- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
هل يوافق نتنياهو على "النووي" السعودي مقابل اتفاق تطبيع؟
هل يوافق نتنياهو على "النووي" السعودي مقابل اتفاق تطبيع؟
- 1 أغسطس 2023, 6:53:07 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حاولت مجموعة من الخبراء في الأسابيع الأخيرة أن تسلّط بعض الضوء على أحد الألغاز الكبرى في تاريخ السلاح النووي. فعلت هذا بالتوازي مع تيار الأنباء المتصاعد بأن ما يبدو سطحيا متعذرا، وبالتأكيد في هذا الوقت – التطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية، والذي سيغير وجه الشرق الأوسط – ممكن بالذات. يتعلق هذا اللغز بعدد غير صغير من الأنباء، بعضها من مصدر غير واضح، وبعضها قد يكون خيالا شرق أوسطي، جاءت بعناد على مدى السنين بأن المشروع النووي الباكستاني لم ينشأ هكذا من العدم، بل نبت على خلفية تعاون بين إسلام أباد والبلاط الملكي في الرياض. وحسب الأنباء، فإن السعودية هي التي مولت الكلفة الهائلة للمشروع النووي الباكستاني السري، وهذا التمويل أنقذ المشروع وهو أساس نجاحه. لكن لا توجد هدايا بالمجان. فعل السعوديون هذا مقابل وعد باكستاني بأن ينقلوا قسما على الأقل من ترسانتهم إلى الرياض، إذا ما وعندما يحتاجون. تتعلق هذه المسألة بأم المسائل بالنسبة لصفقة محتملة مع الرياض – فلماذا تصر هذه على أن تدرج فيها تخصيبا نوويا على الأراضي السعودية؟ يدعي السعوديون بأنهم يريدون أن يحققوا الطاقة الكامنة في كمية اليورانيوم الهائلة تحت الأرض في بلادهم أو بكلمات أخرى أن يجنوا المال من هذا، إذ سيصبحون عنصرا مؤثرا في العالم. إضافة إلى ذلك يقول السعوديون، إنهم يسعون ليبدؤوا بإنتاج الطاقة من مصادر نووية أيضا استعداداً لليوم الذي ينتهي فيه النفط. بشكل جزئي على الأقل كانت هذه معاذير ايران حين بدأت بتطوير النووي، وثمة خبراء كبار في الموضوع في إسرائيل اقتنعوا بالتعليلات السعودية مثلما اقتنعوا في حينه بتعليلات ايران.
في السطر الأخير – ليس للسعودية سلاح نووي أو مشروع نووي مستقل، لكن توجد غير قليل من الأدلة على أنها بالتأكيد تفكر وتعمل بشكل مصمم وسري في هذا المجال، ويحتمل أن يكون هذا أساسا انطلاقا من الخوف من النووي الإيراني.
وأعربت محافل رفيعة المستوى في جهاز الأمن عن مخاوفها من أن يوافق نتنياهو، المعني جدا جدا بمعاهدة سلام مع الرياض، على دائرة الوقود النووي على الأراضي السعودية رغم أن الاعتراض على ذلك كان لسنوات طويلة جزءا مركزيا من سياسة إسرائيل.
سيساعد التوقيع على اتفاق سلام مع السعودية الأمن القومي في الصراع ضد ايران، لكنه سيضر بالأمن القومي الإسرائيلي. قال احد المحافل العليا في جهاز الأمن، أول من امس، إن توقيع اتفاق سلام مع السعودية برعاية الولايات المتحدة هو التفافة حدوة حصان يمكنها أن تغير الواقع السياسي في إسرائيل. "أخشى أن يكون نتنياهو مستعدا لأن يدفع تقريبا كل ثمن، ويولي أهمية اقل للمخاطر الجسيمة التي تنشأ عن التخصيب. صحيح انهم يقولون، اليوم، إن هذا تخصيب برقابة أميركية، ولكن من يضمن لنا ألا يتغير، غدا، النظام هناك، أو أن يقرر الحاكم المتقلب طرد الأميركيين؟".
إن موافقة إسرائيلية على التخصيب في السعودية ستكون بالضبط النقيض لسياسة إسرائيل طويلة السنين، وبموجبها يجب عمل كل شيء لأجل منع أي دولة في الشرق الأوسط من أن تكون ذات قدرات تخصيب. بعض هذه الدول غير مستقرة، والحكم فيها قد ينتقل إلى محافل متطرفة، كما كان يدعي مسؤولون إسرائيليون كبار منذ عقود.
