- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
جمعة رمضان: الدور التركي في المنطقة
جمعة رمضان: الدور التركي في المنطقة
- 28 أبريل 2021, 12:26:34 م
- 907
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الدور التركي في المنطقة قراءة مختصرة في ( الابعاد والخلفيات والمقومات )
يبدو التعاطي مع الشان التركي في عمق تحركاته وتحالفاته وتنسيقاته متشابكة الجوانب والمسارات عصياً دون الاشارة الى مهندس الاستراتيجية التركية " احمد داوود اغلو " حتى بعد تهميش دوره واقصائه عن مواقع القيادة سواء في حزب العدالة والتتنمية الحاكم في تركيا او الخارجية التركية التي رسم استراتيجيتها ومساراتها الخارجية خلال العقد الماضي . وهي الاستراتيجية التي ترتكز عليها السياسة التركية وتنطلق منها نحو الخارج، خاصة تجاه منطقة الشرق الاوسط، خروجا من عزلتها الاقليمية لتباشر ادوارا متباينة في كافة القضايا الشائكة في المنطقة " اذ تعد نظرية العمق الاستراتيجي التي صاغها وبلورها وزير الخارجية السابق احمد داوود اغلو الاساس الذي انطلقت منه السياسة الخارجية التركية في توجهها نحو الشرق الاوسط والتي تهدف الى اخراج تركيا من بلد هامشي يختزل دورها في عضوية المحاور الى بلد مركزي فاعل ومؤثر " [1]
ولا يخفى على المتابع للتحركات التركية في المنطقة حنكتها في ادارة تلك الملفات متناقضة الاهداف واللعب بحرفية على عدة مستويات فائقة التناقض ( اسرائيل – ايران – الدول العربية ـ الظهير الاوروبي – روسيا ) ، فبنظرة متعمقة الى دهاليز السياسة التركية البراجماتية الطابع بخلاف ظاهرها الايديلوجي القومي المعلن ستضيق المسافات بين السكرة الشعاراتية الملتحفة بالدين والقومية الطورانية وحلم الخلافة وبين الفكرة الواقعية متمثلة في الخطاب المؤسسي ذو الابعاد المتوازنة الممعنة في تحقيق مصالح مركبة ترتكز عليها الدولة التركية في سعيها الاستراتيجي لتعظيم الدور التركي في شرق المتوسط وربما ابعد من ذلك، سعي تتشابك فيه علاقات خارجية متوازنة مع أغلب الخصوم وفي ذات الوقت النفاذ الى صدر المشهد متى لاحت الثغرة وحانت الفرصة وتهيئت قواعد اللعبة ،
فساحة ساخنة مضطربة تتلاحق فيها الاحداث وتتبدل فيها خرائط السياسة على خلفية الربيع العربي المشتعل منذ بداية العقد الثاني من الالفية
ان تركيا تسعى للحفاظ على مصالحها مع الطرفين العربي والاسرائيلي
أن تعاظم الدور التركي في المنطقة قد يتعارض مع مصالح اطراف اقليمية،
الامر الذي يجعل تركيا تنتهج سياسات قابلة للشد والجذب بما يتوائم مع مصالحها " [2]
أهم مقومات الدور التركي :
الاقتصاد
حيث تمكنت تركيا في ظل حكومة حزب العدالة والتنمية من الوصول الى المرتبة 17 على قائمة أقوى الاقتصاديات في العالم واكبر سادس اقتصاد مقارنة بدول الاتحاد الاوروبي اذ وصل ناتجها المحلي عام 2015 الى 718.22 مليار دولار امريكي .
ونشطت تجارتها الخارجية حيث وصل حجم الصادرات الى 144 مليار دولار بنهاية 2015
وارتفعت ايرادتها من السياحة من 14 مليار دولار عام 2003 الى 31.5 مليار دولار عام 2015 [3]
ومن ثم فقد عززت تركيا علاقتها السياسية مع محيطها الاقليمي والدولي من خلال هذا الاداء الاقتصادي المتعاظم وبات الاقتصاد يشكل ركنا اساسياً في تحديد الموقف التركي من كافة الملفات والقضايا الاقليمية والدولية الساخنة، كموقفها من الثورة الليبية التي اندلعت في 2011 اذ نجد انه : " لم يصدر موقف رسمي تركي في البداية على العكس من موقفها ازاء الثورات التي شهدتها دول اخرى مثل تونس ومصر، حيث تحفظت تركيا على اي تدخل عسكري اطلسي في ليبيا، او فرض منطقة حظر جوي على ليبيا، لكن التطورات اللاحقة للاحداث دفعت تركيا الى الموافقة على المنحى العسكري في ليبيا،
هذا الموقف التركي الذي اتسم بالتردد غير الايجابي تم تفسيره على انه بدافع المصالح التجارية والاقتصادية " [4]
وقس على ذلك السياسة التركية واستراتيجيتها تجاه سوريا وكردستان العراق وكذلك ابعاد التقارب التركي الروسي والايراني والمصري مؤخرًا.
