د. يحيى القزاز يكتب للرئيس : كل الحياة صارت ممنوعات ومحاذير

profile
د. يحيى القزاز استاذ جامعي.. سياسي مصري
  • clock 4 مايو 2021, 11:25:36 م
  • eye 7293
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01


السيد رئيس الجمهورية المشير عبدالفتاح السيسى

تحية طيبة

"لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نقبلها منكم" (أمير المؤمنين عمر بن الخطاب)


ما دعانى للكتابة إليكم ثقل هم علني، خوف ورعب وعدم الشعور بالأمان والاستقرار، وشعور بالغربة في وطنى،

 وما أقسى الغربة في الوطن، وأرانى "حيوان ناطق" بتعبير "المناطقة"، عليه واجبات يؤديها ولا حقوق له يحصل عليها، 

حتى صرخة الألم يعاقب عليها بالسجن والإعدام. وإننى فوق فوهة بركان على وشك الإنفجار فتهلك الأخضر واليابس. 

كل الحياة صارت محاذير وممنوعات، والمسموح به التسبيح بحمد كل من له سلطة، صغر حجمه أم كبر،

 حتى الحقوق الدستورية التي لا تفى بالاحتياجات الأساسية للمواطن، ترهنها السلطة بأمن المجتمع.. وما الفرد إلا إحدى مكونات المجتمع.

 وبات أمن السلطة وأمن المجتمع في سرير واحد، توحدا ولم نعرف الفرق بينهما. وصارت حقوق الإنسان في بلادنا بدعة غربية لا تناسبنا. 

هدف مناصريها تفتيت الوطن! فحق عليهم العقاب بالسجن والتشويه. أتمنى أن تكون حالتى فردية، فشقاء الفرد يهون ويذوب في سعادة الجميع.

شجعنى على الكتابة تصريحاتك بأنك المسئول عن كل شيء وأنك تعرف كل شيء يحدث في مصر، وأن الأمن لا ينبغي أن يأتي على حساب الحرية حتى في بلد يعيش ظروفا صعبة مثل مصر، وأنك رجل تخشى الله.

لكل ماتقدم حزمت أمرى "وأخدته من قصيره" وتوجهت اليك عارضا ما أراه وما أستشعره، مقدرا أنه مهما تكن قدرة إلمام الحاكم بما يحدث، 

إلا أن الأحداث المتسارعة تدفع بعضها بعضا، فيسقط منها غير المهم للمسئول، وقد يكون الساقط أكثر أهمية للمواطن، لذلك كتبت همى على ورقتى، 

وحملت رقبتى على يدى وجئت إليكم لأخبركم وبعدها ليقضى الله أمرا كان مفعولا.. فلم يعد في العمر بقية ولافى الوقت متسع،

 ولامصلحة خاصة لى أرجوها ولا خصومة شخصية انتصر لها، ولا نقصا أدعى به بطولة زائفة من سلطة أعرف قدرتها الباطشة على رقاب المخالفين.

من نافلة القول إن السلطة جارت وتغولت على الشعب وعلى الأرض والمؤسسات، وبسياساتها صارت سلطة احتلال. فرضت الضرائب والأتاوات.

 ولن أتحدث عن إنشاءات حديثة لدولة جديدة كدولة الخديوى إسماعيل (1863-1879) أغرقت مصر في مستنقع الديون، فوصل الدين الداخلى لأكثر من 4 تريليون جنيه والخارجى لأكثر من 138 مليار دولار،

مما أدى حاليا إلى بيع دين مصر الداخلى، يعنى بيع أصول مصر للأجانب، يعنى بيع مصر. وأتمنى النهوض للدولة من مستنقعها، وألا تكون نهايتها كنهاية دولة الخديوى (سأترك هذا لمقال د.جلال أمين في بوابة الشروق في 5 مايو 2015 

وكأنه يستقرأ الغيب ويحذر منه وسأضع رابطه اسفل المقال). ولن أتعرض لتخريب الدولة ببيع قلاعها الصناعية وتشريد عمالها، ولا عن تنازلات تؤدى لتجفيف النهر وحرق الأرض 

