- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
حليم بوعمري يكتب: مزيد من الإرهاب والمخدرات والهجرة غير الشرعية.. عواقب التدخل العسكري في النيجر على أمن الجزائر
حليم بوعمري يكتب: مزيد من الإرهاب والمخدرات والهجرة غير الشرعية.. عواقب التدخل العسكري في النيجر على أمن الجزائر
- 8 أغسطس 2023, 5:29:32 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الجزائر بلد مجاور للنيجر، ويشترك معها في حدود مشتركة يبلغ طولها 951 كم، وتحتفظ العلاقات الثنائية بين الجزائر والنيجر بأهميتها الاستراتيجية منذ عقود، حيث ترتكز على روابط تاريخية متينة، عززتها التحديات المشتركة في المنطقة، خاصة بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم.
هذا يعني أن الجزائر معرّضة بشكل مباشر لعواقب عدم الاستقرار، بعد دعوة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) لوضع خطة لعمل عسكري إذا لم يتم إسقاط انقلاب النيجر، وذلك بعد فشل الوساطة في إنهاء أزمة تهدد الأمن الإقليمي وتجتذب قوى عالمية، باعتبار أن النيجر تتمتع بأهمية استراتيجية لفرنسا وللولايات المتحدة والصين وروسيا، نظراً لثرواتها من اليورانيوم والنفط ودورها المحوري في التصدي للإرهاب في منطقة الساحل، ما دفع الجزائر إلى إدانة الانقلاب، ورفض كل أشكال التدخل الأجنبي والدعوة إلى عودة سريعة إلى النظام الدستوري.
يشكل التدخل العسكري الأجنبي في النيجر تحدياً كبيراً للجزائر ويزعج السلطات الجزائرية التي تخشى أن يفتح دخول الجيوش الأجنبية الباب أمام مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، ويشكل عدداً من التهديدات للأمن والاستقرار والاقتصاد الجزائري.
التحديات الأمنية:
بحكم الشريط الحدودي الشاسع بين الجزائر والنيجر، ونشاط الجماعات الإرهابية وتجار المخدرات في منطقة الساحل الإفريقي، سعت الجزائر إلى إقامة روابط أمنية متينة مع النيجر، سواء من خلال آلية دول الميدان التي تضم 5 بلدان، أو على الصعيد الثنائي عبر تبادل المعلومات بشكل مكثف وآني.
النيجر بلد مجاور للجزائر والتدخل الأجنبي بالبلد سوف يضر بأمن الجزائر، بما أن النيجر لاعب رئيسي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، فإن التدخل العسكري سيضعف قدراته على مكافحة الإرهاب، وعدم سيطرة النيجر على حدودها سيزيد من خطر الهجمات الإرهابية في الجزائر ويزيد من نشاطها، كما يمكن أن يعزز التدخل توسع الجماعات الإرهابية في المنطقة في مواجهة الجيوش الأجنبية، وبما أن النيجر هي بلد جار لمالي وليبيا، وهما دولتان تمتازان بعدم الاستقرار قد يخلق أيضاً فراغاً أمنياً يمكن أن تستغله الجماعات الإرهابية في التمدد، وجعل منطقة الساحل سوق لتجارة للسلاح.
إضافة إلى ذلك، سيؤدي التدخل العسكري في النيجر إلى عدم استقرار في المنطقة بأكملها، مما يدفع بدوره إلى زيادة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات إلى الجزائر، وقد يقوض أيضاً جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، ما قد يؤدي أيضاً إلى زيادة التهديد الذي يشكله الجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام وداعش في غرب إفريقيا.
الاستقرار الإقليمي:
أثار الانقلاب تساؤلات حول قدرة إيكواس ECOWAS على الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ودفعها نحو التدخل العسكري الأجنبي في النيجر يؤدي إلى زيادة نفوذ القوى الأجنبية المتنافسة في إفريقيا في منطقة الساحل، مما يشكل تهديداً مباشراً للمصالح الجزائرية.
يؤدي التدخل الأجنبي عسكرياً في النيجر إلى زعزعة استقرار المنطقة، في ظل ضغوط التقاطعات والتنافس الدولي ويبرز تقاطع المواقف الدولية والأطماع في موارد هذا البلد نظراً لثرواته من اليورانيوم والنفط والماس والذهب والفحم، ما يجعل الجزائر تتحمل أعباء التغيرات وصدام المصالح الأجنبية على حدودها.
الرهانات الاقتصادية:
يضر التدخل العسكري في النيجر بالاقتصاد الجزائري، لأن النيجر هو شريك تجاري للجزائر والتدخل الأجنبي سوف يعرقل التبادل التجاري بين البلدين، وتنقل الأشخاص والبضائع، هذه الأنشطة الاقتصادية عرفت تزايداً طردياً، خاصة بعد فتح الحدود سنة 2021، كما أن عدم الاستقرار في النيجر سينتج عنه زيادة تدفقات الهجرة نحو الجزائر، وهؤلاء المهاجرون هم غالباً أشخاص نازحون بسبب الحرب أو العنف، وغالباً ما يكونون فقراء وبلا موارد، ويضع هذا ضغطاً على البنية التحتية والخدمات الاجتماعية في الجزائر.
كما سيؤدي التدخل العسكري الأجنبي بالنيجر إلى انخفاض الاستثمارات والصادرات بين البلدين، مما يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الجزائري، خاصة بعد بروز التعاون الطاقوي بين الجزائر والنيجر في الميدان البترولي، متمثلاً في استثمارات الشركة الوطنية الجزائرية "سوناطراك" في النيجر، ما سيعطل استثمارات اقتصادية ومشاريع كبرى تراهن عليها الجزائر لتحقيق الاندماج الإفريقي وتحقيق الاستقرار عبر المقاربات التنموية، على غرار مشروع الألياف البصرية وحقل الكفرة النفطي المشترك، وخط الغاز نيجيريا – الجزائر مروراً بالنيجر.
في الختام، فإن المخاطر المرتبطة بالتدخل العسكري في النيجر حقيقية، ويجب أن يأخذها صانع القرار في الجزائر على محمل الجد، ويجب على الجزائر أن تعمل مع شركائها الدوليين للمساعدة على استقرار الوضع في النيجر ومنع مخاطر الاضطراب الإقليمي، لهذا يجب أن تجد السلطات الجزائرية مخارج لإدارة عواقب التدخل الأجنبي، مع التأكد من أنه لا يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.