الجاسوسية.. أسرار وألغاز الحلقة 21

جاسوس في القصر... الطبيب المتنفذ في قبضة «قلب الأسد»

profile
مصطفي إبراهيم رئيس التحرير التنفيذي لموقع 180 تحقيقات ورئيس تحرير موقع 180ترك
  • clock 16 سبتمبر 2024, 8:34:27 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01


* تسلم من مندوب الموساد أدوات عمله كجاسوس ولم يكن يعرف شيئاً عن خطة برغمان
* توالت عليه الدعوات من جامعات العالم وطاردته الصحف العالمية لإجراء حوارات معه
* امتد عمله إلى جميع أفراد أسرة السادات وبات قريباً من السادات فاتسعت صلاحياته
* أمد الموساد بكل ما أتيح له من معلومات بما في ذلك ما يدور داخل القصر الجمهوري
*كثرت سفرياته بحجج مختلفة  ليخرج من البلاد ويدخل وفي يده دليل إدانته

 

عالم الجاسوسية.. عالم غامض عجيب.. تكتنفه الأسرار وتغلفه الألغاز.. يمتلئ بالحوادث التي يصعب تصديقها.. ويندر أن تجول بخاطر أي إنسان.. لا تنتهي عجائب هذا العالم.. ولا تنضب أسراره.

ولا تزال سجلات المخابرات المصرية حافلة بالعديد من الجولات الناجحة التي خدعت فيها الموساد الإسرائيلي وتفوقت عليه وقضت على أسطورة الجهاز العبقري.. وكذبت شائعات الذكاء اليهودي الذي لا يهزمه احد أو يخدعه إنسان..
ولأهمية الجاسوسية أفردت لها الصحف والكتب والمواقع الإلكترونية صفحاتها لتسجيل أغرب الحوادث وأندر الحالات، وهو ما حولت جمعه وطرحة بين يدي القارئ في هذه السلسلة "سلسلة الجاسوسية أسرار وألغاز ..  التي سبق أن نشرتها في جريدة النهار الكويتية في عام 2013 ولأهمية الموضوع ولحب الجمهور لقراءة ملفات المخابرات نعيد نشرها في موقع 180 تحقيقات ... خدمة لقراء الموقع الأعزاء إلى قلوبنا..  وذلك بمعدل حلقة أسبوعية .

وفي هذه الحلقات نكشف خفايا هذه الملفات.. ونرفع الستار عن قصص جديدة وملفات مخفية شهدت صراعاً شرساً بين العقول.. ومواجهات حامية الوطيس بين المصريين والاستخبارات الإسرائيلية.. كانت أسلحتها الخطط المحكمة.. ومكائد مدبرة بعناية فائقة.. وسطر أبناء النيل بحروف من نور نجاحات مبهرة لعملاء أحسنت المخابرات المصرية تدريبهم.. ليتسللوا داخل المجتمع الإسرائيلي.. واستطاعوا بمهارة فائقة خداع أرقى المناصب. وأعلى الرتب في المجتمع الصهيوني ليحصلوا على أدق الأسرار.. وليكشفوا المستور.. وأماطوا اللثام عما يملكه الكيان المحتل من أسلحة وذخائر.. ونقلوا للقاهرة خرائط تفصيلية لمواقع وتحصينات جيش الاحتلال قبل معركة العبور المجيدة.

ولم يتوقف نجاح المخابرات المصرية على زرع عملاء داخل المجتمع الإسرائيلي وفي بيوت جنرالات جيش الصهاينة.. بل تمكن المصريون ببراعة فائقة من اصطياد جواسيس الأعداء و منعوهم من نقل الأسرار إلى تل أبيب.. وحجبوا عن الموساد المعلومات ووقعت جواسيسه تباعاً.. بل ونجحت المخابرات المصرية في تجنيد بعض جواسيس الموساد وجعلتهم عملاء للقاهرة وأرسلت من خلالهم رسائل خادعة إلى إسرائيل كان لها فضل كبير في خطط الخداع والتمويه التي مهدت لنصر أكتوبر العظيم.
 

لم يكن هذا الجاسوس كغيره ممن باعوا وطنهم ودينهم بأبخس الأثمان ولم يكن يتجول في الشوارع يتلقط الأخبار أو يجلس في المقاهي والنوادي وينصت للأنباء ويتحسس الأسرار، ويرسلها لمن يعمل لحسابهم، ولم يكن يتلصص على المنشآت العسكرية والاقتصادية ليرسل عنها تقارير، بل اخترق أعلى مؤسسة سيادية في البلاد، وتجاوز أسوار القصر الجمهوري، وكان مصدره رئيس الجمهورية شخصياً وحامت حوله الشبهات حول اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.. هو الجاسوس الشهير الدكتور علي العطفي المدلّك الخاص للرئيس المصري الراحل أنور السادات، وظل لسنوات داخل القصر الجمهوري يعمل لحساب الموساد الاسرائيلي دون أن يكتشفه أحد، ومن هنا كانت قصته ذات التفاصيل المثيرة والغريبة والتي اختلفت حولها الآراء.

