2022
- 10 أكتوبر 2022, 10:27:45 ص
- 1029
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المقدمة:
صادق الكنيست الإسرائيلي الرابع والعشرين، على مشروع قانون حلّ نفسه في نهاية يونيو/حزيران الماضي، تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة هي الخامسة في أقل من أربعة أعوام، وتم تحديد موعد تنظيمها في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
جاء حل الكنيست على إثر أزمة سياسية شديدة يشهدها النظام السياسي الإسرائيلي منذ أربعة أعوام، إضافة إلى جملة من القضايا الأمنية والسياسية الأساسية المستمرة منذ أربعة أعوام. وبعد نحو عام من تولي ما تسمى "حكومة التغيير" التي شكلت من ائتلاف، كان الهدف الرئيس منه عدم تمكين رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومة، وإنهاء فترة حكمه الطويلة التي استمرت 12 عاما.
تولت حكومة بينيت لبيد، السلطة بعد انتخابات 2021، وهي سابقة جديدة في تشكيل الائتلاف الذي ضم لأول مرة حزباً عربياً وهو "القائمة العربية الموحدة"، إضافة إلى (8) أحزاب سياسية من طيف أيديولوجي واسع جدا ورئيس وزراء ينتمي إلى حزب يميني صغير، مما جعل الائتلاف هشا يتمتع بأغلبية 61 عضو كنيست، وضع الحكومة في اختبارات وتحديات معقدة.
في الأشهر العشرة الأولى من حكمها، تمكنت حكومة الائتلاف من إقرار الميزانية لإسرائيل، وغيرها من القضايا، ولكن في ربيع عام 2022، بدأ منصبها يتقوض بعد سحب الدعم لـ لها من عدد من أعضاء الكنيست. مما أدى لفقدانها الأغلبية البرلمانية، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء بينيت القيام بإجراء انتخابات مبكرة ونتيجة لذلك تم تعيين زعيم يش عتيد، يائير لبيد، رئيس الوزراء الرابع عشر لدولة إسرائيل.[1]
أزمة الديمقراطية في إسرائيل
يعتبر حل الكنيست والاعلان عن موعد الانتخابات الإسرائيلية هي الخامسة خلال أقل من أربعة أعوام، تعبيراً عن أزمة النظام السياسي الإسرائيلي، الناجمة أولاً عن الفسيفساء الحزبية التي يتسم بها النظام السياسي الإسرائيلي، حيث تتسم الأحزاب بإسرائيل أنها تتراوح بين ما يمكن توصيفه بأنه "فتنة الطغيان"، وزعزعة البنية الاجتماعية للأحزاب. والأمر الثاني هو جوهر المعسكرات السياسية المتنافسة في هذه الانتخابات.[2]
يشير الباحث سليم سلامة في مقالة نشرت في ملحق المشهد بتاريخ 26.07.2022 العدد 543، بعنوان (ديمقراطية ظاهريّة) بأن أزمة نظام الحكم في إسرائيل قائمة منذ إنشائها وتتفاقم باستمرار جرّاء الاحتلال. ذكر الباحث سلامة ما وردفي تقرير أعدّه المحامي والباحث القانوني إيتاي ماك، بأن السنوات الأخيرة شهدت توتراً ملحوظاً جداً في التحذير من "خطر حقيقي يحيط بنظام الحكم في إسرائيل وبمؤسساته الديمقراطية" المختلفة، سواء كانت الكنيست (السلطة التشريعية) أو المحاكم (السلطة القضائية) أو الإعلام (السلطة الرابعة)، مصدره الأساس هو "السلطة التنفيذية" والمسيطرون على مقاليدها، خلال العقدين الأخيرين بوجه خاص، وأن دولة إسرائيل لم تكن في يوم من الأيام، منذ تأسيسها حتى اليوم، نموذجاً ديمقراطياً ليبرالياً يمكن اعتماده والاقتداء به، بل كان نظامها منذ أيامها الأولى، نموذجاً هجيناً هو عبارة عن خليط من مركبات ديمقراطية وأخرى تسلطية/ استبدادية كثيراً ما كانت الكفة ترجح، في فترات زمنية مختلفة، لصالح أحد هذين الطرفين النقيضين، الديمقراطي أو الاستبدادي.
يكتسب ذلك أهمية موضوعية راهنة وملحّة، وخاصة في ضوء حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات برلمانية جديدة، ستكون "دراماتيكية بشكل خاص واستثنائي"، لأن "نتائجها قد تؤدي إلى ترجيح إحدى كفّتي المبنى الهجين لنظام الحكم في إسرائيل: إما الكفة الديمقراطية وإما الكفة الاستبدادية". إن "أجندة إضعاف النظام الديمقراطي ومنظوماته الكابحة، العنصرية الفظة تجاه المواطنين العرب، كراهية الغرباء، المثليين جنسياً والنساء وأجندة تهشيم عظام اليسار بطريقة ديمقراطية". [3]
يأتي ذلك في سياق ما ذهب اليه الباحث أنطون شلحت في مقاله عن جوهر المعسكرات السياسية المتنافسة في الانتخابات الإسرائيلية القريبة، أنه في العام 2018 صدر في إسرائيل كتاب بعنوان "يهودية إسرائيلية: صورة ثورة ثقافية" حاول مؤلفاه، البروفسور كميل فوكس والصحافي شموئيل روزنر، أن يفحصا من ناحية إحصائية من هم الإسرائيليون وما هي مواقفهم العامة، وبالأساس السياسية.
