- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
أردوغان يعد بوضع تركيا بمصاف الأوائل في الصناعات الدفاعية.. فهل تدعمه لغة الأرقام؟
أردوغان يعد بوضع تركيا بمصاف الأوائل في الصناعات الدفاعية.. فهل تدعمه لغة الأرقام؟
- 26 نوفمبر 2022, 2:13:02 ص
- 899
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أكد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الجمعة، بأن حكومته ستواصل نضالها دون توقف، حتى تجعل تركيا بين الأوائل في العالم بمجال الصناعات الدفاعية.
تعهد "أردوغان" جاء خلال كلمة له بمراسم إنزال سفينة حربية صنعتها تركيا لمصلحة باكستان في قيادة حوض بناء السفن بولاية إسطنبول، وتؤكده مؤشرات عدة شهدتها السنوات الأخيرة.
وكانت تركيا حددت أهدافا استراتيجية لرؤيتها الخاصة بعام 2053؛ إذ تهدف إلى جعل صناعاتها الدفاعية مستقلة بنسبة 100%، بالإضافة إلى إدخال 10 شركات تركية إلى دوري الأبطال لأكبر 100 شركة دفاعية في العالم، وزيادة قدرتها التصديرية لصناعات الدفاع والطيران إلى 50 مليار دولار.
خطى حثيثة
ووفق الأرقام المعلنة، تسير تركيا بخطى حثيثة نحو تحقيق تلك الأهداف.
فطبقا لدراسة نشرها مركز "ستراتفور" (STRATFOR) للدراسات عام 2021، تشير الإحصائيات الرسمية التركية إلى أن الصناعات الدفاعية المحلية باتت فعليا تلبي 70% من متطلبات أنقرة العسكرية، مقارنة بحوالي 20% فقط عندما صعد حزب "العدالة والتنمية"، الذي يتزعمه "أردوغان"، إلى السلطة عام 2003.
وهذا الأمر جعل تركيا أكثر قدرة على مواجهة حظر الأسلحة، ومكنها من الظهور بقوة والاستعداد للبقاء، بعد أن خاضت تجربة مؤلمة في عمليات الحظر، التي كان آخرها الحظر الأوروبي والأمريكي جراء عملية "نبع السلام" في الداخل السوري.
كما حققت تركيا قفزات ملحوظة في صادرات الصناعات الدفاعية؛ إذ وصل إجمالي صادراتها من أنظمة الدفاع والطيران إلى 3 مليارات 224 مليونا و786 ألف دولار عام 2021، بعدما كانت 248 مليون دولار فقط في عام 2002، حسب بيانات جمعية المصدرين الأتراك (TIM).
وتبيع شركات الدفاع التركية منتجاتها إلى أكثر من 80 دولة، فيما قفز عدد المشاريع الدفاعية التي نفذتها الشركات المحلية في تركيا من 66 منذ 20 عاما إلى ما يقرب من 800 العام الماضي.
وكانت الدولة التي تربعت على رأس قائمة الدول التي صدّرت إليها تركيا في2021 هي الولايات المتحدة بمليار و127 مليونا و861 ألف دولار.
تلت الولايات المتحدة بلدان مثل أذربيجان بـ202 مليون و221 ألف دولار، وقطر بـ180 مليونا و547 ألف دولار، ثم الإمارات بـ161 مليونا و526 ألف دولار، والمغرب بـ159 مليونا و667 ألف دولار.
كما زادت صادرات الدفاع والطيران التركية إلى دول مثل إثيوبيا وبنجلاديش وقيرغيزستان وليتوانيا والكونغو، بالإضافة إلى الكويت وبوركينا فاسو وتشاد بشكل ملحوظ مقارنة بعام 2020.
هدف 2022
وبخصوص العام 2022، وضعت شركات الصناعات الدفاعات التركية نصب أعينها تحقيق إجمالي صادرات يتجاوز 4 مليارات دولار.
ويبدو أن هذا الرقم في طريقه للتحقق وفق المؤشرات الأولية؛ حيث سجلت صادرات تركيا من صناعات الدفاع والطيران خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 2.6 مليار دولار بزيادة أكثر من 40% عن نفس الفترة من عام 2021.
وأهل ذلك تركيا لتشغل المرتبة رقم 13 بين الدول الأكثر تصديرا للأسلحة في العالم، وفقا لتقرير "معهد ستكهولم الدولي لأبحاث السلام" لعام 2020، الذي أشار كذلك إلى أن صادرات الأسلحة التركية ارتفعت بنسبة 170% خلال السنوات العشر الماضية.