في بداية الثمانينات من القرن الماضي ظهر في مصر كتاب يحمل اسم علي العطفي، وكانت هذه أول مرة يخرج فيها اسم العطفي الى الرأي العام، ويظهر اسمه على الملأ.. فأثار ضجة كبيرة في مصر والدول العربية.

جاء في الكتاب المنسوب اليه أنه هو الذي قتل الرئيس جمال عبدالناصر، على أساس أنه كان مدلكه الخاص، وتسبب في موته عن طريق تدليكه بكريم مسمّم، تغلغل في جسد الزعيم الراحل ببطء ثم قتله، وذلك معناه أن المخابرات الاسرائيلية كانت اخترقت منزل عبدالناصر وفراشه، وتسببت الاشاعة في حدوث بلبلة في مصر، زاد من تأثيرها ما قاله الزعيم الصيني شوان لاي لأول وفد مصري زار الصين بعد وفاة عبدالناصر، وكان الوفد برئاسة حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية في ذاك الحين، وقال الشافعي، في مذكراته التي نشرها منذ أكثر من عشرين عاماً، ان لاي قال لهم لقد كان عندكم رجل ثروة لكنكم فرطتم فيه، وفهم أعضاء الوفد المصري أنه كان يقصد ترك أمر علاج عبدالناصر للسوفييت، فقد بقي لفترة يتلقى العلاج الطبيعي في مصحة تسخالطوبو السوفييتية عام 1966، وأنه من الممكن أن يكون السوفييت دسوا له نوعا من السموم في المراهم التي كانوا يدلكونه بها، ووقتها، وبعد ظهور الكتاب، تذكر الجميع تلك الواقعة وأيقن الكل بأن عبدالناصر مات مقتولا، لكن ليس بأيدي السوفييت بل بيد الموساد الاسرائيلي عن طريق عميلهم علي العطفي، وراحت الصحف وقتها تفيض في نشر كل ما يتعلق بالموضوع، ظلت الاشاعة قائمة يصدّقها البعض ويكذّبها البعض الآخر.

وأكد الخبر الشاعر الشعبي المصري أحمد فؤاد نجم الذي أعلن امتلاكه اعترافا كاملا من الشخص المسؤول عن تسميم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، مؤكداً أنه حصل على اعتراف كامل من قاتل عبدالناصر الدكتور علي العطفي عميد معهد العلاج الطبيعي آنذاك والذي كان يعمل مدلكا خاصا للرئيس الراحل.

وأوضح نجم أن هذه الاعترافات جاءت خلال وجود العطفي بالزنزانة المجاورة له في السجن خلال حكم الرئيس السادات، حيث كان العاطفي وقتها محكوما عليه بالاعدام في قضية تخابر لصالح اسرائيل وأكد نجم أن العاطفي اعترف له بأن عملية القتل كانت بتخطيط اسرائيلي- أميركي..

وأضاف نجم الشهير بالفاجومي أيضا ان العطفي نجا من حكم الاعدام بناء على زيارة قام بها رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق مناحم بيجين لمصر ولقائه بالرئيس السادات، وفور علم العطفي بهذه الزيارة قال لنجم: أشوف وشك بخير أنا خارج قريب. وعندما سأله نجم عن سبب الافراج قال له الرجل بتاعنا جاي بكرة للقاء السادات وسيحدثه عني..

وأوضح نجم أنه مستعد للادلاء بهذه الشهادة أمام المحكمة اذا ما فتح ملف مقتل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مؤكدا أن العطفي هذا مازال حيا ويعمل في جنيف.

لكن سامي شرف مدير مكتب عبدالناصر ووزير شؤون رئاسة الجمهورية الرد عليها، ونشر على لسانه في صحيفة مصرية بتاريخ 9 ديسمبر2004 أن العطفي لم يتعامل مع عبدالناصر بأي شكل سواء مباشر أو غير مباشر وتحدى شرف أن يكون اسم العطفي مدرجا في سجلات الزيارة الخاصة بالرئيس والمحفوظة برئاسة الجمهورية، ثم تصدت أقلام أخرى ودحضت ما جاء في الكتاب المجهول الذي نشر منسوبًا الى العطفي وهو في السجن، واتضح أن الأخير جنِّد في الموساد بعد موت عبدالناصر، كذلك خلت أوراق القضية التي تحمل رقم 4 لسنة 1979 تماما من ذكر أي علاقة له بالرئيس عبدالناصر.