وأد الشعب، ولا عن منح رجال أعمال أراض شاسعة يتكسبون منها مليارات الجنيهات، ولا عن ديمقراطية رخوة وعدالة اجتماعية زائفة، ولا عن حقوق إنسان وتقسيم شعب وتفتيت وطن،

 ولا عن ديون لشراء اسلحة وانت من صرحت بان اسرائيل ليست عدو، ولا عن بزوغ مجتمع طبقى جديد وسوء حال غالبية الشعب فى الصحة، ولا عن سوء حال التعليم الذى انحدر إلى ماقبل الأخير في السلم العالمى، 

ولا عن ضياع هوية تعليمية بتعليم خاص متعدد الهويات الأجنبية لم نر له في العالم مثيلا، ولا عن حرب استنزاف لم يتوقف مع جماعات إرهابية تحصد أرواح انبل شبابنا من جنود وضباط الجيش والشرطة والمدنيين أيضا،

 ولا عن موعد للقضاء على الإرهاب. سأترك كل النهايات مفتوحة فهذا أمر يخص الجميع وانت في المقدمة سعادة الرئيس ولا يعنينى وحدى.

سأتعرض لجزئية بسيطة دلالتها في القياس خطيرة. فالمواطن المصرى صار فاعلا بالدفع أي مفعول به بالخوف. منذ عامين أوقفت وزارة التنمية المحلية البناء للأهالى في عموم الجمهورية

 ولم نعرف لماذا؟ أشيع لكى تسوق السلطة منتجاتها الإنشائية، ومنذ ثلاثة أشهر فتح البناء جزئيا لأماكن دون أماكن في الجمهورية. هذا يتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص الدستورى، 

وفيه تعسف في استخدام السلطة. ونتساءل مالداعى لتعطيل البناء للأهالى عامين بينما مسموح به للحكومة والقطاع الخاص؟ ولماذا السماح بالبناء بالقطارة في أماكن دون أخرى؟! 

هل نحن في سلطة احتلال تسمح هنا وتحرم هناك؟! مايحدث يشعرنا بأننا لاجئين أو مواطنين معدومى الحقوق في أرضنا المحتلة. الإحساس بملكية الوطن قوة دافعة للتقدم وحصن أمان للدولة وحامى للنظام الحاكم.

ويزيد الطين بلة ونحن نقرأ تفصيلات منشور عن شروط البناء الجديدة على "جروب تواصل مهندسى مصر مع نقيب مصر" لم ترد في تصريحات الوزارة، وملخصها أن "أي قطعة أرض واجهتها أقل من 8.5 متر (ثمانية أمتار ونصف) 

ممنوع الترخيص مهما كانت المساحة (أظن يمكن ترخيصها باسنادها إلى من بجوارها من مبنى يالمشاركة في الحائط والأعمدة وكأنها جزء من مبنى آخر..

 هذا تصور العبد الفقير وقد أكون مخطئ). أي قطعة أرض مساحتها أكثر من 175 متر تبنى على 70% فقط. أقصى حد للأدوار 4 أدوار+ أرضى مهما كان عرض الشارع. الجاراج اجبارى لكل مساحات الأراضى.

 العقد المشهر اجبارى ويكلف تقريبا 30 ألف جنيه لمساحة 100 متر. رسوم التصميم والإشراف للجامعة 54 ألف جنيه لمساحة 200 متر + 3000 جنيه رسوم ترخيص. لو مساحة 100 متر على سبيل المثال تدفع 30 الف رسوم شهر عقارى

 + 3000 جنيه رسوم ترخيص + 27 ألف جنيه رسوم تصميم وأشراف للجامعة. يعنى تقريبا ستدفع 60 ألف جنيه لمساحة 100 متر". هل هذا صحيح؟

المستفز في شروط البناء الجديدة أنها لا تسرى على المشروعات القومية التى تنفّذها الدولة، ولا على الأراضى الخاضعة لولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة..

 فلماذا التمييز بين مبانى الأهالى ومبانى الحكومة؟! هل هذه حكومة لشعب بلا أرض ؟! وهذا أيضا يتنافى مع الدستور في المساواة وتكافؤ الفرص وحق المواطن في السكن. هذه السياسات أدت الى تقسيم المجتمع وخلق طبقية جديدة فيها سادة وعبيد.

