- ℃ 11 تركيا
- 19 نوفمبر 2024
يلمان هاجر اوغلو يكتب: الاستراتيجية الاسرائيلية في لبنان والسيناريوهات المرسومة
يلمان هاجر اوغلو يكتب: الاستراتيجية الاسرائيلية في لبنان والسيناريوهات المرسومة
- 28 سبتمبر 2024, 12:31:42 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعد التدخلات العسكرية والاستراتيجية الإسرائيلية في لبنان تاريخياً واحدة من أكثر ديناميكيات الصراع تعقيداً في الشرق الأوسط من حيث تعدد الاطراف .وتهدف الاستراتيجيات التي طورتها حكومة نتنياهو في السنوات الأخيرة إلى تحقيق أهداف إسرائيل طويلة المدى في المنطقة والقضاء على حزب الله الذي يشكل تهديدا لها في لبنان. ثم لا بد من النظر إلى خلفية هذه الأهداف، وأهداف حزب الله العسكرية والسياسية، ودور إيران في ذلك،والديناميكيات الديموغرافية والاجتماعية والسياسية، بما في ذلك ردود أفعال العالم العربي والمجتمع الدولي.
لقد شهدت سياسات إسرائيل تجاه لبنان تغييراً وتحولاً مستمرين منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 . لقد دونت اسرائيل في الملف السياسي تجاه لبنان والتي تأتي من اولوياتها السياسية هي ان لبنان يتمتع بأهمية استراتيجية فيما يتعلق بأمن الحدود الشمالية لإسرائيل من جهة ،ومن جهة اخرى تحييد جماعات المقاومة الفلسطينية في المنطقة.
قامت إسرائيل بتدخلين عسكريين كبيرين في لبنان في عامي 1978 و1982، وخاصة التقدم إلى بيروت في عام 1982 واستهداف منظمة التحرير الفلسطينية والجماعات الفلسطينية الأخرى. وبينما أدى هذا التدخل إلى تغيير جذري في ميزان القوى في لبنان، إلا أنه كان يُنظر إليه على أنه محاولة إسرائيلية لإقامة وجود عسكري طويل الأمد في لبنان.
غزو لبنان عام 1978: "وعملية الليطاني"
بدأت "عملية الليطاني" الإسرائيلية عام 1978 كعملية عسكرية استهدفت معسكرات منظمة التحرير الفلسطينية الواقعة في جنوب لبنان. ومع ذلك، سرعان ما كشف عن أهدافه الأوسع.
وكان الهدف من هذه العملية إنهاء وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وتعزيز أمن إسرائيل على حدودها الشمالية. ومع ذلك، تسببت العملية في خسائر فادحة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة وزادت من تعقيد ديناميكيات الحرب الأهلية في لبنان. إن محاولة إسرائيل تعزيز سيطرتها على لبنان بهذه العملية خلقت رد فعل كبير في العالم العربي وجعلت التوازنات في المنطقة أكثر هشاشة
غزو لبنان عام 1982: "حرب لبنان الكبرى"
أثارت إسرائيل، التي أعادت احتلال لبنان عام 1982 وتقدمها إلى بيروت، سلسلة من الأحداث التي غيرت بشكل جذري البنية السياسية والعسكرية للبنان.
كان الهدف الأساسي لإسرائيل في هذا الغزو هو إنهاء وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وإزالة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت. ومع ذلك، كان هذا الغزو أيضًا جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تغيير البنية السياسية في لبنان من خلال زيادة التعاون مع الميليشيات المسيحية في لبنان و"جيش لبنان الجنوبي" المدعوم من إسرائيل.
لقد كان هذا الاجتياح نقطة انعطاف مهمة مهدت الطريق للتغلغل الإيراني في لبنان وتأسيس حزب الله.
حرب لبنان بين عامي 2000 و2006
كان انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 نتيجة للقوة العسكرية والسياسية التي اكتسبها حزب الله في المنطقة. واعتبر الانسحاب الإسرائيلي بمثابة انتصار عظيم وعزز حزب الله شرعيته السياسية في لبنان. ومع ذلك، فإن الحرب بين إسرائيل وحزب الله التي اندلعت عام 2006 كانت محاولة إسرائيلية لإضعاف القدرة العسكرية لحزب الله.
وتسببت هذه الحرب في دمار كبير في لبنان، وتسببت في مقتل آلاف المدنيين وتشريد مئات الآلاف من الأشخاص. ولم تتمكن إسرائيل من تدمير القدرة العسكرية لحزب الله بشكل كامل في هذه الحرب، وقد دخلت الحرب في التاريخ باعتبارها عملية عزز فيها حزب الله قدرته على المقاومة.
أهداف نتنياهو الإستراتيجية
وكثفت حكومة نتنياهو استعداداتها الاستراتيجية للجبهة اللبنانية بعد حرب غزة عام 2023.
وتهدف هذه الاستعدادات الاستراتيجية إلى زيادة الوجود الإسرائيلي في لبنان والقضاء على تهديد حزب الله والسيطرة على الموارد المائية في المنطقة حتى نهر الليطاني.
وتستخدم حكومة نتنياهو بشكل فعال الأدوات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية لتحقيق هذه الأهداف.
الاستعدادات العسكرية
قامت حكومة نتنياهو باستعدادات عسكرية واسعة النطاق لإنشاء البنية التحتية للتدخلات العسكرية ضد لبنان.
و اعتبارًا من عام 2024، زادت إسرائيل من وجودها العسكري على الحدود اللبنانية ونقلت قوات خاصة إلى المناطق الحدودية. وعلى وجه الخصوص، تم نشر وحدات النخبة مثل فرقة المظليين 98 ولواء المظليين 35 للقيام بعملية برية محتملة ضد لبنان.
وبالإضافة إلى هذه القوات، قامت إسرائيل بتسريع استعداداتها لحرب محتملة على الجبهة اللبنانية من خلال استدعاء 50 ألف جندي احتياطي للخدمة.
نهر الليطاني وأهداف السيطرة الإقليمية
إن هدف إسرائيل المتمثل في السيطرة على المنطقة حتى نهر الليطاني يرتبط بشكل مباشر بالسيطرة على الموارد المائية وأمنها. يعد نهر الليطاني أحد أهم الموارد المائية في لبنان ويبعد 30 كيلومترًا فقط عن الحدود الشمالية لإسرائيل.
إن السيطرة على هذه المنطقة ستوفر الأمن المائي لإسرائيل وستشمل أيضًا مدينة صور، التي تمثل معقلا من معاقل حزب الله . وتماشياً مع هذا الهدف الاستراتيجي، تعمل إسرائيل على زيادة تواجدها العسكري في المنطقة، وإعداد خطة احتلال دائم في المنطقة حتى نهر الليطاني.
الهندسة الديموغرافية والاجتماعية والسياسية
وتخطط اسرائيل فعليا على تهجير السكان الشيعة في لبنان وتوطين مستوطنين مسيحيين أو يهود في هذه المناطق.
وتهدف مثل هذه المشاريع الهندسية الديموغرافية إلى زيادة نفوذ إسرائيل في لبنان وإضعاف القاعدة الاجتماعية لحزب الله. وبهذه الصورة قد تزداد التوترات الطائفية والعرقية في لبنان وتؤدي إلى اندلاع حرب أهلية جديدة.
وتخطط إسرائيل لاستخدام الأدوات العسكرية والسياسية بفعالية لتحقيق هذا التغيير الديموغرافي.