- ℃ 11 تركيا
- 27 ديسمبر 2024
الداعية خالد سعد يكتب: شمولية الإسلام
الداعية خالد سعد يكتب: شمولية الإسلام
- 26 ديسمبر 2024, 10:04:02 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لقد جاء الإسلام دينًا شاملاً متكاملًا، يُعالج جميع جوانب الحياة البشرية، فهو ليس دينًا مقصورًا على العبادات أو الشعائر الروحية فحسب، بل هو نظام حياة متكامل يُنظم العلاقة بين الإنسان وربه، وبين الإنسان وأخيه الإنسان، وبين الإنسان والكون كله.
إن شمولية الإسلام تُعد من أعظم دلائل كماله وصدق رسالته، حيث لم يترك جانبًا من جوانب الحياة إلا وبيّن فيه الهداية والرشاد، ليحقق بذلك التوازن الدقيق بين متطلبات الفرد والمجتمع، وبين الروح والمادة، وبين الدنيا والآخرة.
مفهوم شمولية الإسلام
تعني شمولية الإسلام أن هذا الدين يشمل جميع مناحي الحياة:
فهو دين عقيدة تنظم علاقة العبد بربه.
وهو منهج عبادة تُزكّي النفس وتربطها بالله.
وهو نظام تشريعي يُنظم حياة الأفراد والمجتمعات.
وهو منهج أخلاقي يُعلي من قيم الرحمة والعدل.
وهو نظام حياة يعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفق منهج إلهي حكيم.
*قال تعالى:
{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89]
مظاهر شمولية الإسلام
1. شمولية الإسلام في العقيدة
تقوم عقيدة الإسلام على التوحيد الخالص لله تعالى، وتنزيهه عن الشرك والعيب.
تشمل العقيدة الإيمان بالملائكة، والكتب السماوية، والرسل، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
لا تقتصر العقيدة على الروح فقط، بل تؤثر على السلوك والعمل اليومي للإنسان.
قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].
2. شمولية الإسلام في العبادات
لم يجعل الإسلام العبادات مجرد طقوس شكلية، بل جعلها وسيلة لتزكية النفس وتهذيب الأخلاق.
تشمل العبادة الصلاة، الصيام، الزكاة، الحج، وذكر الله في كل وقت.
جعل الإسلام كل عمل يُبتغى به وجه الله عبادة، حتى المعاملات والسعي على الرزق.
قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" [رواه البخاري ومسلم].
3. شمولية الإسلام في التشريع
وضع الإسلام نظامًا تشريعيًا متكاملًا، يُعالج:
المعاملات الاقتصادية: مثل البيع، الإجارة، القرض، تحريم الربا، وتشجيع الصدقات.
الأحوال الشخصية: مثل الزواج والطلاق والمواريث.
القضاء والحدود: لضمان العدل وحفظ الحقوق.
القضايا السياسية: بتنظيم شؤون الحكم وإقرار الشورى.
قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49].
4. شمولية الإسلام في الأخلاق
جعل الإسلام الأخلاق جزءًا لا يتجزأ من الدين؛ فهي الأساس في المعاملات.
دعا إلى الصدق، الأمانة، العدل، الحياء، الرحمة، وحسن الخلق.
نهى عن الكذب، الغش، الظلم، والكبر.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلَاقِ" [رواه أحمد].
5. شمولية الإسلام في الحياة الاجتماعية
الإسلام يُنظم علاقة الإنسان بأسرته وجيرانه ومجتمعه.
دعا إلى صلة الرحم، بر الوالدين، العطف على اليتيم، وإغاثة الملهوف.
حرّم الاعتداء على حقوق الآخرين أو إلحاق الضرر بهم.
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
6. شمولية الإسلام في الاقتصاد والسياسة
وضع الإسلام قواعد اقتصادية تمنع الظلم والاستغلال وتحفظ حقوق الجميع.
أباح البيع الحلال وحرم الربا والغش.
أقر مبدأ التكافل الاجتماعي من خلال الزكاة والصدقات.
في السياسة، أرسى الإسلام العدل والشورى واحترام حقوق الإنسان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" [رواه البخاري ومسلم].
فشمولية الإسلام تُظهر عظمة هذا الدين فهو نظام إلهي يُراعي كل احتياجات الإنسان في الدنيا والآخرة. جمع بين العقيدة السليمة، والعبادة الصحيحة، والأخلاق القويمة، والتشريع العادل.
فما أحوج البشرية اليوم إلى هذا الدين الشامل الذي يُصلح القلوب، ويهذب النفوس، ويقيم العدل في الأرض. قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} فالحمد لله على نعمة الإسلام والحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.