وتشير الإحصاءات، أيضا، إلى انخفاض واردات الأسلحة التركية خلال الفترة ما بين عامي 2015 و2019 بنسبة 48% مقارنة بخمس سنوات سابقة، بالرغم من حربها ضد "تنظيم الدولة" و"حزب العمال الكردستاني"، وعملياتها في كل من سوريا وليبيا.
صفقات أسلحة كبرى
وتم في السنوات الأخيرة إبرام تركيا العديد من صفقات الأسلحة الكبرى مع باكستان، بما في ذلك صفقات تسليم 30 طائرة مروحية مقاتلة، و4 سفن حربية تصنعها أنقرة ضمن مشروعها الوطني لصناعة السفن الحربية "ميلجم".
كما باعت تركيا مئات المدرعات المضادة للألغام من طراز "كيربي" (Kirpi) إلى تونس وتركمانستان وليبيا، وصدّرت حاملات جنود مدرعة من طراز "كوبرا" (Cobra) إلى دول مثل البحرين وبنجلاديش وموريتانيا ورواندا.
كما اتفقت تركيا وأوزبكستان على إنتاج ألف مدرعة من نوع التنين على الأراضي الأوزبكية، وهو ما يسهم في انفتاح الصناعات الدفاعية التركية على الأسواق الآسيوية.
واستمرت الشركات التركية في عقد صفقات دفاعية جديدة، وتقديم أنظمة للعملاء خلال فترة وباء "كورونا"؛ ففي 23 مارس/آذار 2021، وقعت الهند صفقة بقيمة 2.3 مليار دولار مع مجموعة "تي إيه آي إس" (TAIS) التركية لبناء السفن، يتم بموجبها بناء 5 سفن معاونة يبلغ وزنها 45 ألف طن لصالح البحرية الهندية.
ووقعت شركة "أسيلسان" التركية اتفاقيات مع البحرين وكازاخستان ودولة عضو في الناتو لم يتم الإفصاح عن اسمها لمنظومات أسلحة متطورة يتم التحكم بها عن بعد.
وتم مؤخرا توقيع عدد من الاتفاقيات مع أوكرانيا في مجال إنتاج ومشاركة تكنولوجيا سفن "فرقيطة" (أكبر من فرقاطة) والطائرات المسلحة بدون طيار.
بيرقدار الأيقونة الأبرز
وخلال السنوات العشر الأخيرة، نمت صناعة الطائرات بدون طيار محلية الصنع بشقيها الاستكشافي والمسلح؛ لتحتل تركيا موقعا بين أول 4 دول في العالم في هذا المجال.
وتقول التقارير الرسمية التركية إن سلاح الطيران المسيّر المحلي بات يفرض نفسه بديلا عن التكنولوجيا المتطورة لدى الولايات المتحدة وإسرائيل؛ حيث صدرت أنقرة المسيرة "بيرقدار آقنجي" (Bayraktar Akıncı) إلى كثير من دول العالم، وبينها أوكرانيا وقطر وأذربيجان وليبيا، وتخطط لبيعها إلى أكبر عدد من الدول.
وجاء ذلك بعد أن أثبتت تلك المسيرة نجاحات عسكريى كبيرة في معارك بسوريا وليبيا وأوكرانيا وفي الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا.
نظام دفاعي جنوبي
فيما أعلن "ياسين أكديري"، المدير العام لشركة الصناعات الميكانيكية والكيميائية التركية (MKE)، في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عن سعي الشركة لإنتاج نظام دفاع جوي جديد من الفئة قصيرة المدى، واصفا إياه بأنه "جنوني".
وذكر " أكديري"، في تصريحات لصحيفة "حرييت" التركية، أن النظام الجديد لديه القدرة على توفير دفاع جوي أكثر فاعلية ضد الصواريخ وأنظمة الأسلحة الأخرى، مشيرا إلى تطوير شركته أسلحة من قبيل "المدفع البحري الوطني" (National Sea Cannon) و"مدفع هاوتزر ذاتي الدفع" (Yavuz Howitzer) و"بندقية القنص متعددة العيارات KN-12" أثمر في نهاية المطاف عن تمكنها من تطوير منظومة دفاع جوي قصيرة المدى، لتنضم إلى دول قليلة حول العالم تقوم بانتاجها حاليا.
وأضاف أن الشركة شرعت في مرحلة الإنتاج التسلسلي لنظامها الدفاعي الجديد، وهي المرحلة التي تسبق الإنتاج التجاري أو الإنتاج بكميات كبيرة.