في استطلاع رأي أجراه المعهد الاسرائيلي للديمقراطية في 31 أغسطس 2022، وقام بتحليله كل من الأستاذة تمار هيرمان، والدكتور أور عنابي، يعتزم نصف الجمهور التصويت للحزب الذي صوتوا له في الانتخابات السابقة، في حين أن حوالي ربعهم لم يقرروا بعد الحزب الذي سيصوتون له.
ومن بين ناخبي أحزاب المعارضة اليوم، فإن نسبة من ينوون التصويت لنفس الحزب أو حزب آخر من نفس الكتلة تتجاوز بشكل واضح النسبة المقابلة بين ناخبي أحزاب الائتلاف اليوم. ويعتزم معظم اليهود الذين تمت مقابلتهم التصويت لنفس الحزب أو "الكتلة" كأفراد عائلاتهم أو أصدقائهم.
وعلى الرغم من أن المعهد أدرج هذه المرة أيضاً الولاء الحزبي في قائمة العوامل المحتملة لاتخاذ القرار، مرة أخرى تأتي هوية الزعيم في المرتبة الثانية، باستثناء ناخبي الليكود حيث يكون الزعيم في مقدمة عوامل التصويت للحزب.
وهي نفس النتيجة الني خلص اليها المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في شهر تموز/ يوليو الماضي، وأنه لا يوجد أي تغيير في مواقف الجمهور الإسرائيلي الواسع، بما يؤكد أن الطريقة الأكثر واقعية لعودة حزب العمل، باعتباره الرمز الأبرز لهذا اليسار، إلى السلطة في المستقبل القريب هي فقط "اختراع آلة للسفر عبر الزمن".[4]
الاستعداد للانتخابات، ونوايا التصويت
شرعت الأحزاب في الاستعداد لخوض الانتخابات، بترتيب قوائم مرشحيها وعقد تحالفات مع أحزاب أخرى، فيما فشلت أخرى في تشكيل قوائم انتخابية كما جرى مع حزب روح الصهيونية، وكذلك تفكك القائمة المشتركة التي تمثل قسم من كبير من فلسطيني الداخل، وستحوض الانتخابات بثلاثة قوائم فلسطينية، وهي (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بالتحالف مع العربية للتغير، والقائمة العربية الموحدة، وقائمة حزب التجمع الديمقراطي الوطني).
أجرت عدد من الأحزاب الإسرائيلية انتخاباتها الداخلية، مثل الليكود، والعمل وميرتس والقوائم العربية، وحزب الصهيونية الدينية، وفي هذا الشأن هناك عدد من الأحزاب تتشكل قوائمها من خلال رئيس الحزب، مثل "يوجد مستقبل"، ورئيسه يائير لبيد، و"أزرق أبيض"، ورئيسه بيني غانتس، و"إسرائيل بيتنا" ورئيسه أفيغدور ليبرمان، وأحزاب أخرى يتم تشكيل قوائمها من خلال هيئات مقلصة، مثل الأحزاب الدينية المتزمتة لليهود الحريديم، التي تحسم فيها مسألة القوائم لدى الحاخامين الذين يقودون الأحزاب والحركات، أو التيارات الدينية داخل الحزب الواحد، والحديث هنا يدور حول حزب شاس لليهود الحريديم الشرقيين، وتحالف يهدوت هتوراة لليهود الحريديم الأشكناز.[5]
لم يعد النظام الحزبي الإسرائيلي يشكل على أساس نظام الأحزاب الكبيرة الذي اتسمت به إسرائيل سابقاُ، وساد منذ قيام إسرائيل وسيطرة حزب (مباي) أو ما يسمى التيار العلماني على المشهد الحزبي والنظام السياسي الإسرائيلي لغاية العام 1977، وما عرف بالانقلاب الكبير بعد فوز حزب الليكود في الانتخابات في ذلك الوقت، وسيطرته لاحقاً على النظام السياسي بعد تدهور أوضاع حزب (مباي)، حزب العمل لاحقاً، وظهور بوادر سيطرة اليمين، وتجلى ذلك مع تولي نتنياهو الحكم، وفي فترته شهدت إسرائيل انزياحات يمنية شديدة، والواقع الراهن يعتبر مؤشر على انتهاء عهد الأحزاب الكبرى.
وما يؤكد ذلك الازمات السياسية خلال السنوات القليلة الماضية، وهي امتداد للأزمة التي تشهدها إسرائيل راهناً، وطالت النظام السياسي الإسرائيلي بأكمله، إضافة إلى أزمة جديدة تطفو على السطح وهي على مستويين: أولا الأحزاب الذي يترأسها ديكتاتوريين مثل يائير لبيد زعيم حزب يش عنيد، "حتى أن اسم الحزب يوجد مستقبل مع لبيد". وكذلك أزمة وطريقة اختيار المرشحين التي تجري من خلال المؤتمرات العامة، إضافة إلى الطريقة المفتوحة للانتخابات. وفي اعتقاد كثير من الباحثين أن الازمات في إسرائيل مستمرة لفترة قادمة، إلا إذا استقر النظام السياسي الإسرائيلي.
تقديم القوائم والتحالفات
في الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر قدمت 40 قائمة لانتخابات الكنيست، وكشفت انتخابات قائمة حزب الليكود، التي أجريت في الربع الأول من شهر آب/ أغسطس الماضي، والتي أفرزت قائمة حزب الرجل الواحد، مدى سيطرة بنيامين نتنياهو على الحزب. بينما أجرى حزب العمل الانتخابات الداخلية، وأظهرت نتائجها اختفاء أسماء تقليدية في الحزب ودائمة الحضور في المشهد السياسي الإسرائيلي، وفي حزب ميرتس عادت زعيمته السابقة زهافا غالئون لقيادة الحزب بعد فوزها.