كان سبب انتشار الاشاعة أن العطفي حين اكتشف أمره أحيل الى المحاكمة في تكتم شديد، فقد أصدر السادات تعليمات مشددة للاعلام بالتكتم على الخبر الفضيحة، فماذا يقول الشعب حينما يرى أن الموساد اخترق منزل رئيس الجمهورية؟!! آثر السادات أن يتجرع مرارة الضربة بمفرده، ومن هنا كثرت الاشاعات والأقاويل حول حقيقة العطفي ودوره بعد انكشاف أمره بعد وفاة الرئيس السادات.

فيما أرجع الكاتب الصحافي المصري الشهير محمد حسين هيكل وفاة عبد الناصر لسم تم وضعه في فنجان قهوة تناوله ناصر بعدا أعده له الرئيس الراحل أنور السادات، مؤكداً أن السادات قام بتسميم الزعيم جمال عبد الناصر بفنجان القهوة المذكور!.، مضيفاً أنه قبل ثلاثة أيام من وفاة عبد الناصر كان هناك حوار بين عبد الناصر والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في جناح الزعيم المصري بفندق النيل هيلتون واحتدم الحوار بينهما وتسبب في ضيق لعبد الناصر وبدا منفعلا، وان كان حاول كتمان ذلك وقال لـأبو عمار اما ننزل غرفة الاجتماعات وننهى المؤتمر ونفض الموضوع ونتكلم كلام جد ونتفق، وتابع هيكل، السادات لاحظ انفعال عبد الناصر فقال له: ياريس انت محتاج فنجان قهوة وأنا حأعمله لك بايدى وبالفعل دخل السادات المطبخ المرفق بالجناح وعمل فنجان القهوة لكنه أخرج محمد داود وهو رجل نوبي وكان مسؤولا عن مطبخ الرئيس عبد الناصر، لكن السادات أصر على اخراج النوبي من المطبخ وأعد فنجان القهوة وأحضره بنفسه وشربه عبد الناصر، الا أن هيكل عاد واستدرك قائلاً بعد سرده القصة: لا أحد يمكن تصديق هذا لأن الموضوع لا يمكن القطع فيه الا بوجود دليل مادي.

وتقدمت رقية السادات، ابنة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، ببلاغ الى النائب العام تطالبه فيه بالتحقيق مع الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل بما ورد على لسانه حول اعداد السادات فنجان قهوة أعطاه للرئيس الاسبق جمال عبدالناصر قبل وفاته بأيام قلائل على نحو يساهم في التشكيك في أن وفاة عبدالناصر لم تكن طبيعية.

ومن جانبها اتهمت سكينة السادات شقيقة الرئيس الراحل أنور السادات... الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل بالتخريف... وقالت لبرنامج 48 ساعة: وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تم الفصل فيها بحكم محكمة عندما أثارت هذا الموضوع واتهمت الرئيس السادات بوضع سم لوالدها الرئيس عبدالناصر.. وأخذنا عليها حكم تعويض...

وعن اعادة فتح هيكل لملف اتهام السادات باغتيال عبدالناصر قالت سكينة السادات: هذا كلام تخريف وغير مقبول وغير معقول وثبت ان هذا الكلام تخريف بحكم قضائي لصالح رقية السادات التي حصلت على حكم تعويض ضد هدى عبدالناصر... وأضافت سكينة السادات: الرئيس عبدالناصر كان يتناول عشاءه في العامين الأخيرين عند السادات فلماذا لم يدس له السم خلال هذه الفترة... وكذبت سكينة السادات رواية هيكل بأكملها وقالت ان الرئيس السادات لم يعمل قهوة من أصله لعبدالناصر وحكاية السفرجي أيضا كذب..

وهيكل صحفي كبير لكن عيب أن يخرج عنه هذا الكلام لأنه تخاريف واحتا كأسرة السادات نحب الرئيس عبدالناصر مثل السادات تماما..!!

كما كذب الدكتور الصاوي حبيب، أحد أفراد الطاقم الطبي الخاص لعبدالناصر، والذي كان يتابع حالته الطبية منذ يوليو 1967 وحتى وفاته في سبتمبر عام 1970، تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة عبدالناصر.

