إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: كذبة الديمقراطية وعنصرية حقوق الإنسان

profile
  • clock 13 سبتمبر 2024, 3:44:12 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

جئنا إلى الغرب منذ سنوات، الذي يتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان وبأنه الحامي لهما والمدافع عنهما، لنتفاجأ بهذه الكذبة وهذا الشعار الذي ما هو إلا مجرد شعارات جوفاء ليس لها أي أساس على أرض الواقع.

فالديمقراطية لمن هم في السلطة والنفوذ وذوي رؤوس الأموال المتسلطين على البسطاء والفقراء وذوي الطبقة المتدنية أنها ديمقراطية الطبقية. أما حقوق الإنسان فهو لمن هم من ذو البشرة البيضاء لا لغيرهم.

فمن تجربتي الشخصية وطلبي اللجوء للحماية هنا لازلت انتظر منذ سنوات للحصول على الإقامة مع نزاهة وصدق طلبي للجوء وأني مهدد في بلدي الأم، ولكني لم أحصل عليها ولكن لو كنت من أوكرانيا وأبيض لحصلت عليها من أسبوعي الأول، ومع اشتياقي لاهلي وعائلتي والذين رغبوا بزيارتي وبعد محاولاتهم الكثير حصلوا على الفيزا الأوروبية "الشنجن"، ليفاجؤا عند وصولهم للسويد بتهمة أنهم محتالون يريدون البقاء هناك، لا لانهم قدموا رؤيتي ورؤية زوجتي بعد أكثر من ثمانية سنوات من الفراق.

أبي، الرجل الكبير ذو الستة وسبعين عاما وزوجته الخمسينية لم ترحمهم كبر سنهم أو أمراضهم الكثيرة من هذه العنصرية البغيضة وهم بلا وجود في قاموس الإنسانية التي يتغنون بها، كل هذا ومعه الحرب في فلسطين الذي كشفت كذبة وعنصرية إنسانيتهم، فالقتل في غزة بالجملة للأطفال والنساء ولعائلات قد محيت من السجل المدني والدمار الهائل هناك لم تشفع لهم لا الإنسانية ولا الرحمة وأن حسبوا سهوا من البشر، فهم عفوا ليسوا من ذوي البشرة البيضاء.

هو أمر على الرغم من بشاعته ومدلولاته العنصرية، فإنه يقدم لنا دليلاً جديداً على الأزمة الأخلاقية التي تعيشها بعض الدول الغربية، وازدواجية المعايير التي تحكم سياساتها، وسط ذلك الضجيج المفتعل والشعارات الطنانة حول ما تسميه القيم الديمقراطية الغربية، في ظل اجتياح العنصرية وخطابات الكراهية للقارة الأوروبية، وتصاعد خطاب التحريض على كراهية الأجانب بشكل عام، والأقليات بشكل خاص، وبتشجيع من بعض الحكومات على التمييز والعنف ضد اللاجئين والمهاجرين، وهو ما ينطوي على خطر كبير لا يكشف زيف ادعاءات الغرب وشعاراته حول حقوق الإنسان في الدول الغربية فحسب، وإنما يهدد أمن المجتمعات الأوروبية والغربية عامة، نظراً لما يرتبط بهذه النزعة الهدامة من خلق أجواء يسودها الحقد والكراهية والتطرف، الذي يمس كرامة الإنسان، لا محبة ولا الإنسانية او التآخي أو الاندماج و قبول الآخر بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو دينه أو لونه.

فمع انتشار وتنامي الحركات اليمينية المتشددة، تحولت العنصرية في أوروبا والغرب عامة إلى شكل علني، وأخذت طابعاً مؤسساتياً في العديد من المجالات، فضلاً عن استخدام خطاب مكافحة الإرهاب و العصابات ، لتبرير استخدام العنف والكراهية في سياسة حاقدة تفتقر إلى معايير حقوق الإنسان، وهو الشعار العريض الذي قرع به الغرب آذاننا، في مخالفة صريحة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لا سيما في مادته الأولى التي تؤكد أن جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بروح الإخاء. وكذلك ما نصت عليه المادة الثانية من الإعلان التي تؤكد أن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان.

ومن المؤسف جداً أن التأثير المتزايد للسياسات القومية المتطرفة وكراهية الغير،  الذي أصبح منتشراً إلى حد كبير في جميع أنحاء أوروبا؛ حيث يتعرض هؤلاء لأبشع أشكال التعصب والتمييز العنصري، في مختلف مجالات ومفاصل الحياة.

التعليقات (0)