- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
بعد انسحاب الحريري سياسيًّا.. أين ستذهب أصوات السُّنَّة في الانتخابات اللبنانية؟
بعد انسحاب الحريري سياسيًّا.. أين ستذهب أصوات السُّنَّة في الانتخابات اللبنانية؟
- 21 أبريل 2022, 12:28:49 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد انسحاب رئيس الوزراء السابق سعد الحريري من الحياة السياسة، يتنافس قادة آخرون من السُّنة الآن على أصوات أنصاره المتناثرة؛ هذا ما خلُص إليه آدم شمس الدين في تقرير نشره موقع «ميدل إيست آي».
قال شمس الدين إنه عند دخول مدينة صيدا جنوب لبنان من مدخلها الشمالي، يتم استقبال الزوار من قبل مسجد لامع يعرض العمارة العثمانية، وقد شُيِّد مسجد بهاء الدين الحريري على يد رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وسُمي تخليدًا لذكرى والده الذي عاش وربى أطفاله الثلاثة في المدينة الساحلية، ويقف المسجد، الذي افتُتح رسميًّا بعد قرابة عام على اغتيال الحريري عام 2005، شاهدًا على وجود عائلته ونفوذها في صيدا، حيث سيطر اسم الحريري على المشهد السياسي منذ فترة طويلة.
منذ الانتخابات النيابية عام 1992، وهي الأولى بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، شغلت بهية الحريري – شقيقة رفيق الحريري وعمة رئيس وزراء سابق آخر، سعد الحريري – مقعدًا يمثل المدينة، وهو المقعد الذي من المقرر أن تحتفظ به حتى الانتخابات المقبلة في 15 مايو (أيار) 2022.
لكن في يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن سعد الحريري أنه سيعلق مشاركته في الحياة السياسية، وكذلك مشاركة حزبه، تيار المستقبل، أكبر كتلة سياسية سنيَّة؛ ونتيجةً لذلك، وفي خطوة لدعم قرار ابن أخيها، قالت بهية إنها لن تترشح لإعادة انتخابها، وبالتالي حُرمت المدينة من مرشح من عائلة الحريري لأول مرة منذ ثلاثة عقود.
تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه لبنان اضطرابًا كبيرًا؛ إذ تستمر الأزمة الاقتصادية القائمة منذ سنوات، التي دفعت بالفعل أجزاء شاسعة من البلاد إلى الفقر، والتي تفاقمت بسبب الانفجار المدمر في ميناء بيروت في أغسطس (آب) 2020، والحرب في أوكرانيا التي كان لها تأثير كبير على واردات الغذاء.
تقف الطبقة السياسية في لبنان على خط النار؛ إذ يُلقى باللوم على تعنتها والمحسوبية والفساد على نطاقٍ واسعٍ في كثيرٍ من هذه المشكلات.
الترشح بشكل فردي
وأشار شمس الدين إلى أن قرار الحريري بتعليق النشاط السياسي ترافق مع تعليماتٍ واضحةٍ لأعضاء كتلته النيابية مفادها أن أي شخص يريد الترشح للانتخابات عليه أن يفعل ذلك دون الارتباط بتيار المستقبل.
أعلن سامي فتفت، أصغر عضو حالي في البرلمان وعضو في كتلة تيار المستقبل النيابية، أنه سيواصل الترشح للانتخابات في المنطقة الشمالية الثانية من لبنان، التي تضم طرابلس والمنية والضنية، على الرغم من قرار زعيمه، وأوضح فتفت لموقع «ميدل إيست آي» أنه بعد إعلان سعد الحريري قراره، التقى رئيس الوزراء السابق بكتلته البرلمانية وأخبرهم أنه لن يعارض أي شخص يقرر الترشح للانتخابات، لكن أي شخص مرتبط بالحزب سيضطر إلى الاستقالة قبل القيام بذلك.
وقال: «الحريري كان واضحًا جدًّا خلال الاجتماع الأخير، ونصح الجميع بتقييم وضعه في دائرته الانتخابية وهذا ما فعلته، وكان تقييمي أنني لن أقبل أن تترك منطقتنا لانتصار ساحق لخصمنا [الحركة الشيعية] حزب الله»، وأضاف فتفت أنه على الرغم من تنبؤات بعض المعلقين بأن إعلان الحريري يعني نهاية مسيرته السياسية، لا تزال هناك حياة في الأسرة، موضحًا: «سعد الحريري علَّق نشاطه السياسي ولم يتقاعد».