تاريخ مرضي وراثي

وأيد حبيب في حديثه الواقعة التي رواها الصحفي المصري محمد حسنين هيكل عن قيام الرئيس المصري الراحل أنور السادات، والذي كان يشغل منصب نائب الرئيس آنذاك، باعداد فنجان من القهوة لعبدالناصر بعد انفعاله خلال أحد الاجتماعات قبل وفاته بثلاثة أيام، الا أن استبعد أن يكون قد تم دس السم لعبدالناصر في هذا الفنجان، وأشار الى أنه كطبيب لا يعرف نوعاً من السم يبدأ مفعوله بعد مدة طويلة من تناوله، وأن عبدالناصر لم يعاني من أي أعراض غير عادية بعد تناول تلك القهوة.

وكشف حبيب أن عبدالناصر كان قد تعرض لأزمة قلبية حادة قبل وفاته بعام، فضلاً عن أنه كان يعاني من تصلب في الشرايين ودوالي الرئتين، ومضاعفات مرض السكري، ونفى أن يكون هناك أي تقصير أو اهمال طبي تسبب في وفاته، لأن عبدالناصر أصيب بصدمة قلبية، أوقفت بشكل فوري عمل أكثر من أربعين بالمئة من عمل عضلة القلب.

وأرجع طبيب عبدالناصر التكنهات الكثيرة حول ظروف وفاة الزعيم وما اذا كانت طبيعية أم لا، الى أسباب عدة، منها السن المبكرة التي توفي فيها، (52 عاماً)، والموت والمفاجئ حيث أنه لم يمرض طويلاً، وللظروف التي كانت تمر بها مصر في ذلك الوقت حيث كانت في حالة حرب مع اسرائيل، بالاضافة الى عدم معرفة الرأي العام أي شيء عن الحالة الصحية للرئيس حتى فوجئوا بوفاته، فضلاً عن كثرة أعداء عبدالناصر وأصدقائه على السواء الذين يريدون معرفة الحقيقة.

ولمّح حبيب الى أن العوامل الوراثية قد يكون لها دور، مشيراً الى أن تاريخ عائلة عبدالناصر يحفل بوفيات مشابهة بعدة، حيث توفي بعده بعام واحد شقيقه في نفس السن تقريباً وبنفس المرض، ومن بعدهما بفترة وجيزة توفي شقيقه الثاني وبنفس المرض أيضاً، كما أن والدة عبدالناصر توفيت بصورة فجائية في سن الثلاثين، وتوفي خاله أيضاً في نفس عمر عبدالناصر، بأزمة قلبية ومضاعفات السكري.

تقول بيانات الجاسوس ان اسمه علي خليل العطفي، من مواليد حي السيدة زينب في القاهرة عام 1922، لم يحصل سوى على الشهادة الاعدادية فحسب، وبعدها عمل كصبي بقال، ثم عامل في أحد الأفران، ثم عامل في احدى الصيدليات، ثم انتهى به المطاف للعمل في مهنة مدلّك، وكانت مهنة غير منتشرة في ذلك الوقت، ولا يهتم بها سوى الطبقة الأرستقراطية. عمل العطفي كمساعد لأحد المدلكين الأجانب.

خـلــو السـاحـة

وبعد قيام الثورة رحلت غالبية الأجانب من مصر، وخلت الساحة له، كون ممارسي مهنة التدليك من الأجانب، فكثر الطلب عليه وازدحمت أجندة مواعيده وراح يتنقل من قصر فلان الى فيلا فلان، وكثر اختلاطه بعلية القوم، وأعطى لنفسه لقب خبير علاج طبيعي، وكان هذا المصطلح حديث عهد في مصر، فلما ظهرت الحاجة لوجود العلاج الطبيعي في مصر ونشره كعلم ومهنة وجد لنفسه مكانا بين رواده، فانضم الى قائمة مدربي العلاج الطبيعي في معاهد التربية الرياضية في مصر وبدأت الدولة ترسل خريجي تلك المعاهد في بعثات تدريبية الى أوروبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فعاد هؤلاء الى مصر وهم يحملون درجات الدكتوراه. عام 1963 وجد العطفي اسمه في كشوف من تمت الموافقة على سفرهم الى الولايات المتحدة الأميركية فوجد أن أمامه فرصة ذهبية للوصول الى أعلى المناصب لو حصل على الدكتوراه، لكن كيف وهو ليس معه سوى الشهادة الاعدادية، بحسب اعترافاته في ما بعد، أنه استطاع الحصول عليها من رجال الموساد في سفارة اسرائيل في أمستردام، حيث عاش فترة في هولندا وتزوج منها، وحصل على الجنسية الهولندية، وأصبح هناك مبرر لسفرياته الكثيرة والتي كانت تتم كغطاء لنشاطه التجسسي، وبعد ذلك وبموجب شهادة الدكتوراه المزوّرة عمل أستاذا في معاهد التربية الرياضية، وانتُخب رئيسا للاتحاد المصري للعلاج الطبيعي، وكان أول عميد للمعهد العالي للعلاج الطبيعي في مصر منذ انشائه عام 1972 حتى قُبض عليه في 18 مارس1979.