وأشار "أكدير" إلى أن النظام الجديد سيدخل الخدمة بالجيش التركي في نهاية العام الجاري، قائلا: "إنه جنوني، وسيوفر الدفاع الجوي الأكثر فاعلية ضد صواريخ الجو-أرض والمسيرات والطائرات والمروحيات، إضافة إلى الصواريخ الموجهة من المنصات البحرية والبرية".
وأكد أن النظام الدفاع الجديد "تم تطويره بالكامل بمكونات محلية، بما في ذلك برمجياته"، مضيفا: "اختبارات الرماية اكتملت. وسنتخذ قرارًا بشأن الإنتاج التجاري ونمضي بسرعة. وهناك طلب جاد (لشراء النظام) من الخارج".
ويمكن للنظام الدفاع الجديد الدوران 360 درجة على محوره، وإطلاق 6000 مقذوف في الدقيقة من 6 براميل دوارة، ويبلغ مدى فعاليته 2000 متر للأهداف الجوية و2500 متر للأهداف الأرضية، ويحتوي على مستشعر كهربائي بصري وكاميرا حرارية وكاميرا للرؤية النهارية وجهاز لتحديد المدى بالليزر.
صاروخ باليستي
أيضا، كشفت وسائل إعلام تركية، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أن أنقرة اختبرت فوق منطقة البحر الأسود صاروخا باليستيا قصير المدى تم تطويره محليا.
ونشرت تلك الوسائل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لعملية إطلاق الصاروخ.
وقالت إن الصاروخ أُطلِق من منصة متنقلة في بلدة ريزي الساحلية المطلة على البحر الأسود.
وأضافت أن الصاروخ الذي أُطلِق عليه اسم "تايفون" حلّق لمسافة 561 كيلومترا ليصيب هدفا قبالة مدينة سينوب الساحلية.
وفي يوليو/تموز 2022، كشفت تركيا صورا جديدة لأكبر حاملة طائرات مسيرة ومركبات برية في العالم محلية الصنع "تي جي جي بيرقدار" القادرة على حمل 20 دبابة مع الطائرات المسيرة والمروحيات الهجومية.
أيضا، أعلنت أنقرة، في يونيو/حزيران الماضي، البدء في بناء صناعة غواصة بتصميمات ومكونات محلية.
كما أن لديها مشاريع مختلفة تحت التنفيذ لتصنيع دبابة قتال رئيسية والمقاتلة "MMU" وهي من الجيل الخامس.
مكاسب اقتصادية مهمة
وتتعدى مكاسب نهضة الصناعات الدفاعية التركية النواحي السياسية والعسكرية إلى مكاسب اقتصادية مهمة، في ظل ما يعانيه الاقتصاد التركي من تضخم وديون تراكمية وانخفاض في قيمة العملة الوطنية؛ بسبب عوامل داخلية بنيوية، وأخرى سياسية خارجية.
وفي هذا الصدد، أكد مدير الدراسات الاقتصادية في مركز أورسام بأنقرة "رجب يورولماز" أن سوق الدفاع العالمي يشكل أحد أهم المدخلات الاقتصادية للدول المصدرة للأسلحة، ومنها تركيا.
ولفت إلى أن الصناعات الدفاعية التركية لا تتكون من تجارة الأسلحة فحسب؛ بل تتكون من مزيج من المجالات المختلفة مثل التعليم، والقوى العاملة المدربة، ومجالات التوظيف الجديدة، والبنية التحتية الاستثمارية القطاعية الواسعة، والتطورات العلمية والتكنولوجية، وتوسيع نطاق المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، وتغذية القطاعات الأخرى.
وأوضح "يورولماز"، في تصريحات صحفية، أن الصناعات الدفاعية تحولت من استثمار عديم الجدوى إلى مكسب اقتصادي طويل الأجل.
وقال: "ساهمت سياسات التأميم التي اتبعتها حكومة حزب العدالة والتنمية، التي وصلت إلى السلطة بعد الأزمة المالية عام 2001، والإصلاحات الاقتصادية التي طُرحت في هذا الاتجاه، في تطوير الصناعات الدفاعية".
وأضاف الخبير الاقتصادي التركي أن "حجم الإنتاج وصادرات الصناعات الدفاعية يكشف مساهمة هذا القطاع في تنمية اقتصاد تركيا، وحل مشكلة عجز التجارة الخارجية، وهي أحد أكثر العوامل هشاشة في اقتصاد البلاد، كما ساهم مؤخرا في ارتفاع قيمة العملة التركية بشكل غير مباشر".