أحزاب اليمين
حزب الليكود
هو أكبر حزب وله 30 مقعداً في الكنيست، ويتبنى سياسة داخلية معتدلة، وهو حزب يميني[6]، مر بتحولات كبرى خلال السنوات الماضية خاصة في عهد نتنياهو، حيث كشفت انتخابات قائمته، والتي باتت تعرف بقائمة (حزب الرجل الواحد)، عن مدى إحكام نتنياهو سيطرته على الحزب، حيث استبعد من مقدمة القائمة ثلاثة نواب تجرأوا قبل أقل من عام على الإعلان عن نيتهم المنافسة على رئاسة الحزب، ويعتبروا من الأقوياء داخل الحزب ويعضهم من الاثرياء مثل نير بركات رئيس بلدية القدس السابق الذي حصل على المكان الثامن. ويسرائيل كاتس الذي يحصل دائما على واحد من الأماكن الأربعة في القائمة وحصل على المكان 12 في القائمة، ورئيس الكنيست الأسبق يولي إدلشتاين الذي كان في المكان الأول بعد نتنياهو في الانتخابات السابقة، والآن في المكان الـ 18. ولم يعد مكاناً للشك بإمكانات نتنياهو وسطوته وسيطرته المطلقة على حزب الليكود. برغم استمرار محاكمته في قضايا الفساد.
وسيطر نتنياهو على المقاعد الأولى في القائمة وأن تسعة من العشرة الأوائل في القائمة، هم من الأكثر قرباً لنتنياهو وعائلته، والمرشحين لتولي حقائب وزارية مهمة. وكل أسماء العشرة الأوائل في القائمة تؤكد زوال حتى الجيلين الثاني والثالث في حزب الليكود، وبحسب المحلل السياسي، اليميني، عميت سيغل، يتضح من النتائج أن الحزب بات جديد من حيث وجوه المقدمة وليس جديدا من حيث ما أنجزه نتنياهو لنفسه. وأن هذه الانتخابات، نجح نتنياهو في إضعاف شخصيات التنظيم الحزبي، وأولهم وأبرزهم يسرائيل كاتس. [7]
اعتبرت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" سيما كدموند انتخابات الليكود "تحولا دراماتيكياً إلى أقصى الحدود". و"إنه حدث درامي ضخم لتغيير الحمض النووي (دي إن إيه) لحزب الليكود. حيث تراجعت أسماء وازنة وقوية، والآن لا يظهر أي منهم في الخمسة الأوائل. ولم يحصل هذا من قبل في تاريخ الانتخابات التمهيدية لليكود. إن أولئك الذين أرادوا الليكود القديم، الليكود الكلاسيكي التقليدي، تأكدوا أنه ليس هو. بينما نتنياهو محاصر فعلاً في الدوامة التي خلقها، فلقد أطلق بالفعل كل العفاريت من الزجاجة. والليكود تغير بالفعل بطريقة حقيقية[8]، وبحسب الاستطلاعات التي تظهر تباعا، فإن نتنياهو على حافة تشكيل حكومة ضيقة بعد الانتخابات المقبلة، وفي حال نجح بها، فإن عمر هذه الحكومة من المفترض أن يكون أطول من الحكومتين الأخيرتين، ولكنها ستكون لأول مرّة حكومة ترتكز بداية على أربعة أحزاب أو أكثر.
إسرائيل بيتنا
حزب سياسي صهيوني علماني، يميني عنصري متطرف، أنشأه أفيغدور ليبرمان في مطلع العام 1999، بعد انشقاقه عن حزب الليكود، ولعب دور كبير في دعم نتنياهو، ويعتبر من الأحزاب القطاعية وهو يولي اهتماما بقضايا المهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي.[9]
كما يعتبر الحزب نتاج اتحاد تيارين كانا داخل الليكود، هما "موليدت" بقيادة رحبعام زئيفي، و"يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان الذي يحمل وحزبه توجهات أهمها: الدعوة إلى ضم مناطق المثلث إلى الدولة الفلسطينية. محاربة الأحزاب الدينية، وتغيير نظام الحكم في إسرائيل، وتتميز قواعد الحزب بعلمانية معادية للدين.[10]
تمنحه استطلاعات الرأي 6 مقاعد، ويعتبر ذلك تدهور في شعبية الحزب التي بدأت في انتخابات سنة 2015 حيث حصل الحزب على 6 مقاعد، ويعود ذلك إلى قضايا الفساد المالي والسياسي التي تورطت فيها شخصيات من الحزب. إضافة إلى فشله في تنفيذ وعوده الكثيرة التي يطلقها قبل كل انتخابات. كذلك انتقل قسم كبير من الصوت الروسي في هذه الانتخابات إلى الليكود الذي يعطي تمثيلاً ملائماً لليهود الروس على قائمته.[11]
البيت اليهودي
قبل الإعلان عن حل الكنيست وخلال اجتماع كتلة حزبه (يمينا) البرلمانية، وقبل جلسة التصويت على مشروع قانون حل الكنيست، وإقرار موعد انتخابات، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، أنه لن يترشح للمنافسة في الانتخابات العامة المقبلة للكنيست. واتخذ قرارا باعتزال الحياة السياسية، والتنازل عن قيادة حزبه ("يمينا") لصالح وزيرة الداخلية، ايليت شاكيد[12]. ويتوقع أن تدعم هذه القائمة، في حال تجاوزها نسبة الحسم، رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، لتشكيل حكومة.
