أبو دجانة - شهيد مصري ضرب بسيف رسول الله في ثرى القدس

profile
  • clock 16 أكتوبر 2021, 9:38:52 ص
  • eye 634
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

"لملمت حبي والرصاص وقلت هاكِ.. ومشيت نحو الشمس وحدي كي أراكِ"، تعبر تلك الأبيات التي تخلد الشهيد الأردني مروان عرندس، والذي نفذ عمليةً فدائيةً خلال الانتفاضة الأولى، تلتها سلسة من العمليات الفدائية التي نفذها مقاومون عرب ثأراً لمجزرة الأقصى في العام 1990، عن حالةٍ شعبيةٍ وجدانية، سادت المجتمعات العربية والإسلامية في التسعينيات، فغدا التغني بالشهادة في القدس أو من أجلها ثقافةً شعبية، ولا عجب بذلك فالقدس رمزٌ من رموز الصراع مع الاحتلال الصهيوني، ومن المسجد الأقصى عرجت أرواح الشهداء والأنبياء إلى السماء، وخلال سنوات الاحتلال الصهيوني لفلسطين شكلت القدس رافعةً ثوريةً للانتفاضات والثورات، ففيها المقدسات الإسلامية والمسيحية، وفيها يقع قلب الاستهداف الصهيوني لفلسطين.

قد يظن العديد منا أنّ تاريخ 7 حزيران/يونيو 1967 كان تاريخ انقطاع التواصل بين العرب والمسلمين والقدس والمسجد الأقصى المبارك، ولكن هناك من تواصل مع القدس بدمه من أبناء هذه الأمة، ومنهم ابن مصر كنانة، الشهيد المصري على ثرى القدس، عصام مهنا الجوهري، والذي ارتقى في مثل هذه الأيّام من العام 1994.

الشهيد الجوهري في سطور

ولد الشهيد عصام مهنا الجوهري في حي شبرا الخيمة، الشعبي في جمهورية مصر العربية، وترعرع الشهيد في مساجد الحي، في كنف أسرة متدينة محافظة، علمته حب فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، وكان الشهيد منذ نعومة أظفاره متأثراً منذ نعومة أظفاره ببطولات الصحابة رضوان الله عليهم، ومن أبرزهم سماك بن خرشة رضي الله عنه (أبو دجانة) والذي منحه رسول الله صلى عليه وسلم سيفه ليقاتل به، وكان يرتدي عصبةً حمراء، وكان الشهيد عصام متأثراً بتلك القصة، وكان شديد التشبه بهذا الصحابي، وتكنى من نعومة أظفاره بكنيته.

المحنة ثم المنحة

شهدت نهاية الثمانينات ونهاية التسعينات تضييقاً أمنياً شديداً من نظام مبارك بحق معظم الحركات والتيارات الإسلامية في مصر، وتعرض الآلاف من الشباب المصري المتدين للاعتقال من المخابرات المصرية، وتصاعدت حدة تلك الحملات الأمنية بعد تاريخ 23 أيار/مايو 1990، بعد اغتيال رئيس الوزراء المصري، آنذاك، رفعت المحجوب، إذ شنت الأجهزة الأمنية المصرية حملة اعتقالات طالت الآلاف من الشباب الإسلاميين في مصر، وكان شهيدنا الجوهري ممن تم اعتقالهم، وتعرض لتحقيقٍ قاسٍ، ومكث عدة سنوات في الاعتقال، وفور خروجه من السجن سجل اسمه ضمن المتطوعين لإغاثة الشعب المسلم في البوسنة والهرسك، ولكن عيون أبو دجانة بقيت ترقب عشقه الأول، فلسطين، فقد كان يحدث أحد رفاقه المقربين في السجن بعد مجزرة المسجد الأقصى في تشرين أول/أكتوبر 1990 عن أمنيته بأن يثأر لشهداء مجزرة الأقصى ، وبأن تطأ قدماه أرض فلسطين، وهو ما تم فعلاً في العام 1992، عندما غادر مصر متخفياً بجواز سفر مصري باسم (لؤي)، وبعد رحلةٍ تكنفها العناء عبر صحراء سيناء، وصل إلى فلسطين وسكن في حي الشيخ رضوان في غزة، بشكلٍ مؤقت، وبقي الشهيد عصام الجوهري ومنذ وصوله إلى أرض فلسطين وحتى استشهاده متخفياً بجواز باسم لؤي، بصفته شرطياً مصرياً أتى ليقيم في قطاع غزة بعد أن ترك وظيفته.

