- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
حازم مهني يكتب: الدين معاملة يا مسلمين
حازم مهني يكتب: الدين معاملة يا مسلمين
- 16 مارس 2024, 2:51:54 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ليس من الأخلاق أن نستقبل رمضان بالصواريخ والضجيج والإزعاج، ذلك ضرر شديد وسوء خلق، فالضرر من فعل الشيطان.
كلمة توجّهت بها إلى د. علي رضوان، بيت العلم والأصول صديق الطفولة، عشرة العمر الطيبة، زادكم الله محبةً وعلماً، ومكانة بالقلوب والعقول.
وأتمني من حضرتك والعلماء والخطباء الأفاضل، بل أتوجه برجاء لمعالي الدكتور وزير الأوقاف، أن يوجه معاليه خطب الجمعة، لتكون عن السلوكيات السلبية، وآثارها، وأضرارها، ودلالتها، وعقوباتها، التى انتشرت بشكل متوحش وزادت في رمضان بل ارتبطت به رغم أنها مستهجنة، ومرفوضة فى كل وقت وأوان، فكيف تكون هذه السمات البغيضة لصيقة بمثل هذا الشهر الكريم؟ من فعل هذا؟ وكيف نصمت على هذه السلوكيات العدوانية، الهمجية، غير الإنسانية؟ لا تليق بأي مجتمع محترم، ومن هذه السلوكيات وأسوأها ضرب المفرقعات المسماة بألعاب البمب والشماريخ والصواريخ، فهى ترويع للعامة من بنات، ونساء، وأطفال، و رجال.
فلابد من تضافر المجتمع كل في مسئوليته، يقوم بواجبه لرفض ومنع هذه الأفعال المُجْرِمَة، المُجَرّمة قانوناً وإنسانياً و شرعاً، لتتعاون الجهات المعنية جميعاً، ويدعمها الجميع ليتعافي المجتمع من هذه البؤر المرضية، قبل أن تتفشّي، سائلاً الله أن يحفظنا و يحفظ مصرنا ويهدينا ويصلح بالنا، وشبابنا، وكل عام وحضراتكم بخير جميعاً أعاده الله علينا جميعاً بالخير والبركة آمين يارب العالمين، والشكر موصول، لكل من يبذل جهده من أجل معاملة أفضل، مع العباد، إرضاءً لرب العباد.
فالدين المعاملة، وحُسن المعاملة واجبٌ شرعيّ، أمر ربّانى من الله بالحسنى إلى الناس، حيث قال تعالى: «..وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً..» (البقرة: 83)، وقال تعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ – سورة الحجرات (12).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا. – أخرجه أحمد والبخاري
وسيرة رسولنا (صلى الله عليه وآله وسلم) شاهدة على حسن تعامله مع الناس كافة، شهد له بها العدوّ قبل الصديق، ومن ذلك أنه عندما كان في الطريق إلى فتح مكة، ولقيه كفار قريش الذين أذاقوه وأصحابه أشد الأذى، واتهموه (صلى الله عليه وسلم) بالجنون والسحر،فما كان منه (صلى الله عليه وسلم) إلا حسن المعاملة والرفق واللين، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) «لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» (يوسف: 92)، وهذه العظمة في المعاملة جعلت غير المسلمين، يعترفون بسمو خلقه وحسن تعامله (صلى الله عليه وسلم) مع الناس كافة، و يعدُّونه الرجل الأول من عظماء البشرية ( كتاب المائة الأوائل، لمايكل هارت، ص21 ).
فهل نحن كمسلمين نعرف قدر نبيّنا صلى الله عليه وسلم؟ هل نحن مسلمون حقاً؟
هل نعمل بحسن الخلق؟ وحسن المعاملة؟ والدين المعاملة؟وكل منا يحب لنفسه ما يحب لأخيه؟ هذا ما أمرنا الله ورسوله، فهل نحقق ذلك؟ قد يكون هناك البعض، لكن أين الجميع، تأخذنا أمواج الحياة العاتية فيقسوا بعضنا على بعض، ونلوم الزمن، ياللعجب؟ فلنراجع أنفسنا، وأنا أولكم. دائما نتذكر أن الله فى السماء، وأبوابه مفتوحة دائماً، لمن أراد الرجوع إليه.
قال النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، وليسعهم منكم بسط الوجه، وحسن الخلُق».
بعض المسلمين يرددون عبارة «الدين المعاملة»، ويظنها بعضهم حديثاً نبوياً، و هي ليست كذلك، ولكن معناها صحيح باعتبار أن المعاملة الحسنة مع الله والخلق مطلوبتان، وهذا الأسلوب يراد به التأكيد على الأهمية كقوله (عليه الصلاة والسلام): «الدين النصيحة» (رواه مسلم، كتاب الإيمان، رقم 205).
ومن معانى حسن الخلق : أن يكون بّراً، وصولاً، وقوراً، صبوراً، شكوراً، راضياً، حليماً، رفيقاً، عفيفاً، شفيقاً، لا لعاناً، ولا سباباً، ولا نماماً، و لا مغتاباً، و لا عجولاً ، ولا حقوداً ، ولا بخيلاً، ولا حسوداً، بشاشاً، هشاشاً.
