- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
د. يحيي القزاز يكتب : القدس اليوم.. وغدا مكة والمدينة
د. يحيي القزاز يكتب : القدس اليوم.. وغدا مكة والمدينة
- 9 مايو 2021, 5:34:44 م
- 1426
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عار مابعده عار ان تكون حاكما عربيا او تكون محكوما عربيا، فحتى تلك اللحظة لم يستشعر أحدهم النخوة ويثأر لدينه أو وطنه ويدين ما تصنعه الصهيونية بالمقدسيين. قادة أم قواد؟!
عندما أُحرق الصهاينة المسجد الأقصى في 1969 قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك: "لم أنم طوال الليل كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل افواجاً من كل مكان، ولكن عندما اشرقت شمس اليوم التالي علمت ان باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده". هذا هو ملخص "الحدوتة" ومن ساعتها يفعلون مايريدون بلا رادع. وعلى الجانب الآخر انعقد بعد الحريق أول مؤتمر قمة إسلامي بالرباط عاصمة المغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي. وفى عام 1973 أُحرق المسجد الأقصى مرة ثانية، وكالعادة لم يتحرك العرب، وتركوا مؤتمراتهم ومنظماتهم الإسلامية تخوض حرب التنديد الكلامية. كانت تلك مفاتيح العمل لديهم. ولأن دولتهم عنصرية قائمة على عقيدة دينية يهودية، يعرفون أن من لم يحركه الاعتداء على دينه لا يمكن ان يتحرك لشيء آخر.. فصدقوا.
ومن ذلك التاريخ وهم يقتلون ويسجنون ويعذبون ويحاصرون ويجوعون المرابطون في فلسطين من شباب وشيوخ وأطفال وسيدات. يصرخ الفلسطينيون: نحن لا نريد جيوشا عربية تحارب معنا، فهذا مستحيل عليهم، نريد وقف التطبيع مع إسرائيل ومقاطعتها، والمطالبة بفرض عقوبات عليها لأنها دولة عنصرية. ما أصعبه من مطلب أيها الرجال المرابطون ممن لا يملكون قرارهم. أنتم تطلبون المستحيل في زمن الانبطاح.
واكتفينا بالدعاء والولولة. إلى متى نولول كالنساء على إخواننا الفلسطينيين وهم يستشهدون دفاعا عن العرض والوطن والدين؟! وإلى متى لا نشاركهم نضالهم ونباهى بهم وندعو لهم بالنصر ونحن جالسون كعجائز النساء؟! وإلى متى لا نخجل ونحن نستعطف قاتل دموى أن يخفف من حدة قتله لأنبل وأشرف من في الأمة؟! وإلى متى نصمت ونتماهى مع الصمت حتى صار الصمت عهرا يفوق عهر القحب؟! إلى متى.. وإلى متى.. وإلى متى..؟! ومتى يجيب العدم؟! كثرة الأسئلة وقلة الأجوبة تعنى المتاهة في الزمن السائل.
طرد الفلسطينيين من منازلهم ب"حى الشيخ جراح"، الواقع بالقرب من باب العمود الشهير خارج أسوار البلدة القديمة بالقدس الشرقية، والتعدى على المصلين في باحات المسجد الأقصى ليلة القدر ومنعهم من الصلاة، هى أحداث قديمة متجددة، نهر نازف من الدم العربى مسفوح على أقدام الصهاينة بلا توقف. نفس الأحداث تتكرر، بتواريخ مختلفة، وفى مناطق مختلفة لنفس الناس الفلسطينيين أصحاب الأرض. نوع من التريض الدموى اعتاد على ممارسته الصهاينة ليقوى عضلات العنف فيميت القلب فيهم، وتحصد بنادقهم الفلسطينيين بلا هوادة، ليعيش الصهاينة بصحة وعافية واستقرار. لن نغرق في سرد المآسى الصهيونية كى لانبدو كالأرامل نجتر الأحزان، فيتساقط الدمع وتهدأ نيران القلب، هدوء لايدوم.. في انتظار نيران جديدة تلتهم الأكباد بعد حرق القلوب. يكفينا أن المأساة حاضرة بفاعليها، ومؤيديها من الأنظمة العربية وخدامهم. ولن نزيد في التفاصيل ويكفينا العناوين؛ في البدء كان الصراع العربى-الإسرائيلي، وفى التتابع الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ثم القضية الفلسطينة، فالضفة الغربية ورام الله، وفتح، وغزة الحمساوية، والمقدسيون. وهكذا تتضاءل القضية وتتقزم أمام أعيننا يوما بعد يوم، والمدعون بقادة العرب والمسلمين ينظرون بطرف أعينهم كاللئام يبحثون عن فضلة الأمان. فقل على العرب والمسلمين الهلاك. ويكفيهم أن يقتل بعضهم بعضا.
