- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
المقاطعة في الأردن... المنتج المحلي ينتعش والداعم للاحتلال يستعد للانسحاب
المقاطعة في الأردن... المنتج المحلي ينتعش والداعم للاحتلال يستعد للانسحاب
- 20 يونيو 2024, 6:37:28 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
باتت مقاطعة منتجات الدول والشركات الداعمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ثقافة وأسلوب حياة عند أغلب الأردنيين، الذين أطلقوا يوم الـ 7 أكتوبر 2023 حملة مقاطعة هي الأكبر من نوعها، واستمرت بزخم عال حتى بعد مرور 9 أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأثرت تلك المقاطعة على الثقافة الاستهلاكية للأردنيين، حيث بات من الضروري على المتسوقين هناك، التأكد من أنهم لم يبتاعوا سلعة لشركة أو دولة داعمة، لأن ذلك بالتأكيد سيضعهم في مواقف شعبية محرجة.
ويقول زيد العمري، المغترب في إحدى العواصم الخليجية، ويقضي حاليا إجازة العيد مع عائلته في عمّان، إنه بينما كان يتسوق في أحد المراكز التجارية شمال عمّان، التقط بعض المنتجات لأطفاله "ووضعتها في عربة التسوق، وبينما أنا أتجول لاحظت أعين الناس تنظر إلي نظرات، هي خليط من العتب والاستصغار" على حد تعبيره.
وأضاف لمراسل "قدس برس" أنه "في نهاية المطاف أدركت أنني كنت قد وضعت قطعاً من الشكولاتة والبسكويت، وعلب من المشروبات الغازية المقاطعة"، مؤكدا على أن "المجتمع الأردني يجرم حاليا غير المقاطعين... ذلك لم ألحظه في المدينة التي أعمل بها (في إحدى دول الخليج).
وشدد العمري، على أنه لاحظ بسهولة أن المقاطعة "أصبحت أسلوب حياة، وأن غالبية الأردنيين يبحثون عن منتجات بديلة لمنتجات دول داعمة للاحتلال، باعتباره أقل الواجب تجاه من يمارس القتل والتجويع على الفلسطينيين".
ويرى رجل الأعمال الأردني والمستثمر في قطاع المواد الغذائية والمطاعم والصناعات الكيميائية، رسمي الملاح، أن المقاطعة "انعكست إيجابا على المنتج المحلي الأردني، وأن تلك المنتجات لاقت رواجا كبيرا بعد انتشار المقاطعة وتوسعها واستمرارها بعد ٩ شهور من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة".
وبيّن أن مبيعات المنتجات الكيماوية مثل سوائل غسل الأيدي والمعقمات ومنتجات غسيل الملابس وغسيل الأواني "ارتفعت بنسب كبيرة بعد مقاطعة الأردنيين لمنتجات الشركات الأجنبية التي كانت تورد مثل تلك المستهلكات، وتورطت بدعم جيش الاحتلال".
وكشف الملاح لمراسل "قدس برس" أن مبيعات المطاعم التي يمتلكها "ارتفعت بنسبة لا تقل عن 25 بالمئة بعد المقاطعة، وأصبحت الوجبات السريعة التي يقدمها في مطاعمه مقصدا للأردنيين الذين أبدوا إعجابهم بمستوى جودة وسعر المنتج المحلي، ومن جهة أخرى بديلا لمنتجات مطاعم تقدم وجبات سريعة تتبع دولا تقدم دعما لا محدودا لدولة الاحتلال للاستمرار في قتل وتجويع الفلسطينيين" على حد قوله.
من جهته، قال رجل الأعمال الأردني، والمستثمر في مجال صناعة الشكولاته، حازم محمد، أن "مقاطعة المنتجات الأمريكية والأوروبية لفت الانتباه أكثر لمنتجاتنا المحلية، وارتفعت معه نسب التصدير إلى الخارج، حيث بات التجار يبحثون عن منتجات بديلة، ووجدوا حينها في منتجاتنا ما يستحق الشراء".
وقال "أصبحنا نصدر بشكل أكبر من السابق، ودخلت منتجاتنا إلى أسواق جديدة لم نكن نستطيع الدخول إليها سابقا".
مراكز تسوق عالمية تغلق عددا من فروعها بسبب حملات المقاطعة
وكانت "قدس برس" حصلت على وثيقة تظهر فيها سلسلة دولية للبيع بالتجزئة، تعمل في الأردن، تطرح تسويات مع مورديها بسبب حملات المقاطعة، معتذرة عن التأخير في تسوية مدفوعاتهم الأخيرة؛ "نظرا للظروف الحالية التي تؤثر في أعمال الشركة حيث تواجه تحديات في الحفاظ على جدول دفع منتظم للموردين" في إشارة إلى تأثر تلك الشركة بمقاطعة الأردنيين لها، بسبب ورود اسمها في قوائم الشركات الداعمة للاحتلال.
