- ℃ 11 تركيا
- 22 يناير 2025
الشيخ خالد سعد يكتب:أمريكا وحكم الغابة بين عدالة الإسلام وهمجية النظام العالمي الجديد
الشيخ خالد سعد يكتب:أمريكا وحكم الغابة بين عدالة الإسلام وهمجية النظام العالمي الجديد
- 21 يناير 2025, 12:24:34 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
(خطاب التنصيب) لقد خسر العالم كثيرًا بالفعل بتأخر المسلمين عن القيادة، ليس فقط لأن الإسلام جاء برسالة ربانية تحمل قيم العدل والرحمة والسلام، ولكن أيضًا لأن الحضارة الإسلامية كانت نموذجًا فريدًا في التوازن بين الروح والمادة، والدين والدنيا، والحقوق والواجبات
فمنذ أن تمكنت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، من الهيمنة على مقدرات العالم، تغيّر ميزان القيم الإنسانية. فبدلاً من نشر العدالة والسلام، بات النظام العالمي الجديد يجسد همجية غير مسبوقة، تحكمها شريعة القوة والمصلحة المادية فقط.
أصبحت البشرية تعيش في غابة عالمية، حيث تنعدم المبادئ الأخلاقية، وتسود شريعة الغاب على حساب قيم الرحمة والعدل. في هذا السياق، لا يمكن إغفال الدور الأمريكي في تعميق أزمات العالم، سواء من خلال السياسات الاستعمارية أو الدعم المستمر للظلم والاحتلال.
أما الإسلام، فقد جاء برسالة عدالة شاملة تهدف إلى تحقيق السلم والأمان، وجعل الإنسان غاية النظام، لا مجرد وسيلة لتحقيق المصالح. وبينما يتجلى الفساد والهمجية في النظام العالمي الجديد، تقف عدالة الإسلام كنموذج مثالي للإنسانية.
---
النظام العالمي الجديد: وجه همجي بلا قناع
النظام العالمي الجديد الذي تقوده أمريكا، يُظهر مدى الانحطاط الأخلاقي والقيمي الذي وصل إليه الغرب. التصريحات الصادمة للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تفضح عقلية هذا النظام؛ نظام قائم على الجشع، الاستعمار، ونهب ثروات الشعوب دون أدنى اعتبار للكرامة الإنسانية.
أبرز ملامح همجية النظام العالمي
1. نهب ثروات الشعوب
منذ تأسيسه، اعتمد النظام العالمي الجديد على استنزاف موارد الدول النامية، وخاصة الدول الإسلامية. وما زالت السياسات الأمريكية والغربية تركز على السيطرة على النفط، الغاز، والمقدرات الاقتصادية للدول الأخرى، تحت شعارات زائفة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
2. الفوضى والحروب المفتعلة
شهدت العقود الأخيرة دوراً بارزاً لأمريكا في إذكاء الحروب، خاصة في الشرق الأوسط. من العراق إلى سوريا، ومن فلسطين إلى اليمن، نجد أن الدماء تُسفك لتمرير مشاريع الغرب الاستعمارية.
3. محاربة الأديان ونشر الإلحاد
يعمل النظام العالمي الجديد على محاربة الأديان السماوية، وخاصة الإسلام، وفصل القيم الدينية عن حياة الناس، مما أدى إلى تفكيك النسيج المجتمعي وتحطيم الأسرة.
4. الهيمنة الإعلامية وتزييف الوعي
لا يكتفي النظام العالمي بنهب الثروات، بل يسعى لتشكيل وعي الشعوب بما يخدم أجنداته، مستخدماً الإعلام كأداة لغسل الأدمغة ونشر الأكاذيب.
---
ترامب: رمز السادية والمقامرة وانعدام الأخلاق
من هو ترامب؟
دونالد ترامب هو تجسيد حي للنظام العالمي الجديد. رجل أعمال بدأ مسيرته في عالم العقارات والقمار، ليمتد نشاطه إلى السياسة، حيث مارس فساداً وهمجية قل نظيرها في تاريخ الرؤساء الأمريكيين.
ترامب والقضايا الأخلاقية
1. التحرش الجنسي والإساءة للنساء
واجه ترامب اتهامات متعددة بالتحرش والاعتداء الجنسي، حيث تحدثت عشرات النساء عن تصرفاته غير الأخلاقية وسلوكه العدواني تجاههن. تصريحاته الشهيرة التي أهان فيها النساء تُظهر مدى استهتاره بالقيم الإنسانية.