ماذا تريد إسرائيل ثانية؟! سؤال يتردد بعد أن حصلت على كل ما أرادت؛ اتفاقيات ومعاهدات استسلام من أنظمة عربية قامعة لشعوبها، استسلم نظام السادات لإسرائيل باتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل في 1978، ومعاهدة الاستسلام في 1979 واتفاقيات الكويز في عهد مبارك في تسعينيات القرن الماضى. واستسلمت منظمة التحرير الفلسطينية باتفاقية "أوسلو" 1993 المعروفة رسميا ب"إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي"، واعترفت بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن، والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات (ومازالت المفاوضات جارية حتى الآن والدم الفلسطيني ينزف والأرض تتهود). وباتفاقية اسلو تخلت منظمة التحرير الفلسطينية عن المقاومة المشروعة ضد إسرائيل حتى التحرير، وتنازلت وأدانت استخدام الإرهاب (المقاومة صارت إرهابا!!) وأعمال العنف الأخرى، وركعت وعدلت بنود الميثاق الوطني الفلسطيني للتماشى مع هذا الاستسلام، وأخذت على عاتقها إلزام كل رجالها بالاستسلام ورمى سلاح المقاومة المشروعة، بل وتمادت فزادت وقامت بدور الشرطى الإسرائيلي فى فلسطين المحتلة لمنع انتهاك "مبادئ أوسلو" وضبط منتهكيها. وفت منظمة التحرير بما استسلمت به، فما الذى حصلت عليه من إسرائيل؟! النتيجة كما نراها واضحة، مزيد من القتل ومزيد من التشريد ومزيد من تهويد الأرض. اتفاقية وادى عربة وهى معاهدة استسلام وقعها نظام الأردن مع إسرائيل في 1994 لكشف ستر التطبيع وتحويله من السر -منذ القدم- إلى العلن. ثم "مبادرة المقايضة" مبادرة أطلقها الملك عبد الله ملك السعودية فى 2002، وتعنى الأرض مقابل السلام هدفها إنشاء دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، ومعترف بها دولياً على حدود 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينين، وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات كاملين بين الدول العربية مع إسرائيل. وافقت جميع الدول العربية على "مبادرة المقايضة" ممن لايملك لمن لا يستحق، ووفى جانب الأنظمة العربية كعادته خانعا بما عليه، بل في آواخر عام 2020 سارع نفر من خفر سواحل الخليج عملاء الاستعمار الذين نصبهم الاستعمار حراسا على ثروات بلادهم، بالاعتراف الرسمي بدولة العدو الصهيوني، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، وألغوا الدين الإسلامي وارتضوا ديانة جديدة اسمها "الديانة الإبراهيمية" إرضاء للصهيونية، وطبعوا في العلن وكانت حجتهم أن فعلهم هذا من أجل الحرص على الفلسطينيين وحتى لا يتوغل الإسرائيليون فى بناء مستعمرات جديدة في الأراضى الفلسطينية، وأعلنت السودان والمغرب التحاقهما بركب العار في وكر التطبيع المخزى، والسعودية تمارس البغاء التطبيعى في السر الآن وقريبا تفجر به في العلن، وكل أنظمة الدول المدعوة عربية صارت في قبضة الصهيوينية. الأنظمة العربية وفت بكل شيء، باعوا ألأرض والعرض والشعب وحتى الدين، ولم يحصلوا على شيء من الصهيونية! ومازال شعار الصهيونية من النيل للفرات، وتهويد الدولة أهم أهدافها، دولة صهيونية عنصرية بامتياز، ولايجرؤ أحد أن يصفها بالعنصرية ولا الإرهاب! خفراء الخليج وأتباعهم صاروا سهاما في خاصرة العروبة والإسلام.
الصهيونية لن تهدأ، وتهاون الأنظمة العربية وصمت الدول الإسلامية وتواطؤ المجتمع الدولى منح إسرائيل الفرصة لتغول أكثر فأكثر، والمحطة القادمة في الاستيلاء عليها هى يثرب (المدينة المنورة أول دولة إسلامية) وهدم مسجد رسولنا الكريم محمد صلى الله وعليه وسلم، وعودتها لأصحابها اليهود كما يدعون في فلسطين، وكذلك "مكة المكرمة" ب "الكعبة المشرفة" التي رفع قواعدها سيدنا إبراهيم.. ولهم فيها ما يدعون. وستكون مكة مقرا للديانة الإبراهيمية الجديدة كرمز لتوحد العالم وإنسانيته الكاذبة، وما يحدث في مملكة آل سعود حاليا من تحولات ينذر بما نتوقع، فهؤلاء ملكهم أهم من دينهم، والتاريخ خير شاهد على مانقول، استخدموا الدين لأغراض سياسية تمكن حكمهم من الرسوخ. قريبا ستقسم مملكة آل سعود الهشة، وستضيع دولة الحجاز القديمة بحرميها الشريفين في البلدين الآمنين مكة والمدينة.
العرب ينسون أو يتناسون وتلك آفتهم، وهذه قاعدة يعرفها الصهاينة عنهم، ويعرفون أنهم لا يتحركون لنصرة مقدساتهم سوى بالمؤتمرات والكلمات. نفس ماحدث عندما أُحرق المسجد الأقصى أول مرة.. وتكرر ومازال يتكرر حتى اليوم وسيتكرر غدا وبعد غد في ظل سكرة الموت هذه.. "فهل من مدكر". جميعنا وبعيدا عن الحكومات المقيدة لابد من التحرك إن لم يكن دفاعا عن الدين فعلى الأقل دفاعا عن العرض والنفس والكرامة والشرف إن كنا نعرف للشرف معنى. فأفيقوا يامن تعيشون في بلهنية وتُسرق أرضكم وينتهك عرضكم وأنتم لا تدرون خوفا على عروشكم. زمن الرخاء ولى وزمن القحط قادم. أفيقوا يا ملح الأرض واحذروا من الصهاينة والمتصهينين. سيستعبدونكم باسم التطبيع، ويسومونكم سوء العذاب، يذبحون ابناءكم ويستحون نساءكم. أفيقوا يا أمة فقدت حاضرها وصارت تفاخر بماضيها فحق عليها الذلة. اسرائيل حركة استيطانية توسعية دينية يهودية عنصرية ضد مايخالفها من دين مسيحى أو إسلامى. أفيقوا قبل فوات الآوان.. وإلا فالهلاك قادم.
#المقاومةهىالحل