أحمد بخيت يكتب: تأملات في سورة الفيل

profile
  • clock 21 أبريل 2021, 2:39:26 ص
  • eye 1235
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الجزء الثلاثون من المصحف كان دوما خاصا لدي فالسور في المصحف المكتوب رتبت بأمر إلهي عبر الرسول بعد الوحي وأوصى الرسول كتبة الوحي  ولم ترتبط فقط بحادثة النزول وملابساتها فالقرآن نزل منجما متتابعا مع سيرة الدعوة وكان هذا هو القرآن المرافق لنمو الدعوة بدأ بمكة بقصار السور التي تبدو للوهلة الأولى مشخصنة جدا " تبت يدا أبي لهب" وجغرافية جدا " لإيلاف قريش" وقد بينا سابقا تجاوزها للجغرافيا في تحليلنا لسورة  الإيلاف  وكيف تبدأ سورة من محيط مكة لتطوق العالم باعتبار مكة رمزيا قلب الدعوة ومنشأ الوحي  وبعيدا عن الطبيعة المكثفة لسور الجزء الثلاثين المركزة جدا فوجودها في ختام المصحف وطبيعتها تكشف عن بعد قرآني خاص وعظيم فهذه السور المقطرة هي ملاحم كبرى تقص قصة البشرية بكلمات قليلة لن تصعب على اي قارئ  أن يحفظها لكن تدبرها أمر عظيم  فما شأن الكتاب والمصحف المجموع كتاب جمع بعلم الرسول وبأمره ورتب وفق أوامر إلهية ليصبح عهدا دائما للبشرية لايختص بزمان أو مكان أو شعب دون آخر كتابا مهيمنا شاملا دقيقا بليغا لا يحتاج لغيره وكله مفتقر له لا أحد ينكر أهمية أسباب النزول ودورها في فهم النص  لكن من الظلم لنص عظيم أن نقصر فهمه على الحادث المرافق لنزوله فقط دون ان نتدبر فيه أبعادا أغنى وأرحب  وهذا ما دفعني بحب إلى مراجعة سوره بعمق ورحابة جرأة لا تخلو من  حذر  لا شك في أهمية قصة فيل أبرهة وأهمية فشل محاولته لهدم الكعبة في الإرهاص بمولد الرسول ومكانة مكة لكن هل هذا هو افق السورة   هل كلمة كيدهم تعني لزوما محاولة هدم الكعبة وهل صفة أصحاب الفيل تخص لزوما أبرهة فقط وجيشه الرهيب أم أن هناك فيلا آخر أخطر ويقوم بنفس الدور في الماضي والحاضر  ومازال أثره لليوم  مما يعطي السورة بعدا حاضرا ومستقبلا  

أصحاب الفيل 

لا تعني شخصا بل فكرة تماما كأصحاب الكهف فأصحاب الكهف  تعني حراس سر العقيدة الصحيحة وأصحاب الفيل تعني جند الكيد للايمان  ألم تر صيغة تعني الماضي وربما تعني المستقبل أيضا والتتمة كيف فعل ربك بأصحاب الفيل 

ألم يجعل كيدهم في تضليل هل تعني انه ضلل كيدهم أم سمح أن يكيدوا  ثم ارسل عليهم طيرا أبابيل وماهي الطير الأبابيل وما ماهي حجارة سجيل التي دمرتهم وجعلتهم عصفا مأكولا

تأملات في سورة الفيل

ثمت فيل لا ينتبه له كثيرون وله قصة مع الأديان الثلاثة وكيد عظيم مازال أثره باقيا ويستفحل خاصة في عصرنا هذا  فيلون أو فيلٌ بالعربي هو أبو الماسونية الشرعي وهو صاحب الجملة التي تتصدر إنجيل يوحنا ويرددها ملايين المسيحيين وهو من وصف معاني التوراة بانها رمزية والجنة والنار مجرد مجاز ومازالت جملته تعيش سمعناها مؤخرا على لسان بابا الفاتيكان 

هذا هو الفيل الأخطر

منقول

 "فيلو الإسكندري أو فيلو السكندري أو (ايديدا بالعبرية)، ولد في 20 قبل الميلاد وتوفي في عام 50 بعد الميلاد، كما أطلق عليه اسم فيلو اليهودي، كان فيلسوفًا هلنستيًا يهوديًا عاش في الإسكندرية في الوقت الذي كانت مصر فيه مقاطعة رومانية.

