- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
إيلي كوهين.. الجاسوس الذي كاد أن يصبح رئيساً لسوريا
الجاسوسية.. أسرار وألغاز- الحلقة 19
إيلي كوهين.. الجاسوس الذي كاد أن يصبح رئيساً لسوريا
- 3 سبتمبر 2024, 9:08:24 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يهودي سوري نشأ في مصر.. تدرب في إسرائيل وأحكم تمويهه في أميركا اللاتينية
• أغدق على حزب البعث وادعى وطنية زائفة أجبرته على عدم مغادرة دمشق
• كشفه رافت الهجان صدفة بعدما شاهد صورته في صحيفة لبنانية مع مسؤولين لبنانيين
• صلاح نصر سافر إلى سوريا في طائرة خاصة ليبلغهم عن أخطر عميل للموساد
• عمل تحت إدارة إبراهام دار أحد أكبر جواسيسي إسرائيل في مصر وخبير تجنيد العملاء
• رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدوا بها مسلما يحمل اسم كامل أمين ثابت
• كانت مهمته الرئيسية في دمشق التعرف على مكان إقامة ألويس برونز مساعد إيخمان
• زود كوهين قادته في تل أبيب بخطط الدفاع السورية في منطقة القنيطرة
•
عالم الجاسوسية.. عالم غامض عجيب.. تكتنفه الأسرار وتغلفه الألغاز.. يمتلئ بالحوادث التي يصعب تصديقها.. ويندر أن تجول بخاطر أي إنسان.. لا تنتهي عجائب هذا العالم.. ولا تنضب أسراره.
ولا تزال سجلات المخابرات المصرية حافلة بالعديد من الجولات الناجحة التي خدعت فيها الموساد الإسرائيلي وتفوقت عليه وقضت على أسطورة الجهاز العبقري.. وكذبت شائعات الذكاء اليهودي الذي لا يهزمه احد أو يخدعه إنسان..
ولأهمية الجاسوسية أفردت لها الصحف والكتب والمواقع الإلكترونية صفحاتها لتسجيل أغرب الحوادث وأندر الحالات، وهو ما حولت جمعه وطرحة بين يدي القارئ في هذه السلسلة "سلسلة الجاسوسية أسرار وألغاز .. التي سبق أن نشرتها في جريدة النهار الكويتية في عام 2013 ولأهمية الموضوع ولحب الجمهور لقراءة ملفات المخابرات نعيد نشرها في موقع 180 تحقيقات ... خدمة لقراء الموقع الأعزاء إلى قلوبنا.. وذلك بمعدل حلقة أسبوعية .
وفي هذه الحلقات نكشف خفايا هذه الملفات.. ونرفع الستار عن قصص جديدة وملفات مخفية شهدت صراعاً شرساً بين العقول.. ومواجهات حامية الوطيس بين المصريين والاستخبارات الإسرائيلية.. كانت أسلحتها الخطط المحكمة.. ومكائد مدبرة بعناية فائقة.. وسطر أبناء النيل بحروف من نور نجاحات مبهرة لعملاء أحسنت المخابرات المصرية تدريبهم.. ليتسللوا داخل المجتمع الإسرائيلي.. واستطاعوا بمهارة فائقة خداع أرقى المناصب. وأعلى الرتب في المجتمع الصهيوني ليحصلوا على أدق الأسرار.. وليكشفوا المستور.. وأماطوا اللثام عما يملكه الكيان المحتل من أسلحة وذخائر.. ونقلوا للقاهرة خرائط تفصيلية لمواقع وتحصينات جيش الاحتلال قبل معركة العبور المجيدة.
ولم يتوقف نجاح المخابرات المصرية على زرع عملاء داخل المجتمع الإسرائيلي وفي بيوت جنرالات جيش الصهاينة.. بل تمكن المصريون ببراعة فائقة من اصطياد جواسيس الأعداء و منعوهم من نقل الأسرار إلى تل أبيب.. وحجبوا عن الموساد المعلومات ووقعت جواسيسه تباعاً.. بل ونجحت المخابرات المصرية في تجنيد بعض جواسيس الموساد وجعلتهم عملاء للقاهرة وأرسلت من خلالهم رسائل خادعة إلى إسرائيل كان لها فضل كبير في خطط الخداع والتمويه التي مهدت لنصر أكتوبر العظيم.
