- ℃ 11 تركيا
- 20 نوفمبر 2024
الدخول إلى رفح: سيناريوهات كارثية
الدخول إلى رفح: سيناريوهات كارثية
- 22 فبراير 2024, 10:58:52 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقلم: اسحق بريك*
لا ينتصرون في الحرب بالمعارك التكتيكية أو بالعملية العارضة الاستثنائية، التي تم فيها إنقاذ مخطوفين في رفح.
لا شك أن جنودنا حاربوا ببطولة كبيرة وتضحية، من خلال تعريض حياتهم للخطر وإظهار القدرة المهنية من الدرجة الأولى. لكن هذا غير كاف.
فهناك حاجة إلى استراتيجيا سياسية بعيدة النظر، تأخذ في الحسبان كل الأخطار التي يمكن أن تحدث في أعقاب دخول قواتنا إلى رفح. وحسب هذه الأخطار يجب اتخاذ قرار حول ماذا سنفعل وكيف.
الرغبة في القضاء على «حماس» بأي ثمن غير كافية.
الآن سأطرح عدة أسئلة وسأعرض الأخطار التي يجب أخذها في الحسبان قبل الدخول إلى المخيمات في رفح.
1- هل محاولة نقل 1.4 مليون لاجئ إلى مناطق آمنة، من خلال الإدراك بأنه محظور استخدام السلاح الناري، هي أمر واقعي؟ ما الذي سنفعله مع العدد الكبير جدا الذي سيقرر البقاء في مكانه؟ كيف سنحارب «حماس» عندما سيتضرر عدد كبير من الغزيين، ما سيزيد غضب العالم ويؤدي إلى وقفنا الفوري؟
2- إذا نجحنا في نقل 1.4 مليون لاجئ إلى مكان آمن بواسطة مكبرات الصوت والمكالمات الهاتفية والمنشورات من الجو، كما قال رئيس الأركان، فهل تم أخذ في الحسبان إمكانية أن تقوم «حماس» بإطلاق النار في الهواء وتؤدي إلى ذعر جماعي؟ هكذا حدث أكثر من مرة في ملاعب كرة القدم بسبب الاكتظاظ، وفي رفح بسبب الاكتظاظ الكبير يمكن أن يتم سحق وقتل الآلاف.
وكل المسؤولية ستلقى علينا. وماذا بشأن إمكانية أن يقرر كثيرون الذهاب إلى أماكن أخرى وليس إلى المكان الذي نريده؟ الحديث يدور عن 1.4 مليون شخص، والسيطرة على انتقالهم من مكان إلى آخر هي إشكالية جدا.
3- إذا حدثت أعمال الفوضى المذكورة أعلاه فهي ستتسبب بأزمة إنسانية. ولذلك فإن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا جدا يتمثل بوقف الحرب.
4 - حتى لو اجتزنا بسلام كل هذه العقبات فإنه من الواضح بحد ذاته أنه من بين الـ 1.4 مليون لاجئ يوجد آلاف من مخربي «حماس» على الأقل، وربما عشرات الآلاف، الذين بعضهم هربوا من شمال القطاع ومن جنوبه إلى مدينة رفح، وبعضهم كانوا دائما متواجدين في رفح.
هل من غير الواضح لمتخذي القرارات بأن معظمهم سينضمون إلى حملة اللاجئين إلى الأماكن الآمنة، وأنه لن يكون بالإمكان التمييز بينهم وبين اللاجئين العاديين؟
5- كيف سنقوم بمنع مخربي «حماس» من السيطرة على المساعدات الإنسانية في المناطق الآمنة التي سيتم نقل 1.4 مليون لاجئ إليها، كما فعلوا في رفح؟
6- من الذي سيضمن بأن آلاف المخربين من «حماس» لن ينتقلوا من المناطق الآمنة عبر فتحات الأنفاق التي تنتشر في كل أرجاء القطاع، إلى داخل الأنفاق، وعندها سنجدهم مرة أخرى في مدينة غزة وجباليا والشجاعية (كما يفعلون الآن) وفي خان يونس؟
7- متخذو القرارات لم يأخذوا في الحسبان حقيقة أن تفاقم القتال مع «حزب الله» في لبنان بسبب الدخول إلى رفح سيقتضي نقل القوات من القطاع إلى المنطقة الشمالية، بالإضافة إلى خفض آخر للقوات التي توجد في القطاع.
إن إخراج القوات من مدينة غزة أدى إلى عودة «حماس» واللاجئين إليها، وهذا ما سيحدث أيضا في خان يونس وفي مخيمات وسط القطاع.