استخدم فيلو الأمثال الفلسفية لمواءمة النص المقدس اليهودي، وخصوصًا التوراة، مع الفلسفة اليونانية. اتبعت طريقته ممارسات تفسير النص اليهودي والفلسفة الرواقية. كانت لممارساته أهمية بالنسبة لبعض الأساقفة المسيحيين، إلا أنه لم يلق  رواجًا بين اليهوديين الربانيين (اليهودية الحاخامية أو التلمودية). تبنى فيلو الاستعارات والعِبر بدلًا من التفسير الحرفي للكتاب المقدس اليهودي.

يرى بعض الباحثين بأن مفهومه حول «لوغوس» بكونه مبدأً إبداعيًا للرب أثر في بدايات الكرستولوجيا (دراسة طبيعة يسوع المسيح). ينأى باحثون آخرون ذلك التأثير المباشر، ويدعون استعارة فيلو والمسيحيين المبكرين أفكارهم من مصدر مشترك.

هو الفيلسوف اليوناني

هرقليطس، الفيلسوف اليوناني القديم اهتم بشكل عظيم بـ اللوغوس، فقد اعتبره "القانون الكلي للكون". يقول هرقليطس : " كل القوانين الإنسانية تتغذى من قانون إلهي واحد : لأن هذا يسود كل من يريد، ويكفي للكل، ويسيطر على الكل". ووافقه الرواقيون وقالوا أن العقل أو اللوغوس هو المبدأ الفعال في العالم، وهو الذي يشيع في العالم الحياة، وأنه الذي ينظم ويرشد العنصر السلبي في العالم ويعنون "المادة". وقال ذيوجانس اللائرسي عن مذهب الرواقيين : "يقول الرواقيون أن اللوغوس هو المبدأ الفعال في الهيولي، إنه الله، وهو سرمديّ، وهو الفعال لكل شيء من خلال المادة".

عند فيلون اليهودي

قال فيلون عن اللوغوس أنه أول القوى الصادرة عن الله، وأنه محل الصور، والنموذج الأول لكل الأشياء. وهو القوة الباطنة التي تحيي الأشياء وتربط بينها. وهو يتدخل في تكوين العالم، لكنه ليس خالقاً. وهو الوسيط بين الله والناس، وهو الذي يرشد بني الإنسان ويمكنهم من الارتفاع إلى رؤية الله. ولكن دوره هو دائماً دور الوسيط. ويقينه بأنه " إلهي " θέος ويميزه من الله بأداة التعريف التي تضاف إلى الله οθέος ولكنها لا تضاف إلى اللوغوس.

في العهد القديم

من بين اسفار العهد القديم في الكتاب المقدس، هناك سفر باسم " سفر الحكمة لسليمان" ويصف فيه صاحبه الحكمة بأنها بالقرب من الله أو عند الله تشاركه عرشه الإلهي وأنها صادرة عن مجده، وتساعده في عملية الخلق، وتسري في كل الأشياء وتحقق وحدة العالم. ويمكن أن تتصل بمن من البشر مستعدين لتلقيها، لتقدس أرواحهم وتؤمّن لها الخلود عند الله : وهذه الحكمة تسمى في عدة مواضع باسم " اللوغوس "، وهذا اللوغوس (الكلمة) الذي فيه جعل إله إسرائيل، رب الرحمة، كل الأشياء. وبه نجى شعب إسرائيل وسينجّي كل النفوس التي تتلقاه.

في العهد الجديد

يستهل يوحنا في الإنجيل الرابع المنسوب إليه، بالحديث عن (الكلمة) :

 " في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، والله هو الكلمة، به كل شيء كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان". 

وجاء في خاتمة رسالته الأولى وفي الرؤيا المنسوبة إليه أيضاً أن هذا اللوغوس أو الكلمة، 

هو الذي كان قبل خلق الكون، كان عند الله، وهو هو الله، وهذا اللوغوس أو الكلمة، تجسد، أي اتخذ جسداً، وحلّ بين الناس، فكشف لهم حقيقة النجاة (الخلاص) وبث فيهم الحياة الخالدة، ممكنا لهم من أن يصيروا أبناء الله. وبالجملة : أنه يسوع المسيح. وهذا اللوغوس، عند القديس يوحنا، لا يماثل تماماً الحكمة في سفر الحكمة، ولا اللوغوس عند فيلون والأفلاطونية المحدثة، لأنه عند يوحنا هو الله نفسه، وليس قوة تابعة لله كما هي الحال عند فيلون.