حركة شاس
تأسست حركة شاس (اتحاد السفارديم– الشرقيون – حراس التوراة) في بداية الثمانينيات، وهي حركة دينية أرثوذكسية يتزعمها رجال دين من أصول شرقية، وتقوم باستعمال مكثف لسياسات الهوية في صفوف اليهود الشرقيين، وتتوزع قواعدها على القواعد الدينية الأرثوذكسية الشرقية، وعلى القواعد الاجتماعية الضعيفة اقتصادياً من اليهود ذوي الأصول الشرقية، وهي حزب ديني متطرف.[13]
وشكلت شاس قائمتها الانتخابية وحافظ على الأسماء العشرة الأولى في القائمة السابقة، في الكنيست الـ 24. ومن المتوقع أن يعود رئيس الحركة، أرييه درعي، إلى الكنيست، بعد أقل من عام من استقالته كجزء من اتفاق الإقرار بالذنب المخالفات الضريبية. وتمنحها استطلاعات الرأي 8 مقاعد.
يهودية التوراة
تمكن زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو من خلال الوساطة الذي قام بها بحل الخلاف بين علم التوراة وأغودات إسرائيل، الفصيلان اللذان يشكلان حزب يهود هتوراة، وسيترشحان في قائمة واحدة للكنيست الخامس والعشرين. وقد وعد نتنياهو الذي قاد الاتصالات، بين الطرفين، بميزانية المؤسسات التربوية الأرثوذكسية المتشددة، وموازنة مدارس التعليم الحكومي[14]. وبالرغم من أن ممارساتها السياسية تميزت، على مدى وجودها البرلماني، بالتشدد اليميني في الغالب، الذي تجسد في معارضة اتفاق أوسلو ومعارضة "خطة الانفصال" عن قطاع غزة وفي مناوأتها الأحزاب "اليسارية" التي تعتبرها "علمانية أيديولوجياً".[15] وتمنح استطلاعات الرأي "يهدوت هتوراه" بـ 7 مقاعد.
الصهيونية الدينية
أعلن حزبا الصهيونية الدينية وعوتسما يهوديت، عن توصلهما إلى اتفاق لخوض الانتخابات المقبلة للكنيست معا، واتفقا على ترشح مشترك للكنيست الـ 25. وهي تيار إسرائيلي عريض ومتنوع يؤمن بضرورة المزاوجة بين التوراة والعمل. ويتزعم بتسلئيل سموتريتش الحزب، ويسعى سموتريتش إلى قيادة تيار الصهيونية الدينية، وتمثيل هذا القطاع داخل البرلمان، والمساهمة في تشريعات تحافظ على "أرض إسرائيل"، وتهجير الفلسطينيين، والمحافظة على ميزانيات لصالح الاستيطان.
ويعتبر شريكه في التحالف إيتمار بن غفير زعيم حزب "قوة يهودية"ـ نفسه من سلالة مئير كهانا، مؤسسة حزب كاخ المحظور والمتطرف. وحزب كاخ الذي تلاشى في منتصف التسعينيات كان يدعو إلى تحويل أرض إسرائيل إلى وطن لليهود فقط، وأنه على "الأغيار" إما الرحيل أو الحياة تحت الشروط التي يضعها اليهود بدون الخضوع لمعايير الدولة الديمقراطية الحداثية[16].
وعلى الرغم من نمو قوتهما، فإن الحزبين ما يزالان يعتبران جزءا أساسيا من تحالف "مريدي نتنياهو"، بل إن الأخير هو الشخص الذي نجح في التأثير على الحزبين وحثهما على الوصول إلى اتفاق بالدخول إلى الكنيست ضمن قائمة انتخابية مشتركة. حسب الاتفاق الذي أبرم يوم الجمعة، تحت إشراف نتنياهو، يحصل كل من الاتحاد القومي و"قوة يهودية" على خمسة مقاعد ضمن المراتب العشر الأولى، على أن تبقى رئاسة القائمة (أي المرتبة الأولى) محفوظة لـ سموتريتش.[17] وتشير استطلاعات الرأي إلى تعزيز بن غفير نجاحًا أكبر بكثير من سموتريتش، وتمنحهما 12 مقعداً.
أحزاب اليسار:
حزب العمل
تأسس الحزب العام 1968 جراء اتحاد بين الأحزاب، (مباي) و(احدوت هعفودا -بوعالي تسيون) و(رافي). وهو وريث حزب (مباي) الذي تأسس العام 1930، ثم الامتزاج في حزب العمل العام 1968، (مباي) عند تأسيسه كانت أهدافه، تحقيق الصهيونية الاشتراكية في ارض اسرائيل مع التشديد على الاستيطان الاشتراكي.
وتمكن حزب العمل من الاحتفاظ بالحكم بين الأعوام، 1968، و1977 على قاعدة المشاركة بينه وبين حزب (مبام) تحت عنوان (التجمع العمالي) (المعراخ).
تعرض الحزب لانهيارات متتالية وانشقاقات خلال السنوات الماضية، عقب اغتيال إسحاق رابين، وتناوب على رئاسة الحزب تسعة رؤساء من بينهم ايهود بارك رئيس هيئة أركان الجيش السابق، وفي العام 2017 فاز برئاسة الحزب آفي غباي الذي رسم صورة مختلفة للحزب لجذب أصوات اليمين، وتأييد المستوطنات في أراض 1967. الأمر الذي أفقد الحزب قوته وهويته الاشتراكية التي كان يروج لها، وحتى بعد تحول الحظاب الى رفع شعار حل الدولتين، إلا أنه بقي شعار وبرنامج مفتوح وضبابي.
تظهر قائمة الحزب الانتخابية اعتمادها على الشباب الذين يفتقرون للقاعدة الجماهيرية، وغير معروفين في الشارع الإسرائيلي، وتتوقع استطلاعات الرأي أن يخسر حزب العمل مقعدا أو مقعدين من المقاعد السبعة الأولى التي حققها في الانتخابات السابقة.
