المستشار خالد بن يعقوب الرماح يكتب: المملكة العربية السعودية.. مساحات ريادية تستحق الانتباه

profile
خالد بن يعقوب الرماح مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة المعرفة النوعية القابضة
  • clock 6 فبراير 2025, 9:29:29 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في ظل التحولات الجيو-اقتصادية والسياسية العالمية، تبرز المملكة العربية السعودية كفاعل رئيسي يعيد تشكيل دوره الاستراتيجي عبر مساحات ريادية متعددة، تتراوح بين الاستثمارات الخارجية الضخمة وبناء اقتصاد معرفي مستدام، وصولاً إلى تبني مفاهيم الاقتصاد الأخضر. 

هنا نستعرض أبرز هذه المحاور، مع تسليط الضوء على تعزيز البنية التحتية للابتكار والمعرفة.

الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة: شراكة استراتيجية متجددة

تمثل العلاقات السعودية الأمريكية نموذجًا للشراكة الاقتصادية العميقة، حيث تُقدَّر الاستثمارات السعودية الحالية في الولايات المتحدة بنحو 770 مليار دولار، بما يشمل استثمارات في أذون الخزانة الأمريكية بقيمة 135.6 مليار دولار. وتخطط المملكة لزيادة هذه الاستثمارات إلى 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، مما قد يرفع إجمالي الاستثمارات إلى 1.37 تريليون دولار، متجاوزة بذلك كندا لتصبح ثالث أكبر مستثمر في السوق الأمريكية بعد اليابان وبريطانيا. 

هذه الخطوة تأتي تماشيًا مع رؤية 2030، التي تسعى لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، عبر التركيز على قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية. كما تعكس هذه الاستثمارات الرغبة في تعزيز الأمن الاقتصادي وتبادل الخبرات التقنية، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.

ريادة الأعمال: محرك التنويع الاقتصادي

تشهد المملكة طفرة غير مسبوقة في ريادة الأعمال، حيث ارتفع عدد الشركات الناشئة من 5,000قبل رؤية 2030 إلى أكثر من 13,000 شركة بحلول 2020، بنمو نسبته 160% . ويسهم صندوق الاستثمارات العامة في هذا التحول عبر مبادرات مثل صندوق دعم ريادة الأعمال بقيمة مليار دولار، وبرنامج "تمكين" لتدريب الشباب. 

لكن التحديات لا تزال قائمة، حيث تُغلق 8% من الشركات الناشئة بسبب صعوبة الوصول إلى التمويل في المناطق النائية. ومع ذلك، تحتل المملكة المركز الثالث عالميًا في دعم ريادة الأعمال، وفقًا لتقرير مرصد ريادة الأعمال العالمي (2023-24).

الاقتصاد الأخضر: من الرؤية إلى التطبيق 

تتبنى المملكة سياسات طموحة لمواكبة التحول العالمي نحو الاستدامة. ففي مؤشر تحول الطاقة 2023، تقدمت السعودية 24 مركزًا، لتحتل المرتبة 57 عالميًا، متفوقة على دول الشرق الأوسط

مبادرات مثل "السعودية الخضراء" تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، مع توفير 9.5 مليون وظيفةفي الاقتصاد الأخضر بالولايات المتحدة كمثال يُحتذى كما تسعى المملكة لاستغلال مواردها من اليورانيوم والمعادن النادرة، المقدرة بتريليونات الدولارات، لتعزيز مكانتها كمركز جيو-ستراتيجي للطاقة النظيفة.

التحديات والفرص المُستقبلية

رغم الإنجازات، تواجه المملكة تحديات مثل: 

- تعقيدات البيروقراطية الدولية في تنفيذ الاتفاقيات، كما حدث مع جزء من اتفاقية الـ460 مليار دولار الموقعة مع الولايات المتحدة

- الحاجة إلى توطين التكنولوجيا الخضراء لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة. 

- تعميم الدعم الريادي خارج المدن الكبرى لضمان شمولية التنمية. 

وأخيراً: إن المملكة العربية السعودية ليست مجرد لاعب إقليمي، بل شريك استراتيجي في تشكيل الاقتصاد العالمي عبر استثمارات ضخمة وريادة معرفية وبيئية، واتباع خطط مدروسة كرؤية 2030، تُرسخ المملكة مكانتها كقوة اقتصادية متعددة الأبعاد، قادرة على مواجهة التحديات المحلية والعالمية بفكر استباقي وإرادة صلبة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)