بسبب التخفيضات الكبيرة التي حدثت في الجيش في العشرين سنة الأخيرة، في خمس فرق وأكثر وقوات أخرى، لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي فائض قوات. وعندما نقوم بتعزيز قطاع معين نحن نضعف قطاعا آخر.
8- هل تم الأخذ في الحسبان إمكانية أن دخول الجيش الإسرائيلي إلى مخيمات رفح في شهر رمضان يمكن أن يشعل «يهودا والسامرة»؟ من أين سيأتون بالقوات من اجل حماية السكان اليهود هناك؟
9- السؤال الأكثر أهمية هو كيف ستتصرف مصر؟ حتى الآن لا يوجد أي اتفاق معها حول سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا وإغلاق الأنفاق من شبه جزيرة سيناء إلى قطاع غزة.
لسنوات كثيرة وصلت وسائل قتالية وذخيرة وعبوات ناسفة وصواريخ مضادة للدروع ووسائل لإنتاج الصواريخ وما شابه من سيناء إلى القطاع، مباشرة إلى أيدي مخربي «حماس».
مصر غير مستعدة لإغلاق الأنفاق في جانبها، لأنه حسب رأيها لا توجد مثل هذه الأنفاق.
وبدون أي حل يتم تنسيقه معها ستبقى مشكلة خطيرة لم يتم حلها. عمليا، نكون وكأنه لم نفعل أي شيء حتى الآن في الحرب، لأن «حماس» ستنمو مرة أخرى في السنوات القادمة مع الوسائل القتالية التي تمر من أنفاق سيناء تحت محور فيلادلفيا والتي ترتبط بمئات كيلومترات الأنفاق التي توجد على طول وعرض قطاع غزة.
10- مصر تهدد بتجميد اتفاق السلام مع إسرائيل إذا بدأ الجيش الإسرائيلي العملية البرية في رفح. القتال هناك يمكن أن يؤدي إلى إغلاق مسار المساعدات الرئيسة إلى القطاع، ومن هناك إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة.
11- الانجرار إلى أزمة في السلام مع مصر يمكن أن يؤدي إلى عاصفة في الدول العربية التي وقعت إسرائيل معها على اتفاقات سلام مثل الأردن واتحاد الإمارات. هكذا نكون قد خسرنا في كل الاتجاهات.
12- يضاف إلى كل ذلك وضعنا البائس في العالم، لا سيما في الدول الأوروبية والولايات المتحدة. جوزيف بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، دعا في السابق إلى منع إرسال السلاح لإسرائيل بسبب عدد القتلى الكبير في أوساط المدنيين في الحرب في غزة.
هولندا قامت بوقف إرسال قطع الغيار لطائرة «اف 35» إلى إسرائيل بأمر في المحكمة. شركات كثيرة في العالم أوقفت رحلاتها إلى إسرائيل، والعالم آخذ في خنقنا حتى قبل الدخول إلى رفح. نحن يمكن أن نصبح دولة منبوذة وأن نفقد أرصدة مهمة جدا التي بدونها لن نتمكن من النمو مجددا.
حتى لو دخلنا إلى رفح فنحن لن ننجح في القضاء على «حماس» بشكل مطلق، ولكن يمكن أن نجد أنفسنا في وضع أمني أصعب بأضعاف من الوضع الذي نوجد فيه الآن قبل دخول رفح، وسنفقد المخطوفين إلى الأبد.
إذا قرر المستوى السياسي والأمني الدخول إلى رفح فإن ذلك سيضر جدا بمناعة إسرائيل السياسية والأمنية والقومية، وسيضر بعلاقاتنا مع كل العالم.
دولة إسرائيل ستصبح كرة ثلج ستتدحرج نحو الهاوية في مجال الاقتصاد والأمن والمجتمع والعلاقات الدولية. بعد فترة لن تكون هناك أي طريق للعودة.
الحل الذي يجب علينا دفعه قدما هو اتفاق لإعادة المخطوفين، ما سيمكن من الخروج بكرامة من الوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه، وأن نعيد المخطوفين على قيد الحياة إلى بيوتهم. يجب عدم تمكين «حماس» من التقوي مرة أخرى، ويجب تشكيل إدارة مدنية دولية ترافقها قوات شرطة، تستبدل سلطة «حماس».
إذا واصلوا في المستوى السياسي والأمني الطريقة غير العقلانية فإنه خلال بضعة اشهر سيتعين عليهم أن يشرحوا للشعب في إسرائيل لماذا لم تتحقق أهداف الحرب، القضاء على «حماس» وإعادة المخطوفين على قيد الحياة، هذا رغم الثمن الباهظ الذي قمنا بدفعه، مئات الجنود القتلى منذ اقتحام قطاع غزة.
* جنرال إسرائيلي متقاعد.
هآرتس