في ضوء ذلك فإن التقدير تشير إلى أن شكل قائمة حزب العمل ستجعل المنافسة كبيرة مع حزب ميرتس على ذات الأصوات، مع الإشارة إلى أن الحزبين يرفضان التحالف معا، وذلك استنادا لتجربة انتخابات العام 2020، حينما كان التحالف مُضرا للحزبين معا.
ولقد دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد إلى عقد تحالف بين حزبي "العمل" و"ميرتس"، وعقد لبيد اجتماع مع رئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي ورئيسة حزب ميرتس زهافا غالئون إلى اجتماع ثلاثي لإقناع ميخائيلي بأن تقود خطوة نحو التوحيد بين الحزبين، وذلك خشية من عدم قدرة حزب ميرتس اجتياز نسبة الحسم، وبذلك فإن نتنياهو سيصل بالتأكيد إلى 61 مقعدًا".[18]إلا أنه فشل في اقناع رئيسة حزب العمل ميراف ميخائيلي التي تعارض فكرة التحالف بذريعة، أنه كانت للحزبين تجربة في خوض الانتخابات معاً، ولم تحقق النجاح، وأن وضع حزبها أفضل بكثير من وضع حزب ميرتس.
حزب ميرتس
أفرزت انتخابات حزب ميرتس في نهاية شهر آب/أغسطس، بعودة رئيسة الحزب السابقة زهافا غالئون للعمل السياسي الحزبي، بفوزها، برئاسة حزب "ميرتس"، وذلك في ولاية ثانية لها في موقع رئيس الحزب الذي يستعد لخوض انتخابات الكنيست.
وأظهرت النتائج التي نقلتها هيئة البث الإسرائيلي ("كان 11") عدم قدرة نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي يائير غولان، على التغلب على غالئون، والذي تراجع للمرتبة الخامسة في القائمة، فيما حل الرئيس السابق للحزب والذي قاده في الانتخابات الأخيرة، نيتسان هوروفيتس، الذي كان قد أعلن أنه لن يرشح نفسه لرئاسة الحزب في المركز السابع، وتشير التقديرات إلى تراجع الحزب وتأرجحه فوق نسبة الحسم.
وفي تصريح لرئيسة الحزب يعد فوزها في الانتخابات، قالت غالئون: "أعتقد أن "ميرتس" تحت قيادتي يمكن أن يزيد من قوّته، وأن يكون ذا أهميّة، قررت أنه لا يمكنني التنحي جانبا، والسماح للكتلة الدينية الثيوقراطية بقيادة (زعيم المعارضة الحاليّ، ورئيس الحكومة الأسبق، بنيامين نتنياهو، وعضو الكنيست الكاهاني، وهو من كتلة الصهيونية، إيتمار بن غفير) بالعودة إلى السلطة".[19]
أحزاب الوسط
يخوض حزبين من أحزاب الوسط الانتخابات الـ 25 وهما: حزب يوجد مستقبل (يش عتيد)، بزعامة يائير لبيد رئيس الوزراء البديل، وحزب أزرق أبيض (كحول لافان) بزعامة وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس. هذين الحزبين هما الممثلين في حكومة التغيير، وهي امتداد لفكرة أحزاب الوسط التي بدأت في الظهور في العام 1996، واعتبرت جزء من المشهد السياسي الإسرائيلي تم انتخابها لعضوية الكنيست، غير أنها سرعان ما كانت تعود فتختفي من الخريطة السياسية الحزبية بعد دورة، أو دورتين، أو ثلاث دورات على الأكثر، ما أصطلح على وصفها بأنها "أحزاب موسمية". وكان هذا هو مصير أحزاب الطريق الثالث، وشينوي، وحزب المتقاعدين، وكديما. وكذلك مصير حزب الحركة (هتنوعا) الذي انتُخب للكنيست في قائمة مستقلة سنة 2013، ثم في إطار المعسكر الصهيوني سنة 2015، وحزب كلنا (كولان)
وفي رأي عدد من الباحثين الإسرائيليين، يشكل نجاح أحزاب الوسط واختفاؤها أحد الأعراض الأساسية لأزمة الأحزاب في إسرائيل، ذلك بأن كثرة أحزاب الوسط التي تُقام وتحقق مكاسب كبيرة في الانتخابات تدل على عدم رضى الجمهور عن الأحزاب الموجودة والعريقة، وعن السياسيين الذين يقودونها، وعن إخفاقها في حل مشكلات أساسية في المجتمع الإسرائيلي.[20]
حزب هناك مستقبل
أسس هذا الحزب الإعلامي يائير لبيد، وعرّف نفسه على أنه حزب المركز، وربما هو من بدأ فكرة تشكيل أحزاب الوسط، وانطلق من سياسات ومن خطاب معاد للمتدينين اليهود الأرثوذكسيين الحريديم. وقد حقق حزب لبيد الأب نجاحات انتخابية كبيرة، وخاض انتخابات سنة 1999 ووصلت ذروة قوته الانتخابية في انتخابات سنة 2003، بحصوله على 15 مقعداً. واعتزل لبيد الأب العمل السياسي سنة 2005، وهو ما أدى إلى اختفاء شينوي من الخريطة السياسية في انتخابات سنة 2006.[21]
أنشأ يائير لبيد حزب يوجد مستقبل، كحزب وسط، وتوجه بخطابه إلى الطبقة الوسطى الإسرائيلية، مركزاً على موضوع المساواة في العبء، أي فرض الأعباء الاقتصادية والعسكرية على جميع قطاعات المجتمع الإسرائيلي، وذلك بادعاء أن الطبقة الوسطى الإسرائيلية العلمانية هي التي تتحمل الأعباء وحدها، بينما هنالك قطاعات، وخصوصاً المتدينين، لا يساهمون في هذه الأعباء.[22]
تظهر توجهات الحزب اليمينية في الجانب السياسي من برنامجه، إذ جاء فيه: "لا يوافق حزب يوجد مستقبل على الاتهامات الذاتية التي يطلقها جزء من الجمهور الإسرائيلي واليهودي في مسألة السلام، نحن نعتقد أن الفلسطينيين، كما جاء في مقولة أبا إيبن الشهيرة (لم يضيعوا فرصة حتى يضيعوا فرصة) للسلام، ورفضوا مرة بعد مرة يد إسرائيل الممدودة للسلام.[23]
وصل لبيد إلى الكنيست لأول مرّة في انتخابات العام 2013، برئاسته للحزب الذي أسسه، حاصلا على نتيجة فاجأت كل استطلاعات الرأي التي سبقت يوم الانتخابات، 19 مقعدا، ليحل ثانيا في الكنيست، بعد الكتلة التحالفية في حينه، بين "الليكود و"يسرائيل بيتينو".[24]
يوجد مستقبل هو القوة الثانية بعد الليكود في إسرائيل، وتمنحه استطلاعات الراي 23 مقعداً. وبعد حل الكنيست لبيد يقود الحكومة الانتقالية، وشن عدوان على قطاع غزة استمر ثلاثة أيام في الريع الأول من اب/ أغسطس الماضي، وجاء في سياق تحقيق إنجازات سياسية تساعده في تحسين موقعه في المعركة الانتخابية المقبلة.