وترى وزارة الإدارة المحلية أن شروط البناء الجديدة، ستضع حداً نهائياً للبناء المخالف وستساعد فى وقف البناء على الأراضى الزراعية، والمملوكة للدولة. 

تمنعها عن الأهالى (الشعب) لكن التعديات على أملاك الدولة والبناء على الأراضى الزراعية حق للسلطة!! ديباجة الدستور تنص على أن السيادة للشعب وليست للسلطة. 

السلطة مؤقتة والشعب بتناسله دائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها. للأسف هذه أوضاع غير عادلة. سلطة تبيح لنفسها كل شيء وتحرم على الشعب كل شيء.

 إن كان الهدف مقاومة جشع المقاولين لصالح مشترى الوحدات السكنية لكنه في نفس الوقت يمنح الحكومة احتكار البناء وليس في هذا عدل،

 وبين هذا وذاك يوجد أناس بسطاء يبنون بيوتا لأبنائهم فهل هذا محرم عليهم؟! والقاعدة الدستورية المساواة وتكافؤ الفرص


السيدالرئيس أقررت وأكدت أننا "فقرا ٌقوى فقرا قوى"، فكيف لدولة فقيرة أن يكون شعبها غنى، وأن يأتي أهلها بكل هذه الرسوم للبناء؟

 أظن كلنا نعرف كيف يدبر الاب مبلغا ليبنى به بيتا يستره واسرته إما بضياع عمره في العمل في الخارج أو بعمل جمعيات، والعمل في اكثر من عمل أو بيع مايرث أو تحويشة العمر 

وأحيانا يستدين على أمل السداد. المبالغة في الرسوم لشعب فقير تفيض عليه بكراهية السلطة والمجتمع بل وكراهية نفسه. وتكون السلطة في نظره جابى المال وليست معينة لشعب

. كنت أتمنى أن يتم رفع مستوى دخل المواطن ليتمكن من سداد المطلوب. عندما عومت الحكومة الجنيه المصرى غرق المواطن في مستنقع الغلاء، ولم يزد دخله بزيادة التضخم.

 وبعملية حسابية ومقارنة دخله قبل التعويم مع زيادة دخله بعد التعويم مصحوبا بارتفاع الأسعار يتضح أن دخل المواطن كان قبل التعويم افضل من الحالى،

 وبدلا من أن تعترف السلطة بمسئوليتها في إفقار الشعب راحت تنهبه وتبهدله، وتتهمه بالخراب، وتحمله برسوم لاعلاقة له بها، هذه حكومة جبابات وأتاوات.

 واذا كان الهدف من شروط البناء الجديدة هو تجنب المخالفات والوصول للأفضل.. أظن هناك أشياء كثيرة لها أولويات عن كل مايحدث ويغرقنا في مستنقع الديون،

 من تعليم وصحة وإصلاح المصانع لابيعها. كنت أتمنى أن يكون الاهتمام حاليا عن كيفية الخروج من المأزق الاثيوبى بتحرير النهر من وراء السد. تخطئ الحكومات وتدفع الشعوب الثمن.

السيد الرئيس السيسى سيسجل التاريخ أنك أنشأت دولة جديدة وأحدثت عمرانا عصريا يتفوق على مافى الغرب، وسيسجل ما سجله كاملا عن دولة الخديوى إسماعيل.

 لو قرأت سعادتك أو أي فرد من الحكومة مقال الراحل د.جلال أمين وهو يحذر "حذار من تكرار تجربة الخديوى إسماعيل والسادات"

 ونهايتهما لتغير المسار للأفضل. كيف نسدد هذه الديون ومتى وإلى متى يعانى الشعب من ارتفاع الأسعار وقلة الدخل؟

هاأنذا أكتب إليك للعلم والإحاطة ولك ماتشاء ولله الأمر من قبل ومن بعد.

لك يا مصر السلامة/ وسلاما يابلادى/ إن رمى الدهر سهامه/ أتقيها بفؤادى/ واسلمى في كل حين

#المقاومةـهىالحل

https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=05052015&id=b75874bc-a612-4c1f-be5e-2d6b13ac4ef7

التعليقات (0)