عند آباء الكنيسة

في أثر يوحنا جاء الآباء المسيحيون : يوستينوس، وكليمانس السكندري، واوريجانس السكندري، فوجدوا في فكرة اللوغوس وسيلة لتفسير الاتفاق بين الفلسفة اليونانية والعقيدة المسيحية، بأن ادعوا أن اللوغوس هو مصدر كلتيهما، والينبوع الوحيد لكل حقيقة. وفي تصوّر آباء الكنيسة لـ اللوغوس، أكدوا أمرين:

التساوي التام بين اللوغوس وبين ابن الله وبين الله الآب.

مشاركة الجنس البشري في اللوغوس من حيث هو العقل.

عند الغنوصيين

قرر الغنوصيون أن اللوغوس هو أدنى الأيونات، وأنه الذي يتولى تكوين العالم، فتصدى لهم القديس ارينايوس وأكد المساواة التامة بين الله وبين اللوغوس وبين الروح القدس.

عند أوريجانس فيما بعد

حاول أوريجانس في القرن الثالث أن يفرّق في الدرجة بين الله الآب وبين اللوغوس. وقرر أنه يمكن ان ننعت اللوغوس بأنه وجود الموجودات، وجوهر الجواهر، وصورة الصور، لكننا لا نستطيع أن ننعت الله الآب بمثل هذه النعوت، لأنه يتجاوزها جميعا. صحيح أن اللوغوس أزليّ مع أزلية الله الآب، لكن ذلك ليس بنفس المعنى. إن الله الآب هو الحياة و"الابن" يستمد الحياة من "الآب".

قرار المجامع الكنسية

رفضت الكنيسة في مجامعها (نيقيه، أفسس 325 - 431) تفسير أوريجانوس، واعتبرته هرطقة. وبقيت على الرأي الأول وهو القول بالتساوي بين الله وبين الابن والذي هو الكلمة (اللوغوس). ومنذ ذلك التاريخ صار اللوغوس يشكل معنى دينياً، أكثر منه فلسفياً.

عند الصوفية المسلمين

منذ تحول اللوغوس إلى معنى ديني، وُجد خصوصا عند الصوفية المسلمين، بخاصة عند ابن عربي.

هناكَ مِن المعاصرين ـ وهو الدكتور حسن ظاظا في كتابه (اللسان والإنسان مدخل إلى معرفة اللغة) ـ ذهب إلى القول باضطراب القدماء حول اشتقاق كلمة اللغة، وأنّه لا يوجد شاهدٌ واحدٌ على استعمال العرب لكلمة اللغة بهذا المعنى العلمي الذي نعنيه، ثم قررَ أنَّ أصل كلمة (لغة) يوناني غير عربي، وهو كلمة (لوغوس)، التي تعني باليونانية الكلمة أو الكلام.

عند الفلاسفة المحدثين

لم يعد لـ اللوغوس مكان عند المحدثين، اللهم إلا على سبيل التعبير الديني عن بعض الإتجاهات، كما هو موجود عند فيشته في كتابه " المدخل إلى الحياة السعيدة" حين استشهد بمطلع إنجيل يوحنا للتدليل على الاتفاق بين مثاليته وبين المسيحية،  

الحدث الوحيد من حياة فيلو الذي يمكن تأريخه بدقة هو مشاركته في البعثة إلى روما عام 40 ميلادية. كان ممثلًا عن يهود الإسكندرية أمام الإمبراطور الروماني غايوس، بعد نزاعات قامت بين يهود الاسكندرية والإغريق. توجد تفاصيل هذا الحدث وبعض السير الذاتية الأخرى ضمن أعمال كل من فيلو ويوسيفيوس، خصوصًا في (السفارة إلى غايوس) الذي لم ينجو منها سوى مجلدان من أصل خمسة.

استوحى فيلو فكرته فيما يخص أعماله «حكمة سليمان» ومهن كل من طائفتي الأسينيون اليهودية والثيرابوتي من «أرسطوبولس أوف بانياس» ومدرسة الإسكندرية اليونانية. لم يُزعم بكون فيلو قديسًا أو ملفانًا أبدًا في حياته.

 يتبع .

التعليقات (0)