من أهمِّ الأخلاق التي يجب أنْ يتَّصِف بها الإنسان عامة، والموظف والعامل وصاحب العمل، الرئيس والمرؤس، الحاكم والمحكوم، هو «حسن التعامل مع الآخرين»، وهي صفة جامعة للعديد من الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها كل منا في عمله، من بشاشة واهتمام بالآخرين، واحترام للزملاء والمراجعين، وتقديم النصح، وحب الخير، وحسن المعاشرة مع الجميع، وحسن المعاملة يحتاجه الموظف مع رؤسائه، وزملائه ومرؤوسيه، وكذلك العملاء، والمواطنين، وكل من يتعامل معهم؛ فالرؤساء والمديرون في العمل لهم حق المعاملة الحسنة؛ لأنهم أقدر، وأكثر خبرةً في العمل غالباً، وحسن التعامل معهم يظهر في تنفيذ رغباتهم وتعليماتهم، ويجب على الموظف إحسان الظنّ بهم، وحسن التعامل معهم، فإذا سادت تلك الروح الإيجابية في العلاقة بين الرئيس والموظفين انعكس ذلك تلقائياً على كسر الروتين الوظيفي، وإشاعة روح المحبة والألفة في بيئة العمل، والوطن.
والمرؤوسون لهم حق المعاملة الحسنة، لأنهم مساعدون للرئيس والمدير في عمله، فلولاهم ما استطاع الرئيس أن ينجز مهامه، ومن المنطقي أن يكون الرئيس والمدير قدوةً لموظفيه ومرؤوسيه في التعامل الحسن، فإذا كان يتعامل معهم بالملاطفة والتبسم وترك التكلُّف، وتسهيل المهمات، والتغاضي عن الهفوات، والصدق والعدل، فإنهم سيكونون كذلك مع بعضهم، ومع غيرهم، بل سيظهر مردود ذلك في عملهم وإنتاجهم في حسن معاملتهم لموظفيهم.
والعملاء لهم حق المعاملة الحسنة، لأن رضاهم هو مقياس نجاح المؤسسة أو الشركة، فانطباعهم عن المؤسسة أو المصلحة يعكس رأيهم في تعامل موظفيها، ولأنهم أصحاب حاجة، فإن لم تستطع أن تقضي لهم حاجتهم فلا أقلّ من أن ينصرفوا مسرورين بما وجدوه منك من حسن التعامل.
إنّ إفتقادنا لحسن التعامل هو سبب ما فيه العالم من أزمات، ومشكلات، ضياع المعاملة ضياع الأخلاق، ضياع الدين
ومضات:
ليس من الأخلاق أن نستقبل رمضان بالصواريخ و الضجيج، والإزعاج، ذلك ضرر شديد و سوء خلق، فالضرر من فعل الشيطان.
"إفتكر وإنت بتفطر، وإنت بتصلى، إنك أذيت، أو ظلمت، وتقوّلت على أحد، وعند الله يجتمع الخصوم، يا ترى هتقول لربنا إيه؟ لما يسألك عنى؟ فيم ظلمتنى؟ ربنا يهديك، ويردك ردا جميلاً، و تطلب السماح ممن ظلمت، وهيسامحك لأنه طيب."
1 – ليس من الأخلاق أن نضمر الحقد، والحسد لبعضنا البعض.
2 – ليس من الأخلاق أن نظلم بعضنا البعض، لا قولاً ولا فعلاً، ولا نرضى بالظلم لغيرنا، فما لا نرضاه لأنفسنا لا نرضاه لغيرنا.
3 – خلقنا بنا ضعف للشهوات، لكن بنا قوة العزيمة والإيمان والمغفرة.
4 – الميل للشهوات ضعف بالنفس البشرية يحفظنا الله و يعفو عنا، و يغفر لنا ضعفنا، لكن استخدام قوتنا و ما رزقنا الله من منصب أو مكانة، فى الظلم، و المكائد، والأذى بأنواعه لفظا، أو فعلاً، ذلك فعل الشيطان إبليس و أبنائه (مع سبق الإصرار على الأذى و الشرّ)، فاحذر وانتبه وراجع نفسك، وكلّ ابن آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابين، نعم، لكن لو ظلمت أحدهم لابد أن ترد له مظلمته، تعويضاً حتى يرضى ويسامحك.
ختاماً: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عنى، يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك، وصرّف قلبى لطاعتك، واهدنا صراتك المستقيم واغفر لى ولوالدى والمؤمنين يوم يقوم الحساب آمين، غفر اللله لنا ولكم، ورحم أمواتنا وأمواتكم، وصبّر قلوبنا على فراق أحبابنا، ورحم ضعفنا، وستر عيوبنا، وفرّج همّنا، وشرح صدورنا وألّف بين قلوبنا، ونزع الغلّ من صدورنا، وردّنا إليه ردّاً جميلا. آمين يارب العالمين.