بدأ الشهيد الجواهري بالبحث عن مجاهدي ومطاردي كتائب الشهيد عز الدين القسام بعد وصوله قطاع غزة بفترة بسيطة، وهذا ما تم له حينما تعرض للقائد محمد الضيف (أبو خالد) والذي كان قائداً من قادة القسام آنذاك، وكان له دورٌ في دعم عدد من المجموعات القسامية في الضفة الغربية، كما أشرف على عدد من العمليات الاستشهادية في القدس المحتلة.


موعدٌ مع الشهادة

بعد أن تعرف الشهيد عصام الجوهري بالقائد محمد الضيف، سرعان ما أدرج الأخير اسم الجوهري، ضمن قوائم الاستشهاديين في كتائب القسام، وشكل منه ومن رفيقه الشهيد حسن عباس، وبدأ بتدريبهما وتجهيزهما لتنفيذ عملية استشهادية في القدس ثأراً لمجزرة المسجد الإبراهيمي، التي وقعت في 25 شباط/فبراير 1994، ويبدو أن الشهيد عصام الجوهري قد كان حريصاً على أن تكون عمليته ثأراً لمجزرتي الأقصى والإبراهيمي، فتم تحديد موعد العملية في 4 تشرين أول/أكتوبر 1994، في ذات الشهر الذي وقعت فيه مجزرة المسجد الأقصى، وبعد ما يقرب الـ 8 أشهر من مجزرة المسجد الإبراهيمي، وفي قلب مدينة القدس، وبعد إتمام التدريب والتجهيز صوّر القائد محمد الضيف الشهيدين، وهما يتلوان وصيتهما، وظهر الشهيد عصام الجوهري (أبو دجانة) وقد تعصب بالعصابة الحمراء، تأسياً بالصحابي البطل سماك بن خرشة (أبو دجانة) والذي كان يسمي تلك العصبة الحمراء، عصبة الموت.

صباح يوم 9 تشرين أول/أكتوبر 1994، وقبل يومين من عملية أسر الجندي الصهيوني (نحشون فكسمان) انطلق كلٌ من الاستشهاديين عصام مهنا الجوهري (أبو دجانة) وحسن عباس (أبو مصعب) تجاه وسط القدس المحتلة مسلحين ببندقيتين رشاشتين وعدد من القنابل اليدوية.

وصل الشهيدان إلى مستوطنة (نحلات شفعاه) بالقرب من مقبرة مأمن الله، على بعد 500 متر من باب الخليل، الباب الغربي من البلدة القديمة، وعلى بعد لا يزيد عن حوالي كيلومتر عن المسجد الأقصى، وكان صيد الشهيدين الثمين موجودٌ في أحد مقاهي الاحتلال القديمة المتراصة في البؤرة الاستيطانية، إذ عاجلا عدداً من أفراد شرطة الاحتلال ومخابراته (الشاباك) برصاصهما وقنابلهما، فقُتل 5 من أفراد (الشاباك) ومجندة صهيونية، فيما جرح 16 من قوات الاحتلال، وبعد نفاد ذخيرة الاستشهاديين ارتقيا برصاص قوات الاحتلال.

موقف مشرف من شيخ الأزهر

عقب العملية الاستشهادية الموجعة للاحتلال في قلب القدس على يد الشهيد عصام الجوهري ورفيقه عمت أجواء الفرح في فلسطين والعواصم العربية والإسلامية وزاد من وجدانية الحدث ورمزيته أن أحد منفذي العملية هو من أهل مصر الكنانة، ولكن أطرافاً أخرى جن جنونها، فتحركت أجهزة الأمن المصري على الفور وداهمت منزل عائلة الشهيد عصام الجوهري في شبرا الخيمة، واعتقلت عدداً من إخوانه وأفراد أسرته في محاولةٍ منها لمجاملة الاحتلال الصهيوني، ورئيس وزرائه آنذاك (إسحاق رابين)، ولكن، وفي ذات الوقت كانت هناك أصوات حرة في مصر كان لها موقفٌ آخر فخرجت المسيرات الشعبية وأديت على الشهيد صلاة الغائب في العديد من مساجد مصر وميادينها، أما شيخ الأزهر آنذاك، الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، فقد أصدر بياناً نعى فيه الشهيد، وأشاد ببطولته في سبيل قضية المسلمين المركزية، قضية فلسطين والقدس، والمسجد الأقصى المبارك.

المصدر: إعداد كمال الجعبري - موقع مدينة القدس



التعليقات (1)
Giovanny Dietrich clock منذ سنتين

Molestiae et sit consectetur quas. Voluptatem exercitationem enim aut doloremque. Rerum eveniet aut delectus fugiat.