- ℃ 11 تركيا
- 6 نوفمبر 2024
النفط بالمقدمة.. المصالح الاقتصادية تؤشر بعدم تعافي العلاقات الأمريكية السعودية
النفط بالمقدمة.. المصالح الاقتصادية تؤشر بعدم تعافي العلاقات الأمريكية السعودية
- 25 أبريل 2023, 11:52:47 م
- 636
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط تقرير نشره موقع ذا كرادل، الضوء على المنعطف الحساس الذي تمر به العلاقات الأمريكية السعودية، بسبب المتغيرات على الساحة الدولية، خاصة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، واحتدام منافسة القوى العظمى.
رجح التقرير عدم تعافي العلاقات الأمريكية السعودية عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، مستشهدا بعلاقة البلدين في مجال الطاقة (وتحديد النفط) التي تحولت من الشراكة إلى المنافسة، في ظل سعى الرياض لحظ مصالحها مع بكين وموسكو على حساب واشنطن.
وأوضح التقرير أن واردات الولايات المتحدة من النفط السعودي تراجعت في الوقع الحالي إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، واستمرت مشتريات الصين من النفط السعودي في النمو كما تلاقت مصالح الطاقة الروسية السعودية بشكل كامل.
واستعرض التقرير تاريخ وتداعيات ربط الولايات المتحدة الأمريكية عملتها الدولار بالبترول بدلا من الدهب عام 1974، في مقابل وعد أمريكي بتقديم الدعم العسكري والأمن والحماية للرياض، إلى جانب المساعدة في تنمية الاقتصاد السعودي من خلال مختلف الاستثمارات والمبادرات الاقتصادية.
وبعد اتفاق ربط الدولار بالبترول (اتفاق البترودولار) تزايدت صادرات النفط السعودية إلى الولايات المتحدة بشكل كبير كانت حماية مصادر النفط السعودية أمراً ضروريا لواشنطن، فما يقارب ثلث وارداتها النفطية تأتي من هناك. كما أن السوق الأمريكي كان مهماً جداً للرياض التي كانت تصدّر أكثر من ربع صادراتها النفطية إلى الولايات المتحدة.
لكن واشنطن أدركت بعد ذلك حينها أنها تعتمد بشكل كبير على الواردات النفطية، وخاصة من السعودية، فانخرطت في مسار لتخفيف تلك الواردات وزيادة إنتاجها النفطي ونجحت في تحقيق ذلك بالفعل.
بالتالي لم تعد أمريكا سوقاً جذّاباً للرياض ولا السعودية مصدراً نفطيّاً ضرورياً للولايات المتحدة. بل زيادة واشنطن لإنتاجها من النفط الصخري بشكل كبير عنى أن منافساً جديداً دخل سوق الطاقة، الأمر الذي ساهم في دفع السعودية إلى التفكير بأنّ دورها المؤثّر كمورِّد استراتيجي للنفط في العالم قد تمّ تقويضه.
بعد تراجع صادرات النفط السعودية إلى الولايات المتحدة، وجدت الرياض في الصين سوقاً جديداً لصادراتها النفطية. فمَن أفضل مِن المستورد الأكبر للنفط في العالم؟ وبين عام 1994 وعام 2005 زادت واردات النفط الصينية من السعودية بنسبة 16.3%. اليوم أصبحت الرياض المصدّر الأول للنفط الذي تحتاجه بكين، حيث صدّرت عام 2022 نحو 1.75 مليون برميل في اليوم إليها.
وبعد 35 عاما من تعاون الولايات المتحدة والسعودية ضد الاتحاد السوفيتي بإغراق سوق النفط ردا على غزوه لأفغانستان، باتت السعودية تنظر إلى الولايات المتحدة كمنافس لها في السوق بسبب زيادة واشنطن إنتاج النفط الصخري لديها.
فبين عامي 2010 و2021 زادت الولايات المتحدة الأمريكية إنتاجها من النفط الصخري من ما يقارب 0.59 مليون برميل في اليوم إلى 9.06 مليون برميل في اليوم. هذا التزايد الكبير بإنتاج النفط الصخري كان دافعاً رئيسياً لاتخاذ الرياض قرار زيادة إنتاج النفط عام 2016، بهدف خفض الأسعار وضرب الإنتاج الأمريكي، كون كلفة إنتاج النفط الصخري أعلى من غيرها.
وفي أيامنا هذه، باتت السعودية عقبة أمام المصالح الطاقوية الأمريكية وداعماً لمنافسي واشنطن الذين تتقاطع مصالح الرياض الطاقوية معهم.
فبعكس التوقّعات، فشلت كل خطوات الولايات المتحدة، منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، لإقناع الرياض بزيادة ضخ النفط في السوق العالمي لضرب الاقتصاد الروسي المعتمد على صادرات الطاقة بشكل كبير.
والواضح أن سعودية اليوم ليست مثل سعودية العام 1985، التي كانت عوناً وسنداً لأمريكا في وجه الاتحاد السوفياتي.
وفي غضون ذلك، يدور نقاش اليوم في واشنطن حول جدوى الحفاظ على التزام أمريكا بأمن السعودية، خاصة أن الرياض لم تعد مصدراً رئيسياً للنفط بالنسبة لواشنطن.
يعتقد البعض أن أمريكا تقدّم خدمة كبيرة للصين من خلال تأمين مصادر الطاقة التي تحتاجها الأخيرة. بينما يرى البعض الآخر أن انسحاب واشنطن سيخلق فراغاً تملؤه بكين لضمان أمن الطاقة.
وقد أثبتت الحرب في أوكرانيا أن الرياض مستعدّة للوقوف بوجه الولايات المتحدة في حال شعرت أن مصالحها النفطية مهدّدة. فاليوم تبدّلت الأحوال، ولم تعد أمريكا شريكاً طاقوياً للسعودية، بل منافساً، وفي المقابل أصبحت الصين وروسيا شريكين ضروريين لضمان مصالح الرياض النفطية.
وعليه لا شك أن المصالح النفطية المتزايدة بين الرياض من جهة وموسكو وبكين من جهة أخرى، مقابل تراجع أهمية واشنطن النفطية بالنسبة للسعودية، كانت عاملاً رئيسياً دفع بمحمد بن سلمان للعمل على تنويع خياراته في السياسة الخارجية اليوم.