ستجلب الموافقة للسعودية بشكل شبه تلقائي دولا أخرى، مثل مصر، لتبدأ بالسير في المسار ذاته. لقد أقام نتنياهو فريقا صغيرا وسريا يعالج الموضوع: الوزير رون ديرمر، ورئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي، وجيل رايخ، نائب هنغبي، بالإضافة إلى كبير سابق في منظومة النووي الإسرائيلي. يعمل هذا الفريق مع نتنياهو، بينما أجزاء كبيرة جدا من أسرة الاستخبارات وجهاز الأمن غير مطلعين على ما يجري. موظفان كبيران يدعيان بأن نتنياهو يبعد عن هذا الموضوع باقي جهاز الأمن، بل بعض الوزراء في "الكابينت".
وحسب مصدر امني يعرف المؤسسة النووية في الدولة، فإنه هو ونظراؤه سألوا مؤخرا مسؤولين كبارا عن رأيهم في إمكانية التخصيب في السعودية. وكان جوابهم مثلما هو دوما، اعتراضا شديدا – تسريع لسباق سلاح نووي في الشرق الأوسط، وكذا خطر أن تقع عناصر نووية في أياد معادية في حالة تغيير سياسي في السعودية.
وقال محفل إسرائيلي رفيع المستوى مطلع على تفاصيل المحادثات التي تجريها إسرائيل والولايات المتحدة في الموضوع، إن إسرائيل حاليا لا تجري مفاوضات على شروط الصفقة، بل تعتمد فقط على وعد أميركي بشفافية كاملة واطلاعات جارية عما يجري في المحادثات. يقول الموظف، إن إسرائيل لم تغير سياستها بالنسبة للتخصيب تجاه كل دول الشرق الأوسط، مثل سياستها تجاه ايران. من جهة أخرى قال الموظف، إن إسرائيل ستنتظر التسوية التي تتوصل إليها الولايات المتحدة مع السعودية، انطلاقا من المعرفة بأن الولايات المتحدة تأخذ بالحسبان امن دولة إسرائيل، وعندها تفحص التسوية. إذا كان ما يكفي من الثقة في ألا يتحول المشروع النووي إلى عسكري، فإن إسرائيل لن تكون حجر عثرة أمامه.
مع سماع ذلك، يقول احد المسؤولين في جهاز الأمن، إن هذه وضعية خطيرة، فحتى في هذه المرحلة يجب أن ينطلق صوت رؤساء لجنة الطاقة الذرية والجيش الإسرائيلي ويجب أن تنقل رسالتهم القلقة إلى الأميركيين.
وقد تعقد الأمر اكثر في ضوء عودة المسألة الفلسطينية إلى الساحة. وحسب ما نشر في "نيويورك تايمز"، أول من امس، فإن موظفين إسرائيليين التقوا، مؤخرا، نظراءهم الأميركيين أخذوا الانطباع بأنهم في واشنطن وفي الرياض يعتقدون بأنه لن يكون ممكنا بلورة الصفقة دون تقدم ذي مغزى في الموضوع الفلسطيني. في محيط نتنياهو يدعون انهم لم يسمعوا عن مطلب سعودي في الموضوع الفلسطيني. وقال موظف إسرائيلي مطلع على المحادثات الإسرائيلية - الأميركية في هذا الموضوع، انه حاليا لا تجري إسرائيل مفاوضات على شروط الصفقة، بل فقط تعتمد على وعد أميركي بشفافية كاملة واطلاعات جارية عما يجري في المحادثات. وأضاف، إن الولايات المتحدة لم تعكس أبدا أي مطلب سعودي في الموضوع الفلسطيني، وانه إذا ما جاء مطلب كهذا فإنه سيأتي من جانب الولايات المتحدة، وبرأيه سيكون رمزيا فقط.
من المشكوك فيه جدا أن تقر الحكومة بتركيبتها الحالية تنازلات ذات مغزى للفلسطينيين. في ائتلاف نتنياهو، ثمة أحزاب تعارض بشدة كل تنازل كهذا، وباحتمالية عالية ربما تفكك الحكومة إذا ما وصل اقتراح كهذا إلى البحث. الفحص الذي أجرته محافل أميركية حول حكومة وحدة في وضعية كهذه بين انه في كل حال لن يدخل لابيد وغانتس إلى الحكومة مع نتنياهو لكنهما قد يدعمان الاتفاق من الخارج. وكما أسلفنا فإن قادة المعارضة يرفضون بكل حزم الانضمام إلى أي حكومة يقودها نتنياهو، لكن في المحادثات التي أجرتها محافل في المعارضة طرح السؤال: هل سيواظبون على رفضهم حتى مع إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية مع المملكة، وربما طلب صريح من الرئيس بايدن للانضمام إلى حكومة نتنياهو لأجل السماح بالصفقة؟ الجواب الذي اعطي للمحافل الأميركية كان مشابها: المعارضة قد تدعم الاتفاق من الخارج لكنها لن تنضم إلى نتنياهو بأي حال.