يعد ايلي كوهين أحد أشهر الجواسيس الاسرائيليين الذين كشفتهم المخابرات المصرية، وتعود شهرته لخطورة المنصب الذي كاد ان يتولاه وأيضا لأن المخابرات المصرية كشفته لحساب دولة عربية شقيقة هي سورية التي خدعها كوهين وتقلد فيها أخطر المناصب حتى كاد يصبح رئيساً لهذه الدولة، وايلي كوهين هو الياهو بن شاؤول كوهين (26 ديسمبر 1924 - 18 مايو 1965) يهودي من أصل سوري حلبي، ولد بالاسكندرية التي هاجر اليها احد أجداده سنة 1924، وعمل جاسوسا لاسرائيل في سورية. في عام 1944 انضم ايلي كوهين الى منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الاسكندرية وبدا متحمسا للسياسة الصهيونية على البلاد العربية، وفي سنة وبعد حرب 1948 اخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين الى فلسطين وبالفعل في عام 1949 هاجر أبواه وثلاثة من أشقائه الى اسرائيل بينما تخلف هو في الاسكندرية .وقبل ان يهاجر الى اسرائيل عمل تحت قيادة ابراهام دار وهو أحد كبار الجواسيس الاسرائيليين الذي وصل الى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود على الهجرة وتجنيد العملاء، واتخذ الجاسوس اسم جون دارلينغ وشكل شبكة للمخابرات الاسرائيلية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشآت الأميركية في القاهرة والاسكندرية بهدف افساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأميركية وفي عام 1954 تم القاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون، وبعد انتهاء عمليات التحقيق كان ايلي كوهين قد تمكن من اقناع المحققين ببراءة صفحته الى ان خرج من مصر عام 1955 حيث التحق هناك بالوحدة رقم 131 بجهاز أمان لمخابرات جيش الدفاع الاسرائيلي ثم أعيد الى مصر ولكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية التي لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي ضد مصر في أكتوبر 1956.
تجنيده في إسرائيل
بعد الافراج عنه هاجر الى اسرائيل عام 1957، حيث استقر به المقام محاسبا في بعض الشركات، وانقطعت صلته مع أمان لفترة من الوقت، ولكنها استؤنفت عندما طرد من عمله وعمل لفترة كمترجم في وزارة الدفاع الاسرائيلية ولما ضاق به الحال استقال وتزوج من يهودية من أصل مغربي عام 1959. وقد رأت المخابرات الاسرائيلية في ايلي كوهين مشروع جاسوس جيد فتم اعداده في البداية لكي يعمل في مصر، ولكن الخطة ما لبثت ان عدلت، ورأي ان انسب مجال لنشاطه التجسسي هو دمشق، وبدأ الاعداد الدقيق لكي يقوم بدوره الجديد، ولم تكن هناك صعوبة في تدريبه على التكلم باللهجة السورية، لأنه كان يجيد العربية بحكم نشأته في الاسكندرية.
ورتبت له المخابرات الاسرائيلية قصة ملفقة يبدو بها مسلماً يحمل اسم (كامل أمين ثابت) هاجر وعائلته الى الاسكندرية ثم سافر عمه الى الأرجنتين عام 1946 حيث لحق به كامل وعائلته عام 1947 وفي عام 1952 توفى والده في الأرجنتين بالسكتة القلبية كما توفيت والدته بعد ستة أشهر وبقى كامل وحده هناك يعمل في تجارة الأقمشة، وتم تدريبه على كيفية استخدام أجهزة الارسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل أخبار سورية ويحفظ أسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة، مع تعليمه أصول الآيات القرآنية وتعاليم الدين الاسلامي. وفي 3 فبراير 1961 غادر ايلي كوهين اسرائيل الى زيوريخ، ومنها حجز تذكرة سفر الى العاصمة التشيلية سنتياغو باسم كامل أمين ثابت، ولكنه تخلف في بوينس ايرس حيث كانت هناك تسهيلات معدة سلفا لكي يدخل الأرجنتين بدون تدقيق في شخصيته الجديدة.
وفي الارجنتين استقبله عميل اسرائيلي يحمل اسم (ابراهام) حيث نصحه بتعلم اللغة الاسبانية حتى لا يفتضح أمره وبالفعل تعلم كوهين اللغة الاسبانية وكان ابراهام يمده بالمال ويطلعه على كل ما يجب ان يعرفه لكي ينجح في مهمته، وبمساعدة بعض العملاء تم تعيين كوهين في شركة للنقل وظل كوهين لمدة تقترب من العام يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري ناجح فكون لنفسه هوية لا يرقى اليها الشك، واكتسب وضعا متميزا لدي الجالية العربية في الأرجنتين، باعتباره قوميا سوريا شديد الحماس لوطنه وأصبح شخصية مرموقة في كل ندوات العرب واحتفالاتهم، وسهل له ذلك اقامة صداقات وطيدة مع الدبلوماسيين السوريين.
