- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
ياسر عبد العزيز يكتب: «السوشيال ميديا» مصدر خطر على اليافعين!الجائحة المعلوماتية لم تفقد زخمها
ياسر عبد العزيز يكتب: «السوشيال ميديا» مصدر خطر على اليافعين!الجائحة المعلوماتية لم تفقد زخمها
- 28 أغسطس 2023, 6:24:08 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعود الأخبار عن «كوفيد - 19»، ومتحوّراته المتعددة، إلى قوائم الاهتمام في وسائل الإعلام العالمية، بينما يتداولها بعض مستخدمي وسائط «التواصل الاجتماعي» بقدر أقل من الاكتراث، عما كان سائداً في الأوقات التي انتشرت فيها الجائحة، وهيمنت على أجندة الاهتمامات العالمية.
وسيمكن ردّ هذا التباين في الاهتمام لطبيعة الوسطين الإعلاميين اللذين يتقاسمان البيئة الاتصالية العالمية الراهنة من جانب، وإلى طبيعة مستخدمي الوسطين و«حرّاس البوابات» فيهما من جانب آخر.
فما زال «كوفيد - 19»، ومتحوّراته، يجسّد خطراً ماثلاً، وهو أمر يشغل الحكومات والقادة والمنظمات المعنية بطبيعة الحال، لكن هؤلاء ليسوا بالضرورة نجوماً على الوسائط «السوشيالية» في كل الأوقات، وهو ما يفسر خفوت التفاعلات عبر تلك الوسائط بشأنه، مقارنةً بالأجندة الإخبارية الجادة في وسائل الإعلام «التقليدية».
ومن بين الأخبار التي تم تناقلها في هذا الصدد، ما يتعلق بإخفاق إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، في إقناع «الكونغرس» بتوفير نحو 9 مليارات دولار أميركي لـ«مكافحة الفيروس»، في الخريف الماضي؛ إذ يبدو أن النواب الأميركيين لم يجدوا ذرائع كافية لتبنّي الطلب الرئاسي.
لكن الرئيس بايدن عاد يوم الجمعة الماضي للحديث عن خططه لطلب المزيد من التمويل من «الكونغرس»، لتطوير آليات لمواجهة الفيروس، آملاً أن يحظى طلبه الجديد بتجاوب هذه المرة، بموازاة الحديث عن ظهور حالات إصابة جديدة بمتحوّرات «كوفيد - 19»، وتحذيرات من منظمات دولية بعودة هجماته.
لم تكن قصة «كوفيد - 19» قصة عادية في تاريخ البشرية؛ إذ استطاع هذا الفيروس أن يشل العالم لسنوات، وأن يعيد صياغة المجالات الصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بقسوة ورعونة في عديد الأحيان. ولقد تم تسجيل مئات الملايين من حالات الإصابة بالفيروس، وتراوحت تقديرات ما أحدثه من وفيات، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ما بين 15 إلى 20 مليوناً، وعندما سيجتهد الباحثون لتقدير حجم الخسائر الاقتصادية التي مُني بها الاقتصاد العالمي من جرّائه، فإنهم سيتخبّطون في أرقام ضخمة ومؤرقة للغاية.
ورغم إعلان منظمة الصحة العالمية في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي، انتهاء حالة الطوارئ الخاصة بـ «كوفيد - 19»، موحية بأن «الأمور باتت تحت السيطرة»، فإن المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عاد في وقت لاحق من الشهر نفسه إلى التحذير من «وباء قادم، من المرجح أن يحدث قريباً».
وبموازاة ذلك، فإن قطاعاً كبيراً من العلماء والباحثين المتخصّصين توافقوا على ضرورة توقع «جائحة جديدة»، مستندين إلى فكرة استخلصوها من التاريخ الصحي العالمي؛ ومفادها أن «العالم يعيش في جائحة... أو يستعد لأخرى».
التحذيرات من جائحة مقبلة «أكثر فتكاً» لا تتوقف، والأخبار عن نشاط لبعض متحوّرات «كوفيد - 19» تتوالى بوتيرة هادئة لكنها مستمرة، ولذلك، فإن الحديث عن مفاوضات جارية لتطوير اتفاقيات لمكافحة الأوبئة، أو إجراءات لتعزيز أنظمة التأهب والكشف المبكر، لا يتوقف. لكن ما كان لافتاً في إفادة بايدن عن طلبه الأخير بتوفير مخصصات لمكافحة «كوفيد - 19»، هو توقعه أن «يحظى بموافقة من الجميع، بغض النظر عما إذا كانوا حصلوا على اللقاح أم لا».
وما يقصده بايدن بهذا التصريح يعني أنه يدرك تماماً أن قطاعاً من المُشرعين الأميركيين رفضوا فكرة اللقاح، انطلاقاً من منظور التشكيك الذي طال «كوفيد - 19»، والذي صعّب عملة مواجهته والحد من تأثيراته الضارة.
إن بايدن محق في غمزه من قناة هؤلاء المشكّكين بكل تأكيد؛ إذ بدا أن العالم لم يواجه الجائحة الصحية المتجسدة في «كوفيد - 19» وحدها، لكنه واجه معها أيضاً جائحة أخرى لا تقل خطورة، وهي الجائحة المعلوماتية.
لقد أنكر قطاع كبير من الجمهور العالمي - تقدّره بعض البحوث بالثلث - وجود «كوفيد - 19» في الأساس، أو عدّوه «مؤامرة» تستهدف قتل الناس، أو إخضاعهم للمرض، أو السيطرة عليهم من قبل قوى منظمة، أو شكّكوا في اللقاح وفي قدرته على مواجهة الوباء.
وكان منظور التشكيك في اللقاح سائداً بصورة كبيرة في عديد المجتمعات والدول المتقدمة والنامية، حتى عدّته منظمة الصحة العالمية أحد أكثر 10 أخطار صحية يواجهها العالم.
لا يتمنى أحد أن يعود «كوفيد - 19»، أو أي وباء مماثل آخر، لشل حياتنا، وإصابة الناس وقتلهم بالملايين، كما حدث في السنوات القليلة الماضية. لكن لو حدث ذلك، فإن المواجهة تلك المرة ستكون صعبة ومرتبكة، لأن المشككين في وجود الفيروس، واللقاحات، موجودون، وربما أن أعدادهم في تزايد. ولذلك، فإن جزءاً غير قليل من المواجهة سيكون في الإعلام.