- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
السفير عبدالله الاشعل يكتب : القيمة القانونية لإعلان المبادئ سد النهضة
السفير عبدالله الاشعل يكتب : القيمة القانونية لإعلان المبادئ سد النهضة
- 7 مايو 2021, 1:41:30 ص
- 925
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد توقيع مصر وأثيوبيا والسودان على إعلان الخرطوم فى 23/3/2015 تعثرت المفاوضات بين مصر والسودان من ناحية،
وبين إثيوبيا من ناحية أخرى بسبب اعتناق إثيوبيا عددا من الخرافات القانونية لكى تبرر سلوكها العدوانى ضد مصر بالذات
بدليل أنها فرضت الأمر الواقع على مصر وأكملت ملء السد للمرحلة الأولى التى استهلكت خمسة مليارات متر مربع من المياه
مما أثر على تدفق مياه النيل الأزرق نحو مصر والسودان واضطر مصر إلى سد النقص بمخزون بحيرة السد العالى وفق المتحدث باسم وزارة الرى المصرية.
ومما استفزنى وأعادنى إلى الموضوع بعد أن قلت فيه كلمتى على امتداد ثمانى سنوات دون أى اهتمام من جانب الحكومة ذلك الجدل الذى ثار حول إعلان المبادئ فى الخرطوم.
أولا: فالحكومة الإثيوبية اعتبرت الإعلان هو الأساس القانونى لتسليم مصر بحريتها فى بناء السد والانفراد بادارته بمطلق إرادتها
والزعم أن مجرد توقيع مصر على الإعلان رفع الفيتو المصرى عن المشروع مما أتاح للدول المانحة أن تقدم التمويل الموقوف إلى إثيوبيا لبناء السد
وفق التفسير والسلوك الإثيوبى ولذلك فإن الفيتو المصري علي التمويل لايرفع بمجرد التوقيع وإنما يمايسفر عن المفاوضات في اطار هذه المباديء من اتفاق ملزم ومرض.
ولما لم أجد ردا من جانب الحكومة على هذا التفسير قدرت أن ردى يمكن أن يفيد من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد حبا فى مصر وإشفاقا عليها مما هى مقدمة عليه.
ثانيا: من ناحية أخرى، اعتبر نقاذ الحكومة المصرية أن هذا الإعلان هو بمثابة شيك على بياض وتنازل عن حقوق مصر فى نهر النيل.
ومما زاد الطين بله أن موقع إثيوبيا بالعربى تجاسر ونشر أن الحكومة المصرية هى التى باعت حصة مصر من المياه لإسرائيل من المنبع بمبلغ 20 مليار دولار.
ونحن نرى أن كلا التفسيرين غير صحيح لأن إعلان المبادئ هو القاعدة التى يجب أن تسترشد بها المفاوضات فهى أطر نظرية ترشد المتفاوضين
وهم يبحثون عن حلول للمشكلة. فلم تعطي مصر لإثيوبيا شيكا على بياض ولم تعترف بالسد الإثيوبى دون ربط هذا الاعتراف باحترام إثيوبيا لحقوق مصر المائية
وبالقانون الدولى للأنهار الدولية. فإعلان المبادئ لم يرفع فيتو مصرعلى بناء السد ولم يسوغ للدول المانحة أن تقدم التمويل لإثيوبيا إلا بعد الاتفاق بناءا على المفاوضات التى تجرى وفق هذا الإعلان.
فالإعلان ليس معاهدة دولية واجبة العرض على البرلمان وإنما تملك مصر الانسحاب منها على أساس أن أثيوبيا خلال المفاوضات لم تحترم هذه المبادئ والتى لا ترتب حقوقا لإثيوبيا كما تزعم.
وليس فى الإعلان ما يدعم مزاعم إثيوبيا من أن مصر وافقت على أن تنفرد إثيوبيا ببناء السد وإدارته وإنما وضع الإعلان قواعد ومبادئ للتفاوض سعيا للاتفاق على ذلك.
فلا الحكومة فرطت ولا هى أعطت لإثيوبيا شيكا على بياض وعندما أقترحت فى البرنامج على الحكومة فى مقال سابق الانسحاب من الإعلان
كان ذلك احتجاجا على أن إثيوبيا لم تحترم مبادئ الإعلان وانتهجت وجهة انفرادية وادعت لنفسها سلطات وحقوقا تناقض الالتزامات القانونية
وأثبت أنها استغلت حسن النية فى التآمر على مصر والكيد لها والإساءة إليها.
وإعلان الخرطوم يشبه تماما إعلان أوسلو الذى فسرته إسرائيل على أنه معاهدة سلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية،
ولما لم تحترم إسرائيل أيا من مبادئ الإعلان وحولت المفاوضات مثل إثيوبيا تماما لكسب الوقت والتدليس حتى تفرغ من إحكام خطتها فى إضعاف الفلسطينيين
واستكمال حلقات مشروع الاستيلاء على كل فلسطين أعلنت أن المفاوضات هى من أجل الإقرار الفلسطينى بما تريده وضربت إثيوبياعرض الحائط بالوساطة الأمريكية والبنك الدولى والوساطة الإفريقية.
ومع ذلك فمادامت إثيوبيا لم تحترم مبادئ الإعلان وأفشلت جميع دورات المفاوضات فإنه يستوى وجود الإعلان
أو الانسحاب منه لأن قضية مصر هى كيف تمنع جريمة إبادة مصر والنيل من بقاء مصر وعدم الانصراف إلى الإجراءات والاستغراق فيها دون مواصلة برنامج شامل لانقاذ مصر من مؤامرة إثيوبيا.
وسوف أعالج في مقال لاحق كيف تتصدي الجهود الأهلية مع تراخي الحكومة للمؤامرة الإثيوبية علي وجود مصر.