حزب أزرق أبيض
تأسس من ثلاثة رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي سابقين، وهو بمثابة الحزب الثالث وهو حزب وسط، ومن أجل زيادة المقاعد وتحسين قوة الحزب في خوض الانتخابات أنشأ أزرق ابيض قائمة بالتحالف مع حزب أمل جديد بقيادة جدعون ساعر المنشق عن الليكود، الذي يؤمن بفكرة أرض إسرائيل الكاملة، إضافة إلى انضمام رئيس هيئة الأركان السابق غادي ازينكوت للمنافسة ضمن قائمة (المعسكر الوطني)، "يشار إلى أن تسمية هذه القائمة بالعبرية لا يعني "الوطني" بالمعنى الحرفي، لأنه توجد كلمة أخرى بالعبرية التي تعني "الوطني" حرفيا. لكن ترجمة أخرى لاسم هذه القائمة، مثل "الرسمي" أو "المؤسساتي"، قد لا تكون مفهومة أو لا تعكس القصد، ولذا كانت تسمية "المعسكر الوطني" هي الأنسب. كذلك تُرجمت التسمية إلى الانجليزية بـ the National Unity Party."[25]
يعتبر أزرق أبيض أن المشكلة ليست مع حزب الليكود، وإنما مع شخص نتنياهو نفسه. وقد نشر الحزب برنامجاً انتخابياً لم يتطرق فيه بوضوح إلى رؤيته للحل النهائي مع الفلسطينيين، لكنه اعتبر أن أي حل يجب أن يكون الاعتبار الأساسي فيه هو الاعتبار الأمني. وحاول الحزب في برنامجه الانتخابي المزاودة على نتنياهو في التعامل مع غزة نحو سياسة أكثر عدوانية ضد المقاومة الفلسطينية. إذاً، لم يعرض الحزب نفسه كحزب يسار أو حتى يسار مركز، وإنما كحزب مركز يمين، مشكلته الأساسية مع شخص نتنياهو، على مستوى نظافة اليدين، وعلى مستوى سياساته الأمنية المترددة كما زعم الحزب.[26]
اعتقد ازرق أبيض أن دخول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، إلى الساحة السياسية عشية انتخابات الكنيست من خلال قائمة التحالف سيزيده قوة وحضوراً، إلا أنه اتضح لا يغير شيئا في الخريطة السياسية في إسرائيل. ودلت الاستطلاعات التي نشرتها القنوات التلفزيونية الرئيسية، أن انضمام آيزنكوت لم يحسن وضع قائمة "كاحول لافان – تيكفا حداشا" قياسا بعدد نواب الحزبين الحالي في الكنيست، وهو 14 عضو كنيست. لكن تحالفهما في قائمة واحدة أدى إلى تراجع قوتهما، بحسب الاستطلاعات في الأسابيع الأخيرة.
وفي مقال تحليلي للمحلل السياسي في موقع زمان يسرائيل" الإخباري، شالوم يروشالمي، قال: إن الصياغة الجوفاء في الاتفاق بين الثلاثة، التي بموجبها أن الحزب الجديد يعارض قيام دولة ثنائية القومية، وهذا "يتناقض مع فلسفة ساعر السياسية الذي أيد دائما فرض السيادة (الإسرائيلية) على (يهودا والسامرة) الضفة الغربية. وأضاف يروشالمي أن "آيزنكوت لم ينجح بنقل ولو صوت واحد من معسكر إلى آخر، ويصعب عليّ أن أرى ناخب واحد لليكود، يهدوت هتوراة، شاتس أو الصهيونية الدينية يغادرون أحزابهم وينتقلون إلى تأييد المعسكر الوطني. والاستطلاعات التي نشرت أمس تثبت ذلك".[27]
انفراط عقد القائمة المشتركة
جاء الاتفاق على إقامة القائمة المشتركة، لتمثل تجربة سياسية تحيي الامل، في ظل حالة الانقسام والشرذمة، التي يعاني منها فلسطينيو الداخل، وضمت القائمة المشتركة مختلف التيارات السياسية الفاعلة في المجتمع الفلسطيني، من يسار وشيوعيين وقوميين وإسلاميين. وبناء على ذلك، شكلت القائمة المشتركة نقلة نوعية في العمل السياسي العربي، الذي أسهم في تراجع الثقافة السياسية السلبية في المجتمع العربي، من تناحر وخصام وغياب الثقة والعمل الجماعي.[28]
لكن يبدو أن الانقسام سمة ملازمة للشعب الفلسطيني، وعدم قدرة النخب السياسية المختلفة والممثلة للفلسطينيين في أماكن تواجدهم المختلفة على توحيد صفوفهم، وسرعان ما أنفرط عقد القائمة بعد أن خرجت القائمة العربية الموحدة من القائمة المشتركة وخاضت الانتخابات الـ 24 في قائمة منفردة.
