- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
وائل عصام يكتب: الإشاعات الأمنية في العراق دلائل لسحب «الجنسية» في تركيا
وائل عصام يكتب: الإشاعات الأمنية في العراق دلائل لسحب «الجنسية» في تركيا
- 29 يوليو 2023, 5:51:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في بعض الأحيان، لا يختلف تعاطي المؤسسات الإعلامية التركية كثيرا عن مثيلاتها في أقطار الوطن العربي، من حيث الاعتماد على كتبة التقارير وأصحاب المعلومات غير الموثقة، وإشغال الأجهزة القضائية بقضايا لا تخدم المصالح العليا لدولهم.
في الصحافة التركية ثمة تقرير يشير إلى أن السلطات التركية اعتقلت قبل أكثر من عام الشيخ عبد الله الجنابي على خلفية اتهامات بالانتماء لتنظيم الدولة، وأفرجت عنه مؤخرا لعدم ثبوت الأدلة.
في سياق الاتهامات التي نشرتها وسائل الإعلام التركية، فإن الجنابي كان قد أعلن بيعته للتنظيم إبان سيطرته على مدينة الفلوجة مطلع عام 2014، أي قبل ستة أشهر من سيطرته على الموصل، وأجزاء واسعة من غرب وشمال غربي العراق. السلطات التركية اعتمدت في التهم المنسوبة إليه على ما اعتبرته «دليلا» يؤكد انتماء الجنابي للتنظيم، وهي صورة للجنابي يحمل سلاحا في مدينة الفلوجة، بينما يمكن لأي متخصص في الصور اكتشاف أن الصورة المنشورة في مواقع إلكترونية عدة تعود إلى سنوات الاحتلال الأمريكي للعراق بين عامي2003 و2005، وبالتحديد في عام2004 أثناء معركة الفلوجة الأولى. ليس سرا أن الجنابي كان يقود أحد بعض المجموعات المسلحة المتصدية للاحتلال الأمريكي، إلى جانب رئاسته «مجلس شورى المجاهدين» الذي كان يضم جميع الفصائل والمجموعات المسلحة، التي تولت مهمة قتال القوات الأمريكية، بما فيها تنظيم «القاعدة» بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، وبقيادة الشاب الذي لاحقته دولة صدام حسين في الفلوجة عمر حديد.
أحيانا لا يختلف تعاطي المؤسسات الإعلامية التركية كثيرا عن مثيلاتها في أقطار الوطن العربي، من حيث الاعتماد على كتبة التقارير وأصحاب المعلومات غير الموثقة
في لقاءات مع عدد من المهتمين والذين عايشوا تلك المرحلة، فإن اختيار الجنابي لرئاسة مجلس شورى المجاهدين، جاء بالأساس للمكانة الاجتماعية التي يحظى بها، وقدرته على إدارة شؤون المدينة التي خرجت لشهور عن سيطرة القوات الأمنية العراقية وقوات الاحتلال الأمريكي، لذلك فإن المنصب في الأساس لا يقتصر على قيادة قتال الأمريكيين بالقدر الذي يتعلق بإدارة شؤون المدينة. أما ما يتعلق بتهمة الانتماء لتنظيم الدولة فهي تهمة قد لا تقنع أي مبتدئ في معرفة أدبيات ومنهج الجماعات والتنظيمات المسلحة. في اكثر من لقاء جمعني بالجنابي في فترة الإعداد لكتاب (قيد التـأليف) أعمل عليه منذ سنوات لتوثيق ودراسة التحولات التي طرأت على بعض قيادات المجتمعات السنية في فترة سيطرة التنظيم على محافظات عراقية وسورية، روى لي الجنابي تفاصيل صداماته مع التنظيم وإقصائه عن لعب دور مؤثر في الفلوجة بعد عام 2013، وقد خرجت منها على يقين بأن الجنابي لا يمكن أن يلتقي مع التنظيم فكريا، كما أنه لا يمكن أن يتفق مع التنظيم سلوكيا، وأن فترة الوئام في سنوات 2004 كانت بسبب علاقاته الشخصية مع قيادات «القاعدة» في الفلوجة مثل عمر حديد وأبو أنس الشامي، إضافة طبعا للعدو المشترك. ليس خافيا أن تنظيم الدولة يتبنى منهجا سلفيا قد تجد في أدبياته عداء مستحكما للتيارات والاتجاهات الصوفية التي ينتمي إليها الجنابي، الذي نشأ في بيئة صوفية وتبنى المنهج الصوفي، سواء في خطب الجمعة من مسجد سعد بن أبي وقاص في الفلوجة، أو في المحاضرات والدروس التي يلقيها على مريديه وأتباعه.
في سياق التحقيقات التي أجرتها السلطات التركية مع الجنابي، فإنه غادر الفلوجة بعد سيطرة تنظيم الدولة على المدينة هربا من ملاحقة التنظيم له، في الوقت الذي دُمرّ بيته على يد عناصر التنظيم بعد مغادرته المدينة. لم تثبت السلطات القضائية التركية أي تهمة على الشيخ الجنابي، فيما لا يزال موضوع منحه الجنسية التركية عام2021 أو سحبها منه عام 2023 غير مؤكدة، إلا أن ما بات مؤكدا أن الجنابي لا يزال يعيش في تركيا بعد الحكم ببراءته من التهم المنسوبة إليه.