القوة العسكرية:
تعتبر القوات المسلحة التركية ثاني اكبر قوة مسلحة دائمة في حلف الناتو بعد الولايات المتحدة ،
كما تحتل المرتبة الثامنة عالمياً وفق تقديرات مركز fire power العالمي المتخصص في ترتيب الجيوش وقوة الدول العسكرية لعام 2014 ،
وياتي في المرتبة الثانية في الشرق الاوسط بعد اسرائيل ، ويحتل الجيش التركي رقم 15 على مستوى العالم في الانفاق العسكري [5]
مثل الموقع الجغرافي للدولة التركية تميزا جيوستراتيجيا اثر بشدة على السياسات والتوجهات التركية قديما وحدثيا وكان احد العوامل الكبرى المحددة للعلاقات التركية مع جيرانها الكثر بالحدود البحرية والبرية عند ملتقى قارتي اسيا واوروبا وذو اثر بالغ على ثقافة الشعب التركي ونزوعه التوسعي، دافعاً لتطوير علاقات عسكرية مع اطراف عديدة من ضمنها اسرائيل .
تعد الصناعة العسكرية التركية أحد الاولويات في السياسة التركية واستطاعت الاستفادة من تعاظم القدرة الاقتصادية في تطوير صناعتها الدفاعية مكنتها من صناعة اجزاء كبيرة من سلاحها خاصة السفن والطائرات عبر عن ذلك اردوغان فخلال كلمة القاها خلال مشاركته مراسم انزال سفين حربية محلية الصنع في بحر مرمرة 2016 حيث شدد على ضرورة تطوير قدرات تركيا الدفاعية والردع باستخدام الموارد المحلية والوطنية ،
واضاف " لا يمكننا التوقف والتباطوء ، خاصة فيما يتعلق بمسيرة تطوير الصناعات الدفاعية والعسكرية، وقبل كل شئ فان موقعنا الاستراتيجي لا يسمح لنا بذلك – وكالة الاناضول 2016 " [6]
المقومات البشرية
يبرز العامل البشري مرتبطا بالجغرافيا والتاريخ والهوية الدينية والاثنية مجتمعة ،
وهو عامل ظل متمظهرا في القومية الطورانية التي حلت كبديل هوياتي بعد انهيار الامبراطورية العثمانية الا انه وعبر تفاعلات ثقافية وايديلوجية صعدت قوى براجماتية محافظة تلاقحت مع توجهات مماثلة على امتداد الخريطة الجغرافية التي هيمنت عليها الامبراطورية العثمانية شرقا وغربا عبر قارتي اسيا وافريقيا ،
واستطاعت هذه القوى ان ترسخ تواجدها على الساحة التركية وتصل الى سدة الحكم وتسيطر الى حد بعيد على مفاصل الدولة التركية وتقاسم القوى القومية المشهد العام بل وتبرز عليها في غير مناسبة واستحقاق .
ورغم الصداع المزمن الذي تشكله الاقلية الكردية لجميع الحكومات المركزية التي توالت على الدولة التركية ما بعد الامبراطورية العثمانية فثمة سياق واستراتيجية استيعاب قائمة على توازنات داخلية وخارجية منذ اتاتورك تحدد العلاقة بين الدولة التركية والاكراد (الذين لا تعترف الدولة التركية بقوميتهم) في اطار من من المشاركة والادماج تارة والضغط المحسوب تارة ،
والاقصاء والمواجهة المسلحة مع الفصائل المطالبة بالاستقلال وبناء دولة كردستان تارة أخرى .
[6:1] مي سامي المرشد، الدور الاقليمي لتركيا تجاه الشرق الاوسط ( 2002 – 2016 ) ،
المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ، برلين - المانيا