وجاء اعلان القائمة المشتركة بشأن خوضها للانتخابات بدون مشاركة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وذلك قبل ساعة فقط من تسليم القوائم الحزبية النهائية إلى لجنة الانتخابات، وبعد يوم واحد فقط من موافقة الاحزاب الثلاثة على الترشح مرة أخرى كقائمة مشتركة، وأنها ستخوض الانتخابات المقبلة كفصيلين منفصلين، في خطوة مفاجئة في الساعة الحادية عشرة أدت إلى تغيير المشهد السياسي الإسرائيلي ويمكن أن تضعف بشكل كبير التمثيل العربي في الكنيست بعد انتخابات نوفمبر.
وذكر ممثل التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة أن الجبهة والعربية، تنصلا من الاتفاق السياسي الموقع مسبقا مع التجمع الوطني الديمقراطي، وتراجع الجبهة عن الاتفاق حول التناوب على المقعد السادس، ما أدى إلى تفكيك القائمة المشتركة، ودفع التجمع إلى تقديم قائمة حزبية مستقلة.
وجه التجمع اتهامات شديدة للجبهة والعربية للتغيير، واستند لما ذكرته هيئة البث الإسرائيلي ("كان 11")، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد، عمل من وراء الكواليس من أجل تفكيك القائمة المشتركة وإقصاء التجمع الوطني الديمقراطي منها من أجل كسب توصية الجبهة والعربية للتغيير؛ نقلا عن مقربين له.
وبيّن الاستطلاع حصول قائمة الجبهة والتغيير على 4 مقاعد، بخلاف ما كان في انتخابات 2019 حين حصلت نفس القائمة على 6 مقاعد، وكذلك بالنسبة للقائمة العربية الموحدة التي حصلت أيضا على 4 مقاعد؛ وكلتا القائمتان تتأرجحان حول نسبة الحسم، وأن التجمع لن يستطيع اجتياز نسبة الحسم، (3.25%).[29]
ومن المتوقع أن يكون للانفصال تأثير كبير على الساحة السياسية، مع انقسام المعسكرات التي تدعم أو تعارض زعيم الليكود بنيامين نتنياهو بشكل متساوٍ تقريبًا قبل الانتخابات، التي يُنظر إليها، خلال الأربعة جولات الانتخابية السابقة، على أنها استفتاء بشأن نتنياهو.
إن إضعاف الجبهة والعربية للتغيير من شأنه أن يحرم لبيد من مقاعد الكنيست الحاسمة التي تعارض عودة كتلة نتنياهو الدينية اليمينية إلى السلطة. وفي الوقت نفسه، من المرجح الآن أن ينضم الجبهة – العربية للتغيير إلى حكومة يرأسها لبيد، وهو احتمال طرح في العام الماضي لكنه لاقى الرفض بسبب معارضة حزب التجمع. ومع ذلك، سيتطلب هذا السيناريو أيضًا الموافقة على مثل هذه الشراكة من قبل شركاء لبيد الأكثر تشددًا.[30]
كما انعكس هذا الانفصال على نسبة ومشاركة الناخبين الفلسطينيين، وانعدام الثقة بالأحزاب، بعد تفكك القائمة المشتركة، وتطهر استطلاع الرأي بعد تقديم قوائم الأحزاب السياسية إلى لجنة الانتخابات، تراجع تمثيل العرب في الكنيست إلى 8 مقاعد بعدما كانت ممثلة بـ 10 مقاعد.
القائمة العربية الموحدة
شاركت القائمة العربية الموحدة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الأخير بقيادة نفتالي بينيت ويائير لبيد في سابقة هي الأولى في تاريخ فلسطيني الداخل، قائمة على نهج جديد يهدف كما ذكر رئيس القائمة عباس منصور، لتحسين ظروف الفلسطينيين في الداخل العربي، وفضلًا عن العوائق التي تواجهها هذه الخطوة، وقد تحول دون أن تحقق أهدافها أو بعضها، فإنها أثارت جدلًا في الوسط العربي يبدو أنه لن يهدأ في المدى المنظور.
تعتبر القائمة العربية الموحدة الذراع السياسية للحركة الإسلامية التي تشارك في الانتخابات الإسرائيلية العامة، والمعروفة باسم الحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي). خاضت القائمة الموحدة الانتخابات للكنيست منذ عام 1996، وفي عام 2015 تشكلت القائمة المشتركة" من الأحزاب الفاعلة في صفوف المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، وكانت القائمة الموحدة إحدى مركباتها الأربعة، وعشية الانتخابات الإسرائيلية العامة في أبريل/نيسان 2019، انقسمت القائمة المشتركة إلى قائمتين، واحدة كانت بتحالف الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير وحصلت على ستة مقاعد، والثانية بتحالف التجمع الوطني والقائمة الموحدة وحصلت على أربعة مقاعد.[31]
وفي جولتي الانتخابات التاليتين في سبتمبر/أيلول 2019 ومارس/آذار 2020، عادت القائمة المشتركة بمركباتها الأربعة وخاضت الدورتين المذكورتين وحققت في انتخابات 2020 إنجازًا كبيرًا بحصولها على 15 مقعدًا، ما أهلها لتكون القوة الثالثة في الكنيست الإسرائيلي السابق.[32]
وعشية الانتخابات الأخيرة التي جرت في آذار/مارس 2021، قررت القائمة الموحدة الانشقاق عن القائمة المشتركة، وخاضت الانتخابات بشكل منفصل وحصلت فيها على أربعة مقاعد.