النادي العربي
وطلب اليه ارتياد النادي العربي في بوينس أيرس للتعرف على بعض السوريين وممن تعرف عليهم رئيس تحرير جريدة العالم العربي التي تصدر باللغة العربية، وقادته هذه المعرفة الى التعرف على كثيرين من رجال الأعمال السوريين وحضور الكثير من الحفلات التي تقيمها الجالية العربية والبعثات الدبلوماسية وبناء على توجهات مدربه، أخبر كوهين العرب الذين تعرف عليهم بنيته القيام بجولة في بعض الدول العربية للترويج للشركة السياحية التي يعمل فيها، وزوده الخشن برسائل الى أصدقائه ومن بينها رسالة الى ابنه كمال في دمشق يوصيه فيها الاهتمام ب كامل أمين ثابت
عاد كوهين في شهر ديسمبر 1961 الى تل أبيب وتم تدريبه على الاستقبال بواسطة مسجلة أما الارسال فبواسطة جهاز ارسال، وتم تدريبه، أيضاً، على الأجهزة التي سوف يدخلها معه الى سورية. غادر كوهين مجدداً تل أبيب الى أوربا، وفي مطلع الشهر الأول من عام 1962 تم في مدينة جنوة تعارفه على عميل حلف الناتو وعميل C.I.A السوري ماجد شيخ الأرض وهنا سلَم المسؤول عن ترتيب لقاء التعارف لماجد سيارة من نوع أوبل خبئت فيها الأجهزة التي اصطحبها معه كوهين وفي أوائل 1962 أبحر العميلان بعدما تم التعارف على ان كامل أمين ثابت عميل في حلف الناتو مع السيارة على متن الباخرة اسبريا من جنوة ووصلا ميناء بيروت في 8/1/1962.
اتصل ماجد شيخ الأرض صباح اليوم الثاني من وصولهما الى بيروت مع صديقه الموظف في الأمن العام نصر الدين وانلي وطلب منه ضرورة الحضور الى مركز الحدود في جديدة يابوس لمساعدته بإدخال سيارته وتم الاتفاق بينهما على ان يكون بانتظاره صباح يوم 10/1/962، وبهذه الطريقة تم دخول كوهين مع أجهزته الى سورية.
وتعرف في دمشق على معذى زهر الدين ابن شقيقة قائد الجيش عبدالكريم زهر الدين. وعلى ماجد شيخ الأرض، الذي كان يعيش في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، ولما كشف أمره بأنه يعمل على تهريب اليهود منها مقابل عمولة من المال هرب الى فرنسا وهناك جندته وكالة المخابرات المركزية الأميركية واستخدمته في كوريا، وبعد انتهاء الحرب الكورية، أُعيد الى أوربا الغربية واستخدم لتنفيذ المهمات التي يكلف بها من قبل الوكالة.
المهمة الرئيسة
كانت المهمة الرئيسة لكوهين في دمشق التعرف على مكان اقامة ألويس برونر مساعد أيخمان، الذي التجأ الى سورية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ورسم الخطط لخطفه، وكان بونر قد استعار اسماً له هو جورج فبشرد وفتح مكتباً له مع شريكين أحدهما ألماني والآخر سوري فؤاد لطيف وعمل مكتبه بتجارة السلاح استورد أسلحة لصالح جبهة التحرير الجزائرية وهاجر برونر الى مصر بعد فترة قصيرة من وصول كوهين الى دمشق. تردد كوهين في دمشق على الأماكن التي يتواجد فيها الأجانب علّه يتعرف على ألويس برونر، وعلى السفير البلجيكي السابق دوسان
عمل السفير دوسان مع أجهزة الأمن في الاقليم الشمالي سورية وقام أثناء الحرب الأهلية في لبنان 1958 بتهريب الأسلحة ولأكثر من مرة في سيارته الدبلوماسية من دمشق الى لبنان لصالح القوى المناوئة لكميل شمعون، ولما اكتشف أمره حصل على حق اللجوء السياسي في سورية وأقام في قرية عرنة بجبل الشيخ.