وتعاني الشركة المذكورة من مقاطعة محلية وإقليمية منقطعة النظير، بسبب جنسيتها التي تنتمي إلى دولة أوروبية، تدعم سياساتها جيش الاحتلال في مجازره التي يرتكبها في غزة منذ أشهر.
وتحدثت "قدس برس" لعاملين في مطاعم للوجبات السريعة تواجه حملات مقاطعة لمنتجاتها، مؤكدين على أنهم "يتعرضون لأسوأ تراجع في المبيعات منذ بداية عملهم في الأردن".
وقال موظفون، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، أن مبيعات الفروع التي يعملون فيها تراجعت بنسبة وصلت إلى ٨٥ بالمئة، بينما تأثير المقاطعة أقل في الفروع الموجودة في الأماكن السياحية.
وأشاروا إلى أن إداراتهم فرضت عليهم إجازات بدون راتب خلال فترات محددة، في محاولة للحد من الالتزام بصرف رواتب كاملة.
وتم إغلاق فرعين، حتى الآن، لسلسلة مقاهي عالمية، في وسط العاصمة عمّان وغربها. فيما أكد مستثمرون محليون في قطاع المقاهي، على انتعاش فروع مقاهيهم، الأمر الذي دفعهم إلى افتتاح المزيد من تلك الفروع، التي بدأت تستوعب المسرحين من الشركات المقاطعة.
وأكد نائب رئيس غرفة صناعة عمّان تميم القصراوي لـ "قدس برس"، أن "الأردن تبنى نهجا في الصناعة يقوم على مبدأ الاعتماد على الذات، وخصوصا بعد جائحة كورونا وإغلاق كافة دول العالم حدودها أمام حركة التجارة".
وأضاف أن "أحداث غزة وتعطل عمل بعض المضائق الدولية، لفت النظر مجددا إلى أهمية الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية والاعتماد على النفس وتطوير منتجاتنا المحلية وزيادة الاستثمار في الصناعة الوطنية وإنتاج منتجات يحتاجها السوق المحلي وعدم الاعتماد على الآخرين، لا سيما في الصناعات الغذائية والدوائية والكيماوية والمنظفات، وغيرها".
وأكد أهمية تحقيق الأمن الغذائي عبر زيادة الاستثمار في الصناعة الوطنية ومنح المستثمرين فيها حوافز ومغريات لتوسيع أعمالهم في الأردن.
وأكد القصراوي أن مقاطعة الأردنيين لمنتجات الشركات والدول الداعمة للاحتلال، "انعكست إيجابا على المنتجات المحلية على شكل زيادة في الانتشار والمبيعات والتصدير، وعلى زيادة توظيف الأردنيين في مصانع الشركات التي استفادت من حملات المقاطعة".
وأوضح أن صناعة المنظفات والمواد الغذائية "تتمتع بجودة عالية، وتصدر إلى معظم دول العالم، وزاد الاعتماد عليها بعد جائحة كورونا، وبعد حملات المقاطعة، مبينا أن ٧٤ بالمئة من المنظفات في الأسواق المحلية تعود في إنتاجها لشركات محلية، وأنها باتت تستحوذ على ما يزيد عن ٧٥ بالمئة من مبيعات السوق المحلي".
وشدد القصراوي على أنه "لم يكن بيدنا وسيلة أخرى كشعوب سوى المقاطعة بعد أحداث غزة للتعبير عن تضامننا مع أهلنا فيما يتعرضون له من قتل وتجويع وصمت مجتمع دولي لم يحرك ساكنا لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة".
وأعرب نشطاء في حركة "الأردن تقاطع" عن ارتياحهم من التفاعل الشعبي الأردني مع المقاطعة، في الوقت الذي لم يخفوا فيه خشيتهم من "محاولات تشويه حملات المقاطعة من قبل المتضررين وإظهار أنها تؤثر في الاقتصاد الوطني، وترفع نسبة البطالة".
فيما أكد نشطاء في جمعيات اقتصادية أردنية، على أن النمو في قطاع الصناعات والمتاجر الوطنية، من شأنه أن يستوعب الأيدي العاملة في الشركات العالمية، التي من المتوقع الاستغناء عنها بسبب المقاطعة.
ولفت الخبير الاقتصادي الأردني، عامر الشوبكي، في تصريحات صحفية، إلى أن "سلاح المقاطعة بات فعالا مع استمرار العدوان على قطاع غزة، والمستقبل يبشر بذلك، لأن ثقافة المقاطعة أصبحت عالمية وقانونية خاصة بعد قرار محكمة استئناف باريس الذي أكد أن مقاطعة البضائع الإسرائيلية أمر مشروع".