ارتبط العطفي من خلال عمله بشبكة علاقات قوية بكبار المسؤولين في مصر، وكان في مقدمة أصدقائه كمال حسن علي أحد من تولوا رئاسة جهاز المخابرات العامة المصرية، ورئاسة الوزراء في مصر، وعثمان أحمد عثمان صهر السادات وصاحب أكبر شركة مقاولات في مصر وقتها، كان طريقه لتلك الصداقات صديق عمره الكابتن عبده صالح الوحش نجم النادي الأهلي في ذلك الحين، والمدير الفني للمنتخب الكروي المصري وقتها، الذي جعله المشرف على الفريق الطبي للنادي الأهلي، فتعددت علاقاته، حتى أصبح المدلك الخاص لرئيس الجمهورية بدءاً من عام 1972.

كشفت التحقيقات التي أجريت مع العطفي أنه هو الذي سعى الى المخابرات الاسرائيلية بنفسه عن طريق سفارتهم في هولندا، وتبين لرجال الموساد أنه شخص ليس له عزيز، وصديقه الوحيد في الدنيا هو المال، وليس له أي انتماء لوطنه ولا يتقيد بأي مبدأ، وبالتالي تمت الموافقة على اعتماده كعميل مخلص لهم.

بعد الموافقة على تجنيده تم الاتصال به من القاهرة عن طريق أحد عملاء الموساد وطلب منه سرعة السفر الى أمستردام، وبعد أربعة أيام كان هناك من دون أن يعرف لماذا طلبوه هناك، وما هي المهمة المكلّف بها، ومن سوف يلتقي به، وظل يتجول في شوارعها وبين حدائقها، حتى وجد فتاة تصدم به وهو يسير في احدى الحدائق، وكادت تقع على الأرض، ولما حاول مساعدتها وجدها تناديه باسمه وتطلب منه قراءة الورقة التي وضعتها في جيب معطفه من دون أن يشعر! ثم اختفت الفتاة خلال ثوان بالكيفية نفسها التي ظهرت بها. مد العطفي يده لجيب معطفه وقرأ الورقة التي دستها الفتاة المجهولة، وكان فيها عنوان مطلوب منه أن يذهب اليه في اليوم نفسه بعد ساعات عدة، وعندما وصل الى بداية الشارع الذي فيه العنوان المذكور وجد سيارة سوداء تقف بجواره ويطلب منه سائقها أن يركب بسرعة، وبمجرد أن دلف داخل السيارة وانطلقت به فوجئ بالفتاة المجهولة التي أعطته الورقة بجواره. توقفت السيارة بالعطفي وبصحبته الفتاة المجهولة، أمام احدى البنايات!! سار خلف الفتاة بين ردهات عدة حتى وصل الى حجرة ذات تجهيزات خاصة، كان فيها شخص ذو ملامح مصرية، وقف يستقبله قائلا: ايلي برغمان ضابط الموساد المكلف بك، ولدت وعشت حتى بدايات شبابي في القاهرة، ثم هاجرت مع أسرتي الى اسرائيل. ثم بدأ الاتفاق على تفاصيل العمل، فأخبره برغمان بأنه سيخضع لدورات تدريبية مكثفة، واتفق معه أيضا على المقابل الذي سيأخذه نظير خدماته لـالموساد، وعُرض على جهاز كشف الكذب قبل أن تبدأ تدريباته على أعمال التجسّس

كان برنامج التدريب الذي خضع له العطفي يركز على تأهيله ليكون نواة لشبكة جاسوسية تخترق الوسط الطبي والأكاديمي في مصر، فدُرّب على استخدام أجهزة الارسال والاستقبال بالشفرة، وتصوير المستندات بكاميرات دقيقة، واستخدام الحبر السري، كذلك تضمن التدريب تأهيله نفسيا ومعنويا للتعامل مع المجتمع بوضعه الجديد، حتى أصبح العطفي مؤهلا تماما للقيام بالعمليات التجسسية لصالح الموساد الاسرائيلي داخل مصر.


 

التعليقات (0)