لما فشل كوهين خلال الأشهر الستة الأولى من التعرف على مساعد أيخمان استدعاه جهاز الموساد الى اسرائيل، وبعد ان أطلع رؤسائه على ما يقوم به وعلى أسماء الأشخاص الذين تعرف عليهم مثل جورج سيف المغترب العائد من الأرجنتين والمذيع في البرنامج الاذاعي الموجه الى المغتربين في أميركا اللاتينية باللغة اللاتينية، وعمر الشيخ طالب الطب الهارب من الأرجنتين بعد الانقلاب على حكم الجنرال بيرون، ومعذى زهر الدين الموظف في وزارة الشؤون البلدية والقروية وغيرهم، عاد كوهين مجدداً الى دمشق، بعد ان طلب منه المسؤول عنه تمتين علاقته مع كل من جورج سيف ومعذى زهر الدين وهيثم القطب الموظف في المصرف المركزي وصاحب المنزل الذي استأجره كوهين في أول شارع أبي رمانة، وحددت مهامه الأساسية بابلاغ المركز عن: (1) أي حركات عسكرية يسمع بها أو يطلع عليها مهما بدت بالنسبة اليه عادية وغير ذات قيمة، (2) الأخبار الاقتصادية والسياسية، والتركيز عليها ، (3) أهم الاشاعات المتعلقة بالوضع السياسي والعسكري والاقتصادي. وكان رفيق دربه طيلة عهد الانفصال هو الملازم أول معزى زهر الدين - ابن أخت اللواء عبدالكريم زهر الدين قائد الجيش آنذاك، هو من كان رفيقه في الغدو والتراوح، في الجبهة وخارجها، ومع البنين والبنات، وربما من دون اذن الخال الذي عُرف بنجابته وسمو شأنه. خلف معزى في تلك المهمة سليم حاطوم، بعد ان وثب البعث الى السلطة وانفرد بها.
اعتمد كوهين على هؤلاء الأشخاص الثلاثة بشكل رئيسي للحصول منهم على المعلومات المطلوبة، كما ان جورج سيف استضافه في برنامج اذاعي وكان يزوده بالمعلومات السياسية، والقطب كان يستقبله في المصرف المركزي ويجاوبه على كل أسئلته المالية والاقتصادية، وبعد استدعاء معذى للجيش بعد الثامن من مارس وتعيينه قائداً للحرس القومي في ادلب استضافه وقاما معاً بزيارة المنطقة الحدودية السورية- التركية في المحافظة، وكان كوهين يستضيف معذى في منزله كلما زار دمشق.
وطنية زائفة
أعلن الجاسوس انه قرر تصفية كل أعماله العالقة في الأرجنتين ليظل في دمشق مدعيا الحب لوطن لم ينتم اليه يوما، وبعد أقل من شهرين من استقراره في دمشق، تلقت أجهزة الاستقبال في أمان أولي رسائله التجسسية التي لم تنقطع علي مدى ما يقرب من ثلاث سنوات، بمعدل رسالتين علي الأقل كل أسبوع. وفي الشهور الأولى تمكن كوهين أو كامل من اقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمةمع ضباط الجيش والمسؤولين الحربيين، وكان من الأمور المعتادة ان يقوم بزيارة أصدقائه في مقار عملهم، ولم يكن مستهجنا ان يتحدثوا معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع اسرائيل، وأن يجيبوا بدقة عن أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميغ أو السوخوي، أو الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفييتي أو الفرق بين الدبابة تي ـ 52 وتي ـ 54، وغير ذلك من أمور كانت محل اهتمامه كجاسوس، وبالطبع كانت هذه لمعلومات تصل أولا بأول الى اسرائيل، ومعها قوائم بأسماء وتحركات الضباط السوريين بين مختلف المواقع والوحدات. وفي سبتمبر 1962 صحبه أحد أصدقائه في جولة داخل التحصينات الدفاعية بمرتفعات الجولان، وتمكن كوهين أو كمال من تصوير جميع التحصينات بواسطة آلة التصوير الدقيقة المثبتة في ساعة يده وهي احدى ثمار التعاون الوثيق بين المخابرات الاسرائيلية والأميركية.
