- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
الفلسطينيون وأزمة الاحتلال الصهيوني الرّاهنة
الفلسطينيون وأزمة الاحتلال الصهيوني الرّاهنة
- 2 أبريل 2023, 7:40:25 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تحلّ الذكرى الرابعة والسبعون ليوم الأرض في ظل أزمة صهيونية داخلية كبرى، مما قد يؤثر على بنية الاحتلال وسياساته وممارساته تجاه الفلسطينيين وأراضيهم المحتلة منذ العام 1948، لذا لابدّ من فهم أزمة الاحتلال الراهنة ومآلاتها قبل الحديث عن تداعياتها على الشعب والأرض الفلسطينية.
رغم عمق الأزمة الصهيونية الراهنة، إلا أنها أزمة سياسية داخلية حتى الآن، أيّ، لم تتحول بعد إلى أزمة بنيوية عميقة تضرب عمق الاحتلال ومؤسّساته وطبيعته وأدواره، فهي تعبّر عن صراع بين الدولة الصهيونية وحراسها القدامى "العميقة" من جهة، وحكومة نتنياهو الائتلافية والصهاينة الجدد ذوي التيارات اليمينية من جهة أخرى.
من هذا المنظور، يمكن فهم دور مؤسّسات الاحتلال الأمنية والاقتصادية والعسكرية والنخب الداعمة والراعية للحركة الاحتجاجية من أجل محاصرة حكومة نتنياهو وتطويعها، بما يخدم مصالح الدولة الصهيونية "العميقة"، والتي تتكوّن من أهمّ المجموعات الفاعلة في المؤسسات السياديّة الصهيونية؛ الأمنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية، إلى جانب الوكالة اليهودية والمؤسسات الأميركية الفاعلة والمؤثرة.
تعبر تلك الأزمة السياسية الصهيونية الداخلية عن نقطتين اثنتَيْن، الأولى ظاهرة وبيِّنة؛ تتمثل في العلاقة بين مؤسسات الاحتلال، خصوصاً بين المؤسستين القضائية والتنفيذية ( الحكومة ) والتي تمسّ حياة ورفاهية أتباع الديانة اليهودية من المقيمين على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948. أما النقطة الثانية؛ فتعبر عن أولويات الاحتلال الصهيوني، بين الحفاظ على دور الكيان كأداة حربة لحماية مصالح الامبريالية العالمية ومركزها الولايات المتحدة الأميركية من ناحية، وبين تيار الصهيونية الدينية الذي يضع بناء دولة يهودية توراتية على كامل الأراضي الفلسطينية؛ بالحد الأدنى أولوية له، ما يعني تكريس جلّ جهود الاحتلال من أجل تحقيق هذه الغاية بغض النظر عن مصالح الولايات المتحدة والامبريالية العالمية.
لذا تعمل الدولة الصهيونية بتياراتها القديمة للحفاظ على دور الاحتلال الوظيفي في مواجهة تيّار الصهيونية الدينية، بأساليب وأدوات مختلفة عبر تشجيع الحركة الاحتجاجية. كما أنها نجحت في مَسعاها لإعاقة مسار الحكومة الائتلافية من خلال افقادها الغالبية في الكنيست، بعد إعلان أربعة أعضاء من الليكود في الكنيست عن رفضهم تأييد خطة الحكومة للتعديلات الدستورية، ما يضع الحكومة الائتلافية أمام خيارَين لا ثالث لهما، الأول يتمثل في الإقرار بانتصار الدولة العميقة عبر سحب مشروع إصلاح القضاء كليّاً، أو عبر القبول بمشاركة المعارضة في صياغته وهو ما يعني تقييد خطط الصهيونية الدينية على الصعيدين الداخلي والخارجي، بما يضمن الحفاظ على دور الكيان الصهيوني الوظيفي.
أما الخيار الثاني فيتمثل في لجوء تيار الصهيونية الدينية إلى أنصاره، لفرض معادلة جديدة قوامها شارع مقابل شارع، مستعيناً بتَجييش المستوطنين، هذا الخيار؛ في حال حدوثه، سوف ينقل الأزمة الصهيونية من أزمة سياسية إلى أزمة بنيوية من شأنها أن تطال مجمل مؤسسات الكيان، ما يُنذر انشقاقات داخل المؤسستين العسكرية والأمنية، وأزمات اقتصادية متلاحقة، أولها انسحاب استثمارات خارجية عدة، وإغلاق مراكز الشركات العالمية البحثية؛ خصوصاً في مجال التقنيات الإلكترونية، وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام تحولات متسارعة، يمكن تحليلها لاحقاً في حال حدوثها.
بناء عليه، وفي ما يتعلق بتأثيرات أزمة الاحتلال الداخلية على شعب وأرض فلسطين، نجد أننا أمام خيارين اثنين أيضاً؛ وفقاً لردّ حكومة نتنياهو الائتلافية على ما حقّقته الدولة الصهيونية العميقة مؤخراً، ففي حال خضوعها لشروط ومحددات الدولة العميقة، سوف نشهد تسارعاً وتصاعداً في عنف المستوطنين وجيش الاحتلال الممنهج تجاه شعب وأرض فلسطين، استكمالاً لمسار التصعيد المستمر قتلاً واعتقالاً، وعبر السيطرة على مزيد من الأراضي الفلسطينية وتهجير سكانها قسراً، وتصعيد جرائم التطهير العرقي والفصل العنصري، بغرض منح تيار الصهيونية الدينية والحكومة الائتلافية ورقة رابحة أمام أنصارها، كان أولها الموافقة على تشكيل "الحرس الوطني" بقيادة بن غفير كقوات خاصة منفصلة عن الوزارات الأمنية القديمة.
أمّا في حال ذهاب حكومة نتنياهو الائتلافية بجميع مركّباتها أو بجزء منها، نحو خيار التصعيد الميداني، فحينها قد نشهد في مرحلتها الأولى تصاعداً عشوائياً في جرائم الاحتلال ومستوطنيه، كجزء من المعركة الصهيونية الداخلية بين حكومتيّ الظلّ ونتنياهو، يعقبها مرحلة ثانية تتحدّد بمدى عمق الأزمة البنيوية الصهيونية وامتدادها الزمني، الذي يفتح الباب أمام احتمالات عديدة أفضلها تفكك مؤسسات الاحتلال السيادية، بما يعصف بقوتها الإجرامية الضاربة.
في كافّة الأحوال، يبقى احتمال التصعيد وارداً بحُكم محاولات نتنياهو الهروب من المحاكمة والسجن، كما أنّ احتمال التصعيد يعتمد، بطبيعة الحال، على النهج الغوغائي والفاشي لبن غفير وسموتريتش.
مجموعة دافع، دولة فلسطين الديمقراطية العلمانية الواحدة.