قبل وقتٍ طويل من انسحاب رئيس الوزراء السابق من الحياة السياسية، بدأ الرئيس السابق لقوى الأمن الداخلي، أشرف ريفي، في النأي بنفسه عن الحريري، حليفه السابق؛ ففي الانتخابات العامة عام 2018 – يضيف شمس الدين – خاض ريفي الانتخابات ضد زعيم المستقبل في طرابلس، عاصمة الشمال، واليوم يعوِّل على أصوات الحزب المتناثرة للحصول على مقعدٍ برلماني، مدعومًا بتقارير غير مؤكدة عن دعم سعودي لقائمته، وستكون طرابلس أيضًا موطنًا لقائمة منافسة يدعمها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي.
بينما قرر ميقاتي عدم الترشح شخصيًّا في الانتخابات والحفاظ على مسافة بوصفه رئيسًا للحكومة، أشارت التقارير المبكرة إلى أنه سيكون قادرًا على تأمين عدد المقاعد نفسه؛ التي تمكَّن من الفوز بها في عام 2018، ويتنبأ العديد من الخبراء بأن الفراغ الذي خلفه الحريري سيمتلئ بقادة المنطقة، في حين يعد آخرون قراره مناورةً سياسية؛ تهدف إلى إعادة صياغة نتائج الانتخابات، وبالتالي الضغط على الرياض.
ضغوطات سعودية
قال حسين أيوب، المحلل السياسي ورئيس تحرير الموقع الإخباري «180 بوست»، لـ«ميدل إيست آي» إنه على الرغم من أن الحريري لن يشارك شخصيًّا بشكلٍ مباشرٍ في الانتخابات المقبلة، إلا أنه مع ذلك سيراقبها عن كثب، لأن النتائج قد يكون لها تأثير حاسم على مستقبله السياسي.
وأكد أنه يرى تعليق الحريري لحملته السياسية محاولة أخيرة لإثبات جدارته للسعودية الراعية منذ فترةٍ طويلةٍ، التي أنهت دعمها لرئيس الوزراء السابق في السنوات الأخيرة، قال أيوب: «رهان الحريري في الانتخابات المقبلة هو أن يظهر للسعودية ما سيحدث لأصوات السنة إذا لم يكن حاضرًا سياسيًّا، وسيحاول أن يظهر للسعوديين أن غياب تيار المستقبل سيؤدي إلى زيادة المقاعد المخصصة لعدو السعودية، حزب الله».
أيد العديد من أعضاء البرلمان المنتمين لتيار المستقبل علنًا قرار زعيمهم واختاروا تعليق مشاركتهم في الانتخابات المقبلة؛ لكن بينما لم ترعَ صيدا، مسقط رأس الحريري، أي مرشحٍ مقربٍ من دائرته السياسية، فإن حالة بيروت مختلفة، حيث يُنظر إلى رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، الموالي للحريري منذ فترةٍ طويلةٍ، والذي غالبًا ما يُنظر إليه على أنه معلمه، على أنه سيتولى زمام الأمور بدلًا من الحريري في الانتخابات المقبلة.
عندما عجز عن دعم قائمة المرشحين في صيدا، مسقط رأسه، أعلن السنيورة دعمه لقائمة المرشحين في بيروت، وبعد أن كان الشخصية السياسية الوحيدة التي تمت دعوتها إلى مأدبة الإفطار السعودية، يرى الكثيرون الآن هذه القائمة على أنها القوة الرئيسة للسياسيين السُّنة المدعومين من السعودية في البلاد.
لا مفاجآت سياسية؟
ينقل التقرير عن محمد شمس الدين، الباحث في المؤسسة الدولية للمعلومات، قوله إنه بعد ثلاثة أشهر من قرار الحريري، لم يكن الزلزال السياسي المتوقع سوى نسيمٍ سياسي، وقال شمس الدين: «في 2018 [الانتخابات البرلمانية]، كان عدد المرشحين السُّنة 304، اليوم ارتفع عدد المرشحين إلى 311، ما يعكس عدم وجود مقاطعة سنِّية بعد قرار الحريري».
وجادل شمس الدين أنه على الرغم من أن العديد من الشخصيات السنية البارزة قررت عدم الترشح للانتخابات، إلا أنه لم يتم توجيه أي دعوة للمقاطعة من قِبل المؤثرين السياسيين والدينيين السنة؛ لذلك توقع أن التصويت السني، الذي شكَّل ما يقرب من 44% من المؤهلين للتصويت في عام 2018، سيظل كما هو إلى حدٍّ كبيرٍ.
وقال شمس الدين: «قرار الحريري لم يكن له التأثير المنتظر الذي اعتقده البعض بما في ذلك تأجيل الانتخابات؛ لكن في ظل غياب تصويت سنِّي موحدٍ في كثير من المناطق التي دعمته ذات يوم، ومع وجود العديد من القوائم المتنافسة على المقاعد والأصوات السنية، قد يكون لحزب الله وحلفاؤه، بكتلهم الانتخابية الموحدة، ميزة التصويت المتأرجح الذي يمكنه ان يحدد الخارطة الانتخابية السنية في الانتخابات المقبلة».