2. التورط في الفساد المالي
تورط ترامب في قضايا عديدة تتعلق بالتهرب الضريبي والتلاعب بالأموال، حيث أظهرت تحقيقات أن ثروته بُنيت على استغلال الثغرات القانونية وإفلاس شركاته بشكل متعمد.
3. العنصرية والكراهية
اشتهر ترامب بخطابه العنصري ضد المسلمين والمهاجرين والأقليات، حيث وصف دولاً أفريقية وأمريكية لاتينية بأنها "حُفر قذرة"، وأصدر قرارات قاسية تجاه اللاجئين.
4. السادية في سياساته
من سياسات فصل الأطفال عن أسرهم على الحدود الأمريكية، إلى دعمه المفتوح للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، يُظهر ترامب سادية فاضحة وعدم اكتراث بمعاناة الآخرين.
ترامب كرمز للنظام العالمي
لا يمثل ترامب حالة فردية، بل هو انعكاس حقيقي للنظام العالمي الذي يقدس القوة والمال، ويدمر القيم والمبادئ. سياساته العدوانية ليست سوى امتداد لتاريخ طويل من الهيمنة الغربية التي تقوم على سحق الشعوب وإثارة الفتن.
---
عدالة الإسلام: نور وسط الظلمات
على النقيض من النظام العالمي الجديد، يقدم الإسلام نموذجاً فريداً للعدالة، مبنياً على أسس الرحمة والمساواة والعدل. الإسلام ليس مجرد دين، بل هو نظام شامل يضمن حقوق الإنسان، ويرسخ قيم التعاون والسلام.
ملامح عدالة الإسلام
1. العدالة الشاملة
الإسلام لا يفرق بين الناس على أساس عرقي أو ديني. يقول الله تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ" (النحل: 90).
2. حفظ الكرامة الإنسانية
أقر الإسلام حقوقاً واضحة لكل البشر، بغض النظر عن انتماءاتهم. حتى غير المسلمين في الدولة الإسلامية لهم حقوق مصونة، ولا يجوز ظلمهم.
3. إقامة السلام
الإسلام يدعو إلى التعايش السلمي مع الشعوب والأمم، ويعتبر العدوان أمراً محرماً.
4. رفض الاستغلال والظلم
في حين أن النظام العالمي يقوم على استغلال الفقراء ونهب مواردهم، يحرم الإسلام الظلم بكل أشكاله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" (مسلم).
---
الفرق بين النموذجين
الفرق بين النموذجين: عدالة الإسلام مقابل همجية النظام العالمي الجديد
1. القيم الأخلاقية وأسس الحكم
النظام العالمي الجديد:
النظام العالمي الذي تقوده أمريكا والدول الغربية يقوم على تحطيم القيم الأخلاقية والإنسانية، وإعلاء المصالح المادية على حساب المبادئ. فهو نظام لا يعترف بالعدالة إلا إذا كانت تخدم مصالح القوى الكبرى. يُقدّم شعارات براقة مثل حقوق الإنسان والديمقراطية، لكنها تُستخدم كوسيلة للهيمنة والابتزاز السياسي. وفي ظل هذا النظام، أصبحت الأخلاق مجرد أدوات خطابية تُستخدم لتبرير الحروب والاستعمار.
على النقيض من ذلك، الإسلام جعل الأخلاق والقيم جزءاً أساسياً من نظامه. فالحكم في الإسلام قائم على الرحمة والعدل والمساواة. الإسلام لا ينظر إلى الإنسان كأداة أو سلعة، بل يحترم كرامته ويضمن حقوقه، سواء كان مسلماً أو غير مسلم. يقول الله تعالى:
> "وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"
وهذا العدل يشمل الجميع بلا استثناء، بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون
---
2. التعامل مع الشعوب والمجتمعات
النظام العالمي الجديد:
النظام الغربي يرى الشعوب المستضعفة كوسيلة لتحقيق مصالحه الاقتصادية والسياسية. لا يتوانى عن ارتكاب المجازر ونهب الثروات وتدمير الأوطان بحجة تحقيق الديمقراطية أو مكافحة الإرهاب. التاريخ مليء بالأمثلة على ذلك، من الحروب في العراق وأفغانستان إلى التدخلات العسكرية في ليبيا وسوريا. كل هذه الحروب أدت إلى تدمير المجتمعات وتهجير الملايين، وكل ذلك من أجل الحفاظ على الهيمنة الغربية واستغلال موارد الشعوب.
لكن الإسلام تعامل مع الشعوب والمجتمعات بروح الرحمة والرعاية، فلم يكن يسعى لفرض السيطرة بالقوة أو تحقيق المكاسب المادية. على العكس، كان هدف الفتوحات الإسلامية هو نشر العدل والحرية، وتحرير الشعوب من طغيان الحكام الظالمين. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
> "إنما بعثت لأجمل مكارم الأخلاق."