تفصيلات وافية
ومع ان صور هذه المواقع سبق ان تزودت بها اسرائيل عن طريق وسائل الاستطلاع الجوي الأميركية، الا ان مطابقتها علي رسائل كوهين كانت لها أهمية خاصة سواء من حيث تأكيد صحتها، أو من حيث الثقة في مدى قدرات الجاسوس الاسرائيلي على اختراق أكثر الأماكن والمواقع أسرية في سورية، وفي عام 1964، عقب ضم جهاز أمان الي الموساد، زود كوهين قادته في تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة، وفي تقرير آخر أبلغهم بوصول صفقة دبابات روسية من طراز تي ـ54، وأماكن توزيعها، وكذلك تفاصيل الخطة السورية التي أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالي من اسرائيل في حالة نشوب الحرب، وازداد نجاح ايلي كوهين خاصة مع باغداقه الأموال على حزب البعث وتجمعت حوله السلطة واقترب من ان يرشح رئيسا للحزب أو للوزراء. وقبل ان تقع الكارثة السابقة نجح الجاسوس المصري الشهير رفعت الجمال أو رأفت الهجان في الايقاع بالجاسوس كوهين قائلا في مذكراته شاهدته مرة في سهرة عائلية حضرها مسؤولون في الموساد وعرفوني به انه رجل أعمال اسرائيلي في أميركا ويغدق على اسرائيل بالتبرعات المالية ولم يكن هناك حينها أي مجال للشك في الصديق اليهودي الغني وكنت على علاقة صداقة مع طبيبة يهودية شابة من أصل مغربي اسمها ليلى وفي زيارة لها بمنزلها شاهدت صورة صديقنا اليهودي الغني مع امرأة جميلة وطفلين فسألتها من هذا؟ قالت انه ايلي كوهين زوج شقيقتي نادية وهو باحث في وزارة الدفاع وموفد للعمل في بعض السفارات الاسرائيلية في الخارج، لم تغب المعلومة عن ذهني رغم انها لم تكن على قدر كبير من الأهمية العاجلة.
وأضاف الهجان في أكتوبر عام 1964 كنت في رحلة عمل للاتفاق على أفواج سياحية في روما وفق تعليمات المخابرات المصرية وفي الشركة السياحية وجدت بعض المجلات والصحف ووقعت عيناي على صورة ايلي كوهين في جريدة لبنانية فقرأت المكتوب أسفل الصورة (الفريق أول على عامر والوفد المرافق له بصحبة القادة العسكريين في سورية والعضو القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي كامل أمين ثابت) وكان كامل هذا هو ايلي كوهين الذي سهرت معه في اسرائيل وتجمعت الخيوط في عقلي فحصلت على نسخة من تلك الجريدة اللبنانية من محل بيع الصحف بالفندق.
وتابع: وفي المساء التقيت مع (قلب الأسد) محمد نسيم رجل المهام الصعبة في المخابرات المصرية وسألته هل يسمح لي ان أعمل خارج نطاق اسرائيل؟ فنظر لي بعيون ثاقبة: ماذا؟ قلت: خارج اسرائيل، قال: وضح، قلت: كامل أمين ثابت أحد قيادات حزب البعث السوري هو ايلي كوهين الاسرائيلي المزروع في سورية وأخشى ان يتولى هناك منصبا كبيرا، - قال: ما أدلتك؟، قلت: هذه الصورة ولقائي معه في تل أبيب ثم ان صديقة لي اعترفت انه يعمل في الجيش الاسرائيلي، ابتسم قلب الأسد وأوهمني انه يعرف هذه المعلومة فأصبت باحباط شديد ثم اقترب من النافذة وعاد فجأة واقترب مني وقال: لو صدقت توقعاتك يا رفعت لسجلنا هذا باسمك ضمن الأعمال النادرة في ملفات المخابرات المصرية.
واختتم الهجان قائلا عقب هذا اللقاء، طار رجال المخابرات المصرية شرقا وغربا للتأكد من المعلومة وفي مكتب مدير المخابرات في ذلك الوقت صلاح نصر تجمعت الحقائق وقابل مدير المخابرات الرئيس جمال عبدالناصر ثم طار في نفس الليلة بطائرة خاصة الى دمشق حاملا ملفا ضخما وخاصا الى الرئيس السوري أمين حافظ وتم القبض على ايلي كوهين وسط دهشة الجميع وأعدم هناك في 18 مايو 1965 رغم توسط عدة دول للافراج عنه أو مبادلته بجواسيس آخرين لكن كل تلك المحاولات فشلت وتم اعدامه بالفعل في التاريخ المذكور
جريدة النهار الكويتية
Pdf رابط ال
https://www.annaharkw.com/Resources/PdfPages/2013-07-11/P14.pdf