- ℃ 11 تركيا
- 8 نوفمبر 2024
الدولة بيروكي تكتب: 2023 عام غادرتنا فيه الإنسانية
الدولة بيروكي تكتب: 2023 عام غادرتنا فيه الإنسانية
- 29 ديسمبر 2023, 4:56:12 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في منتصف الطريق الواصلة بين الشام كانت تسمى الصفة لاجئ كما يحلو للناس ان يسموها، أو كما فرضها الواقع الساقط، حسب المستندات الرسمية لبدايات هذه الصفة، والتي بدأت بفلسطين، واستمرت حتى وصلت سوريا.
غير بعيد عن الطريق، التقيا إيلان ومحمد، هذا الأخير يدافع عن أرض ظلت محتلة 75 عاما، يعيش في منفى الارضى، في لبنان وسوريا والعراق والاردن إجتياح أدى الى تهجيره وشعبه خارج الوطن،محملا بحقائب اوجاعه،وحاشرا فيها مافي خزائنه من عمره الصغير،ومافي أدراج الذاكرة من ألم ،ألبوم صور،كتبا،هدايا كانت ذكرى،ووجوه من أحبهم،ورسائل كتبت له،أخر نظرة لجارته العجوز,وقبلات صغار الحي الذين سيكبرون من بعده ويرجعون مقاومين.
واضعا قدمه في فضاءات الأوجاع والأحزان،فلا يصل الى الوطن غير صدى أنين غزة التي أباداها هذا العدو ، لتطفو على ممرات شوارع غزة ،حكايات ووجوه معذبة السنين،قد طال انتظارها لشمس فجر الحرية،التي تعزف للطفل الصغير اغنية الفرح الاكبر بالبحر ، كما قال الملثم "نقاتل لأجل شعبنا ، فإن الحقوق تنتزع إنتزاعا".
وأما طريق إيلان،فابتدأت بأمنية محمد،كانت الحياة في بيته السوري بسيطة،عائلة وارض ودراسة،فجأة اشتعلت النيران في كل مكان،غادر الفرح مكان ارضه،اصبح الدم هو النهر الذي يجري في شلالات الشام،فبدأت رحلته للبحث عن الأمان،فقرر أن يركب البحر هو وإبنه مروان،وصل إيلان الى إيجه بتركيا حيا،وظل يلتحف كيس أزبال ليحميه من المطر ،في انتظار المساء ليعبر لليونان،فإستغرقت الرحلة يوما،وفي مساء اليوم الموالي وعندما إقترب القارب من شواطئ اليونان،تعطل المحرك،فبدأ الماء يتسرب،وبدأ مروان ذو الأربع سنوات يستصرخ اباه لاتمت،والأب يحاول الدفع به ليطفو فوق الماء كي لايغرق،الا أن إرتطام القارب القوي بجرف جعله يسقط في عمق البحر،ماإن نزل ايلان لإنقاذ إبنه حتى وجده يلفظ انفاسه الاخيرة،ودع إيلان مروان وهو يقول "سنلتقي"،فقدر السوريين ان يموتو على الارض ليلتقو في السماء لقاء الشام الاخير.
ما بين الطريقين،بشرية سقط منها اثنتا مليون لاجئ سوري،لايعرف شهيدهم من مفقودهم،وفي المشهد الاخر سقط 20 الفا شهيدا فلسطينيا وآلاف الجرحى ، وإعتبرت غزة إحدى الحروب الأفتك في التاريخ المعاصر، ما بين الطريقين تواصل الانسانية كتابة العالم الجديد في كل عام، وان اختصرت المشهد مابين فلسطين وسوريا، ففي غزة فقط يموت الإنسان تجويعا وقصفا ومريضا ، لأن لو تعددت أساليت الموت فهو شهيدا ، إننا نمشي ببطئ إذن لنقتل الإنسانية أو نرجع بسرعة لأيام هتلر وموسيليني قبل وضع ميثاق الأمم المتحدة ، في عالم كشفته غزة .