وحين دخل المسلمون البلاد فاتحين، لم ينهبوا الثروات، بل حافظوا على مقدراتها واحترموا أهلها، وضمنوا لهم حرية العبادة والعيش الكريم.
---
3. توزيع الثروات ومصير الموارد
النظام العالمي الجديد:
في ظل النظام الغربي، تتحول الدول المستضعفة إلى مجرد مورد للمواد الخام والثروات التي تُنهب لصالح القوى الكبرى. تُدمر اقتصاديات الدول الفقيرة عبر الاتفاقيات الاستعمارية غير العادلة، وتُترك شعوبها في حالة من الفقر المدقع. بينما تُكدَّس الثروات في أيدي قلة قليلة من الدول الغربية التي تسيطر على الاقتصاد العالمي.
أما الإسلام، فقد وضع نظاماً اقتصادياً يقوم على التوزيع العادل للثروات. الزكاة والصدقات والموارد العامة تُوجه لخدمة المجتمع بأسره، وخاصة الفقراء والمحتاجين. لا يُسمح في الإسلام بتركز الثروة في أيدي فئة صغيرة، بل تعمل الشريعة الإسلامية على تحقيق التكافل الاجتماعي والقضاء على الفقر. يقول الله تعالى:
> "كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ" (الحشر: 7).
---
4. التعامل مع الأزمات العالمية
النظام العالمي الجديد:
النظام الغربي أثبت فشله في التعامل مع الأزمات الإنسانية الكبرى. حينما تحدث كوارث أو أزمات، لا يتحرك إلا إذا كانت هناك مصالح سياسية أو اقتصادية. ملايين اللاجئين من الحروب التي تسبب فيها الغرب تُركوا يعانون، ولم تُقدّم لهم المساعدة الكافية.
لكن الاسلام على العكس، فالإسلام قدّم نموذجاً عملياً للتعامل مع الأزمات، من خلال نظامه الذي يقوم على التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع. في أوقات الأزمات، كانت الدولة الإسلامية تهب لنجدة المتضررين، بغض النظر عن دينهم أو انتمائهم. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى."
---
5. المساواة بين البشر
النظام العالمي الجديد:
النظام الغربي مليء بالتناقضات، حيث يدّعي احترام حقوق الإنسان والمساواة، لكنه يمارس العنصرية والتمييز على نطاق واسع. الأقليات العرقية والدينية في الغرب تتعرض للاضطهاد، وتُعامل على أنها أقل شأناً. كما أن النظام العالمي يدعم الاحتلال والاستبداد في مناطق مثل فلسطين، بينما يدعي الدفاع عن الديمقراطية.
أما الإسلام فقد أرسى قواعد المساواة الحقيقية بين البشر. فلا فرق بين غني وفقير، ولا بين عربي وأعجمي، ولا بين أبيض وأسود إلا بالتقوى. قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:
> "لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى."
وفي المجتمع الإسلامي، كان الحاكم والمحكوم يقفون على قدم المساواة أمام القانون، دون محاباة أو تمييز.
---
الخلاصة
الفرق بين عدالة الإسلام وهمجية النظام العالمي الجديد واضح وجلي. فبينما يسعى النظام الغربي إلى تحقيق المصالح المادية بأي ثمن، يقوم الإسلام على تحقيق العدل والمساواة والرحمة. العالم اليوم يحتاج إلى نظام يعيد للإنسانية قيمها وأخلاقها، وهذا النظام لا يمكن أن يتحقق إلا تحت راية الإسلام.
فهذا النظام العالمي الجديد، الذي تمثله شخصيات مثل ترامب، قد أثبت أنه مصدر للفوضى والدمار. وعلى الشعوب الإسلامية أن تعي أن الخلاص لن يكون في التبعية للغرب، بل في العودة إلى الإسلام وشريعته.فلنعمل على بناء نظام عالمي عادل مستمد من الإسلام، يعيد للإنسانية قيمها، وينقذها من همجية النظام العالمي الجديد
قال الله تعالى:
"وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" فالعالم بحاجة ماسة لعودة القيادة الإسلامية التي تحمل مشروعًا قائمًا على القيم الربانية والعدالة الشاملة، لتعويض ما فُقد من أخلاق، وحقوق، وسلام. المسلمون مطالبون اليوم بالنهوض من جديد، لتقديم هذا النموذج القيادي الذي يجمع بين صلاح الدنيا والآخرة، ويعيد للإنسانية ما فقدته من قيم وكرامة واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.