التجمع الوطني الديمقراطي
يعرّف التجمع نفسه بأنه حزب قومي عربي وطني فلسطيني، ديمقراطي في فكره ونهجه وفي أهدافه السياسية والاجتماعية، والاعتراف بالفلسطينيين في إسرائيل كأقلية قومية، وإعطائها مكانة خاصة ومعترفاً بها، وذلك من خلال حكم ذاتي يمكّنها من إدارة شؤونها الخاصة بها، ويخوض التجمع الانتخابات للكنيست الـ 25 بقائمة منفردة، ووفقا لاستطلاعات الراي لا يتوقع أن يحصل على نسبة الحسم.
الحركة العربية للتغيير
أُنشئت الحركة سنة 1996، بقيادة أحمد الطيبي، وخاضت الحركة أول تجربة للانتخابات العامة للكنيست في الدورة الرابعة عشرة سنة 1996، ومنذ تلك المحاولة لم تخض هذه القائمة الانتخابات العامة منفردة، بل ائتلفت مع أحزاب وقوائم قائمة. فكما جاء، في انتخابات الدورة الخامسة عشرة سنة 1999، خاضت الحركة الانتخابات ضمن قائمة ائتلافية مع التجمع الوطني الديمقراطي، وحصلت القائمة على مقعدين. وفي انتخابات الدورة السادسة عشرة سنة 2003، خاضت الحركة الانتخابات مع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. ومنذ ذلك الحين حتى سنة 2015، أي حتى الدورة التاسعة عشرة، قبل تشكيل القائمة المشتركة، خاضت الحركة الانتخابات في تحالف مع القائمة الموحدة. فحصلت الحركة العربية للتغيير، في جميع هذه الدورات على مقعد واحد شغله رئيس الحركة أحمد الطيبي.[33]
خاتمة
تظهر نتائج استطلاعات الرأي إلى أنه لن يكون هناك أي تغيير تقريبًا في نوايا التصويت. بل أنها تمنح أفضلية لحزب الليكود بزعامة نتنياهو الذي تمكن من توحيد صفوف اليمين، وارتفاع نسبة بن جفير وسموترتش المتطرفان ويحصلا على نسبة تصويت مرتفعة.
فيما سيبقى اليسار الصهيوني في حالة انحسار مستمر، وفقاً لمقال الباحث والكاتب الإسرائيلي شلومو ساند، فإن اليسار الإسرائيلي لم يكن يوما ديمقراطيا، ولم يعتبر دولة إسرائيل إطارا سياسيا لخدمة جميع سكانها بشكل متساو، وأن قادة هذا اليسار واصلوا تطبيق الحكم العسكري كآلية عنصرية للتعامل مع المواطنين العرب الباقين في البلاد، كما أن هذا اليسار صوّت بالإجماع مع ضم القدس الشرقية المحتلة، وحرمان سكانها العرب من الحقوق المتساوية مع اليهود، وأن اليسار الصهيوني أنهى دوره وبدأ يحتضر، وان اليسار (العمل وميرتس) سوف يخلي مكانه ليسار جديد.[34]
كما تظهر الاحصائيات واستطلاعات الرأي أن انحسار نفوذ اليسار يعكس في العمق سيرورة انزياح المجتمع الإسرائيلي في معظمه نحو اليمين، كما لا انفك يبرهن على مدار أعوام طويلة، غير أن هذا الانحسار يتوازى في الوقت عينه مع ما يمكن توصيفه بأنه انزياح اليسار الإسرائيلي، وتحديداً ذلك الذي كان يجسده حزب العمل، عن قيم اليسار الكونية. وما يتعيّن أن نعيد التذكير به أن هذا الانزياح عن قيم اليسار لم يظهر في الفترة الأخيرة بل بدأ منذ أعوام عديدة.[35]
أما فيما يتعلق بفلسطيني الداخل فلقد كان تشكيل القائمة المشتركة وتركيبتها، من أهم التحديات التي تواجهها، بالإضافة إلى استمرارها في كسب ثقة فلسطينيي الداخل، فالاختلافات السياسية بين مكونات القائمة من الأحزاب، ظهر بشكل واضح للعيان، من خلال التباين في التصريحات، والمواقف والأداء السياسي بين أعضاء القائمة المشتركة، وفقا لانتماءاتهم الحزبية. ولم تستطع المركبات المشتركة التغلب على التوترات القائمة بين الأحزاب، وإيجاد أدوات وسبل عمل مشتركة على أساس الوحدة، والحد من المناكفات الحزبية في عمل الكتلة البرلمانية، وبين نشطاء الأحزاب، بما في ذلك الخلافات داخل الأحزاب، وخلافات بين الأحزاب، ضرورة تغليب المصلحة العامة للقائمة التي هي مصلحة عامة على المصلحة الحزبية داخل المجتمع الفلسطيني، والعمل على تذليل الخلافات بإيجاد صيغة مناسبة لحصول كل حزب وقوته ونشاطه المميز بين صفوف فلسطينيي الداخل.[36]